لماذا لن تستبدل السيارات الكهربائية بالسيارات الهجينة في المستقبل القريب؟

7 دقائق
لماذا لن تستبدل السيارات الكهربائية بالسيارات الهجينة في المستقبل القريب؟
ستيفاني أرنيت/إم آي تي تي آر، إنفاتو

ربما تكون نهاية السيارات كما نعرفها قريبة.

للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمي عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية، حددت الدول المشاركة في اتفاقية باريس لعام 2015 عام 2050 موعداً نهائياً للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري للغازات الدفيئة. يعني ذلك أن أغلبية المركبات التي تعمل بالبنزين ستتوقف عن العمل بحلول ذلك الوقت. ونظراً لأن عمر السيارات يتراوح عادة بين 15 و20 سنة، فإن الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري عام 2050 سيتطلب على الأرجح إيقاف إنتاج السيارات التي تعمل بالبنزين بعد عام 2035 تقريباً.

أعلنت العديد من شركات تصنيع السيارات الكبيرة، مثل جي إم (GM) وفولفو (Volvo) عن خططها لإنتاج السيارات الكهربائية حصراً بحلول عام 2035 أو قبله، كتحضير لهذا التحول في السوق. ولكن لن تطبق جميع الشركات المصنّعة للسيارات الإجراءات نفسها.

اقرأ أيضاً: كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟

على سبيل المثال، أوضحت شركة تويوتا (Toyota)، وهي أكبر شركة مصنّعة للسيارات في العالم حالياً، أنها تخطط لعرض مجموعة واسعة من الخيارات التي تشمل مركبات خلايا الوقود الهيدروجيني بدلاً من التركيز بشكل كامل على السيارات الكهربائية. قال متحّدث رسمي باسم هذه الشركة لموقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو، إن تويوتا تركّز على إيجاد طرق لخفض انبعاثات الكربون بسرعة بدلاً من التركيز على عدد السيارات التي يمكنها بيعها من فئة معينة.

استمرت الشركة بإصدار مركبات هجينة جديدة مثل السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء التي يمكن أن تقطع مسافات قصيرة باستخدام الطاقة الكهربائية المخزّنة في بطارية صغيرة. في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أصدرت شركة تويوتا طراز بريوس برايم (Prius Prime) لعام 2023، وهي سيارة كهربائية هجينة.

انتقدت بعض مجموعات الناشطين المهتمين بالبيئة الشركة على بطئها في تبنّي تكنولوجيا السيارات الكهربائية. ويحاجج هؤلاء أنه للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري، فسنحتاج استخدام السيارات الكهربائية بشكل كامل (غير الهجينة)، وكلما حدث ذلك بسرعة أكبر كان ذلك أفضل.

لكن في مقابلات حديثة، أثار الرئيس التنفيذي لشركة تويوتا، آكيو تويودا (Akio Toyoda)، الشكوك حول قدرة قطاع السيارات على التخلي عن الوقود الأحفوري بسرعة، ووصف الهدف الذي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه والمتمثّل في جعل نسبة السيارات الكهربائية المباعة 50% من جميع السيارات الجديدة بحلول عام 2030 بأنه "مهمة صعبة". على الرغم من أن شركة تويوتا تخطط لإيصال مبيعاتها من السيارات الكهربائية إلى 3.5 مليون سيارة بحلول عام 2030 (أو 35% من مبيعاتها السنوية)، فإنها تعتقد أن السيارات الهجينة هي خيار ميسور التكلفة سيرغب العملاء به، وأن هذه السيارات ستؤدي دوراً بالغ الأهمية في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة.

اقرأ أيضاً: كيف سيكون تأثير السيارات الكهربائية على أنظمة الطاقة العالمية؟

قصة هَجينتين

هناك فئتان من المركبات التي يطلق عليها اسم المركبات الهجينة. تحتوي السيارات الكهربائية الهجينة التقليدية على بطارية صغيرة تدعم المحرّك الذي يعمل بالبنزين من خلال إعادة استخدام الطاقة التي تستهلك خلال القيادة، مثل تلك التي تُصرف على الكبح والتي تضيع عادة. لا تستطيع هذه السيارات أن تقطع مسافة تتجاوز 3.2 كيلومتر باستخدام طاقة البطارية، وستكون بطيئة أيضاً في قطع هذه المسافة.

بدلاً من ذلك، تساعد البطارية في زيادة المسافة التي يمكن للسيارة قطعها باستخدام البنزين، ويمكن أيضاً أن تعزز العزم الدوراني للمحرّك. تعتبر طرازات تويوتا بريوس الأولى من أكثر السيارات الهجينة التقليدية شيوعاً.

من ناحية أخرى، تحتوي السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء على بطاريات أكبر بنحو 10 مرات من نظيرتها في السيارات الهجينة التقليدية، ويمكن وصل هذه البطاريات بشبكة الكهرباء وشحنها. يمكن أن تقطع هذه السيارات مسافة تتراوح بين 40 و80 كيلومتراً باستخدام طاقة البطارية، وستنتقل لاستخدام طاقة المحرك الذي يعمل بالبنزين لقطع مسافات أطول. ينتمي طراز بريوس برايم الذي أطلق عام 2012 إلى فئة السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء.

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا الرقمية تمهّد الطريق لمستقبل نقل مستدام وصديق للبيئة

تعتبر السيارات الكهربائية الهجينة التقليدية أكثر شيوعاً في الولايات المتحدة من السيارات الكهربائية بشكل كامل والسيارات الكهربائية الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء، لكن مبيعات السيارات الكهربائية ازدادت بسرعة خلال السنوات القليلة الماضية.

يعتبر تأثير السيارات الهجينة في المناخ مباشراً وواضحاً، إذ إن الانتقال من استخدام سيارة تعمل بالبنزين بشكل كامل إلى سيارة هجينة من نفس الطراز سيقلل من الانبعاثات بنسبة 20% في أثناء القيادة.

يمكن أن تسبب السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء بانخفاض أكبر في الانبعاثات، إلا أن تحديد مساهمتها في التخفيف من آثار التغيّر المناخي قد يكون صعباً. يقول الباحث في المجلس الوطني للنقل النظيف، جورج بيكر (Georg Bieker)، إن ذلك يعتمد بشكل أساسي على عادات القيادة والشحن التي يتبعها المستخدمون.

ما لا يثير الدهشة هو أن السيارات الكهربائية تنتج كمية أقل من الكربون في حياتها من نظيراتها التي تعمل بالبنزين. يُعزى جزء كبير من الانبعاثات الناجمة عن قطاع المركبات الكهربائية إلى عمليات التصنيع، وخاصة إنتاج البطاريات. يعتمد إجمالي الانبعاثات الناجمة عن هذا القطاع أيضاً على مصادر الطاقة الكهربائية المستخدمة في شحن البطاريات.

اقرأ أيضاً: تعرف على سيارات الميثانول: البديل الذي تراهن عليه الصين ليحل محل محركات الوقود الأحفوري

تنتج السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة انبعاثات أقل بنسبة 60-68% من المركبات التي تعمل بالبنزين. وتتراوح هذه النسبة في الدول الأوروبية بين 66 و69%. بينما تتراوح هذه النسبة في الصين، حيث يتم تزويد جزء أكبر من شبكة الكهرباء بالطاقة باستخدام الفحم شديد التلويث بين 37 و45% فقط.

من المتوقع أن يزداد التفاوت بين كمية الانبعاثات الناجمة عن قطاع السيارات التي تعمل بالوقود والسيارات الكهربائية مع زيادة نسبة تزويد شبكة بالكهرباء بالطاقة المتجددة على حساب الوقود الأحفوري مثل الفحم. على سبيل المثال، من المحتمل أن تنتج السيارات الكهربائية التي سيتم إصدارها في الصين بحلول عام 2030 كمية من الانبعاثات على مدى حياتها أقل بنسبة 64% من السيارات التي تعمل بالوقود، وذلك مقارنة بالنسبة القصوى السائدة اليوم والتي تبلغ 45%.

يمكن أن تتسبب السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء بتقليل لا يستهان به في الانبعاثات أيضاً، إذ يمكن أن تصل نسبة الانخفاض إلى 46% (مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين) في الولايات المتحدة.

يقول بيكر إن الفرق بين السوق الأميركي والأسواق الأخرى من ناحية تأثير السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء في المناخ يكمن في عادات السائقين بشكل أساسي. تتمتع السيارات التي تعمل بالبنزين في الولايات المتحدة باستهلاك أكبر للوقود، لذلك فإن تأثير الانتقال إلى استخدام السيارات الكهربائية سيكون أكبر.

تعتبر عادات القيادة والشحن مسألة أساسية في الجدل القائم حول السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء، إذ تعتمد آثار هذه السيارات في المناخ على كيفية استخدامها. في الحالة المثالية، يمكن أن تستخدم هذه السيارات الطاقة الكهربائية في أثناء قطع معظم المسافات التي تقطعها. وفقاً لمحلل الطاقة والبيئة في مختبر أرغون الوطني، ديفيد غولكا (David Gohlke)، تتمتع معظم السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء بمدى يتراوح بين 48 و80 كيلومتراً، وهو يكفي لتحركات العديد من الأشخاص بين العمل والمنزل.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤثر زيادة مبيعات السيارات الكهربائية على الطاقة والمواد الخام والأراضي؟

يقول غولكا: "لا أعتبر طريقة استخدامي لهذه السيارات نموذجية، لكن سيارتي الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء تلبي حاجاتي لتسعة أشهر في السنة". يشحن غولكا سيارته كل يوم عندما يعود إلى المنزل، ويوفّر له ذلك ما يكفي من الطاقة لينتقل من منزله إلى العمل ثم إلى منزله مجدداً. وفقاً لغولكا، يمكن أن يقلل الطقس البارد من مدى السيارات الكهربائية. لذلك، فسيارته تستهلك كمية أكبر من البنزين في فصل الشتاء.

مع ذلك، يمكن أن تختلف العادات بين سائقي السيارات الهجينة كثيراً. يقول رئيس قسم المركبات الخفيفة في المجلس الوطني للنقل النظيف، زيفي يانغ (Zifei Yang): "هناك فجوة كبيرة بين ما تنص عليه القوانين التنظيمية والأداء الحقيقي للسيارات". على الرغم من أن بعض تقديرات الاتحاد الأوروبي الرسمية تنص على أن السائقين يستخدمون الكهرباء في نحو 70-85% من المرات، تُظهر البيانات المبلغ عنها ذاتياً أن هذه النسبة تتراوح بين 45 و50% تقريباً. يتبّع السائقون في الولايات المتحدة عادات شحن مشابهة لعادات غولكا.

مستقبل السيارات الهجينة

تم تطبيق إعفاءات ضريبية جديدة على كل من السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية في قانون الحد من التضخم الذي تم إقراره مؤخراً في الولايات المتحدة، وذلك بشرط أن تفي هذه الفئات من السيارات بمتطلبات تتعلق بالسعر والتصنيع المحلي.

لكن في الأسواق الكبيرة الأخرى، تدفع السياسات إلى تفضيل السيارات الكهربائية على السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء. بدأت بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا في إلغاء أشكال الدعم للسيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء. يقول يانغ: "في الصين، تعتبر أشكال الدعم لهذه السيارات أقل من نظائرها الخاصة بالسيارات الكهربائية، وإن الحصول عليها يتطلب أن يكون مدى السيارة قريب من 80 كيلومتراً".

تعكس السياسات المختلفة التفاوتات في سلوكيات المستهلكين. على وجه الخصوص، لا يزال الكثير من الأميركيين مترددين في شراء السيارات الكهربائية.

يقول الباحث في المختبر الوطني للطاقة المتجددة، مارك سنغر (Mark Singer)، إن عدم القدرة على شحن السيارات الكهربائية بالإضافة إلى أن المخاوف المتعلقة بمداها من بين الأسباب الرئيسية التي تجعل المستهلكين الأميركيين يقولون إنهم لن يأخذوا شراء سيارة كهربائية بعين الاعتبار. يضيف سنغر قائلاً إن هذه المخاوف جعلت بعض المستهلكين أكثر تقبلاً للسيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء مقارنة بالسيارات الكهربائية.

اقرأ أيضاً: ما مدى تأثير السيارات الكهربائية وذاتية القيادة على حياتنا؟

في الولايات المتحدة، هناك ما يزيد على 6 آلاف محطة شحن سريع ونحو 50 ألف موقع يحتوي على شواحن للمركبات الكهربائية، وذلك بدءاً من نهاية عام 2021. للمقارنة، هناك نحو 150 ألف محطة وقود للسيارات التي تعمل بالبنزين. لا تزال القدرة على شحن السيارات الكهربائية من مصادر القلق الرئيسية بالنسبة للعديد من السائقين، وخصوصاً الذين يقودون سياراتهم على الطرق السريعة بين الولايات، حيث توجد 6% فقط من محطات الشحن.

اليوم، يمكن أن تصل المسافة بين محطات الشحن السريع إلى مئات الكيلومترات، وخصوصاً في المناطق الريفية من البلاد. لكن هذا الوضع يتغير بسرعة، إذ إن العدد الإجمالي لمحطات الشحن تضاعف خلال السنوات الأخيرة الماضية في الولايات المتحدة، وسيستمر دعم نمو هذه الشبكة بالتمويل الفيدرالي المتجدد.

التخلّي عن استخدام محركات الاحتراق الداخلي بدأ بالفعل. ومبيعات السيارات الكهربائية تستمر بالازدياد، إذ إنها وصلت لنسبة 10% من المبيعات العالمية في عام 2022. لكن هذا الوضع لا ينطبق في جميع دوال العالم. إذ تبلغ هذه النسبة في الصين 19%، وهي تقترب من ضعف الوسطي العالمي، بينما بلغت في الولايات المتحدة 5.5% فقط.

حظر الاتحاد الأوروبي مؤخراً بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين، ويشمل ذلك السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء وأي مركبات أخرى تحرق الوقود الأحفوري، وسيتم البدء في تطبيق هذا الحظر في عام 2035. سنّت كل من ولايتي كاليفورنيا ونيويورك حظراً مشابهاً سيدخل حيز التنفيذ في عام 2035 أيضاً، إلا أنه سيُسمح ببيع بعض أنواع السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء هناك.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع الشبكة الكهربائية الحالية تشغيل الشاحنات الكهربائية الثقيلة؟

لن تتبع جميع الدول الآليات نفسها لإزالة الكربون من وسائل النقل. سيبيّن الزمن الدور الذي تؤديه السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء في هذه الآليات، وخاصة على المدى القريب وفي الأسواق التي لم يتم تطبيق قواعد تنظيمية صارمة حول مستقبل مبيعات السيارات فيها.

حتى إذا كانت التخفيضات البسيطة نسبياً للانبعاثات والتي تسهم بها السيارات الهجينة لا تتوافق مع الأهداف المناخية المتفق عليها، قد يستمر المستهلكون في اللجوء إلى هذه السيارات، على الأقل في المستقبل القريب. تراهن شركة تويوتا على أن السيارات الهجينة القابلة للوصل بالكهرباء، بالإضافة إلى طرازات السيارات الهجينة التقليدية الأخرى، ستلقى القبول بين المستهلكين. ومن الصعب الادعاء أن أكبر شركة سيارات في العالم لا تعرف كيف تسوّق منتجاتها.

المحتوى محمي