ما مدى تأثير السيارات الكهربائية وذاتية القيادة على حياتنا؟

2 دقائق

ستكون السيارات الكهربائية مفيدة للكوكب، وستُخفض السيارات ذاتية القيادة من عدد الحوادث المرورية. هذا ما نعرفه حتى الآن بشكل مؤكد، ولكن ما الآثار الأخرى المقبلة لثورة السيارات؟

لا بد أولاً من أن نضفي مسحة واقعية على توقعاتنا، حيث يبدو أن انتشار السيارات الكهربائية في أميركا سيتنامى ببطء ما لم توجد قوانين محفزة، كما أن الموجة الأولى من السيارات ذاتية التحكم ستكون محدودة لدرجة تُثير الخيبة. وعلى الرغم من أن شركات السيارات والتكنولوجيا في سباق ساخن لتطوير هذه السيارات -وهو ما يجعل هذه التقنيات تبدو أمراً محتوماً- إلا أنها غالباً لن تنتشر على نطاق واسع قريباً.

أما الأمر الغامض فهو كيفية تأثيرها على العالم؛ حيث قام بينيديكت إيفانز (وهو شريك في شركة أندريسين هورويتز الاستثمارية في وادي السيليكون، وذو اطلاع واسع على تحليل التوجهات التقنية) بنشر مجموعة من الأفكار حول ما يطلق عليه اسم التأثيرات من المرتبة الثانية والثالثة للتقنيات الجديدة التي سنراها على الطرقات، وهذه التقنيات -وفقاً لأفكاره- ستغيِّر من المستقبل بشكل جذري.

ولنبدأ أولاً بالسيارات الكهربائية؛ إذ من البديهي أن التخلي عن محرك الاحتراق الداخلي سيكون مفيداً للكوكب، ولكن إيفانز يشير إلى أن أموراً كثيرة ستتغير عند اختفاء البنية التحتية اللازمة لدعم هذه المحركات؛ حيث ستفقد الكثير من محلات صيانة السيارات وظيفتها لأن أغلب عمليات الصيانة تجري على المحرك، كما أن محطات الوقود ستصبح شيئاً من الماضي، وبالتالي لا يمكن أن نتخيل ما سيحدث للمتاجر في هذه المحطات، لا سيما وأن نصف مبيعات أميركا من منتجات التبغ هي في تلك المتاجر.

أما بالنسبة للسيارات ذاتية القيادة، فإن كل شركة دخلت هذا المجال الجديد تحرص على الإشارة إلى أن هذه السيارات ستتعرض لحوادث أقل من السيارات التي يقودها البشر، ولكن منافعها لا تقتصر على إيصال الناس من مكان إلى آخر؛ بل يمكنها أن تركن نفسها في مكان قد يكون غير مناسب للركاب البشر، وهي جاهزة لاستدعائها عند الحاجة، وهذا يعني إمكانية إعادة استثمار المساحات الشاسعة المخصصة لركن السيارات لأغراض أخرى، مثل إضافتها إلى سوق العقارات.

وهذه الأمثلة ليست سوى جزء مما قدَّمه إيفانز، وهناك الكثير مما يجب النظر إليه بعين الاعتبار أيضاً؛ فقد قام إيفانز بدراسة الآثار واسعة النطاق على صناعة الكهرباء، حيث تساعد الأنظمة المنزلية لتخزين الطاقة الكهربائية لشحن السيارات في حل مشكلة زيادة الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة، ويمكن أن تزيد مسافات التنقل المتكرر اليومي بفضل السيارات ذاتية القيادة التي تتحرك بسرعات عالية وبشكل متقارب، كما سيتأثر قطاع النقل العام بشكل كبير عندما تجمع السيارات ذاتية القيادة بين وظائف السيارات العادية وسيارات الأجرة والحافلات.

غير أن تركيبة جميع هذه العوامل هي ما يثير الاهتمام فعلاً؛ فإذا اختفت محطات الوقود ومواقف السيارات الموجودة في قلب المدن -والتي تتنافس عندها وسائل النقل التي تعمل بالطلب المباشر مع وسائل النقل العامة- واختفت كذلك حوادث المرور، فهذا يعني إعادة هيكلة كاملة للمشهد الحضري؛ حيث ظهرت المدن في أوروبا قبل السيارات بعدة قرون، ولهذا فقد بُنيت بشكل مناسب للمشي، ويمكنها أن تعود بسهولة إلى هذا النمط. أما المدن الأميركية فقد صممت بشكل مناسب للسيارات، مما يعني تغير طريقة استخدامها بشكل كلي.

وفي المجمل: إذا تحققت بعض السيناريوهات التي تخيَّلها إيفانز، فقد لا تؤدي ثورة السيارات إلى تحول في سياراتنا فقط، بل في كامل بيئتنا المحيطة أيضاً.