كيف ستؤدي المكاتب السحابية إلى إعادة تعريف مفهوم مكان العمل؟

3 دقائق

نشرة خاصة من كانون:

الجيل الجديد من المكاتب

قطع مكان العمل درباً طويلاً منذ بدايته المتواضعة كمساحة مقطَّعة بالحواجز، ولم يؤثر هذا التطور المتواصل الذي نعيشه على مكان العمل نفسه فقط، بل أيضاً على طريقة أداء المهام، وساعات العمل، وأسلوب التفاعل بين العاملين، ويعود ذلك على وجه الخصوص إلى نهضة العمل عن بعد.

وليس من المستغرب أن نرى الشركات الناشئة والصغيرة تعمل بشكل كامل في المكاتب المشتركة، حيث لا توجد سوى حفنة من الموظفين، مما يلغي الحاجة إلى مكان دائم للعمل، وفي نفس الوقت يؤمِّن جواً رسمياً للاجتماع مع العملاء. وفي أماكن العمل التقليدية، تبيَّن أن كُلاً من استخدام المكاتب بشكل لحظي ومؤقت (بدلاً من تخصيص مكتب لكل عامل)، والاعتماد على مساحات العمل التعاونية، يؤديان إلى زيادة الإنتاجية، وتعزيز الروح الرفاقية بين العاملين، وتوليد جو أكثر إيجابية، مما يؤدي إلى زيادة تماسك طاقم العمل.

وهناك أيضاً مسألة العمل عن بعد، التي بدأنا نراها في ثقافة المكاتب في جميع أنحاء العالم. وعلى سبيل المثال، في الشرق الأوسط، فإن نسبة 60% من الموظفين في دولة الإمارات يعملون خارج المكتب يوماً واحداً على الأقل في الأسبوع (ويعمل 10% عن بعد طوال الوقت). ومن المرجح أن يستمر هذا النمط، حيث يقول 90% من العاملين عن بعد إنهم يخططون للعمل بهذه الطريقة لبقية حياتهم المهنية.

إذن فكيف سيؤثر الانتقال نحو العمل عن بعد على الأعمال؟ على الأقل، سيسمح هذا النمط للشركات بتوسيع مجال الكفاءات لديها، والانتقال من الاقتصار على النطاق المحلي إلى النطاق العالمي أيضاً. ويعني هذا زيادة مجال البحث أمام أصحاب الأعمال للعثور على الأفراد ذوي المهارات العالية في مناطق مختلفة، وإدارة تمركز قوة العمل بمرونة أكبر. كما سيسمح بزيادة التنوع بين العاملين، مما يحافظ على تنافسية المنظمة ويسمح لها بالاستفادة من تنوع خلفيات العاملين فيها للحصول على معلومات أكثر دقة وشمولية.

فوائد الانتقال إلى المكاتب السحابية

يكمن المفتاح للعمل عن بعد في السحابة، التي تؤمِّن تدفقاً حراً للمعلومات بين مقر الشركة والعاملين خارجها، كما تسمح باستمرار الإنتاجية من دون مقاطعة بفضل الاتصال المستمر. وهذا يعني أن شركة في الشرق الأوسط تستطيع أن تستعين بخبرة خاصة في الولايات المتحدة أو أستراليا، وتستطيع بفضل السحابة أن تضمن إنجاز العمل المطلوب حتى خارج ساعات العمل في المكتب.

وإضافة إلى هذا، يقدِّم المكتب السحابي عدة فوائد للمنظمات والطاقم:

  • التحديثات في الزمن الحقيقي: لن يحتاج الموظفون بعد الآن إلى الانتظار لوصول عتاد جديد، أو انتظار أحد أفراد الفريق التقني لتنصيب التحديثات البرمجية، وبفضل السحابة، يمكن أن تصبح التحديثات آلية.
  • تحقيق التوازن بين العمل والحياة: بوجود السحابة، سيصبح التواجد الإلزامي في المكتب في ساعات محددة شيئاً من الماضي. وسيستطيع طاقم الإدارة الاتفاق مع الموظفين على تحديد ساعات عمل مناسبة لهم، مما يسمح لهم بالتركيز على نشاطاتهم الخاصة بهم، مثل الدراسات العليا، أو ببساطة: إمضاء المزيد من الوقت مع العائلة بشكل أكثر مرونة.
  • أسلوب جديد للمكتب: في حقبة تشجع على الاستدامة وتحسين الممارسات البيئية، تسمح السحابة للشركات بالعمل في "عصر التواجد في كل مكان". كما تسمح الأدوات المتصلة بالإنترنت والمكاتب السحابية بإزالة الحدود بين حياة العمل والحياة الشخصية، مما يعني الاتصال المستمر.

كيف تبدأ رحلة المكتب السحابي

مع اعتماد المزيد من المنظمات على نموذج مكان العمل الهجين، ما الخطوات اللازمة حتى تنضم إليها؟ إضافة إلى سؤال آخر قد يكون أكثر أهمية: كيف سيكون شكل هذا الجيل الجديد من المكاتب فعلياً؟

يجب أن تكون السحابة في قلب هذا النوع من التحولات. وتتفق كبرى الشركات مع هذه النظرة؛ فقد أجرت شركة آي بي إم دراسة باسم القسم الإداري العالمي، وشملت هذه الدراسة أكثر من 5,000 مدير تنفيذي كبير من 70 بلد، ووجدت أن 63% من المشاركين يرون أن الحوسبة السحابية ستكون أهم تكنولوجيا في السنوات الثلاثة إلى الخمسة المقبلة. وتلتها الحلول الخلوية بنسبة 61%، وإنترنت الأشياء بنسبة 57%.

وهناك الكثير من الأسباب لهذه النتائج؛ بدءاً من تقليل التكاليف وزيادة فعالية الشركات، وصولاً إلى زيادة انسيابية العمليات مثل تحديثات النظام وصيانة المخدمات. وتعتبر العملية الثانية تحديداً هامة بالنسبة للمنظمات التي تخطط للمستقبل، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار تكاليف العقارات المرتفعة مقارنة مع المساحة التي يتطلبها المخدم عند وضعه ضمن الشركة. وبنقل المخدمات إلى طرف ثالث -سواء خارج مقر الشركة أو إلى السحابة بشكل كلي- سيمكن للشركات أن تستفيد من مساحات التخزين الإضافية، والتقليل من حالات انهيار النظام، ووجود حلول أكثر وثوقية للنسخ الاحتياطية. ويمكن لبعض الأدوات عالية الفعالية -مثل برنامج يونيفلو أونلاين- أن تساعد الشركات على التحكم في تدفق الوثائق.

وإذا أخذنا كل ما ذُكر سابقاً بعين الاعتبار، فإن هذه التغيرات الشاملة يمكن أن تؤدي إلى زيادات كبيرة في الإنتاجية، وتحسين الناتج النهائي. ولكن يجب أن تركز المنظمات بشكل إضافي على حماية نفسها من المخاطر الجديدة في المستقبل؛ حيث يجب تطبيق إجراءات حماية أكثر صرامة لحماية الحلول السحابية ضد الاختبار، كما يجب تثقيف الموظفين -سواء ضمن مقر الشركة أو العاملين عن بعد- حول الأنظمة الجديدة حتى تُستخدم السحابة بالشكل الأفضل. ويجب أيضاً تحديث سياسة الشركة حتى تأخذ بعين الاعتبار المعلومات الهامة حول الكثير من الأشياء الجديدة، مثل الأنظمة والقوانين والسماحيات الجديدة للطاقم.

يبدو أن مستقبل مكان العمل مشرق، وقد بدأ يتحول بشكل مطرد إلى النموذج الهجين الذي يتضمن العناصر التقليدية والحلول الرقمية.