التجارة في عالم الميتافيرس: كيف تحقق مبيعات في هذا العالم الافتراضي؟

6 دقائق
التجارة في عالم الميتافيرس: كيف تحقق مبيعات في هذا العالم الافتراضي؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ naratrip2

مع تطور التكنولوجيا بصورة دائمة ومستمرة، تبحث العلامات التجارية عن أفضل الطرق لاستهداف المستهلكين وتحديد العملاء المحتملين لبيع المنتجات لهم، وفي الوقت نفسه وعلى مرّ السنين تحول اهتمام المستهلك باستمرار من المطبوعات الإعلانية التقليدية، إلى شاشات التلفزيون، انتهاءً بمنصات التواصل الاجتماعي التي تسيطر على المشهد الآن.

والآن مع ظهور عوالم الميتافيرس المتوقع لها أن تهيمن على المشهد مستقبلاً، فإن العلامات التجارية لديها فرصة لم يسبق لها مثيل لبناء الوعي بعلاماتها وبيع منتجاتها بطرق فريدة لجيل جديد تماماً من المستهلكين عبر عالم افتراضي سيشكل أسلوب استخدامنا للإنترنت، فكيف يمكن للعلامات التجارية اقتحام هذا العالم الجديد؟ وما هي أهم الاستراتيجيات التي عليها اتباعها، وكيف تحقق أرباحاً في عالم الميتافيرس؟

أهمية المتاجر الافتراضية في نمو العلامات التجارية

أجبرت جائحة كوفيد-19 بشكل أساسي العلامات التجارية والمستهلكين معاً على البدء في التحول إلى التسوق عبر الإنترنت بشكل شبه كُلي بعد أن كان سابقاً خياراً، حيث اضطرت الشركات التي اعتادت في السابق على البيع الشخصي عن طريق واجهات المحلات التجارية وشركاء المبيعات داخل المتجر، إلى إعادة تقييم استراتيجيات البيع الخاصة بهم.

حيث أشار تقرير إلى أن 81% من أصحاب الأعمال استخدموا الوباء كفرصة للتحول إلى البيع عبر القنوات الرقمية والافتراضية، وقد أفسح هذا المجال لنمو مجموعة متنوعة من التكنولوجيات الجديدة التي ساعدت الشركات على البيع افتراضياً على الرغم من التحديات التي أحدثها الوباء. حيث تعد المتاجر الافتراضية ونماذج المنتجات ثلاثية الأبعاد من الابتكارات الفريدة التي نشأت مؤخراً وفي طريقها لأن تكون هي السائدة.

اقرأ أيضاً: الحرب التجارية وجائحة كوفيد تدفعان شركات التصنيع الصينية نحو الداخل

نتيجة لذلك، وجدت العديد من الشركات أن البيع الافتراضي أكثر فعالية. حيث إن المتاجر الافتراضية تؤدي دوراً حيوياً في إنشاء استراتيجية بيع افتراضية قوية. من خلال تقديم تجربة تسوق تجريبية عبر الإنترنت، تحاكي المتاجر الافتراضية الطبيعة التفاعلية والجذابة والشخصية للمتاجر التقليدية،  والتي تعتبر أفضل طريقة لتعزيز المبيعات بشكل فعال أكثر مما مضى.

ماذا يعني الميتافيرس للعلامات التجارية؟

كان الحديث عن الميتافيرس موجوداً في كل مكان خلال الأشهر العديدة الماضية، حيث أوضح مقال للكاتبة لارينا يي (Lareina Yee) نُشر في موقع شركة الأبحاث العالمية ماكينزي (McKinsey)، أن عمليات البحث عن المصطلح في عام 2021 زاد بنسبة 7200%، وهي إشارة واضحة لمدى رغبة الناس في فهم هذا المصطلح الذي لم يتم الاتفاق على تعريف واضح له حتى الآن.

 يتطور تعريف الميتافيرس منذ ظهوره، ولكن في أبسط أشكاله، هو عبارة عن مساحة افتراضية حيث يمكن للمستخدمين المشاركة في بيئة رقمية. وبشكل أوسع يعد الميتافيرس عبارة عن مجموعة من العناصر ذات القدرة على إنشاء بيئة افتراضية واسعة حيث يمكن أن تنشأ أنواعاً جديدة من التفاعلات، وأنواعاً جديدة من التجارة من الأعمال إلى المستهلكين (Business-to-Consumer)، ومن الأعمال إلى الأعمال (Business-to-Business).

ستتمتع هذه التجربة المادية والافتراضية المتكاملة بثلاث خصائص أساسية، هي:

  • بيئات تفاعلية غامرة تستخدم تكنولوجيات مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإعطاء إحساس بالوجود وتقليد واقعية العالم الحقيقي.
  • حالة قابلة للتعديل ولكنها ثابتة حيث يمكنك البناء والإبداع والتفاعل بطريقة مشابهة للطريقة التي تتفاعل بها في العالم المادي.
  • هوية رقمية قيمة وفريدة من نوعها مثل الهوية المادية.

نتيجة لذلك يعد التعرف على إمكانات الميتافيرس ضرورة للغاية سواء للمستهلكين أو الشركات، وتتمثل إحدى الطرق للقيام بذلك في متابعة حجم الاستثمارات التي بدأ ضخها في هذا المجال. على سبيل المثال، استثمر أصحاب رؤوس الأموال المغامرة 10 مليارات دولار في شركات ناشئة في العالم الافتراضي في عام 2021 وحده، وهو ما يمثل الضعف مقارنة بعام 2020.

اقرأ أيضاً: شركات عربية نجحت في دخول عالم الميتافيرس الافتراضي والاستفادة منه

كما تنبأ تقرير حديث أن الميتافيرس وحده سيساهم بما يصل إلى 3 تريليونات دولار في الناتج الإجمالي العالمي في غضون العشر سنوات القادمة. ومن ثم مع معرفة أين تذهب أموال رأس المال الاستثماري يمكن أن تمنح العلامات التجارية منظوراً مفيداً حول الشكل الذي قد يبدو عليه الميتافيرس في المستقبل القريب، والذي يمكن أن يمثل فرصة رائعة لجذب المستهلكين بطرق جديدة تماماً، مع دفع القدرات التسويقية في اتجاهات جديدة.

إذاً، كيف تستفيد الشركات من الميتافيرس لتحقيق الأرباح؟

حتى الآن ربما لا نزال في بداية الموجة الأولى من تفاعل المستهلك مع العلامات التجارية في عوالم الميتافيرس، لكن الدروس تظهر بالفعل من الشركات التي حققت نجاحاً مبكراً. والتي تمكنت من تصميم تجارب أصلية ومبتكرة لجذب جمهور عالم الميتافيرس، نتيجة لذلك إليك ما يبدو عليه المشهد اليوم في عوالم الميتافيرس، وكيف يمكن للشركات الاستفادة من هذه التكنولوجيا الناشئة لزيادة الوعي بعلامتها التجارية مستقبلاً:

  • تحديد الأهداف التسويقية في الميتافيرس

بشكل عام وعلى المدى القريب، لا ينبغي أن يكون الهدف الأساسي للعلامات التجارية هو زيادة المبيعات مباشرةً في عالم الميتافيرس، نظراً إلى أن مبيعات العناصر الافتراضية لا تزال أقل بكثير من مبيعات العناصر المادية. حيث إن تحديد أهداف مثل زيادة الوعي بين الجماهير الجديدة بالعلامة التجارية، وتوليد مشاعر إيجابية، وتعزيز الولاء، هي أفضل الطرق للانطلاق.

  • اختيار المنصات التي تناسب العلامة التجارية

في الوقت الحالي، لا تمثل منصات مثل روبلكس (Roblox) وفورتنايت (Fortnite) ودي سنتر لاند (Decentraland) وماين كرافت (Minecraft) وهوريزون وورلد (Horizon Worlds) سوى عدداً قليلاً من العوالم الموجودة في الميتافيرس، ومن ثم هناك فرصة كبيرة لتجربة منصات متعددة لمعرفة ما يناسب علامتك التجارية.

على سبيل المثال، قامت دار أزياء الموضة الإيطالية العريقة غوتشي (Gucci)، بالعديد من التجارب لبناء الوعي حول علامتها التجارية بين عملائها الشباب في الميتافيرس، حيث تمكنت من جذب نحو 20 مليون زائر خلال أسبوعين فقط للنسخة الافتراضية من حديقة غوتشي (Gucci Garden) الواقعية عبر منصة روبلكس، كما تخطط الشركة لإطلاق عالم افتراضي على منصة ذا ساند بوكس (The Sandbox) القائمة على شبكة البلوك تشين.

  • تصميم تجارب جذابة للجمهور المستهدف

عادةً يميل المستهلكون إلى توقع رؤية أكثر ابتكاراً للعلامات التجارية في الميتافيرس، ومن ثم تحتاج الشركات إلى تحديد التوازن المثالي بين الإعلانات التقليدية والتجارب الغامرة، على سبيل المثال عملت شركة المعدات الرياضية فانز (Vans) على إطلاق متنزه تزلج تفاعلي على منصة روبلكس لبناء الوعي بعلامتها التجارية.

حيث أتاحت الشركة للزائرين استكشاف مواقع التزلج الافتراضية مع الأصدقاء،  وكسب نقاط من خلال اللعب لإنفاقها على أحذية رياضية وعناصر ملابس افتراضية، بالإضافة إلى إنشاء ألواح تزلج مخصصة افتراضية، وقد نجحت هذه التجربة في جذب ما يصل إلى 48 مليون زائر من المعجبين الحاليين والجدد حتى الآن.

اقرأ أيضاً: 5 من أبرز التكنولوجيات الناشئة التي ستشكل مستقبل الميتافيرس

  • تجربة نماذج كسب المال

قد لا تكون المبيعات المباشرة في مقدمة الأهداف في الوقت الحالي، ولكن هذا لا يعني أن العلامات التجارية يجب ألا تفكر مسبقاً وتخطط لكيفية جني المال في الميتافيرس مستقبلاً، خاصة أن المبيعات المباشرة للسلع الافتراضية بحسب تقرير لبنك بي جي مورغان (JP Morgan) قد بلغت بالفعل 54 مليار دولار، حيث تقوم بعض العلامات التجارية ذات التفكير المستقبلي باختبار فرص مختلفة لتوليد الإيرادات.

على سبيل المثال، تمكنت دار الأزياء غوتشي من بيع نسخة رقمية من حقيبة في العام الماضي مقابل 4115 دولاراً، وهو أكثر من سعر العنصر المادي نفسه. بينما تعمل شركة المعدات الرياضية نايكي على بيع نموذج افتراضي من أحذيتها الرياضية عبر الميتافيرس، بالإضافة إلى ذلك ذكرت شركة  شيبوتل (Chipotle) أنها تمكنت من تبديل عملتها الرقمية مقابل مكافآت حقيقية للاعبي منصة روبلكس كأول علامة تجارية تفعل ذلك في الميتافيرس.

  • العمل على استراتيجيات فعالة للحصول على القيمة

بالنسبة إلى الميتافيرس كما هو الحال لأي مشروع جديد، يجب على العلامات التجارية تقييم المهارات التي ستحتاج إليها، وتحديد ما لديها بالفعل وما يجب عليها اكتسابه، وتطوير وتنفيذ استراتيجية متماسكة للحصول على القيمة، والعمل مع الآخرين والتعلم منهم، بما في ذلك مجتمعات المطورين والمبدعين المستقلين، حيث تحتوي عوالم الميتافيرس الموجودة الآن على مئات الآلاف من المطورين الذين يطورون بنشاط مجموعة من الخبرات ويتعلمون كيفية جني الأموال منها.

علاوة على ذلك، فإن المشاهير والمؤثرين يربطون أسماءهم بشكل متزايد بمبادرات الميتافيرس، وهي فرصة للعلامات التجارية للشراكة معهم من أجل نشر الوعي واكتساب عملاء جدد كما يحصل في منصات التواصل الاجتماعي حالياً.

اقرأ أيضاً: 5 من أبرز التكنولوجيات الناشئة التي ستشكل مستقبل الميتافيرس

  • التخطيط الاستباقي للمخاطر التي تتعرض لها العلامة التجارية

هناك العديد من الأمثلة للعلامات التجارية التي عرضت نفسها للمخاطر من خلال الانخراط مباشرة مع المستهلكين عبر الإنترنت دون الاستعداد بشكل جيد، حيث نجد أن المخاطرة في الميتافيرس يمكن أن تكون أعلى، لأن هذه الأحداث غالباً ما تكون مباشرة و غامرة أكثر. لذا فإن على العلامات التجارية التركيز جيداً على وضع القواعد الأساسية للمشاركة، مثل سياسات مفصلة، تشمل سلامة المستخدم، وخصوصية البيانات، والمعلومات المضللة وغيرها.

  • التفكير في كيفية قياس نجاح التسويق

يعد قياس العوائد على الإنفاق التسويقي أمراً بالغ الأهمية، وبينما يركز التسويق الرقمي عادةً عبر الإنترنت حالياً على مقاييس مثل عدد الزوار والتحويلات، والمشاركات، ولكن في الميتافيرس قد يحتاج المسوقون إلى تحديد مقاييس تفاعل جديدة تمثل الاقتصاد السلوكي الفريد في المنصة أو اللعبة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يمكنك فعله في عوالم الميتافيرس في عام 2022؟

ختاماً، حتى الآن ما زالت الشكوك تحيط بعوالم الميتافيرس، وقد ترغب العلامات التجارية في توخي الحذر، لأن الوعد بالحصول على كامل إمكانيات الميتافيرس قد يستغرق وقتاً، ومع ذلك فإن ما بدا للجميع حتى الآن هو أننا على أعتاب تحول أساسي في كيفية استخدامنا للإنترنت، ومن ثم من الضروري أن تبدأ الشركات  في استكشاف ما يمكن أن تقدمه الميتافيرس للاستفادة من حالات النجاح التي تظهر مستقبلاً في هذا العالم القادم بقوة.