ازدهار تصميم الأزياء الافتراضية في عالم الميتافيرس

5 دقائق
جيمّا شيبارد/ لوفزبون

عندما قابلتُ جيني سفوبودا، كانت مشغولة بتصميم قبعة صغيرة على شكل حلوى، وعليها رشّات سكر ملونة، وطوق شعر على شكل فطائر محلّاة.

قالت ضاحكةً: "ربما لن أرتدي هذا الشيء أبداً في الحياة الواقعية". لكن سفوبودا لا تقوم بتلك التصميمات للعالم الحقيقي. فهي تصمّمها لعالم الميتافيرس. تعمل سفوبودا في تخصّص جديد رغم غرابته، وهو تصميم الأزياء للأشخاص في الفضاء الافتراضي.

تصميم أزياء الميتافيرس

يوازن معظم المصممين الرقميين بين شخصيات عملائهم في عالم الميتافيرس وشخصياتهم في العالم الحقيقي. على سبيل المثال، تدير ميكايلا ليتز أسكالان شركة تصميم أزياء ذات مقاسات كبيرة في العالم الحقيقي، لكنها قررت البدء في بيع خدماتها كمصممة أزياء في عالم الميتافيرس بعد تجوّلها في منصة العالم الافتراضي ثلاثية الأبعاد ديسنترالاند، حيث حظيت ملابسها بالثناء من الغرباء.

انتقلت مصممة الأزياء، جيما شيبارد، خبيرة الموضة الواقعية في التلفزيون البريطاني، إلى تصميم الأزياء للأشخاص في الفضاء الرقمي بعد أن طلبت منها ابنتها شراء زوج من الأحذية اللّامعة بقيمة 60 دولاراً لشخصيتها الرقمية على منصة روبلوكس قبل ثلاثة أعوام بمناسبة عيد الميلاد.

اقرأ أيضاً: مقابلة مع المؤسس الشريك في ميتابوليس: كيف تستطيع الشركات الاستفادة من الميتافيرس؟

لكن لم يبدأ كل مصممي الأزياء في عالم الميتافيرس في القيام بنسخة من أعمالهم في العالم الحقيقي. تقضي سفوبودا أيامها في تصميم الملابس والإكسسوارات الرقمية على منصة روبلوكس، حيث جعلها إحساسها الفريد بالأزياء ذات شهرة واسعة في ذلك المجال. حيث يصطف الناس للتعلم منها، وهم مستعدون للدفع من أجل ذلك.

ولأن مهنة تصميم الأزياء في عالم الميتافيرس لا تغطي جميع التكاليف المعيشية. تقول ليتز أسكالان إن تصميم الأزياء لعالم الميتافيرس يشكّل نحو 20% من دخلها في الشهر، كما تشغل هي وشيبارد عدة وظائف في الحياة الواقعية.

حيث يقولون إن الأمر لا يزال يستحق ذلك، لأن هذا العمل يوفر لهم فرصة فريدة للعمل في وسطٍ جديد وتعلّم مهارات جديدة. بدأت ليتز أسكالان أعمالها في تصميم الأزياء قبل عامين، حيث اجتمعت مع العملاء على منصة ديسكورد، وهي منصة دردشة تحظى بشعبية بين اللاعبين. وقامت بتصميم كتيبات البحث لمساعدتهم في تزويد شخصياتهم الرمزية بالملابس على منصات مثل ديسنترالاند (Decentraland) ودريس إكس (DressX) وأوروبوروس (Auroboros).

يحصل عملاؤها على ملابس منسّقة بخبرة، وتحصل على 49 دولاراً بالعملة المشفرة. بالنسبة لعملاء ليتز أسكالان، فإن هذا الأمر يستحق المال الذي يُنفق عليه. تقول: "الناس تريد أن تجرب أشياء مجنونة، وأنا أحب ذلك."

تُعد سفوبودا مبدعة في مجال تصميم الملابس والإكسسوارات للشخصيات الرمزية على منصة روبلوكس، لكنها بدأت في تصميم الشخصيات الرمزية للعملاء أيضاً، وهي حريصة على معرفة كيفية القيام بذلك.

تقول: "علينا أن نجرب ونخطئ". غالباً ما تبحث سفوبودا في تاريخ أزياء المستخدمين، وتسأل عن الفنانين والمؤثرين المفضّلين لديهم، ثم تنشئ إطلالات تناسب أهدافهم الجمالية.

حيث تقول: "يعطيني الأشخاص ملاحظات، وأذهب إلى دليل روبلوكس وأختار الأشياء التي تمثلهم". تساعد سفوبودا الأشخاص أيضاً في العثور على ملابس المؤثرين المفضلين لديهم، وإنشاء صفحات مفصّلة حول ما يرتدونه مرتبطة بالمنتجات.

اقرأ أيضاً: تغيّر المناخ يدفع هذه الدولة لإنشاء توأمها الرقمي في الميتافيرس

لا أحد منهم يقول ذلك بصوت عالٍ، ولكن من المحتمل أن ينجذب بعض المصممين بشكلٍ جزئي على الأقل إلى إمكانية الانتقال إلى ما يُمكن أن يكون سوقاً مربحاً للغاية في وقت مبكر من اللعبة.

تنمو صناعة الأزياء في عالم الميتافيرس بسرعة، وتجني شركات مثل روبلوكس بالفعل مئات الملايين من الدولارات من بيع الملابس الرقمية. في عام 2022، صنع أكثر من 11.5 مليون مصمم 62 مليون قطعة من الملابس والإكسسوارات على منصة روبلوكس وحدها. جمعت منصة دريس إكس (DressX)، وهي سوق للأزياء الرقمية عبر الإنترنت، 4.2 مليون دولار من التمويل الأولي منذ إطلاقها في عام 2020، وهي واحدة من العلامات التجارية القليلة التي تعمل معها شركة ميتا (Meta) لإطلاق متجر لأزياء الشخصيات الرقمية في منصتها الافتراضية، هورايزن ووردز (Horizon Worlds). ويقوم عالَم تصميم الأزياء الراقية بتجربة مشاريع الميتافيرس المستقلة بعد عمليات تشغيل ناجحة على منصات أخرى، مثل منصة فولت (vault) التابعة لشركة غوتشي حيث يمكن للناس تصفّح الأزياء الرقمية الحصرية وممارسة الألعاب.

أسواق الأزياء الافتراضية على روبلوكس

ليست كل هذه الملابس باهظة الثمن، وفي الواقع يمكن الحصول على الكثير منها مجاناً. وفقاً لمصممي الأزياء الثلاثة الذين تحدثت معهم، هناك سوق متنامٍ للأزياء الحصرية جداً التي تم إصدارها بالتعاون مع المصممين، وتكلف تلك الأزياء آلاف الدولارات على منصة روبلوكس، التي تميل نحو فئة الشباب ولكنها متنوعة بشكل متزايد من حيث العمر والوضع الاجتماعي والاقتصادي.

وإذا لم يتمكن الأشخاص من العثور على الأشياء التي يريدونها، فهناك سوق مزدهر للسلع المستعملة: "في عالم الميتافيرس، يمكنك في كثير من الأحيان بيع الأشياء بأسعار أعلى من أسعار شرائها لأول مرة"، كما تقول شيبارد، التي صمّمت أزياء المغنية تشارلي إكس سي إكس (Charli XCX) وإطلالات السجادة الحمراء لحفل توزيع جوائز جرامي (Grammys) على منصة روبلوكس. وخير مثال على ذلك فستان كارولينا هيريرا لربيع وصيف 2023. وصممت كارلي كلوس فستاناً مطبوعاً عليه زهور عبّاد الشمس في عرض أسبوع الموضة في نيويورك. ابتكرت سفوبودا نسخة رقمية من الفستان بدعم من هيريرا وقامت كلوس بالترويج له، حيث أطلقت التصميم مقابل 500 روبو، أو 5 دولارات. تم بيع 432 قطعة في غضون أربع ساعات، وتبلغ قيمة الفستان اليوم ما يزيد على 5000 دولار.

كما تقول شيبارد: بالنسبة للمراقب العادي، قد يبدو من الغريب وحتى الفاحش إنفاق الكثير من المال على الملابس الافتراضية، لكن هناك أسباباً أعمق تجعل الناس يوظفون أشخاصاً محترفين لتنسيق ملابسهم في عالم الميتافيرس. يتعلق الأمر كله بالتجربة في فضاء اجتماعي آمن عبر الإنترنت.

توافق ليتز أسكالان على أن عالم الميتافيرس يوفّر فرصة للناس للاندماج تماماً مع ملابس شخصياتهم الرمزية. تقول: "في المجتمع الواقعي، عليك أن تبدو بمظهر معيّن، ولكن في عالم الميتافيرس، يمكنك أن تكون أي شيء تريده". كما تقول إن زبائنها على استعداد لتجربة أزياء حديثة وغريبة قد يعتبرونها نوعاً من المجازفة أو غير مستساغة في الحياة الواقعية. وبصفتها مصممة أزياء، تعشق ليتز أسكالان هذه الحرية، ولا يسعها إلا أن تقارنها بالتجارب التي مرّت بها في العالم الحقيقي، حيث تكون الأزياء أكثر تحفظاً وتقييداً.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للبلوك تشين أن ترسم ملامح مستقبل الميتافيرس؟

حتى إن الناس يستخدمون الملابس الافتراضية لإلغاء الحدود بين الجنسين أو استكشاف جانب من أنفسهم ربما شعروا في السابق أنه يتعذر الوصول إليه. قبل بضعة أسابيع، التقت ليتز أسكالان عميلاً على منصة ديسكورد أعطاها الحرية في أن تُلبسه كل ما تريد، دون أن تلتزم بقيود الجنس والأعراف. وكانت النتيجة فستاناً بأجنحة زرقاء متلألئة، وبأكمام شبكية، وتاج من الورود ملفوف بأشجار العنب الزرقاء، وأحذية أرجوانية ذات كعب قصير. وقد أحبّ العميل ذلك الفستان الذي لم يتوقعه.

ميكايلا ليتز / CONFIDENCE-STYLE.COM

تقول سفوبودا: إن استكشاف الموضة الرقمية يمكن أن يساعد أيضاً الأشخاص في التخلص من تشوهات الجسم وشعورهم بعدم الراحة حول مظهرهم. حيث يسمح للأشخاص بالتركيز فقط على الملابس والطريقة التي يظهرون فيها على المنصات الافتراضية.

كما تقول: "عندما أعمل على فستان، فإنه يتناسب مع جسد الأفاتار (الشخصية الافتراضية)، بغض النظر عمّا إذا كان رجلاً أو امرأة، وهذا أمرٌ جميل". "يمكن أن تكون الشخصية رجلاً، أو امرأة، قبل العملية، أو بعد العملية، مهما كان، سيظل فستاناً، وسيظل مناسباً لهم". إنها فكرة ردّدَتها ليتز أسكالان، التي تعمل غالباً مع الأشخاص الممتلئين أو أصحاب الوزن الزائد الذين قد تكون لديهم مخاوف مجتمعية بشأن صورة الجسد.

اقرأ أيضاً: ميتا تبذل جهوداً كبيرة لتحويل الميتافيرس إلى حقيقة

من الناحية النظرية، يمكن لأي شخص ارتداء أي شيء في عالم الميتافيرس. ليس من الضروري أن تتخذ الشخصية الإلكترونية شكلاً بشرياً أو حتى أن يكون لها جسد، ما يسمح بتجسيد مظهر لا يمكن أن يكون موجوداً في العالم المادي. قام كل من سفوبودا وليتز أسكالان بتصميم شخصيات رمزية غير بشرية، وهذا مجال من التجارب يثيرهما. يدرك الناس أنه في عالم الميتافيرس، ليس من الضروري أن تتبع الملابس القواعد. تريد أن تكون قنطوراً (كائناً خرافياً)؟ بالتأكيد. ماذا عن مصاص دماء بأرجل عنكبوت؟ لِمَ لا!

إن عدم وجود القيود هو شيء تتمتع به سفوبودا بشكل خاص. كما أنها تصف تصاميمها بأنها مستوحاة من الدمية باربي (Barbie-core)، وأزياء عالم 2000 (واي 2 كيه) (Y2K)، وأزياء فانتازي بينك (fantasy pink). لكن عندما اتصلتُ بها، كانت تعمل على إطلالة مختلفة تماماً: "وهي أشبه بشخصية زوي سالدانا، ببشرة زرقاء- خيال علمي ".