ما فائدة إنشاء محطات للطاقة الشمسية في الفضاء؟

3 دقائق
ما فائدة إنشاء محطات للطاقة الشمسية في الفضاء؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Tatiana Shepeleva

قبل نحو عقدين، قدمت وكالة ناسا الأميركية للفضاء اقتراحاً لإنشاء محطات للطاقة الشمسية في الفضاء، لم يتم إنجاز هذا المشروع حتى يومنا هذا، وليس لدى الوكالة الأميركية أي خطط أو أموال تم رصدها لتنفيذ المشروع.

لكن العلماء يؤكدون أن إنشاء محطات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في الفضاء سيكون مفيداً اقتصادياً، ويوفر الكثير من الطاقة التي يمكن توجيهها لأي مكان على الأرض.

مؤخراً، بدأت العديد من الحكومات والشركات بالتعاون مع بعضها لإنشاء محطات شمسية في مدار الأرض، وربما ستكون هذه المحطات في الخدمة خلال عدة عقود.

مشروع الحكومة البريطانية

في مارس الماضي، كلفت حكومة المملكة المتحدة عدة شركات وباحثين بإجراء بحث ودراسة لمشروع إطلاق قمر صناعي كبير بقيمة 16 مليار جنيه إسترليني (19.2 مليار دولار أميركي) يحمل الكثير من ألواح الطاقة الشمسية خفيفة الوزن.

يركز البحث على أن تلتقط الألواح الشمسية في هذا القمر أشعة الشمس الوفيرة في مدار الأرض، ثم ترسلها على شكل موجات راديو عالية التردد إلى نقطة ثابتة على الأرض مجهزة لاستقبالها.

هذا المشروع هو أحد المشاريع التي سيتم اقتراحها في "محفظة ابتكار الانبعاثات الصفرية" (Net Zero Innovation Portfolio). لتمكين المملكة المتحدة من تحقيق انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

يبلغ قطر القمر الصناعي المقترح 1.7 كيلو متراً ويزن نحو 2000 طن. ومن المتوقع أن يوفر 2 جيجاواط من الطاقة الكهربائية للمملكة المتحدة. في حين أن هذه الكمية كبيرة، إلا أنها تشكل جزءاً صغيراً من الطاقة التي تحتاجها المملكة المتحدة، والتي تبلغ نحو 76 جيجاواط.

مع التكاليف الأولية المرتفعة للغاية وبطء العائد على الاستثمار، سيحتاج المشروع إلى موارد حكومية كبيرة بالإضافة إلى استثمارات ضخمة من قبل الشركات الخاصة.

اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة مورد المستقبل: مزايا واسعة وعقبات في الطريق

مشروع الصين

تخطط الصين لإطلاق برنامج طموح لإنشاء محطة طاقة شمسية فضائية في عام 2028 وفقاً للعلماء المشاركين في المشروع. سيتم إطلاق قمر صناعي في ذلك العام لاختبار تكنولوجيا نقل الطاقة لاسلكياً من الفضاء على ارتفاع 400 كيلومتراً إلى الأرض. وتعتزم الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء (CAST)، وهي الشركة الرائدة في تصنيع المركبات الفضائية المملوكة للدولة، تجربة نقل الجهد العالي لاسلكياً من مدار أرضي منخفض في عام 2028.

المفهوم الأساسي الذي ترتكز عليه هذه التكنولوجيا هو إنشاء محطة فضائية مزودة بألواح شمسية تحول الطاقة الشمسية إلى كهرباء، ثم يقوم جهاز إرسال موجات الراديو أو باعث ليزر بنقل الطاقة إلى الأرض.

مشروع الصين صغير الحجم للغاية مقارنةً مع مشروع المملكة المتحدة، لكنه قد يكون بداية لمشاريع مستقبلية أكثر طموحاً بمجرد نضوج الفكرة.

اقرأ أيضاً: اكتشاف بحثي جديد قد يمهد لاستخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع

كيف ستعمل محطة الطاقة الشمسية في الفضاء؟

هذه المحطة عبارة عن قمر صناعي مزود بألواح شمسية خفيفة الوزن لتسهيل حملها إلى الفضاء. ستلتقط هذه الألواح أشعة الشمس وتحول الطاقة الحرارية في هذه الأشعة إلى طاقة كهربائية، ثم سيتم نقل الطاقة الكهربائية لاسلكياً إلى الأرض من خلال موجات راديو عالية التردد. وعلى الأرض، سيقوم هوائي أرضي كبير الحجم باستقبال هذه الموجات وتحويلها إلى كهرباء مجدداً، ثم توصيل الكهرباء مع شبكة الطاقة الكهربائية المحلية.

بناء محطة للطاقة الشمسية في الفضاء هو مشروع مجدٍ اقتصادياً لعدة أسباب، أهمها أننا نملك التكنولوجيات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع، مثل الألواح الشمسية خفيفة الوزن والمركبات الفضائية المتقدمة، والروبوتات القادرة على تركيبها وإصلاحها في المدار، بالإضافة إلى طرق فعالة لنقل الطاقة لاسلكياً من الفضاء إلى الأرض دون ضياعها أو تبددها.

اقرأ أيضاً: ما المطلوب لإطلاق القدرات الكامنة للطاقة الحرارية الأرضية؟

المزايا التي توفرها محطات الطاقة الشمسية الفضائية

السبب الذي يجعل إنشاء محطات الطاقة الشمسية في الفضاء أفضل من الأرض هو وجود الغلاف الجوي المحيط بالأرض، الذي يُفقد الأشعة الشمسية جزءاً كبيراً من طاقتها. لتقدير هذا التأثير، تكفي معرفة أن ألواح الطاقة الشمسية على الأرض تتلقى فقط 1% من الطاقة الشمسية التي يمكن أن تتلقاها نفس الألواح في الفضاء.

بالإضافة إلى ذلك، سيساعد إنشاء محطات الطاقة الشمسية في الفضاء في إيصال الكهرباء إلى أي مكان على الأرض بسهولة، وهذا مفيد للغاية في المناطق النائية التي لا تصل إليها خدمات الكهرباء، أو في أماكن الكوارث الطبيعية والحروب.

كما أن المحطات في الفضاء لن تتأثر بتقلبات الطقس ووجود الغيوم التي تحجب الأشعة الشمسية، كما أنها يمكن أن تعمل طوال اليوم من خلال البقاء دائماً في المنطقة المواجهة للشمس، أي أنها لن تتوقف عن العمل في الليل بسبب غياب الشمس.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد انخفاضُ تكاليف إنتاج الطاقة الشمسية في إحياء الآمال المعقودة على الهيدروجين النظيف؟

انتقادات هذه المشاريع

على الرغم من أن هدف محطات الطاقة الشمسية الفضائية هو تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتأثيرها على المناخ، لكن تجميع محطة واحدة في الفضاء سيتطلب العديد من عمليات إطلاق المركبات الفضائية، وكما هو معروف، يؤدي إطلاق هذه المركبات إلى انبعاث الكثير من الغازات الضارة، كما أنها مكلفة للغاية.

لكن شركة "سبيس إكس" (SpaceX) الأميركية نجحت في إعادة استخدام مركبات الفضاء بعد إطلاقها، ما أدى إلى إحداث ثورة في مجال غزو الفضاء، حيث ستؤدي القدرة على إعادة استخدام مركبات الإطلاق إلى تقليل التكلفة الإجمالية لإنشاء محطة طاقة شمسية في مدار الأرض، بالإضافة إلى تقليل تأثيرها على البيئة.

اقرأ أيضاً: هل تستحق تكنولوجيات الفضاء المال الذي ننفقه عليها؟

يواجه مشروع إنشاء محطة طاقة شمسية في الفضاء تحديات عديدة ينبغي التغلب عليها، لكن قد تكون هذه المحطات مقدمة لفرص بحثية متطورة ومثيرة. وفي المستقبل، من المرجح أن تلعب هذه التكنولوجيا دوراً مهماً في إمدادات الطاقة العالمية وتوفير مصدر دائم ومتجدد للطاقة يغني عن استخدام الوقود الأحفوري.