أريد حقاً الحصول على لقاح لفيروس كورونا. فمثل العديد من الأميركيين، عانى أفراد من عائلتي وجيراني من المرض والوفاة بسبب هذا الفيروس الجديد. تعمل أختي ممرضة في جناح مخصص لمرضى كوفيد-19، وأريدها أن تتمكن من القيام بعملها بأمان. بصفتي محامياً في مجال الرعاية الصحية، لدي ثقة كبيرة في العلماء المتخصصين في إدارة الغذاء والدواء الأميركية الذين سيقررون في نهاية المطاف ما إذا كان يجب إصدار ترخيص للاستخدام الطارئ للقاح فيروس كورونا أم لا. لكنني قلق جداً بشأن ما يمكن أن يحدث في حال قيامهم بذلك.
تعدّ وتيرة أبحاث لقاح كوفيد-19 مذهلة، حيث يخضع أكثر من 200 لقاح محتمل للتطوير وفق مراحل مختلفة، بما في ذلك العديد من اللقاحات التي وصلت إلى التجارب السريرية من المرحلة 3، وذلك بعد عدة أشهر فقط من ظهور الفيروس ليشكل حالة طوارئ في مجال الصحة العامة على مستوى العالم. ولكن من أجل أن توافق إدارة الغذاء والدواء على لقاح، فلا بد من إكمال التجارب السريرية، وهي عملية تتضمن عادةً متابعة عشرات الآلاف من المشاركين لمدة ستة أشهر على الأقل، فضلاً عن قيام الوكالة بالتحقق من منشآت الإنتاج ومراجعة خطط التصنيع التفصيلية والبيانات المتعلقة باستقرار المنتج وتدقيق الكثير من البيانات التجريبية. ويمكن لهذه العملية أن تستغرق عاماً أو أكثر بسهولة.
لهذا السبب، تدرس إدارة الغذاء والدواء منذ أشهر حتى الآن معايير لاستخدام لقاح كوفيد-19 بشكل أولي بموجب ترخيص الاستخدام الطارئ، وذلك قبل أن تحصل الوكالة على جميع المعلومات المطلوبة عادةً للحصول على الموافقة الكاملة. وصرّحت على الأقل بعض الشركات المصنّعة التي تجري حالياً تجارب المرحلة 3 علناً عن نيتها طلب ترخيص للاستخدام الطارئ. وتخطط شركة فايزر للقيام بذلك في وقت لاحق من هذا الشهر في ضوء النتائج الأولية المثيرة التي توصل إليها اللقاح الخاص بها.
يسمح ترخيص الاستخدام الطارئ لإدارة الغذاء والدواء باستخدام المنتجات غير المعتمدة أثناء حالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة. وعلى الرغم من أن إدارة الغذاء والدواء قد أصدرت تراخيص الاستخدام الطارئ لأهداف تشخيص وعلاج الأمراض المُعدية الأخرى، مثل فيروس الأنفلونزا H1N1 وفيروس زيكا، إلا أنه لم يتم مطلقاً استخدام لقاح لدى المدنيين بموجب ترخيص الاستخدام الطارئ. تختلف اللقاحات عن المنتجات الطبية الأخرى من حيث استخدامها واسع النطاق وعند الأشخاص الأصحاء، وبالتالي فإن الشروط المطلوبة للموافقة على أحد اللقاحات صارمة.
في 22 أكتوبر، اجتمعت اللجنة الاستشارية للقاحات والمنتجات البيولوجية المرتبطة بها التابعة لإدارة الغذاء والدواء، وهي مجموعة من الخبراء الخارجيين الذين يقدمون المشورة لها بشأن اللقاحات، وذلك لمناقشة لقاحات كوفيد-19 للمرة الأولى. وقد تساءل بعض أعضاء اللجنة عما إذا كانت إدارة الغذاء والدواء قد حددت شروطاً صارمة بما يكفي لحصول اللقاحات على ترخيص الاستخدام الطارئ. كما أعرب الأعضاء عن العديد من المخاوف الهامة بشأن ترخيص اللقاحات بهذه الطريقة.
يتمثل أحد المخاوف في أنه بمجرد ترخيص اللقاح بهذه الطريقة، فقد تؤدي بعض الأسباب الأخلاقية والعملية إلى صعوبة إكمال التجارب السريرية التي تتضمن ذلك اللقاح (وبالتالي جمع المزيد من البيانات المتعلقة بالسلامة والبيانات الخاصة بالسكان للمجموعات المتأثرة بالوباء بشكل غير متناسب). ويمكن لذلك أيضاً أن يعيق قدرة العلماء على دراسة لقاحات أخرى محتملة لفيروس كورونا، التي قد تكون "أفضل" بطرق مختلفة من اللقاح الأول.
لكن الجانب الأكثر أهمية من وجهة نظري يتعلق بثقة الجمهور.
يحذر خبراء الصحة العامة من أن اللقاحات لا تحمي الناس، بل عمليات التطعيم هي التي تقوم بذلك. لذلك فإن اللقاح الذي لا يكتسب ثقة الجمهور بشكل كافٍ سيكون له قدرة محدودة على السيطرة على الوباء، حتى لو كانت فعاليته مرتفعة.
تُظهر بيانات مركز بيو للأبحاث تراجع الثقة في لقاح كوفيد-19 لدى جميع الأجناس والفئات العرقية والإثنية والأعمار والمستويات التعليمية، حيث عزى العديد من الأشخاص شكوكهم إلى السلامة ووتيرة الموافقة كعوامل رئيسية. وأظهرت كذلك المعلومات المقدّمة إلى اللجنة الاستشارية من قبل مؤسسة ريغان يودول حالة كبيرة من عدم الثقة في سرعة تطوير اللقاح، التي تأثرت على الأرجح بسبب التداخلات السياسية مع إدارة الغذاء والدواء والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ووعود بعض السياسيين بتوافر اللقاح قبل نهاية العام. كما أبدى الأشخاص غير البيض مخاوف إضافية بشأن أبحاث اللقاحات.
وبالنظر إلى التعليقات الكتابية والشفوية التي صدرت من كبرى الشركات المصنّعة للقاحات إلى اللجنة الاستشارية، يظهر أنها تدرك احتمال تضرر التجارب السريرية اللاحقة وتسعى للحصول على مشورة إدارة الغذاء والدواء بشأن معالجة ذلك. وعلى الرغم من أن هذه الاعتبارات مثيرة للقلق، إلا أنني أشك في إمكانية الوصول إلى استجابة عملية من قبل الشركات المصنعة وإدارة الغذاء والدواء. ولكن حتى لو حدث ذلك، لا تزال هذه الأداة غير مناسبة للقاحات بسبب مشكلة ثقة الجمهور المرتبطة بالترخيص للاستخدام الطارئ، الذي سمع عنه معظم الناس لأول مرة في قضية الهيدروكسي كلوروكين ومرة أخرى في سياق الجدل حول بلازما المتعافين.
بدلاً من ذلك، إذا كانت بيانات التجارب واعدة بما يكفي لضمان حصول بعض الأشخاص على لقاح كوفيد-19 قبل الموافقة عليه، فينبغي على إدارة الغذاء والدواء القيام بذلك وفق آلية تسمى "زيادة الوصول وتوسيع نطاقه". وفي حين تقوم عادةً إدارة الغذاء والدواء باستخدام هذه الآلية لإتاحة العلاجات التجريبية للمرضى الذين ليس لديهم علاج بديل، فقد تم استخدامها مع اللقاحات من قبل، ويمكن استخدامها الآن لتجنب التأثير على التجارب السريرية الجارية أو تعزيز فكرة عامة الناس عن تسريع اللقاح بسبب "حالة طارئة". يتم الإشراف أيضاً على برامج زيادة الوصول من قبل لجان الأخلاقيات ولها متطلبات متعلقة بموافقة المرضى المستنيرة وتفوق تلك المتطلبات المرتبطة بالمنتجات الحاصلة على الترخيص للاستخدام الطارئ.
يجب أن تكون ثقة الجمهور بلقاح كوفيد-19 كافية حتى يرغبوا في الحصول على الموجة الأولى من اللقاحات المرخصة، ولكن يجب أن تكون هذه الثقة مرنة بما يكفي لمقاومة العقبات المحتملة، مثل حماية أقل من 100% (وربما أقل من 50%)، أو آثار جانبية كبيرة (أو شائعات عنها)، أو احتمال سحب اللقاح. يستغرق هذا المستوى من الثقة وقتاً لإعادة بنائه إذا تزعزع. والمخاطر هنا ليست إبطاء هذا الوباء فحسب، وكما قال المسؤول الصحي البارز السابق آندي سلافيت مؤخراً: "إذا تمت بشكل صحيح، فإن اللقاحات تنهي الأوبئة. وإذا تمت بشكل خاطئ، فإن الأوبئة تنهي اللقاحات".
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء خاصة بالكاتب كلينت هيرميس وليست آراء أي مؤسسة ينتسب إليها، بما في ذلك المؤسسة التي يعمل فيها. ولا ينبغي تفسير المعلومات المعروضة في المقال على أنها مشورة قانونية.