كيف يشكل تطبيق تيك توك خطراً على أمان الأطفال الرقمي؟ وكيف يمكننا حمايتهم؟

5 دقائق
كيف يشكل تطبيق تيك توك خطراً على أمان الأطفال الرقمي؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

يعتبر تطبيق الفيديوهات القصيرة "تيك توك" (TikTok) واحداً من أهم تطبيقات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المراهقون والشباب، وأحد أشهر التطبيقات التي وجدت معدل تنزيل متصاعد في متاجر التطبيقات منذ إطلاقه في العام 2017، حيث وصل إلى ذروة انتشاره أثناء تفشي جائحة كورونا في العام 2020 بعدد مرات تنزيل وصل إلى مليار ونصف المليار.

وبينما يكتسب التطبيق شعبية بمرور الوقت، فقد يصبح من الصعب منع الأطفال من استخدامه بسبب جاذبية المحتوى المُقدّم، والرغبة في الوقت نفسه في نشر المحتوى وتحقيق الشهرة ودخل مالي مستقل.

ولكن هذا الأمر قد يأتي بمخاطر أمنية رقمية بالغة على هؤلاء الأطفال، فهل يجب أن يستخدم الأطفال والقاصرون التطبيق؟ وكيف يمكن جعله أكثر أماناً لهم؟

كيف تعمل خوارزمية التوصية في تيك توك؟

يقوم مستخدمو "تيك توك" بالتسجيل باستخدام رقم الهاتف أو عنوان البريد الإلكتروني أو حساب جهة خارجية مثل فيسبوك أو إنستقرام. بمجرد تسجيل الدخول يمكن للمستخدم البحث عن منشئي محتوى أو فئات أو علامات تصنيف مشهورة للعثور على مقاطع الفيديو.

كما يمكنه أيضاً استخدام جهات اتصال الهاتف أو جهات اتصال حسابات التواصل الاجتماعي التي سجل به سابقاً للعثور على الأصدقاء الموجودين بالفعل في التطبيق. وهذا ليس كل شيء؛ بل يقوم التطبيق غالباً بالعمل نيابةً عن المستخدم في ترشيح المحتوى له بناءً على سجلات مشاهداته السابقة.

حيث إن اكتشاف المحتوى تلقائياً من أبرز التجارب الرئيسية التي يركز عليها التطبيق، ما يتيح انتشار مقاطع الفيديو بسرعة، وهذا يعود بشكل رئيسي إلى خوارزمية التوصية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مخصصة للمشاهدين والتي تظهر في موجز "من أجلك" (For You) في الصفحة الرئيسية لكل مستخدم.

اقرأ أيضاً: يوتيوب شورتس: يوتيوب تعلن رسمياً عن منتجها الجديد لمنافسة تيك توك

ما هي أبرز المخاطر الأمنية التي يشكلها تطبيق تيك توك على الأطفال؟

من المهم فصل المخاطر التي يسببها تطبيق تيك توك وتلك التي تسببها منصات التواصل الاجتماعي بشكل عام، حيث نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي عامةً تتمتع بسمعة أمنية سيئة، ولكن هناك أسباباً تجعل من تطبيق تيك توك على وجه الخصوص خطراً على أمن الأطفال الرقمي وتشمل:

  • التحديات التي تظهر بين الفينة والأخرى: والتي يُعتبر بعضها خطيراً للغاية، وبينما يعتقد الأطفال في كثير من الأحيان أنها متعة غير ضارة، يكون بعض هذه التحديات خطيراً ويمكن أن يضع الأطفال في مآزق قانونية وأخلاقية هم في غنى عنها.
  • المخاوف المتعلقة بالخصوصية: عندما يتعلق الأمر ببيانات المستخدم على التطبيق، ينبغي معرفة أن التطبيق وبشكل افتراضي يجمع الكثير من البيانات حول نشاط المستخدم وبدون إذنه. وهذا ما جلب للتطبيق غرامة في عام 2020 وصلت إلى 5.7 مليون دولار لانتهاكه قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت.
  • إمكانية استهداف الأطفال من قِبل مجرمي الإنترنت: وذلك لأن التطبيق يشجع على مشاركة المحتوى، وبالتالي فإن العديد من الأطفال قد يكونون متحمسين لعرض مواهبهم بدون أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة، وهذا يمكن أن يجعل من السهل على مجرمي الإنترنت استخدام الإطراء كوسيلة لجذب الأطفال واستمالتهم.
  • قد يصبح الأطفال ضحايا للتصيد الاحتيالي والتنمر: حيث يمكن لمجرمي الإنترنت إنشاء حسابات متعددة باستخدام أسماء مستعارة لاستهداف الآخرين، ويأتي تطبيق تيك توك في المرتبة الثالثة في قائمة أكثر منصات التواصل الاجتماعي التي تكثر فيها حالات التصيد الاحتيالي والتنمر.

اقرأ أيضاً: كيف يستغل مجرمو الإنترنت رموز الاستجابة السريعة؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطرها؟

ما هي الأذونات التي يطلبها تطبيق تيك توك؟

تعتبر عملية السماح لأي تطبيق بأذونات محددة للقيام بجميع وظائفه أمراً طبيعيّاً، حيث إن هناك تطبيقات تحتاج بشكل خاص إلى السماح لها بالوصول إلى الموقع الجغرافي للعمل بشكل كامل مثل تطبيقات توصيل الطلبات وتطبيقات الخرائط.

ولكن، يطلب تطبيق تيك توك أذونات ليس ضرورية للغاية، فعندما يقوم المستخدم بتثبيت التطبيق على هاتفه يجب أن يوافق على الفور على مجموعة من الأذونات للسماح للتطبيق بالعمل، بما في ذلك السماح بالوصول إلى الميكروفون والكاميرا وجهات الاتصال وخدمات الموقع والحافظة.

وبحسب دراسة تم إجراؤها في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي بجامعة بيس الأميركية فقد أظهر التحليل الثابت أن "التطبيق يستخدم أذونات تتجاوز متطلبات التطبيق واعتُبر الكثير منها عالي الخطورة"، وهذا يعني أن هناك فرصة لأن يقوم التطبيق بانتهاك خصوصية المستخدم.

وفي هذا الصدد يوضح الدكتور دارين هايز، مدير الأمن السيبراني والأستاذ المساعد في الجامعة نفسها: "نحن قلقون بشكل خاص بشأن الكمية الهائلة من البيانات الشخصية التي يتم جمعها حول المستخدم بنص عادي وتخزن بتنسيق غير مشفر على الجهاز".

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب أن تفعله لحماية خصوصيتك من تجسس إنترنت الأشياء؟

هل يعمل تطبيق تيك توك على حماية الأطفال حقاً؟

أنشأت الشركة المطورة للتطبيق إصداراً للمستخدمين الأصغر سناً -دون سن 13 عاماً- وأتى ذلك امتثالاً لقانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA) الذي يحد من البيانات التي يمكن أن تجمعها تطبيقات التواصل الاجتماعي للمستخدمين دون سن 13 عاماً.

ومن الناحية الفنية فإن التطبيق المخصص للمستخدمين الأصغر سنّاً مجرد من بعض الميزات فقط ولم تتم إعادة تصميمه بالكامل، وفي هذا الإصدار يمكن للطفل عرض المحتوى واستكشاف ميزات الفيديو، ولكن لن يُسمح له بإنشاء ملف تعريف أو تحميل أي شيء.

لا يمكنه أيضاً مشاركة مقاطع الفيديو أو التعليق على مقاطع الفيديو أو التفاعل مع مستخدمين آخرين، بينما يُسمح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً بالاستمتاع بميزات هذا الإصدار، مثل إنشاء ملف تعريف وإنشاء مقاطع فيديو ونشرها، ويمكن للأصدقاء فقط التعليق على مقاطع الفيديو.

ومع ذلك فإن ممارسات التطبيق في جمع البيانات هي نفسها الموجودة في الإصدار الموجه للبالغين، على سبيل المثال يجمع التطبيق تفاصيل التسجيل بما في ذلك الاسم وتاريخ الميلاد واسم المستخدم وكلمة المرور.

ويجمع التطبيق أيضاً بيانات حول جهاز الطفل، مثل عنوان IP وتفاصيل المتصفح والموقع، بالإضافة إلى تفاصيل نشاط التطبيق مثل الوقت الذي يقضيه الطفل في التطبيق، وعدد ساعات أو دقائق مشاهدة الفيديو، ومعلومات الاستخدام العامة.

اقرأ أيضاً: أبل تواجه مخاوف بشأن الخصوصية في التكنولوجيا التي ابتكرتها لمكافحة استغلال الأطفال

كيف تجعل تيك توك بيئة آمنة لطفلك؟

يمكن أن يكون ضمان سلامة الطفل على الإنترنت مهمة شاقة، فبعد كل شيء لماذا يهتم طفل يبلغ من العمر 11 عاماً بالخصوصية أو أمن البيانات؟ فهو في نهاية الأمر يريد فقط مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة على هاتفه.

ولكن الخبر السار هو أن الاهتمام بأمان الإنترنت يأتي مع التقدم في العمر، وبمرور الوقت سيبدأ الأطفال بتطبيق ممارسات الأمان الرقمي وحماية أنفسهم عبر الإنترنت، وفي غضون ذلك يمكنك البدء بتثقيفهم حول الأمان والخصوصية عبر الإنترنت. وذلك يأتي من خلال التعرف بنفسك على إعدادات تطبيق تيك توك وأي تطبيق آخر في أجهزتهم، والتأكد من أن هذه الإعدادات محسّنة وقادرة على حماية خصوصيتهم ومعلوماتهم وبياناتهم الشخصية بقدر الإمكان.

وضمن إعدادات الأمان في تطبيق تيك توك هناك ثلاث أدوات رقابة أبوية رئيسية يمكنها مساعدتك على إنشاء تجربة أكثر أماناً لأطفالك، ويتطلب كل عنصر من أدوات الرقابة الأبوية رمز مرور، وهذا من شأنه أن يضمن عدم تمكن الطفل من تغيير إعدادات أدوات الرقابة الأبوية بمجرد تعيينها، والأدوات هي:

  • إدارة وقت الشاشة: تتيح لك هذه الأداة إدارة زمن استخدام الطفل للتطبيق من خلال الاختيار بين 40 أو 60 أو 90 أو 120 دقيقة من الاستخدام في اليوم، وإذا وصل المراهق إلى الحد المسموح به فعليه إدخال رمز المرور لمواصلة الاستخدام.
  • وضع تقييد المحتوى: تتيح لك هذه الأداة منع المحتوى غير اللائق من الظهور في الصفحة الرئيسية لحساب طفلك، حيث تقوم الأداة بإجبار خوارزميات التوصية على استبعاد المحتوى الموجه للكِبار من الظهور للمستخدمين الأصغر سناً.
  • الاقتران العائلي: تمنح هذه الميزة الآباء مزيداً من الخيارات لإدارة حساب الطفل مثل التحكم في إعدادات وقت الشاشة، تفعيل الوضع المقيد، وخيارات الدردشة المباشرة، وما إذا كان الحساب خاصاً أم عاماً.

اقرأ أيضاً: الرموز غير القابلة للاستبدال: مصدر لكسب الأموال أم فخ منصوب؟

وأخيراً، يبذل القائمون على تطوير تطبيق "تيك توك" الكثير من الجهود للحفاظ على أمان الأطفال، ومع ذلك فإن الإشراف الأبوي أمر ضروري للغاية لمعرفة ما يفعله الأطفال على التطبيق.

وعلى الرغم من وجود مخاوف بشأن التطبيق، إلا أنها ليست كلها سيئة، ومعظمها تتعلق بقضايا الأمن القومي والخشية من جمع الصين بيانات المستخدمين واستخدامها بطرق غير مشروعة وغيرها، ولكن عند استخدامه ضمن قيود معينة يمكن أن يوفر التطبيق تجربة استخدام إيجابية للطفل.

المحتوى محمي