لماذا تعمل الشركات على إنشاء مراكز بيانات في الفضاء؟

قد تبدو مراكز البيانات الفضائية (Space data centers) وكأنها من فيلم خيال علمي، لكنها حقيقة تتطور بسرعة ولها القدرة على إحداث ثورة في مجال الحوسبة، فمن خلال نقل البنية الأساسية للحوسبة والتخزين إلى الفضاء، يمكننا بدء عصر جديد في قطاع التكنولوجيا يتميز بالسرعة والكفاءة والمرونة غير المسبوقة.

من المتوقع أن تُحدِث مراكز البيانات الفضائية ثورة في كيفية معالجة المعلومات وتخزينها ونقلها، وتوفّر إمكانات جديدة لا يمكن أن توفّرها مراكز البيانات الأرضية، لكن ينبغي أولاً التغلب على العديد من التحديات.

فوائد مراكز البيانات الفضائية

توفّر مراكز البيانات الفضائية حلاً يُعالج العديد من التحديات التي تواجهها مراكز البيانات الأرضية، من أبرز هذه التحديات:

المساحة

تلغي مراكز البيانات الفضائية الحاجة إلى تشييد مبانٍ كبيرة في المناطق الطبيعية أو الحضرية، ما يوفّر مساحات كبيرة على الأرض، هذه المساحات يمكن استخدامها لزيادة مساحة الأراضي الزراعية أو بناء المساكن.

كفاءة الطاقة الشمسية

تعمل الألواح الشمسية في الفضاء بكفاءة أكبر وتنتج كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية، يعود ذلك لعدة أسباب هي:

لا تفقد الأشعة الشمسية أي جزء من طاقتها لأنها لا تمر عبر الغلاف الجوي.
تكون الأشعة الشمسية في الفضاء متوفرة طوال الوقت ولا تتأثر بدورة الليل والنهار.
لا تغيب الأشعة الشمسية بسبب الحالة الجوية مثل الغيوم والغبار والرطوبة.
تسهم درجات الحرارة المنخفضة في الفضاء بتحسين كفاءة عمل الألواح الشمسية.

نتيجة لذلك، تمتصُّ الألواح الشمسية في الفضاء بشكلٍ ثابت أقصى قدر ممكن من أشعة الشمس، ما يؤدي إلى توليد كمية أكبر من الكهرباء مقارنة بالألواح الشمسية الموجودة على الأرض.

التبريد الطبيعي

توفّر البرودة الشديدة في الفضاء الخارجي آلية تبريد طبيعية وفعّالة لمراكز البيانات، ما يلغي الحاجة إلى أنظمة التبريد المعقدة والمستهلكة للطاقة المستخدمة في مراكز البيانات الأرضية.

إن توفر التبريد الطبيعي طوال الوقت يؤدي دوراً في إطالة عمر مكونات الأجهزة، وهذا بدوره يقلل من تكاليف الصيانة والنفايات الإلكترونية.

تجنب الكوارث

توجد مراكز البيانات الفضائية بعيداً عن الزلازل والأعاصير والفيضانات والكوارث الطبيعية التي تشكّل مخاطر كبيرة على المراكز الأرضية. هذا يضمن سلامتها وإمكانية الوصول إلى البيانات المهمة طوال الوقت.

زمن انتقال أقل

نظراً للمسافة القصيرة التي تقطعها البيانات من الفضاء إلى الأرض والتي لا تتعدى مئات الكيلومترات، يمكن لمراكز البيانات الفضائية توفير زمن انتقال أقل بكثير مقارنة بالشبكات الأرضية التي تقطع فيها البيانات آلاف الكيلومترات، هذا الأمر يؤدي دوراً كبيراً في تحسين الاتصالات وتشغيل التطبيقات السحابية.

القدرة على التوسع

المساحة الواسعة في الفضاء توفّر إمكانية توسيع مراكز البيانات بشكلٍ غير محدود، وتمكّننا من إنشاء مراكز بيانات بأحجام وسعات غير مسبوقة.

تطوير تكنولوجيا جديدة

توفّر البيئة الفريدة للفضاء فرصاً لتطوير تقنيات جديدة ومبتكرة مثل الحوسبة الكمومية، التي تتطلب ظروفاً خاصة كانعدام الجاذبية أو انعدام الضغط الجوي أو درجات الحرارة المنخفضة.

تحديات بناء مراكز البيانات الفضائية

على الرغم من أن مراكز البيانات الفضائية توفّر إمكانات مثيرة للاهتمام، فإن هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها، من أبرزها:

البيئة القاسية: يمثّل الفضاء بيئة قاسية من درجات حرارة شديدة البرودة وإشعاعات كونية وانعدام للضغط الجوي. يجب تصميم المعدات لتحمل هذه الظروف، ما يزيد بشكلٍ كبير من التكاليف والتعقيد.
الإطلاق والنشر: إيصال المعدات إلى الفضاء أمر مكلف للغاية ومحفوف بالمخاطر. فأي ضرر يحدث في أثناء الإطلاق أو النشر قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.
الصيانة والإصلاح: صيانة المعدات في الفضاء أمر صعب ومكلف للغاية، وأي أعطال قد تتطلب مهام إصلاح معقدة تستغرق وقتاً طويلاً.

التكاليف المرتفعة: التكلفة الإجمالية لبناء مركز بيانات فضائي وإطلاقه وتشغيله وصيانته باهظة. هذا يشمل تكلفة الأجهزة ومركبات الإطلاق وبناء المركز ونفقات التشغيل المستمرة.

أمن المراكز: يُعدّ ضمان أمن مراكز البيانات في الفضاء من الأمور التي تُثير قلقاً كبيراً، إذ يمكن بسهولة اقتحام هذه المراكز وسرقة معداتها من قِبل أي دولة تملك القدرة على الوصول إلى الفضاء.
الإطار القانوني: مراكز البيانات في الفضاء لا تكون على أراضي أي دولة، لذلك نحتاج إلى إطار قانوني دولي ثابت ينظّم عملها.

على الرغم من الفوائد المحتملة التي قد توفّرها مراكز البيانات الفضائية، لا بُدّ من معالجة هذه التحديات قبل أن تتحول هذه المراكز إلى حل مُجدٍ اقتصادياً وقابل للاستخدام على نطاقٍ واسع.