من المعروف الآن أن كبار السن أكثر عرضة لخطر الإصابة الشديدة بكوفيد-19. ووفقاً للجنة المشتركة للقاحات والتطعيمات في المملكة المتحدة، فإن “الأدلة الحالية تشير بقوة إلى أن أكبر خطر للوفاة بسبب كوفيد-19 هو التقدّم في العمر”. لذلك، ومن أجل كبح جماح الوباء وخفض معدل الوفيات، كان من الأهمية بمكان أن تتمتع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بالقدرة على حماية هذه الشريحة من المجتمع.
- اقرأ أيضا: من يجب أن يحصل على لقاح كوفيد-19 أولاً؟
نستعرض معكم في هذه المقالة أهم المعلومات والدراسات العلمية التي توضح فعالية أبرز اللقاحات المستخدمة حالياً ضد فيروس كورونا وتأثيراتها على كبار السن.
لقاح فايزر وبيو إن تك
أعلنت فايزر أن لقاحها قد حقق فعالية بنسبة 95% عبر جميع الفئات العمرية، ووصلت هذه الفعالية إلى 94% لدى البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً. وقد شارك أكثر من 43,000 شخص في تجارب اللقاح، كان 41% منهم ممن تتراوح أعمارهم بين 56-85 عاماً، و21.4% منهم ممن تتجاوز أعمارهم 65 عاماً.
ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن أهم التأثيرات الجانبية المرافقة للقاح فايزر هي: ألم وتورم واحمرار في موضع الحقن، وألم في الرأس وقشعريرة ووهن. وعادة تظهر هذه الأعراض بعد يوم أو اثنين من تلقي اللقاح وتزول خلال بضعة أيام. وذكرت شركة فايزر أنه لم تكن هناك مخاوف خطيرة تتعلق بسلامة اللقاح في دراستها. وقد شملت الآثار الجانبية التعب والصداع، لكنها لم تكن شديدة ويبدو أنها حدثت في الغالب عند المشاركين الشباب.
تجدر الإشارة إلى أن لقاح فايزر هو اللقاح الأول المضاد لكوفيد-19 الذي يحصل على ترخيص طارئ من منظمة الصحة العالمية في 31 ديسمبر الماضي، ما يعني أنه حقق المتطلبات الأساسية الحرجة التي أعلنتها المنظمة والتي يجب أن يتمتع بها أي لقاح قبل أن يحصل على موافقتها الطارئة، وهذا يشمل فعاليته لدى كبار السن، بالإضافة إلى قدرته على توفير مناعة تدوم لمدة 6 أشهر على الأقل من بين شروط أخرى.
وقد كانت البريطانية مارغريت كينان التي تبلغ من العمر 90 عاماً أول امرأة في العالم تحصل على لقاح شركة فايزر.
لقاح مودرنا
خلال التجارب السريرية، سجل لقاح مودرنا فعالية بنسبة 94.5%، وكان 25.3% من المشاركين في التجارب السريرية ممن تتجاوز أعمارهم 65 عاماً. ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فقد سجل هذا اللقاح فعالية بنسبة 87% لدى الكبار في السن. وكانت أهم التأثيرات الجانبية المرافقة للقاح فايزر هي: ألم وتورم واحمرار في موضع الحقن، وألم في الرأس وقشعريرة ووهن. وعادة تظهر هذه الأعراض بعد يوم أو اثنين من تلقي اللقاح وتزول خلال بضعة أيام.
وفي دراسة نشرتها شركة مودرنا في مجلة نيو إنجلاند أوف ميدسين، فإن لقاحها قد أثبت فعاليته وأمانه لدى كبار السن. وفي هذه الدراسة، تم تقسيم المشاركين إلى شريحتين عمريتين: الأولى تضم من تتراوح أعمارهم بين 56-70 عاماً، والثانية تضم من تتجاوز أعمارهم 71 عاماً. وقد أشارت النتائج إلى أن المشاركين قد طوروا استجابة مناعية مشابهة للاستجابة المناعية التي يولدها اللقاح لدى الفئات الأصغر سناً.
وقد كانت الممرضة الأميركية سارة ليندسي، المهاجرة البالغة من العمر 52 عاماً، أول شخص يتلقى لقاح مودرنا في الولايات المتحدة.
لقاح أكسفورد وأسترازينيكا
حقق لقاح أكسفورد وأسترازينيكا فعالية بنسبة 90% في التجارب السريرية. وفي نوفمبر الماضي، نشر فريق لقاح أكسفورد دراسة في مجلة ذا لانسيت قاموا خلالها بتقييم الاستجابة المناعية لكبار السن عند تطعيمهم باللقاح. قام الباحثون بتقسيم الأشخاص الذين تم تطعيمهم إلى ثلاث مجموعات: 18-55 عاماً (160 مشاركاً) و 56-69 عاماً (160) و 70 عاماً فما فوق (240 مشاركاً)، وكان نصف المشاركين عبر المجموعات الثلاثة من الإناث. تلقى البعض لقاح فيروس كورونا المرشح وبعضهم لقاح التهاب السحايا للمقارنة.
لم يتمكن كبار السن من تطوير استجابات مناعية مماثلة للأشخاص الأصغر سناً فحسب، بل كانوا أكثر تحملاً للقاح مع آثار جانبية أقل، مثل التعب وآلام العضلات. وأظهرت الدراسة أيضاً أن كبار السن، بمن فيهم الذين تجاوزوا عامهم السبعين، قد طوروا الأجسام المضادة والخلايا التائية التي تقاوم العدوى بعد حصولهم على اللقاح.
وقد كان البريطاني بريان بينكر البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يخضع لغسيل الكلى، أول شخص في العالم يتلقى لقاح أكسفورد.
‘I’m so pleased to be getting the COVID vaccine today and really proud it is one that was invented in Oxford.’
82-year-old Brian Pinker became the first person in the world to receive the new Oxford AstraZeneca vaccine this morning at @OUHospitals. 💉 pic.twitter.com/nhnd3Sx97m
— NHS England and NHS Improvement (@NHSEngland) January 4, 2021
اللقاحات الصينية والروسية
تعتبر اللقاحات الصينية والروسية مشابهة للقاح أكسفورد من حيث اعتمادها على الفيروسات الغدانية. وقد بيَّنت دراسة أجراها معهد بكين للتكنولوجيا الحيوية ومنشورة في مجلة ذا لانسيت أن لقاح كانسينو الصيني قد ولّد استجابة مناعية قوية لدى المشاركين في التجارب السريرية، لكن بدرجة أقل لدى من تتجاوز أعمارهم 55 عاماً رغم تحملهم للقاح بصورة أفضل من الأقل عمراً. وأوصت الدراسة بزيادة جرعة هذا اللقاح لتحريض استجابة مناعية أقوى لدى كبار السن.
وكانت دولة الإمارات قد أطلقت عملية التلقيح ضد فيروس كورونا بالعاصمة أبوظبي في 14 ديسمبر، لتصبح من أولى الدول التي بدأت حملة التطعيم الجماعي. وقالت حكومة أبوظبي إن النتائج الأولية لتجارب المرحلة الثالثة على لقاح سينوفارم التابع لمعهد بيجين للمنتجات البيولوجية الصيني أظهرت فعالية اللقاح بنسبة 86%، وبينت عدم وجود مخاوف متعلقة بسلامة اللقاح على جميع متلقيه.
أما اللقاح الروسي سوتنيك في، فقد أظهرت دراسة منشورة في ذا لانسيت أنه يولد استجابة مناعية قوية لكن الدراسة لم تشمل مشاركين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً. لكن وفقاً لوكالة تاس الروسية، فقد أثبت هذا اللقاح لاحقاً فعالية بنسبة 90% لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً. مما دفع وزارة الصحة الروسية إلى ترخيص إعطائه لهذه الفئة العمرية في 26 ديسمبر الماضي.
اللقاح والمناعة ضد كوفيد-19
عندما يتلقّى شخص ما اللقاح، فإن من المحتمل جداً أن يتمتع بالحصانة ضد المرض المستهدف. ولكن لا يمكن تطعيم الجميع؛ فقد يتعذّر على الأشخاص المصابين باعتلالات صحية كامنة تسببت في إضعاف جهازهم المناعي أو الذين يعانون من حساسية شديدة لبعض مكونات اللقاحات تلقّي لقاحات معينة. ولا يزال من الممكن حماية هؤلاء الأشخاص إذا كانوا يعيشون بين أشخاص آخرين تلقّوا التطعيم. وعندما يتلقّى عدد كبير من أفراد المجتمع المحلي اللقاح، فإنه سيصعب على العامل الممرض الانتشار لأن معظم الأفراد الذين يتعرضّون له يتمتعون بالمناعة. وهكذا، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يتلقّون اللقاح، قلّ احتمال تعرّض الأشخاص الذين تتعذّر حمايتهم باللقاحات لخطر العوامل الممرضة الخطيرة.
لذا توصي منظمة الصحة العالمية بأخذ اللقاحات المرخصة؛ لأن “التطعيم لا يحميك وحدك، وإنما يحمي أيضاً أفراد المجتمع المحلي الذين يتعذّر تطعيمهم. فلا تتردد في تلقّي التطعيم إذا تسنّى لك ذلك”.
وعلى الرغم من عدم توافر بيانات كاملة حول مدة الحصانة التي توفرها لقاحات كورونا، فإنه من المثبت علمياً الآن أن هذه اللقاحات ستخفض من احتمال معاناتك من التأثيرات الخطيرة لكوفيد-19. وتبعاً لنوع اللقاح الذي تأخذه، قد يحتاج الجسم إلى أسبوع أو اثنين بعد الجرعة الأولى من اللقاح لبناء حماية جزئية ضد فيروس كورونا، وتصل هذه الحماية إلى فعاليتها القصوى بعد تلقي الجرعة الثانية.
لكن، حتى بعد تلقيك اللقاح، ما زال من غير المؤكد ما إذا كان ممكناً أن تصاب بكوفيد-19 وتنقله للآخرين. لذا، وريثما يتم التحقق من ذلك، يجب أن نحافظ على التزامنا بالإجراءات الاحترازية المعمول بها للحد من انتشار الوباء مثل التباعد الاجتماعي، وغسيل اليدين وتعقيمهما، وارتداء الكمامة.