طور باحثون من إم آي تي نظام تعلم آلي جديد قد يساعد السيارات ذاتية القيادة على توقع التحركات التالية للسائقين وراكبي الدراجات والمشاة القريبين منها في الوقت الفعلي.
السيارات ذاتية القيادة يجب أن تتنبأ بحركة ما حولها
يعد التنبؤ بما سيفعله السائقون وراكبو الدراجات والمشاة القريبون واحداً من أهم الأمور التي يجب على السيارات ذاتية القيادة إتقانها، إذ يمثل ذلك واحداً من أكبر العقبات التي تمنع المركبات ذاتية القيادة من التجوّل في الشوارع.
تحاول الشركات المصنّعة حل هذه المشكلة، فهي تضع حلولاً تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لكنها تتبع واحداً من الاحتمالات التالية:
- تبسّط الأمر كثيراً، وتفترض أن المشاة يسيرون دائماً في خط مستقيم.
- تتخذ موقفاً سلبياً جداً، إذ تتجنب المشاة، وتبقى في الموقف المخصص لها.
- تتوقع التحركات التالية لعنصر واحد فقط (شخص أو سيارة أخرى)، مع تجاهل وجود العديد من العناصر في الطريق في وقت واحد.
من المهم إيجاد حل لهذه المشكلة كي تتمكن السيارات ذاتية القيادة من الانتشار على الطرقات، وقد حاول المختصون إيجاد حلول مناسبة.
اقرأ أيضاً: تقنية جديدة أخرى تمهد الطريق للسيارات ذاتية القيادة
نظام وايمو للتنبؤ بحركة المارة أمام السيارات ذاتية القيادة
بعد جمع كميات كبيرة من البيانات، طورت شركة جوجل نظام تعلم آلي للسيارات ذاتية القيادة وأطلقت عليه اسم السائق "وايمو" (Waymo Driver). قطعت السيارت المزودة بهذا النظام ملايين الكيلومترات، وواجهت مواقف لا حصر لها على الطرق العامة، ومليارات أخرى في المحاكاة.
قبل أن يبدأ البرنامج بالعمل في منطقة جديدة، تُخطَط المنطقة بجميع تفاصيلها، بدءاً من علامات الممرات وإشارات التوقف إلى الحواجز والطرق المتقاطعة. بعد ذلك، بدلاً من الاعتماد فقط على البيانات الخارجية مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الذي يمكن أن يفقد الإشارة وقوتها، يستخدم برنامج وايمو هذه الخرائط المخصصة التفصيلية للغاية، والتي تتوافق مع بيانات المستشعر في الوقت الفعلي، لتحديد موقع الطريق الدقيق في جميع الأوقات.
يحلل النظام البيانات المعقدة التي جمعها من أجهزة الاستشعار من خلال التعلم الآلي ليتوقع ما قد يفعله مستخدمو الطريق الآخرون. تشمل البيانات المشاة وراكبي الدراجات والمركبات والإنشاءات واللافتات وألوان إشارات المرور وإشارات التوقف المؤقتة. يتيح نظام المستشعرات رؤية شاملة للعالم المحيط بالسيارة، ليلاً أو نهاراً، قريباً أو بعيداً.
نظام "إم تو آي" (M2I) المتفوّق على جميع النماذج المماثلة
باستخدام البيانات التي تم تجميعها عند تدريب نظام وايمو، ابتكر باحثو إم آي تي الآن نموذج تعلم آلي أكثر دقة من جميع النماذج المماثلة، ومن بينها نموذج وايمو نفسه. يمكن للنموذج الجديد "إم تو آي" (M2I) التنبؤ بسلوك مستخدمي الطريق أولاً بتخمين العلاقات بين اثنين منهم (سيارة أو راكب دراجة أو أحد المشاة) ويحدد أيهما له الحق في عبور الطريق، ويستخدم هذه العلاقات للتنبؤ بالمسارات المستقبلية للعديد من العناصر على الطريق.
أوجد الباحثون حلاً بسيطاً، فقد قسموا مشكلة التنبؤ بالسلوك متعدد العوامل إلى أجزاء أصغر ويتعاملون مع كل واحدة على حدة، حتى يتمكن النموذج من حل هذه المهمة المعقدة في الوقت الفعلي.
كيف يتنبأ إم تو آي بحركة المرور؟
تعتمد طريقة التعلم الآلي في إم تو آي على مكونين أساسيين: المسارات السابقة للسيارات، وراكبي الدراجات والمشاة الذين يتفاعلون في حركة المرور.
يتنبأ النظام بأي من العناصر له حق عبور الطريق أولاً، حيث يصنف أحدهما على أنه من المارة والآخر كعامل. ثم يقوم نموذج التنبؤ، المعروف باسم "المتنبئ الهامشي"، بتخمين مسار العامل المار، لأن هذا العامل يتصرف بشكل مستقل.
ومن ثم يتنبأ النموذج الثاني، المعروف باسم "المتنبئ الشرطي"، بما سيفعله العامل الآخر بناءً على تصرفات العامل المار. يتنبأ النظام بعدد من المسارات المختلفة، ويحسب احتمالية كل منها على حدة، ثم يختار النتائج المشتركة الست ذات الاحتمالية الأعلى لحدوثها.
ينتج إم تو آي توقعاً لكيفية تحرك هؤلاء العوامل على الطريق خلال الثواني الثماني القادمة. في أحد الأمثلة، تباطأت السيارة حتى يتمكن المشاة من عبور الشارع، ثم زادت السرعة عند إخلاء التقاطع. في مثال آخر، انتظرت السيارة حتى مرت عدة سيارات قبل أن تنعطف من شارع جانبي إلى طريق رئيسي مزدحم.
يركز هذا البحث الأولي على التفاعلات بين عاملين، لكن يمكن لإم تو آي استنتاج العلاقات بين العديد من العوامل ومن ثم تخمين مساراتهم من خلال ربط عدة تنبؤات هامشية وشرطية.
اقرأ أيضاً: خرائط جوجل: كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بحركة المرور وتوقع وقت الوصول؟
مميزات نظام إم تو آي
يتمتع نموذج إم تو آي بدقة عالية، فأثناء الاختبار، ركز الباحثون بشكل خاص على الحالات التي يوجد فيها عدة عناصر. ولتحري الدقة، قارنوا عينات التنبؤ الست لكل طريقة، بالمسارات الفعلية التي تتبعها السيارات وراكبو الدراجات والمشاة في مشهد ما. وكان نموذج إم تو آي الأكثر دقة من بين جميع الأنظمة المماثلة.
بالإضافة إلى ذلك، كان لدى إم تو آي أدنى معدل تداخل بالمسارات، بالمقارنة مع النماذج الأخرى. (إذا تداخل مساران، فهذا يشير إلى وجود تصادم).
يقول "شين هوانغ"، المؤلف الرئيسي المشارك، وهو طالب دراسات عليا في قسم الملاحة الجوية والملاحة الفضائية ومساعد باحث في مختبر "بريان ويليامز": "بدلاً من مجرد بناء نموذج أكثر تعقيداً لحل هذه المشكلة، اتخذنا نهجاً يشبه إلى حد كبير كيف يفكر الإنسان عند التفاعل مع الآخرين. لا يفكر الإنسان في المئات من مجموعات السلوكيات المستقبلية".
من الميزات الأخرى لنظام إم تو آي، هي أنه يقسم المشكلة إلى أجزاء أصغر، ما يسهل على المستخدم فهم عملية صنع القرار في النموذج. وعلى المدى الطويل، يمكن أن يساعد ذلك المستخدمين على زيادة الثقة في المركبات ذاتية القيادة.
في المقابل، لا يمكن للنموذج تحليل الحالات التي يؤثر فيها عاملان بشكل متبادل على بعضهما، مثلاً؛ عندما تتقدم مركبتان للأمام عند نقطة توقف رباعية، لا يعرف النظام من الذي يجب أن يتوقف ومن يجب أن يتقدم.
اقرأ أيضاً: ما مدى تأثير السيارات الكهربائية وذاتية القيادة على حياتنا؟
يخطط الباحثون لمعالجة هذه المشكلة مستقبلاً، باستخدام طريقتهم في التدريب لمحاكاة التفاعلات الواقعية بين مستخدمي الطريق، والتي يمكن استخدامها للتحقق من خوارزميات التخطيط للسيارات ذاتية القيادة أو إنشاء كميات هائلة من بيانات القيادة الاصطناعية لتحسين أداء النموذج.