كيف غيرت الحوسبة السحابية عالم الأعمال؟

4 دقائق
كيف غيرت الحوسبة السحابية عالم الأعمال؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ metamorworks

أحدثت التكنولوجيا تغييرات جذرية في حياة البشر الشخصية والعملية، والحوسبة السحابية (Cloud computing) هي واحدة من أهم التكنولوجيات التي ساهمت في تغيير نموذج عمل الشركات والمؤسسات في كثير من القطاعات خلال السنوات الأخيرة. ومن المؤكد أنك سمعت بمصطلح الحوسبة السحابية في السابق، لكنك ربما لا تعرف الكثير عنه وعن فائدته، لكن بدايةً يمكن القول إن الحوسبة السحابية اليوم هي في قلب التحول الرقمي وقد غيّرت نموذج عمل الكثير من الشركات.

سنحاول في هذا المقال فهم كيف ساعدت الحوسبة السحابية الشركات والمؤسسات على تبسيط عملها وتعزيز إنتاجيتها وتوسيع نطاق وصولها.

اقرأ أيضاً: ما هو أثر التحول الرقمي على خفض تكاليف العمليات في المؤسسات؟

عالم ما قبل الحوسبة السحابية

لنفهم كيف غيّرت الحوسبة السحابية عالم الأعمال، علينا العودة قليلاً إلى الماضي لإلقاء نظرة على عالم الأعمال قبل ظهور الحوسبة السحابية. في ذلك الوقت، لم تكن هناك كفاءة في تخزين ونقل البيانات، وكان الموظفون بحاجة إلى العمل في مبنى الشركة حصراً، حتى العملاء، كانوا بحاجة إلى زيارة مقر الشركة أو فروعها للاستفادة من خدماتها.

على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة لقراءة كتاب، عليك زيارة المكتبة، لكن تخيل ما يمكن أن يحدث في حال اندلاع حريق بمبنى المكتبة، فهذا يمكن أن يسبب فقدان كل الكتب الموجود فيه.

أما اليوم فيمكن تخزين الكتب بنسخ رقمية على خوادم موجودة في مراكز بيانات كبيرة، ونستطيع الوصول إليها من أي حاسوب أو هاتف أو جهاز لوحي متصل بالإنترنت. كما تتوفر نسخ احتياطية من هذه الكتب لضمان عدم فقدانها في حال تعرض مركز البيانات لأي شيء طارئ.

ولا يقتصر التغيير الذي أحدثته الحوسبة السحابية على المكتبات فقط، بل يشمل جميع قطاعات الأعمال الأخرى أيضاً.

اقرأ أيضاً: ما هي الحوسبة السحابية؟ وما أهم مزاياها وتحدياتها؟

كيف غيّرت الحوسبة السحابية أعمال الشركات؟

لكل شركة أسبابها الخاصة لاستخدام الحوسبة السحابية، لكن بشكل عام، تستخدم معظم الشركات هذه التكنولوجيا لخفض التكاليف والوصول إلى كمية كافية من موارد الحوسبة التي تحتاجها وتخفيف نفقات الصيانة.

إليك لمحة عن التغييرات التي حصلت في الشركات بعد اعتماد الحوسبة السحابية:

تغيير طريقة عمل الموظفين

أدى إدخال ودمج التكنولوجيا مثل الحوسبة السحابية إلى تغيير طريقة عمل الموظفين بطرق عديدة. على سبيل المثال، يستطيع الموظفون التعاون مع بعضهم بعضاً في الوقت الفعلي عبر الإنترنت، سواء كانوا في نفس المبنى أو على الجانب الآخر من العالم، كما يمكن للموظفين العمل عن بُعد وتنفيذ المهام دون الحاجة إلى الوجود في المكتب. يؤدي هذا الأمر دوراً في توفير التكاليف والنفقات، فالشركة لن تكون بحاجة إلى توفير نفقات نقل الموظفين، كما أنها لا تحتاج إلى استئجار أو شراء مكاتب ليعملوا فيها.

اقرأ أيضاً: ما هي أهم تطبيقات الحوسبة السحابية؟ وما أنواعها؟

من خلال الحوسبة السحابية، تكون جميع الأعمال التي ينجزها الموظفون محدّثة باستمرار، وحين يتم إجراء أي تغيير، يستطيع الموظفون الآخرون معرفة حصول هذا التغيير. كما يستطيع الموظفون بفضل تكنولوجيا الحوسبة السحابية والوصول عبر الإنترنت إتمام أعمالهم بعد انتهاء الدوام أو في أيام العطل حين يشعرون بأنهم قادرون على ذلك، ما يمنحهم مرونة في اختيار أوقات العمل.

كما يمكن أن يتتبع المسؤولون الإداريون في الشركة عمل الموظفين الآخرين بسهولة عن بُعد والتأكد من أنهم ينفذون المهام على أكمل وجه، دون الحاجة إلى التواصل المباشر معهم.

تغيير نموذج عمل الشركات

التغيير الأكبر الذي أحدثته الحوسبة السحابية بالنسبة لجميع الشركات هو خفض النفقات، فجميع الشركات تدفع لخدمات الحوسبة السحابية فقط مقابل الموارد التي تستخدمها دون زيادة. هذا يعني أن الشركة تستطيع الوصول إلى الموارد التي تحتاجها بدقة دون الحاجة إلى توفير تلك الموارد بنفسها.

بمعنى آخر، يمكن للشركات بفضل الحوسبة السحابية أن تحصل على بنية تحتية متكاملة مقدمة من مزود الحوسبة السحابية، دون الحاجة لتوفير أي مساحة للخوادم أو رفوف لتخزين الملفات الورقية، فكل شيء يتضمن بيانات الشركة وبيانات عملائها يتم تخزينه على خوادم سحابية يمكن الوصول إليها عن طريق الإنترنت في أي وقت.

أيضاً، تستطيع الشركة التي تعتمد على بنية تحتية سحابية زيادة كمية الموارد التي تحتاجها في أي وقت. على سبيل المثال، حين يتم إنشاء شركة صغيرة، تقوم هذه الشركة بالدفع مقابل موارد حوسبة سحابية محدودة تلبي احتياجاتها. ومع نمو أعمال هذه الشركة وزيادة عدد عملائها واحتياجها إلى موارد أكبر، يمكنها ببساطة طلب المزيد من الموارد، وستحصل عليها على الفور دون الحاجة إلى أي انتظار.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤدي المكاتب السحابية إلى إعادة تعريف مفهوم مكان العمل؟

كما تتمتع كل الشركات التي تعتمد على بنية تحتية سحابية بميزة توفير نفقات الصيانة، فعملية تأمين وصيانة الخوادم ومراكز البيانات لن تكون مهمّة الشركة، بل مهمّة مزود الخدمة السحابية، ما يعني أن الشركة لن تكون بحاجة لتوظيف خبراء صيانة وأمن معلومات.

وما تتميز به الحوسبة السحابية أيضاً المحافظة على البيانات وعدم ضياعها، ففي الماضي كانت جميع بيانات الشركات مخزّنة داخل مبانيها على شكل ملفات ورقية أو على حواسيب عادية، وهذا أمر خطير للغاية وقد يؤدي إلى فقدان كل البيانات إذا تعرض المبنى لحريق أو كارثة طبيعية أو عملية تخريب. على العكس من ذلك، في الشركات التي تعتمد على الحوسبة السحابية، تكون كل البيانات مخزّنة على خوادم آمنة وتدار من قبل شركات متخصصة توفر معايير أمان وصيانة فعّالة ومضمونة، كما يتم الاحتفاظ بنسخ احتياطية من هذه البيانات على خوادم أخرى في مكان آخر.

اقرأ أيضاً: 10 فوائد للحوسبة السحابية في التعليم

تعمل الحوسبة السحابية على تغيير طريقة عمل الشركات وتسهيل وصولها إلى قاعدة عملاء أكبر وأوسع حول العالم، كما تمنح الموظفين والمسؤولين المزيد من المرونة في عملهم، وتساعد في توفير النفقات سواء كانت نفقات الإدارة أو الصيانة أو الموارد. لذلك، لا عجب أن تكون الحوسبة السحابية في طليعة التحول الرقمي في عالم الأعمال اليوم، ومن المتوقع أن يستمر نمو هذه التكنولوجيا في السنوات القادمة.

اقرأ أيضاً: ما هو مستقبل الحوسبة السحابية؟ وما أبرز توجهاتها القادمة؟

إذا كنت تملك أو تدير شركة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، فكن على ثقة من أن التحول إلى الاعتماد على الحوسبة السحابية سيجلب لشركتك فوائد كبيرة جداً ويزيد الأرباح والعائدات التي تحققها ويحسّن من نموذج عملها، فلا تتردد في تطبيق هذا التحول.