يتّخذ الذكاء الاصطناعي قرارات تؤثر بشكل مباشر على حياتنا اليومية، مثل التوصية بمقاطع الفيديو على يوتيوب أو اقتراح أغنيات في تطبيق سبوتيفاي.و مؤخراً، أصبحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على مساعدة المسؤولين في الشركات والمؤسسات على اتخاذ قرارات أفضل، وفي بعض الحالات، تستطيع هذه الخوارزميات اتخاذ قرارات بصورة مستقلة دون تدخل بشري.
لقد تبين أن بعض قرارات الذكاء الاصطناعي أفضل من قرارات البشر، لأنها تكون خالية من الأخطاء وتتميز بالسرعة بفضل القدرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات، بالإضافة إلى القدرة على التعلم والتكيف مع الظروف والمشكلات الجديدة.
يزداد عدد القرارات التي يُحيلها البشر إلى الذكاء الاصطناعي، ويبدو أن معظمنا يثق بها، فهل هي حقاً أفضل؟
اقرأ أيضاً: دراسة صادمة: الناس يفضلون الخوارزميات على البشر لاتخاذ القرارات بشأن حياتهم
الذكاء الاصطناعي ليس ذكياً كما نعتقد
يثق معظم الناس بالذكاء الاصطناعي لأنهم يعتقدون أنه يعمل تماماً مثل الذكاء البشري أو لأنهم لا يعرفون كيف يعمل.
من أجل توضيح حدود قرارات الذكاء الاصطناعي وقيودها، طرح خبير التطوير الألماني كريستوف باور مثالاً في مقالة نشرها على مدونته الشخصية، يقول فيها: "كنت في طريقي إلى ساحل بحر الشمال مع صديقتي. أدخلت المكان الذي يجب أن نذهب إليه في نظام الملاحة المثبت في سيارتي. وفي الوقت نفسه، استخدمت تطبيق خرائط جوجل على هاتفي. وكان لدى صديقتي تطبيق خرائط آخر مثبت على هاتفها الذكي. طلبنا من الأجهزة الثلاثة تحديد أفضل وأقصر طريق. وحصلنا على ثلاث طرق مختلفة. حينها فكرت: ما هو المسار الذي يجب أن أثق به الآن؟".
ما الذي أدى إلى اختلاف التوصيات؟ ألا يجب أن يكون تحديد الطريق الأقصر أمراً بسيطاً بالنسبة لنظام الملاحة أو تطبيق الخرائط؟
يعود السبب في الاختلاف إلى أن نظام الملاحة المثبت في السيارة وتطبيقات الخرائط تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي، هذه الخوارزميات تعطينا النتائج حسب البيانات المتوفرة وقيمتها.
في المثال الذي طرحه باور، ربما قام نظام الملاحة في السيارة بتحديد الطريق الأقصر اعتماداً على المسافة، في حين اعتمد تطبيق خرائط جوجل على البيانات التي تصله في الوقت الفعلي من هواتف الآخرين ووجد ازدحاماً في بعض الطرق، واقترح طرقاً أخرى.
اقرأ أيضاً: خرائط جوجل: كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بحركة المرور وتوقع وقت الوصول؟
من هذا المثال نستطيع القول إن الذكاء الاصطناعي ليس ذكيّاً بالمطلق، وإنه يكون ذكياً فقط حين تتوفر لديه بيانات ومعلومات كافية وذات قيمة ويكون قادراً على تحليلها.
ما الذي يعنيه ذلك؟
لا يجب أن نثق دائماً بقرارات وتوصيات الذكاء الاصطناعي، بمعنى آخر، علينا أن نضع معايير تحدد ما إذا كان علينا الثقة بقرارات الذكاء الاصطناعي أم لا، تعتمد هذه المعايير على كمية ونوعية البيانات التي تحللها الخوارزميات، فإن كانت هذه البيانات صحيحة وكافية، يمكن الوثوق بالقرارات، بخلاف ذلك، يجب الاعتماد على القرارات البشرية أو منح الخوارزميات مزيداً من البيانات الصحية والقيمة.
وجود مثل هذه المعايير يمكن أن يساعد المسؤولين والرؤساء التنفيذيين في الشركات والمؤسسات على وضع حدود للذكاء الاصطناعي في مجال صنع القرار.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات استثمارية أكثر فعالية؟
كيف يمكنك الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في صنع القرار؟
للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار، عليك أن تدرك الحقيقة الواردة أعلاه، وهي أن الذكاء الاصطناعي ليس ذكيّاً في حال عدم توفر بيانات كافية.
لهذا السبب، إن كنت تريد أن تستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي في صنع القرار، عليك أولاً وقبل كل شيء توفير أدوات فعالة لجمع البيانات وتخزينها وتحليلها بطريقة صحيحة، وعليك أيضاً تأمين هذه البيانات حتى لا يتم تغييرها أو سرقتها.
اقرأ أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في اتخاذ القرارات العسكرية؟
أخيراً، لا يجب أن تكون توصيات الذكاء الاصطناعي وقراراته حاسمة، خاصةً إذا كانت هذه القرارات مصيرية وتؤثر على عمل أو حياة الكثيرين، ففي بعض الحالات، لا تكفي البيانات فقط لاتخاذ القرار الصحيح، بل يجب الاعتماد على بعض الصفات البشرية مثل التعاطف والحدس. فنحن البشر أكثر قدرة من الخوارزميات على التعامل مع التعقيد وعدم اليقين.