الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين لمواجهة التغير المناخي

5 دقائق
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

تعاني البشرية يومياً من الآثار المدمرة لتغير المناخ، والمتمثلة بالعواصف وحرائق الغابات والجفاف وغيرها من الكوارث البيئية. يُنظر الآن إلى الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية على أنها وسيلة للتنبؤ بتأثيراته والحد منها عبر اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً لإزالة الكربون، لكنها في المقابل تترك بصمتها الكربونية على الأرض أيضاً.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقف في وجه تغيرات المناخ؟

يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدتنا في إيجاد حلول لتغيرات المناخ، واستخدام تطبيقاته في الشوارع والأبنية في المدن الكبيرة، التي يُتوقع أن تكون موطناً لثلثي سكان العالم بحلول عام 2050 وستكون كثيفة الاستخدام للموارد بشكل لا يصدق.

قد تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المدن في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. على سبيل المثال، يمكن استخدام التعلم الآلي للحصول على رؤى حول كيفية تصرف سكان المباني، ككيفية تشغيلهم لوسائل التدفئة والتبريد، أو طلبهم للطاقة، ليقوم المختصون بعد ذلك بإيجاد تصاميم أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وتحسين القدرة على تخزينها وتسريع نشر الطاقة المتجددة عن طريق تغذية شبكة الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح حسب الحاجة.

على نطاق أصغر، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي الأسر على تقليل استخدامها للطاقة وذلك بإطفاء الأنوار غير المستخدمة تلقائياً أو تحويل الطاقة من السيارات الكهربائية إلى الشبكة لتلبية الطلب المتوقع.

بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالفعل لإرسال تنبيهات بالكوارث الطبيعية في اليابان، ومراقبة إزالة الغابات في منطقة الأمازون، وتصميم  مدن ذكية أكثر اخضراراً في الصين.

يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً معالجة كميات هائلة من البيانات غير المهيكلة مثل الصور والرسوم البيانية والخرائط، ما يفتح إمكانيات هائلة لفهم الديناميكيات الخاصة بارتفاع مستوى سطح البحر والصفائح الجليدية.

عموماً، من المتوقع أنه بحلول عام 2030، يمكن أن تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 4%.

اقرأ أيضاً: بعض الأخبار الجيدة النادرة حول التغير المناخي

للذكاء الاصطناعي أثره السلبي على المناخ أيضاً

يُصدر قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الذكاء الاصطناعي من بينها) ملوثات إلى النظام البيئي تُعادل الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود في قطاع الطيران. قد يرى البعض أن هذه القيمة مبالغ فيها، لكن سيصدق ذلك مع معرفته بوجود مدن خاصة بالبيانات والتكنولوجيا في بلدان شمال أوروبا وكندا تستهلك طاقة تعادل تلك التي تحتاجها مدينة صغيرة.

ويترتب على استخدام الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته استهلاك الكثير من الطاقة اللازمة لتخزين البيانات ومعالجتها ولتدريب الخوارزميات. وقد وجدت دراسة أجرتها جامعة ماساتشوستس الأميركية أن تدريب نموذج كبير للذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغات البشرية يمكن أن يؤدي إلى انبعاث ما يقرب من 300 ألف كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، أي نحو 5 أضعاف متوسط الانبعاثات التي تطلقها ​​السيارة في الولايات المتحدة، منذ البدء في تصنيعها.

لم تُثر مسألة تأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة في بداياته، لكنها أُثيرت مع التقدم الكبير الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويتوقع الخبراء أن مراكز البيانات ستستهلك 10% من إجمالي استخدام الكهرباء بحلول عام 2025، لذلك يجب البدء بالتفكير في استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة صديقة للبيئة.

تستهلك أيضاً مراكز البيانات ومعالجتها وتخزين البيانات من الأنشطة عبر الإنترنت، مثل إرسال رسائل البريد الإلكتروني وبث مقاطع الفيديو، نحو 1% من استخدام الكهرباء العالمي. ويقدر البعض أن الحوسبة ستشكل ما يصل إلى 8% من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2030، ما يثير مخاوف من  أن يؤدي ذلك إلى حرق المزيد من الوقود الأحفوري.

لذلك، للتأكد من استخدام الذكاء الاصطناعي في مساعدة المجتمع على الحد من تغيرات المناخ وليس إعاقته، يجب أن ندمج التكنولوجيا بالتنمية المستدامة والبيئة. وإذا استخدمنا التكنولوجيا  لإنقاذ البيئة، فإننا سنستخدم الموارد التي لدينا على أفضل وجه ممكن.

اقرأ أيضاً: هل علينا التكيف مع التغير المناخي؟ دراسة حالة إل باسو  

ماذا تفعل شركات الذكاء الاصطناعي من أجل الحد من تغيرات المناخ؟ 

تبذل العديد من الشركات جهوداً كبيرة في إطار سعيها للحد من تغير المناخ باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

كلايمت تشينج إيه آي (climate change AI)

كلايمت تشينج أيه آي هي منظمة غير ربحية، تؤدي دوراً كبيراً في تحسين بناء المجتمع، وتسهيل البحث والعمل المشترك والتوحيد بين الذكاء الاصطناعي والعديد من الأساليب المختلفة للعمل المناخي. وقد نشرت دراسة بعنوان "معالجة تغير المناخ باستخدام التعلم الآلي"، توضح فيها ما يمكن أن يقوم به التعلم الآلي للحد من تغيرات المناخ، التي يتسبب فيها 13 مجالاً منها أنظمة الكهرباء والنقل والزراعة.

تقيم المنظمة أنشطة وورش عمل تجمع علماء الحاسوب مع أشخاص من التخصصات الأخرى، ما يسهل الحوار بين الخبراء من مختلف المجالات، وخاصة بين خبراء التعلم الآلي وخبراء المناخ.

مجموعة بوسطن الاستشارية أو اختصاراً (BCG CO2 AI)

BCG CO2 AI هو أحد حلول قياس الانبعاثات باستخدام الذكاء الاصطناعي المقدمة من مجموعة بوسطن الاستشارية، يساعد الشركات على قياس انبعاثاتها بدقة ومحاكاة وتتبع وتحسين الانبعاثات على نطاق واسع. تعتمد على التعلم العميق لزيادة دقة قياس الانبعاثات، وأتمتة الحسابات، وتمكين الشركات الكبيرة من تقليل انبعاثاتها بنسبة 30-40%.

اقرأ أيضاً: كيف نستفيد من توائم الأرض الرقمية في مواجهة التغير المناخي؟

برين بوكس (BrainBox AI)

تستخدم شركة برين بوكس إيه آي تقنية الذكاء الاصطناعي في المباني على اعتبارها من أكبر مستهلكي الطاقة في العالم ومصادر انبعاثات غازات الدفيئة، فهي تسبب في ربع الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة. تستهلك أنظمة التهوية والتدفئة والتكييف 45% من الطاقة التي تستهلكها المباني التجارية، لكن يمكن لنظام التهوية والتدفئة والتكييف (HVAC) الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي أن يسمح للمبنى بالتشغيل الذاتي دون أي تدخل بشري. فهو يقيم كفاءة الطاقة، ما يوفر المال ويقلل الحمل على شبكة الطاقة، وبالتالي يحافظ على تأثير المبنى منخفضاً.

بلان إيه (Plan A)

طورت شركة بلان إيه منصة «SaaS» التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرقمي من أجل حساب انبعاثات الكربون بطريقة آلية، وإزالتها، وإعداد التقارير التي تخدم العملاء في جميع أنحاء العالم. تسمح التقنية ​​للشركات بإدارة حسابات الكربون الخاصة بها مع تقليل تأثيرها السلبي على البيئة.

كيروس (Kayrros)

من خلال الاستفادة من التعلم الآلي ومعالجة اللغات الطبيعية والرياضيات المعقدة لصور الأقمار الصناعية وبيانات تحديد الموقع الجغرافي والمعلومات النصية وغيرها من البيانات البديلة الأولية، تقوم شركة كيروس بتقييم ومراقبة الطاقة والموارد الطبيعية والنشاط الصناعي في جميع أنحاء العالم. وتستخلص القيمة من دمج البيانات البديلة وبيانات السوق في الحلول الفريدة وعروض منتجات العملاء مع قياس التأثير البيئي وتقديم نظرة ثاقبة حول مخاطر تغير المناخ والطاقة.

فولد إيه آي (Fold AI)

تقدم شركة فولد إيه آي أحدث التقنيات والخوارزميات سريعة التغير لمراقبة النظام البيئي. وتستخدم الاستشعار المحلي متعدد الأبعاد وشبكات الاستشعار والحوسبة المتطورة والذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي السحابي وحصاد الطاقة لتتبع صحة النظام البيئي وتقييم المخاطر وتقدير التنوع البيولوجي وتقييم الأثر البيئي.

بلو سكاي أناليتيكس (Blue Sky Analytics)

أنشأت بلو سكاي أناليتيكس منصة لتحليل البيانات لاستخراج المعلومات البيئية من صور الأقمار الصناعية. وتقوم الشركة بهذا الأمر عن طريق استخدام البنية التحتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تحلل كل بكسل على الكوكب للحصول على رؤى ذات صلة، مثل جودة الهواء وتلوث المياه لتسهيل وصول الأشخاص في جميع أنحاء العالم إلى المعلومات التي يحتاجونها حول محيطهم ليعيشوا حياة أكثر صحة دون خوف.

تراكتيبل (Tractable)

خلال موسم الأعاصير في اليابان عام 2021، استخدمت شركة تراكتيبل الذكاء الاصطناعي الخاص بها لتقييم أضرار الممتلكات الخارجية الناجمة عن إعصار ميندول، ما ساعد أصحاب المنازل على التعافي بسرعة أكبر. يمكن للشركة أن تقلل الوقت اللازم لتقييم الأضرار من عدة أشهر إلى يوم واحد.

ختاماً، يؤكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية في مواجهة تغيرات المناخ، لكنه غير كافٍ وحده، بل نحن في حاجة إلى استخدام كل الأدوات المتاحة لإحداث الفرق، والحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

المحتوى محمي