في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، غيرت شركة فيسبوك اسمها إلى ميتا (Meta)، السبب وراء هذا التغيير هو التأكيد على أهمية مشروع الشركة الجديد المعروف باسم ميتافيرس (Metaverse)، والذي ينظر إليه الخبراء كأكبر التطورات في عالم التكنولوجيا، وفيه سيكون هناك عوالم افتراضية عديدة يمكن للمستخدمين الدخول إليها والتفاعل فيها كما يحلو لهم.
تقوم شركة ميتا والعديد من الشركات العالمية بتطوير عالم الميتافيرس، ويمكن الآن استخدام منصات مثل "ديسنترلاند" (Decentraland) لشراء أراضٍ افتراضية أو بناء منازل افتراضية أو حتى مدن افتراضية كاملة، كما استضافت منصة ديسنترلاند "أسبوع الميتافيرس للموضة" (MVFW) Metaverse Fashion Week، والذي شهد مشاركة الكثير من الشركات العالمية التي تصنع الأزياء والأحذية والإكسسوارات، حيث قدمت أحدث منتجاتها.
نظراً لازدياد الاهتمام في الميتافيرس، بدأت العديد من العلامات التجارية الكبرى في البحث عن طرق للاستفادة من هذا العالم الافتراضي في التسويق لمنتجاتها، ويبدو أن الاعتماد على مؤثرين افتراضيين (Virtual Influencers) سيكون في صلب اهتماماتها.
من هم المؤثرون؟
المؤثر هو أي شخص يمكنه أن يؤثر على آراء أو أفكار مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يتابعونه على مواقع التواصل الاجتماعي، ويستخدم مصطلح المؤثر بشكلٍ خاص في مجال التسويق الإلكتروني، أي يقوم بالترويج لمنتج أو خدمة ما أو يمكن أن ينتقد منتجاً أو خدمة ما. وأيضاً، يشمل عمل المؤثر نشر أخبار إيجابية أو سلبية عن المنتجات أو الخدمات. بهذه الطريقة، يلعب المؤثر دوراً فعالاً في زيادة أو خفض المبيعات.
حين يشارك أحد المؤثرين مقاطع الفيديو أو المنشورات عن تجاربه لمنتج ما، يحاول بعض متابعيه تقليده وشراء هذا المنتج الذي يروج له.
هناك عشرات الآلاف من المؤثرين حول العالم، يتراوح عدد متابعيهم من عدة آلاف إلى عشرات الملايين، وهم يستخدمون مواقع مثل إنستقرام (Instagram) وفيسبوك (Facebook) وتويتر (Twitter) ويوتيوب (YouTube) وسناب شات (Snapchat) وتيك توك (TikTok)، ولديهم متابعين من مختلف دول العالم، خاصةً من فئة الشباب.
المؤثر إذاً هو شخص عادي، أي إنسان يعيش في العالم الحقيقي، لكن مع ظهور عالم الميتافيرس وتطور الواقع الافتراضي، ظهر مؤثرون افتراضيون أيضاً.
اقرأ أيضاً: الشخصيات الرقمية في الميتافيرس: المجال الجديد للتشوه الجسمي على الإنترنت
المؤثرون الافتراضيون
بحسب موقع Virtual Humans، وهو موقع إلكتروني يتابع المؤثرين الافتراضيين، هناك أكثر من 150 مؤثراً افتراضيّاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
معظم المؤثرين الافتراضيين المشهورين موجودون فقط على إنستقرام. وبحسب تقرير صدر عام 2021 عن مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center)، فإن 3 منصات للتواصل الاجتماعي هي إنستقرام وسناب شات وتيك توك تحظى بمتابعة الكثير من الشباب. هذا التقرير يعني أن عمل المؤثرين الافتراضيين موجه بشكل أكبر لفئة الشباب.
معظم المؤثرين الافتراضيين يشبهون البشر في المظهر، لأن المتابعين ينجذبون إلى ذلك، حيث يخلط المتابع بين الشخصيات الافتراضية والشخصيات الحقيقيين. وعادةً ما يقوم المؤثرون الافتراضيون بمشاركة الأشياء التي يفعلها الأشخاص الحقيقيون، مثل تناول الطعام أو الرقص أو التسوق.
اقرأ أيضاً: تعرف على تاريخ الميتافيرس: عن تكنولوجيات سبقت ما نعرفه بكثير
أشهر المؤثرين الافتراضيين في العالم
ليل ميكيلا Lil Miquela
أشهر المؤثرين الافتراضيين هي ليل ميكيلا. ظهرت هذه المؤثرة لأول مرة على إنستقرام في أبريل/نيسان 2016، ولديها أكثر من 3 ملايين متابع حالياً. هذا دليل على مدى شعبية الشخصيات الافتراضية المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تقدم ليل ميكيلا نفسها كفتاة تعيش في مدينة لوس أنجلوس وتبلغ من العمر 19 عاماً، ولم تكبر أبداً منذ ظهورها أول مرة، لأنها فتاة افتراضية. صنفتها مجلة "تايم" (TIME) الأميركية عام 2018 من ضمن أكثر 25 شخصية مؤثرة على شبكة الإنترنت.
ميكيلا هي من ابتكارات شركة برود (Brud) التي يقع مقرها في لوس أنجلوس ولا يُعرف عنها الكثير.
تظهر ميكيلا في صور وفيديوهات متنوعة كشخصية ذات ملامح برازيلية وإسبانبة، وهي تسعى لتحقيق أحلامها الموسيقية في لوس أنجلوس.
تعود شعبيتها في الأصل لأنها روّجت لعلامات أزياء رئيسية مثل "برادا" (Prada)، كما ظهرت صور لها وهي تشارك في مهرجان وادي كوتشيلا للموسيقى والفنون (Coachella Valley Music and Arts Festival)، ودعمت حركة "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter). وفي عام 2019، تصدرت ميكيلا عناوين الصحف عندما قبلت بيلا حديد في إعلان لكالفن كلاين.
View this post on Instagram
إيما Imma
أعلنت دار الأزياء الألمانية "هوغو بوس" (Hugo Boss) أن اثنين من المؤثرين الافتراضيين هما "إيما" (Imma) و"نو بودي سوسج" Nobody Sausage، سيكونان جزءاً من حملتها التسويقية لربيع وصيف 2022. إيما هي فتاة افتراضية ذات ملامح آسيوية مهتمة بالثقافة والفن الياباني.
View this post on Instagram
نو بودي سوسج هي شخصية افتراضية على شكل نقانق ملونة. وتمتلك هذه الشخصية أكثر من 3.6 مليون متابع على إنستقرام.
View this post on Instagram
روزي Rozy
روزي هي واحدة من أشهر المؤثرين الافتراضيين الآسيويين على وسائل التواصل الاجتماعي. تم إنشاؤها من قبل شركة الوسائط الكورية "سيدوس ستوديو إكس" (Sidus Studio X) وظهرت لأول مرة في عام 2020. تعتبر أول شخصية افتراضية مؤثرة في كوريا الجنوبية.
تصف روزي نفسها بأنها شابة تبلغ من العمر 22 عاماً، وهي مثل غيرها من الشخصيات الافتراضية، لم تكبر أبداً منذ إنشائها. ونشرت مؤخراً صوراً للاحتفال بعيد ميلادها الـ 22 على إنستقرام.
View this post on Instagram
ديزي Daisy
ديزي هي شخصية أنشأها القائمون على موقع "يووكس" (Yoox) لبيع الأزياء الإيطالية الفاخرة، وتعرف عن نفسها بأنها فتاة من مدينة ميلانو الإيطالية وتعيش حياة راقية.
على غرار ليل ميكيلا، ظهرت ديزي في العديد من الحملات الإعلانية أبرزها كالفن كلاين وتومي هيلفيغر.
View this post on Instagram
مايا Maya
مايا هو من ابتكار شركة بوما (Puma) الألمانية التي تصمم وتصنع الأحذية والملابس والإكسسوارات الرياضية. تم إنشاء الشخصية في عام 2020 وتصف نفسها بأنها عارضة أزياء من جنوب شرق آسيا. هذه الشخصية هي التي أطلقت حذاء "بوما رايدر" (Puma Rider).
View this post on Instagram
المؤثرون الافتراضيون في الميتافيرس
حتى الآن، جميع المؤثرين الافتراضيين المشهورين موجودون على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن يمكن أن يتغير ذلك قريباً، وقد تتحول هذه الشخصيات الافتراضية إلى عالم الميتافيرس ليستطيع الناس العاديون إنشاء نسخ افتراضية من أنفسهم والتفاعل معهم.
فمن خلال بعض التقنيات مثل الشاشة الخضراء وكاميرات التقاط الحركة وبرامج النمذجة ثلاثية الأبعاد، يمكن إنشاء نسخة افتراضية لأي شخص تكون مطابقة تماماً لشكله وطريقة حركته، ويقوم حاليّاً العديد من الأشخاص من حول العالم بإنشاء نماذج افتراضية لأنفسهم كي يصبحوا مؤثرين.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز التحديات التي تواجه عالم الميتافيرس؟
لا يزال عالم الميتافيرس قيد التطوير. هذا يعني أن تأثير هذه الشخصيات الافتراضية لن تظهر فعاليته إلا بعد عدة سنوات.
لكن أكبر العلامات التجارية في العالم متفائلة وتريد الاستفادة من المؤثرين الافتراضيين الأكثر متابعة لتسويق منتجاتها وخدماتها، ولتصل هذه المنتجات والخدمات إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين، الذين يشكل جيل الشباب معظمهم.
لكن ما يجب أن نعرفه جميعاً أن هذه الشخصيات الافتراضية ليست مستقلة ولا يمكن أن تقوم بأي شيء من تلقاء نفسها، وكل ما تقوم به ويتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي هو في الواقع عروض تم تصميمها بعناية من قبل الأشخاص أو الشركات التي أنشأت هذه الشخصيات.