سلطت دراسة جديدة أجرتها شركة "ماستركارد" (MasterCard) المتخصصة في تكنولوجيا حلول المدفوعات الرقمية وبالتعاون مع شركة الأبحاث الرقمية "عرب نت" (ArabNet) الضوء على السبل التي يمكن من خلالها لقطاعات الحكومة الإلكترونية والسياحة والرعاية الصحية والنقل في المملكة العربية السعودية الاستفادة من تكنولوجيات المدن الذكية.
المدن الذكية محورها الإنسان وليس التكنولوجيا
أشارت الدراسة التي جاءت بعنوان "التكنولوجيا الحضرية" (Urban Tech) إلى أن الاتجاه المتزايد للتوسع العمراني يخلق فرصاً كبيرة لتطبيقات التكنولوجيا الحضرية، إذ تتوقع شركة البيانات الدولية IDC أن تشهد السوق العالمية لهذه التكنولوجيا نمواً من 81 مليار دولار في 2018 إلى 158 مليار دولار بحلول عام 2022.
وقد حددت الدراسة ثلاثة مبادئ رئيسية لتصميم المدن الذكية من شأنها أن تساهم في بناء استراتيجية تكنولوجيا حضرية قوية تتمحور حول الإنسان، وهي:
- ضرورة توفير تجربة سلسة.
- وأن تكون استراتيجية شاملة.
- وأن تدفع إلى مشاركة الأفراد كمبدعين في سياق هذه الاستراتيجية.
ويمكن تعزيز شمولية هذه الاستراتيجية من خلال زيادة توفير اتصال عالي الجودة، وتعزيز برامج محو الأمية الرقمية، على غرار الأكاديمية السعودية الرقمية، أما على صعيد تعزيز المشاركة، فإن الدراسة أوضحت كيف يمكن للمدن الاستفادة من الذكاء الجماعي للسكان من خلال الشراكة مع الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيات الحكومية.
إلى جانب تركيزها على مبادئ التصميم التي تتمحور حول الإنسان، أوضحت الدراسة أيضاً ضرورة استثمار المدن في القطاعات الأساسية لتحفيز نمو مدن شاملة مثل قطاع الاتصال والبنية التحتية، والبيانات والتحليلات، والقوانين المنظمة.
وذلك من خلال التركيز على إدماج شبكات الجيل الخامس وتقنية واي فاي 6، والحوسبة السحابية والواقع الافتراضي وتكنولوجيا الجغرافيا المكانية، على اعتبار أنها تتعلق بالبنية التحتية الرقمية الخاصة بتطوير مدن قادرة على جمع البيانات والاستجابة لها في الوقت الفعلي.
اقرأ أيضاً: الشبكة العالمية للمدن الذكية: أول مجتمع عالمي يختص بالمدن الذكية
أهمية البيانات في نمو المدن الذكية
ركزت الدراسة أيضاً على أن بناء "ثقافة البيانات" يعد أمراً بالغ الأهمية في نمو المدن الذكية، خاصة وأن التكنولوجيات التي تعتمد على البيانات، مثل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي وتصور البيانات، تتمتع بالقدرة على زيادة الناتج المحلي الإجمالي للفرد في المدينة بنسبة 21%، وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة ESI Thoughtlab للأبحاث.
بالإضافة إلى ذلك قدمت الدراسة أيضاً توصيات مهمة بشأن الإطار القانوني والسياسي، بما في ذلك تمكين التدفق الحر للبيانات عبر الحدود الدولية.
وفي معرض تعليقه على الدراسة الجديدة، قال جهاد خليل، مدير منطقة المملكة العربية السعودية والبحرين والمشرق العربي في شركة ماستركارد: "تهدف التكنولوجيا الحضرية إلى تحسين جودة حياة السكان في المدن، وتحدد هذه الدراسة الجديدة العناصر التي يمكن أن تساهم في تحقيق ذلك، والقطاعات التي قد تستفيد أولاً من هذه التكنولوجيا. ونحن في ماستركارد ملتزمون بالقيام بدورنا للمساعدة في بناء مدن مستقبلية تتمتع بالمرونة، بالتعاون مع شركائنا".
وأضاف: "نعمل عن كثب مع القطاعين العام والخاص للمشاركة في تطوير وتقديم وتوسيع نطاق الحلول التي تجعل المدن أكثر ذكاءً وديناميكية وأكثر ملاءمة للعيش، وذلك من خلال التكنولوجيات الآمنة والخدمات الاستشارية وخدمات الحكومة الإلكترونية الشاملة التي نقدمها. ولا شك بأن التقدم الهائل الذي أحرزته المملكة العربية السعودية حتى الآن على هذا الصعيد في غاية الأهمية، ونحن نتطلع إلى مواصلة التعاون مع الجهات الحكومية المعنية وأصحاب المصلحة الآخرين لدعم هذه الجهود".
بينما صرح عمر كريستديس، مؤسس شركة "عرب نت" للأبحاث: "تبدو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أتم جاهزية لتكون في الريادة عالمياً على مستوى الاستفادة من التكنولوجيا الحضرية، وذلك في ظل تنفيذ مشاريع عملاقة مثل مدينة "نيوم" (NEOM) التي من المتوقع أن تضع المعايير للمدن الذكية مستقبلاً".
اقرأ أيضاً: "فالكون فيز": توظيف التقنية الناشئة في خدمة التراث السعودي
المملكة العربية السعودية نموذج للمشرق في المنطقة
تأتي الدراسة الجديدة بالتركيز على المملكة العربية السعودية لما لديها من إمكانات وخطط طموحة لقيادة وتطوير المدن الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث كشفت بيانات أن المملكة شهدت ارتفاعاً حاداً في تعداد سكان المدن، حيث يعيش أكثر من 83% من السكان الآن في مناطق حضرية. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 97.6% بحلول عام 2030.
وكانت المملكة قد استثمرت نحو 4 مليارات دولار لتطوير بنيتها التحتية الرقمية، في إطار سعيها لتحقيق رؤية 2030، والتي تهدف إلى إعادة صياغة الاقتصاد والمجتمع بشكل جذري. ومن الجدير بالذكر أن هذه العملية قد انطلقت بالفعل، إذ من المقرر أن تصبح مدينة "نيوم" صورة لما سيكون عليه مستقبل المدن الذكية المتصلة والمدعومة بالأنظمة الروبوتية والذكاء الاصطناعي في المملكة.
وقد أوضحت الدراسة أيضاً بعض المعلومات والفرص المتاحة في المملكة العربية السعودية، مثل:
- نمو معاملات التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية بنسبة تزيد عن 42% بين عامي 2019 و2020.
- وجود فرصة كبيرة لنمو المعاملات الإلكترونية للخدمات الحكومية في المملكة، والتي لا تمثل حاليًا سوى 8% من إجمالي معاملات التجارة الإلكترونية في المملكة، مقارنة بـ 40% في الإمارات العربية المتحدة.
- ريادة المملكة على صعيد نشر شبكات الجيل الخامس، والتي غطّت 60 محافظة حتى أغسطس 2021.
- نموذج السفر بدون انبعاثات كربونية يمثل فرصة محتملة لقطاع السياحة المزدهر في المملكة.
- تتصدر المملكة العربية السعودية جهود التنقل الذكي، وتخطط لاستثمار 36 مليار دولار في مشاريع بنية تحتية للمواصلات خلال العقد القادم.
- يمكن لجهود الهوية الرقمية في العديد من الصناعات، والذكاء الاصطناعي الصناعي، أن تساعد المملكة في تحقيق التميز والريادة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لتوظيف التكنولوجيا أن يبني المدن الذكية بمفهومها الحضري؟
جهود شركة ماستركارد في دعم التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية
في إطار استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز ودعم جهود التحول الرقمي بدأت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع العديد من الشركات وعلى رأسها شركة ماستركارد التي أطلقت في العام الماضي وبالتعاون مع شركة "آي بي إم" وتحت إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي نظام المدفوعات الفورية "سريع" التابع لشركة "المدفوعات السعودية".
ويهدف هذا النظام إلى تحسين المنظومة المالية في المملكة من خلال تنفيذ المدفوعات بشكل أسرع، وتحسين عملية التسوية المصرفية. كما يعد مشروع "مترو الرياض" أحد المشاريع الاستراتيجية الرئيسية بالنسبة للمملكة.
حيث تم اختيار خدمات بوابة ماستركارد للدفع لإتمام معاملات التجارة الإلكترونية المرتبطة بهذا المشروع، وقد عمل خبراء قطاع النقل في الشركة عن كثب مع البنك السعودي البريطاني (ساب)، والبنك المركزي السعودي لوضع البنية التحتية المثلى لهذا المشروع معتمدين في ذلك أفضل الممارسات العالمية المعتمدة في هذا المجال.
اقرأ أيضاً: ما الذي تحتاج الحكومات إلى معرفته من أجل تحديد أهداف تحولها الرقمي؟
مستقبل المدن الذكية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط
أشار الرئيس التنفيذي لشركة الخدمات المالية "كي بي إم جي" إلى أنه من المتوقع أن يتضاعف الإنفاق السنوي للمدن الذكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من 1.3 مليار دولار إلى 2.7 مليار دولار خلال هذا العام، وذلك على خلفية إطلاق العديد من مشاريع وخطط ومبادرات المدن الذكية في جميع أنحاء المنطقة.
كما أن المبادرات الرقمية التي تم تطويرها أساساً لمواجهة تبعات جائحة كوفيد-19 تساهم في صياغة مستقبل التكنولوجيا الحضرية، من خلال التطبيقات الخاصة بخدمات الرعاية الصحية عن بُعد، وتوصيل الأدوية، وتتبع الاتصال، على سبيل المثال لا الحصر.