كيف يستخدم مجرمو الإنترنت الذكاء الاصطناعي لإنشاء هويات مزيفة؟ وكيف تحمي نفسك؟

3 دقيقة
كيف يستخدم مجرمو الإنترنت الذكاء الاصطناعي لإنشاء هويات مزيفة؟ وكيف تحمي نفسك؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Andrey_Popov

في تقرير صادر عن موقع 404 ميديا (404media)، كشف فريق من الصحفيين الاستقصائيين عن وجود موقع سري على الويب المظلم يُسمَّى أونلي فيك (OnlyFake)، يمكّن الموقع أي شخص من شراء أو بيع هويات مزيفة تُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي.

يدّعي الموقع أنه يستخدم الشبكات العصبونية الاصطناعية لإنشاء هويات ذات مظهر واقعي، مثل جوازات السفر ورخص القيادة والبطاقات المصرفية، والتي يمكنها اجتياز اختبارات التحقق المختلفة.

يكشف التقرير، الذي يحمل عنوان "داخل الموقع السري حيث تنتج الشبكات العصبونية هويّات مزيفة"، كيفية عمل الموقع وتداعيات هذه الظاهرة على الأمن والخصوصية.

اقرأ أيضاً: 15 صفة يختلف فيها الذكاء الاصطناعي عن الذكاء البشري

كيف يعمل موقع أونلي فيك؟

أونلي فيك عبارة عن منصة غير قانونية لبيع الهويات المزيفة. يمكن للمشترين تصفح كتالوج من بطاقات الهوية المزيفة، أو طلب بطاقة هوية مخصصة، مع تحديد البلد والجنس والعمر وتفاصيل أخرى عن الهوية المطلوبة.

القائمون على الموقع هم أفراد أو مجموعات لديهم إمكانية الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إنشاء هويات مزورة. يستخدمون هذه الأدوات لإنشاء الهويات وتحميلها إلى الموقع، ويستلمون المدفوعات بالعملات المشفرة.

يدّعي الموقع أنه يستخدم الشبكات العصبونية الاصطناعية، وهي نوع من خوارزميات التعلم الآلي التي يمكنها التعلم من البيانات وإنتاج مخرجات جديدة.

لإنشاء هويات مزيفة، دُرِّبت الشبكات العصبية الاصطناعية على مجموعات بيانات ضخمة من الهويات الحقيقية، لتصبح هذه الشبكات قادرة على إنشاء معرفات جديدة تبدو حقيقية وفريدة من نوعها. يزعم الموقع أيضاً أن الشبكات العصبونية يمكنها إنتاج بيانات بيومترية مزيفة، مثل بصمات الأصابع ومسحات قزحية العين، والتي يمكن استخدامها لخداع بعض أنظمة الأمان.

اقرأ أيضاً: تعرّف على تاريخ تطوّر الذكاء الاصطناعي وآلية عمله

كيف تُنشئ الشبكات العصبونية هويات مزيفة؟

تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال النماذج التوليدية، التي يمكنها إنشاء محتوى جديد بناءً على البيانات السابقة. على سبيل المثال، تعد الشبكات التوليدية التنافسية (GANs) نوعاً من الشبكات العصبونية الاصطناعية التي يمكنها إنشاء صور واقعية، مثل الوجوه والحيوانات والمناظر الطبيعية، من خلال التعلم من مجموعة كبيرة من الصور الحقيقية. تتكون الشبكة التوليدية التنافسية من مكونين: المولّد والمميّز. يحاول المولّد إنشاء صور مزيفة تبدو حقيقية، بينما يحاول المميّز التمييز بين الصور الحقيقية والمزيفة. يتنافس المكونان مع بعضهما بعضاً، ويتحسنان بمرور الوقت، حتى يتمكن المولّد من إنتاج صور يمكنها خداع المميّز.

باستخدام مثل هذه النماذج التوليدية، يُنشئ مجرمو الإنترنت هويات مزيفة لا تشتمل على أسماء مزيفة فحسب، بل تشمل أيضاً على صور شخصية مزيفة. على سبيل المثال، يستخدم المجرمون النماذج لإنشاء صورة وجه مزيفة، ثم استخدام شبكة عصبونية أخرى لإنشاء اسم مزيف وتاريخ ميلاد وعنوان وتفاصيل أخرى تطابق صورة الوجه.

اقرأ أيضاً: أهم 5 مخاطر ومسائل أخلاقية مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

لماذا تعتبر الهويات المزورة خطيرة؟

يشكّل انتشار الهويات المزيفة تهديداً خطيراً للأمن والخصوصية؛ حيث يمكن استخدامها لتجاوز أنظمة التحقق المختلفة والوصول إلى المعلومات والخدمات الحساسة. على سبيل المثال، يمكن لمجرم الإنترنت استخدام هوية مزيفة للقيام بما يلي:

  • فتح حساب مصرفي أو التقدم بطلب للحصول على قرض أو تحويل الأموال بشكلٍ غير قانوني.
  • الحصول على بطاقة سيم (SIM) واستخدمها في الابتزاز أو الخداع.
  • السفر عبر الحدود أو التهرب من تطبيق القانون أو الانضمام إلى المنظمات الإرهابية.
  • انتحال شخصية شخص آخر أو ابتزازه أو إيذائه.

يمكن للهويات المزورة أيضاً أن تقوض الثقة والمصداقية على الإنترنت، حيث يمكن استخدامها لإنشاء حسابات شخصية أو تعليقات أو أخبار مزيفة، والتأثير في الرأي العام. على سبيل المثال، يمكن لمجرم الإنترنت استخدام معرف مزيف للقيام بما يلي:

  • إنشاء شخصيات مزيفة على الإنترنت وخداع الآخرين أو التلاعب بهم أو استغلالهم.
  • نشر معلومات مضللة أو دعاية أو خطاب يحض على الكراهية، والتحريض على العنف.
  • كتابة تقييمات أو مراجعات مزيفة، والترويج للمنتجات أو الخدمات أو تشويه سمعتها.

اقرأ أيضاً: كيف يتعلم الذكاء الاصطناعي إنشاء نفسه بنفسه؟

كيف يمكن التحقق من الهويات عبر الإنترنت؟

إن انتشار الهويات المزيفة على الإنترنت أمرٌ خطيرٌ للغاية ويتطلب وسيلة للتحقق من هوية الأشخاص الحقيقيين. وهذا بالضبط ما يمكن تحقيقه من خلال مشروع سام التمان المعروف باسم وورلد كوين (World Coin)، وهي عملة مشفرة تهدف إلى إنشاء نظام هوية رقمية عالمي، حيث يتمتع كل شخص بهوية فريدة يمكن التحقق منها عن طريق بياناته الحيوية، مثل وجهه أو صوته أو حمضه النووي. يمكن لمستخدمي وورلد كوين إثبات هويتهم عبر الإنترنت، والوصول إلى العديد من الخدمات والمزايا، مثل التصويت والرعاية الصحية والتعليم ووسائل التواصل الاجتماعي، دون الكشف عن معلوماتهم الشخصية.

تَعِد وورلد كوين أيضاً بحماية خصوصية وأمن مستخدميها، باستخدام شبكة البلوك تشين اللامركزية المشفرة، ما يمنع أي سلطة مركزية من التحكم فيها أو إساءة استخدامها.

لا يزال مشروع وورلد كوين قيد التطوير، ويواجه العديد من التحديات التقنية والأخلاقية، مثل قابلية التوسع وقابلية التشغيل البيني والشمولية والموافقة. ومع ذلك، إذا نجح، فإنه يمكن أن يُحدِث ثورة في طريقة التحقق من الهوية عبر الإنترنت، ويخلق عالماً رقمياً أكثر جدارة بالثقة.

المحتوى محمي