مع تسارع التقدم التكنولوجي، أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي أساسياً في مختلف جوانب حياتنا. من أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تمتلك القدرة على إنشاء أي شكل من أشكال المحتوى من أوامر بسيطة، إلى الأجهزة المنزلية الذكية المتطورة التي تتعلم عاداتنا وتفضيلاتنا وتتكيف معها.
لكن ذلك يترافق مع تزايد حجم البيانات التي نولدها ونشاركها عبر الإنترنت، من هنا ظهرت المخاوف المتعلقة بالخصوصية كقضايا ملحة تتطلب الاهتمام.
في هذه المقال، سنناقش تحديات الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي، والتدابير التي يمكن للأفراد والشركات والحكومات تنفيذها لحماية الخصوصية.
اقرأ أيضاً: 10 من أفضل الطرق لتعزيز خصوصيتك على الإنترنت
تحديات الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي
فيما يلي أبرز 6 تحديات تتعلق بالخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي:
1. انتهاك الخصوصية
في حين أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تجلب مجموعة واسعة من المزايا، فإن تنفيذها يطرح أيضاً العديد من التحديات الكبيرة. أحد أهم المخاوف هو إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق تنتهك الخصوصية الفردية.
تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات الشخصية غالباً، وقد يؤدي سوء استخدام هذه البيانات من قبل أطراف غير مصرح لها إلى أنشطة ضارة مثل سرقة الهوية أو المضايقات على الإنترنت.
2. التحيز والتمييز
تشكل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تحدياً كبيراً بسبب التحيز والتمييز. إذ ترث الخوارزميات التحيزات الموجودة في البيانات التي يتم تدريبها عليها، ما يؤدي إلى قرارات تمييزية بناءً على عوامل مثل العرق أو الجنس أو الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية.
قد تظن أن التحيز والتمييز ليسا مهمين بالنسبة للخصوصية، لكن يجب أن تعلم أن التحيز والتمييز يشير إلى اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي على مصادر مختلفة للبيانات، بما في ذلك محتوى مواقع الويب ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي. هذه البيانات يمكن أن تكشف عن معلومات حساسة حول الأفراد، بما في ذلك العرق والجنس والدين والمعتقدات السياسية.
اقرأ أيضاً: جوجل تَعِد بتسهيل حماية الخصوصية
3. فقدان الوظائف
يفرض اعتماد الذكاء الاصطناعي مجموعة من التحديات، أحدها هو احتمال تسريح عدد كبير من الموظفين، فقد أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على أداء بعض المهام مثل البشر أو أفضل منهم.
إن مسألة فقدان الوظائف ترتبط بالخصوصية بشكل عميق. فسعي الأفراد للعثور على وظائف جديدة يمكن أن يؤثر على خصوصيتهم. حيث تستخدم بعض الشركات خوارزميات الذكاء الاصطناعي لفحص المتقدمين للوظائف، وتقييم نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي وسلوكهم على الإنترنت لتقييم مدى ملاءمتهم لأدوار محددة. تثير هذه الممارسة مخاوف بشأن دقة البيانات المستخدمة وتساؤلات حول الخصوصية، فقد لا يكون الباحثون عن عمل على علم بأن بياناتهم يتم جمعها واستخدامها بهذه الطريقة.
4. تحديات أخلاقية
أثارت التطورات الأخيرة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مخاوف كبيرة بشأن ممارسات إساءة استخدام البيانات والآثار المترتبة على الخصوصية. إحدى القضايا الأكثر إلحاحاً هي احتمال إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من قبل جهات ضارة لإنشاء صور ومقاطع فيديو مزيفة ومقنعة للغاية، والتي يمكن استخدامها لنشر معلومات مضللة أو التلاعب بالرأي العام. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء هجمات تصيد معقدة، وخداع الأفراد للكشف عن معلومات حساسة أو النقر على الروابط الضارة.
يشكل إنشاء ونشر الوسائط المزيفة مخاوف خطيرة تتعلق بالخصوصية. غالباً ما تعرض الوسائط المزيفة أشخاصاً حقيقيين ربما لم يوافقوا على استخدام صورتهم بهذه الطريقة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى مواقف يتضرر فيها الأفراد، من خلال نشر معلومات كاذبة أو ضارة عنهم مثلاً.
على سبيل المثال، يمكن مشاركة مقطع فيديو مزيف تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لشخص ينخرط في سلوك منافٍ للأخلاق، ما يتسبب في ضرر كبير لسمعته. مثل هذه الأفعال لا تنتهك خصوصية الشخص فحسب، بل يمكن أن تسبب ضرراً نفسياً كبيراً.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر الخصوصية التي تهددك على إنستغرام؟ وكيف تواجهها؟
5. قوة شركات التكنولوجيا الكبرى
اليوم، تتمتع شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وأمازون وميتا بإمكانية الوصول إلى كميات هائلة من البيانات الشخصية الخاصة بالأفراد، ما يمنحها قوة غير مسبوقة للتأثير على سلوك المستخدمين وتشكيل الاقتصاد العالمي. كما أنها تشارك بشكل متزايد في السياسة، حيث إن لديها القدرة على التأثير على الرأي العام وتشكيل سياسة الحكومة.
مع هذه القوة، تأتي مسؤولية كبيرة. يجب أن تتحلى شركات التكنولوجيا الكبرى بالشفافية فيما يتعلق بممارسات البيانات الخاصة بها وحماية خصوصية المستخدمين والتأكد من استخدام البيانات التي تجمعها بشكل أخلاقي ومسؤول. يتعين عليها أيضاً أن تعمل على ضمان أن تكون منصاتها شاملة ومتاحة للجميع بدلاً من أن تخضع لسيطرة مجموعة صغيرة من اللاعبين الأقوياء.
6. المراقبة باستخدام الذكاء الاصطناعي
في حين أن أنظمة المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تبشر بالخير وتعزيز إنفاذ القانون والأمن، فإنها تحمل أيضاً مخاطر محتملة على الخصوصية والحريات المدنية.
تستخدم هذه الأنظمة الخوارزميات لتحليل البيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك الكاميرات ووسائل التواصل الاجتماعي. يسمح هذا التحليل لوكالات إنفاذ القانون والأمن بمراقبة الأفراد وتوقع السلوك الإجرامي.
على الرغم من أن أنظمة المراقبة هذه تبدو ذات قيمة في مكافحة الجريمة والإرهاب، إلا أن المخاوف تنشأ فيما يتعلق بالخصوصية والحريات المدنية. ويعرب النقاد عن مخاوفهم من أن هذه الأنظمة يمكن أن تقيد الحريات وتؤدي لمراقبة الأفراد وأنشطتهم.
علاوة على ذلك، فإن استخدام أنظمة المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي غالباً ما يفتقر إلى الشفافية. قد لا يكون الأفراد على علم عندما تتم مراقبتهم أو لأي غرض. ويمكن أن يؤدي هذا الافتقار إلى الشفافية إلى تضاؤل الثقة في وكالات إنفاذ القانون والأمن، ما يخلق حالة من عدم الارتياح بين عامة الناس.
التغلب على تحديات الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي
بينما نواصل دمج الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، يجب أن تكون الخصوصية والاعتبارات الأخلاقية في طليعة أهدافنا.
يجب على الشركات والحكومات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي إعطاء الأولوية للخصوصية في تصميم وتنفيذ الأنظمة الخاصة بها، فالشفافية فيما يتعلق بجمع البيانات واستخدامها، واتخاذ تدابير قوية لحماية البيانات، وإجراء عمليات تدقيق منتظمة للتأكد من عدم التحيز والتمييز، والالتزام بالمبادئ الأخلاقية، كلها أمور بالغة الأهمية، وجعل هذه الاعتبارات من الأولويات يمكن أن يؤدي إلى بناء الثقة مع الناس.
اقرأ أيضاً: هل مفهوم الخصوصية حمال أوجه وقابل للتلاعب؟ الصين تثبت صحة ذلك
يتطلب ذلك اتباع أساليب متعددة الجوانب تتضمن التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد. يجب على الحكومات تنفيذ اللوائح التي تضمن توافق تطوير الذكاء الاصطناعي مع الخصوصية والاعتبارات الأخلاقية، ويجب على الشركات أن تعتبر الخصوصية من أولوياتها، وأن تنفذ سياسات صارمة لحماية البيانات، أخيراً، يعد تمكين الأفراد من التحكم في بياناتهم الشخصية أمراً بالغ الأهمية.
من خلال إعطاء الأولوية للخصوصية، واعتماد سياسات قوية لحماية البيانات، يمكننا ضمان تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي واستخدامها بطريقة مسؤولة. سيؤدي هذا في النهاية إلى مستقبل يتمكن فيه الأفراد من جني فوائد الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على حقهم الأساسي في الخصوصية.