ما هو الميتافيرس الصناعي؟ وكيف يستفيد منه المستثمرون؟

4 دقائق
الميتافيرس الصناعي: واقع أمْ مبالغة وكيف يستفيد منه المستثمرون؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Black Salmon

على الرغم من الضجة الكبيرة حول الميتافيرس بفضل بعض المؤثرين في مجال التكنولوجيا مثل مارك زوكربيرغ، والذي أعاد تسمية فيسبوك ميتا مدعياً أنها ستكون منصة أساسية للواقع الافتراضي، فقد تضاءل مؤخراً الاهتمام العام بالميتافيرس بسبب بعض التأثيرات التي تحمل القدر نفسه من العظمة.

بدأ عصر الميتافيرس مع ظهور تقنية البلوك تشين، والتي تعد طفرة رائدة تُضيف قيمة فعلية إلى الثورة الصناعية الرابعة. ثم أثارت تطبيقات الميتافيرس هستيريا حول العملات المشفرة، والتي شهدت تراجعاً منذ ذلك الحين.

وبدأ حينها العديد من مروجي العملات الرقمية وأصحاب المصلحة بالترويج للرموز غير قابلة للاستبدال، ما أدى إلى التحول بالصخب الدعائي إلى هذه الرموز، وذلك قبل قيامهم باستخدام الميتافيرس الاستهلاكي لدفع الترفيه الاستهلاكي إلى آفاق جديدة. ويربط اليوم هؤلاء المروجون أنفسهم بـ "عربة الذكاء الاصطناعي" التي تشمل النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) مثل "تشات جي بي تي" (Chat GPT).

اقرأ أيضاً: مقابلة مع المؤسس الشريك في ميتابوليس: كيف تستطيع الشركات الاستفادة من الميتافيرس؟

تحول في الضجيج الإعلامي بين عدة تقنيات

إن هذا التحول في الضجيج الدعائي من العملات المشفرة إلى الرموز غير قابلة للاستبدال والميتافيرس الاستهلاكي ثم إلى النماذج اللغوية الكبيرة لم يقوض الأهمية المركزية لتقنية البلوك تشين، والتي لا تزال المكون الأساسي للعديد من صناعات الجيل التالي من التكنولوجيا، إذ تخطت صعود وسقوط الصيحات العابرة والدعوات المفرطة والممارسات الاستغلالية من قبل الانتهازيين. 

ومثل تقنية البلوك تشين، من المتوقع أن تتخطى تكنولوجيا الميتافيرس أيضاً الدعاية المبالغ بها بفضل أسسها القوية وتعدد تطبيقاتها.

أوجه الاختلاف بين الميتافيرس الاستهلاكي والميتافيرس الصناعي 

في حين أن الميتافيرس الاستهلاكي يدور حول توفير الروابط بين الأشخاص، فإن الميتافيرس الصناعي يقوم على توفير الروابط بين المهام. يقع الميتافيرس الصناعي على مفترق طرق بين العلوم والتكنولوجيا، إذ يتجه نحو تسريع وتعزيز القطاعات والمهن التي تتطلب مهارات إضافية.

اقرأ أيضاً: كيف سيغيّر الميتافيرس تجربة التداول الإلكتروني؟

يوفر الميتافيرس الصناعي نموذجاً معززاً يمكن أن يساعدنا في تطوير منتجات أفضل والادخار من حيث التكاليف، كل ذلك مع تمكين أطر التجارب والتحقق من صحة المنتجات واستخدام التوائم الرقمية بشكل أسهل وأكثر تنوعاً، ويمكن استخدام تكنولوجيا الميتافيرس الصناعي ضمن أي قطاع صناعي تقريباً.

على الرغم من بعض التحديات الأساسية التي تحيط به، يتابع الميتافيرس الصناعي مسيرته ويعزز تواجده مع مرور الوقت.

التحديات الكامنة في الميتافيرس الاستهلاكي

يعاني الميتافيرس الاستهلاكي الحالي من تعدد العيوب المتعلقة بالتقنية نفسها وبنيتها التحتية. على سبيل المثال، لا يمكن لمعظم الأشخاص استخدام نظارات الواقع الافتراضي لمدة تزيد على ساعة دون التعرض لدوار الحركة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الميتافيرس الاستهلاكي مستويات عالية جداً من التفاعل بين الناس، وبالتالي يتطلب ذلك شبكات إنترنت فائقة السرعة تدعمها بنية تحتية معززة من شبكات الجيل الخامس أو حتى شبكات الجيل السادس.

اقرأ أيضاً: كيف ستغيّر شبكات الجيل الخامس صناعة التسويق إلى الأبد؟

علاوة على ذلك، يتطلب الترفيه أجهزة ذات قوى معالجة مركزية تتجاوز المقاييس العامة المستخدمة اليوم. وبدون وحدات المعالجة المركزية المعززة، سوف يكون من الصعب المضي قدماً دون المساومة على جودة الصورة.

الميتافيرس الصناعي لا يخضع للتحديات نفسها 

بينما ننتظر على مدار العامين إلى الأربعة أعوام القادمة حلولاً فعّالة للمشكلات التي يعاني منها الميتافيرس الاستهلاكي، لا يعاني الميتافيرس الصناعي من مثل هذه التحديات، وذلك لأسباب وجيهة. أولاً، لن يتطلب الميتافيرس الصناعي عادةً إنترنت سريعة كما الحال في معظم السياقات الصناعية، إذ يمكن تحميل الخوارزميات والبرامج مسبقاً على أجهزة حاسوب واسعة النطاق. وبينما تكون غالباً نظارات الواقع الافتراضي الاستهلاكية محمولة، ما يحد من قوة المعالجة المركزية الخاصة بها، لا تتأثر نظارات الواقع الافتراضي الصناعية بهذه القيود التقنية نظراً لإمكانية تمركز وحدات المعالجة المركزية الخاصة بها في محركات الأقراص الصلبة الخارجية.

اقرأ أيضاً: أفضل 5 مشاريع ناجحة في عالم الميتافيرس

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر المستويات الحالية لقوة المعالجة المركزية أكثر من كافية بالنسبة لمعظم التطبيقات الصناعية غير الاستهلاكية وحالات الاستخدام.

لذلك، نتوقع رؤية اتجاهات استثمار أكبر في مجال تقنيات الميتافيرس الصناعي مقارنة بالميتافيرس الاستهلاكي، على الرغم من عدم وجود ضجيج دعائي حول الأول حتى الآن. 

الاتجاهات الاستثمارية بما يتعلق بالميتافيرس الصناعي

يعمل الميتافيرس الصناعي على تغيير الطريقة التي تدير بها الشركات والمؤسسات البيانات وعملية إنشاء المنتجات والخدمات الجديدة والتفاعل مع العملاء.

يتمثل أثر الميتافيرس الأكثر فعالية في تطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز ضمن مجالي هندسة الميكاترونيكس والتصميم الصناعي ذات التقنيات العالية، مثل الهندسة المعمارية والطب والعديد من القطاعات الأخرى التي تتطلب قدرات تحليل السيناريو التنبؤي والعرض المرئي للبيانات. 

تتناقض تكنولوجيا الميتافيرس الصناعي بشكل كبير مع مناهج المحاكاة الرقمية التقليدية، إذ تتمتع الأولى بإمكانات لتقديم نمط الانغماس الحقيقي، ما يحرز قفزة نوعية من حيث النتائج. ونظراً لأهمية البيئات التي تحفّز الانغماس الحقيقي في تعزيز قدرة الدماغ البشري على التعلّم، سيقوم الميتافيرس الصناعي بتوفير إمكانات هائلة في مجال تحليل السيناريو التنبؤي والعرض المرئي للبيانات. 

اقرأ أيضاً: التجارة في عالم الميتافيرس: كيف تحقق مبيعات في هذا العالم الافتراضي؟

على سبيل المثال، سيكون بمستطاع الجرّاحين التنبؤ بالنتائج المحتملة لشق جراحي معين في منطقة محددة من جسم المريض قبل إجراء الشق. ويمكن لهذا النوع من التطور أن يسهم في القضاء على إمكانية تعرض المرضى إلى شقوق جراحية خاطئة أثناء العمليات الجراحية. 

إن الأداء المعزز للخوارزميات التوليدية المدعومة من قِبل الذكاء الاصطناعي في مجال تحليل السيناريو، بشرط أن تدمج هذه الخوارزميات مع أنظمة الميتافيرس، سيخلق تأثيراً مضاعفاً، ما سيضاعف إمكانات نمو الميتافيرس الصناعي. وكونه قطاعاً دائم النمو بغض النظر عن نشوب وهدوء دورات الضجيج الدعائي، يمثّل الميتافيرس الصناعي وجهة استثمارية مستقرة ومجدية للغاية.

حالات الاستخدام: الطب الدقيق

مع بروز الميتافيرس الصناعي وتردد صداه إلى ما وراء المجال الصناعي، سيحدث تأثيراً مباشراً على حياة البشر من خلال الرعاية الصحية المتقدمة، والصور الرقمية الرمزية للبشر، والاستدامة العمرية، والعمليات الجراحية الافتراضية، والطب التجريبي وغيرها.

على سبيل المثال، إن الصور الرقمية الرمزية القائمة على المؤشرات الحيوية، وهي استعراضات بصرية معززة تم إنشاؤها بواسطة الحاسوب لالتقاط وعرض المتغيرات البيولوجية للفرد بشكل رقمي، يمكن استخدامها للمحاكاة الطبية، ما يسمح للأطباء بممارسة التشخيص والعلاج في عالم افتراضي. وفي الوقت نفسه، يعمل الواقع المعزز والواقع الافتراضي على تغيير سبل طرح الطب التجريبي، ما يؤدي إلى تحول جذري في استراتيجيات التدريب الجراحي وإعادة التأهيل والتشخيص وتخطيط العلاجات الطبية. 

اقرأ أيضاً: شركات عربية نجحت في دخول عالم الميتافيرس الافتراضي والاستفادة منه

ويمكن لهذا المزيج من الصور الرقمية الرمزية للبشر والعلامات الحيوية الناشئة أن يحدث ثورة في طريقة تقديم الرعاية الصحية وتخفيض الوقت والتكلفة المرتبطة بالرعاية الطبية التقليدية ووضعها في متناول المرضى.

من هذا المنطلق، إن الاستثمار في الميتافيرس الصناعي هو بمثابة استثمار في أحدث شكل من أشكال الثروة، صحتنا.

المحتوى محمي