ما هي البيانات الضخمة وما مجالات تطبيقها وآفاقها المستقبلية؟

البيانات الضخمة (Big Data) مصطلح يصف كمية كبيرة من البيانات المنظمة أو غير المنظمة التي تجمعها الشركات بأدوات عديدة. حجم البيانات عادةً لا يكون مهماً، ما يهم حقاً هو ما تفعله الشركات بهذه البيانات، حيث تقوم بتصنيفها وتحليلها بحثاً عن تفاصيل ذات قيمة تساعد على اتخاذ قرارات تجارية أفضل وزيادة أرباحها.

لفهم ماهية البيانات الضخمة، دعونا نلقي نظرة خاطفة على حياتنا اليومية، كل ما نفعله، التفاعل مع منشورات فيسبوك، زيارة مواقع الويب، توصيل هواتفنا الذكية بالشبكة. كل هذا يولد كمية كبيرة بشكلٍ لا يصدق من البيانات التي يتم تحليلها في الوقت الفعلي.

البيانات هي النفط الجديد

يصف الكثير من خبراء التكنولوجيا البيانات بأنها النفط الجديد، هذا صحيح في الحقيقة، فالبيانات الضخمة الخاصة بالمستخدمين جعلت شركات التكنولوجيا الكبرى تحقق عائدات كبيرة تقدر بمئات مليارات الدولارات.

لهذا السبب، نجد أن شركات التكنولوجيا تسعى جاهدة لجمع أكبر كمية ممكنة من البيانات، وتقدم العديد من هذه الشركات خدماتها مجاناً من أجل جذب المستخدمين إليها وجمع بياناتهم. خذ مثالاً على ذلك التنافس بين شركتي جوجل ومايكروسوفت في مجال متصفحات الويب، حيث تستغل مايكروسوفت سيطرتها على أنظمة تشغيل الحواسيب لجذب مزيد من المستخدمين إلى متصفحها مايكروسوفت إيدج، في حين تستغل جوجل سيطرتها على سوق محركات البحث لجذب المستخدمين ودعوتهم لاستخدام متصفح جوجل كروم.

إن كلاً من متصفح مايكروسوفت إيدج وجوجل كروم مجاني، لذلك، لا تريد الشركتان من المستخدمين دفع أي مبلغ، بل تريدان جمع أكبر كمية ممكنة من البيانات.

لأخذ فكرة عن القيمة الحقيقية للبيانات الضخمة، فإليك مثالاً آخر، تعمل شركة ميتا الأميركية على جمع بيانات المستخدمين من خلال تطبيقاتها للهواتف المحمولة، كتطبيق فيسبوك وإنستغرام، وتستخدم هذه البيانات لعرض إعلانات مخصصة حسب اهتمامات كل مستخدم. لكن في شهر مايو 2021، أضافت شركة أبل ميزة في هواتف آيفون تمنع الشركات من تتبع المستخدمين عبر التطبيقات وجمع بياناتهم دون إذنهم، هذا التغيير الذي يبدو بسيطاً تسبب في خسائر هائلة لشركة ميتا قدّرها الخبراء بنحو 10 مليارات دولار كل سنة.

تاريخ البيانات الضخمة

يشير مصطلح البيانات الضخمة إلى الكثير من البيانات التي يصعب جمعها وتخزينها ومعالجتها بالطرق التقليدية. يعتبر جمع البيانات الضخمة نشاطاً تقوم به شركات كثيرة منذ فترة طويلة، لكن مصطلح البيانات الضخمة اكتسب زخماً خلال العقدين الماضيين، مع انتشار الهواتف المحمولة والتطبيقات التي تجمع البيانات حول كل شيء يفعله المستخدم.

لماذا تعتبر البيانات الضخمة مهمة؟

لا تتعلق أهمية البيانات الضخمة بكميتها، بل في طريقة استخدامها. فمن خلال الجمع بين البيانات الضخمة والتحليلات الصحيحة لهذه البيانات، يمكنك تحقيق نتائج مثل:

فهم عادات العملاء وتفضيلاتهم بدقة، حيث يتيح ذلك للشركات استهداف عملائها بإعلانات وعروض مخصصة تزيد الأرباح.
تحديد أسباب الفشل والمشكلات والعيوب في الوقت الفعلي، ما يساعد في حل تلك المشكلات.
الكشف عن السلوك الاحتيالي قبل أن يستهدف الشركة، حيث يضمن ذلك عدم تأثر أعمال الشركة وتوقفها أو انقطاعها.

كيف تعمل البيانات الضخمة؟

قبل أن تتمكن الشركات من استخدام البيانات الضخمة، يجب أن تتخذ مساراً صحيحاً للتعامل معها في الحقيقة. هناك خمس خطوات في هذا المسار هي:

1. وضع استراتيجية البيانات الضخمة

إعداد استراتيجية البيانات الضخمة يعني إنشاء مشروع للإشراف على عملية جمع البيانات وتخزينها وإدارتها ومشاركتها واستخدامها داخل الشركة وخارجها. تعد هذه الاستراتيجية ضرورية لنجاح كل شركة يتعين عليها التعامل مع كميات كبيرة من البيانات.

عند وضع الاستراتيجية، يجب مراعاة الأهداف الحالية والمستقبلية سواء التجارية أو التكنولوجية. هذا يعني أن التعامل مع البيانات الضخمة ينبغي أن يكون كأصلٍ تجاري.

2. تحديد نوع ومصادر البيانات الضخمة

يمكن جمع البيانات من عدد لا يحصى من المصادر، مثل أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) والأجهزة القابلة للارتداء والسيارات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، كما تتوفر بيانات من مصادر البيانات المفتوحة مثل بوابة البيانات المفتوحة للاتحاد الأوروبي.

يمكن أن تأتي أنواع أخرى من البيانات الضخمة من شركات متخصصة في جمع البيانات وبيعها للشركات التي تحتاجها. لذلك، يجب أن تحدد الشركة بدقة ما هي البيانات التي تحتاجها ومصادر هذه البيانات، والأهم من ذلك، أن تكون البيانات موثوقة.

3. جمع البيانات الضخمة وتخزينها

بفضل الأدوات المتوفرة اليوم، تستطيع الشركات أن تجمع البيانات بسهولة دون الحاجة إلى أي خبرة في مجال التكنولوجيا، كما تتوفر خدمات سحابية منخفضة التكلفة يمكن الوثوق بها لتخزين البيانات بشكلٍ آمن.

4. تحليل البيانات الضخمة

هناك طريقتان لتحليل البيانات الضخمة؛ الأولى هي إخضاع كل البيانات التي تم جمعها للتحليل، والثانية هي تحديد البيانات المهمة وذات الصلة بشكلٍ مسبق ثم تحليلها.

في كلتا الحالتين، يساعد التحليل في جعل البيانات الضخمة ذات قيمة كبيرة، فتصبح مفيدة في اتخاذ قرارات تساعد الشركات على تحقيق الأرباح، أو قابلة للاستخدام في تطوير التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي.

5. اتخاذ قرارات أفضل تعتمد على البيانات

تساعد البيانات التي تم جمعها وتخزينها ومعالجتها بشكلٍ صحيح على اتخاذ قرارات موثوقة ومفيدة وفعّالة، تجعل هذه القرارات الشركات قادرة على الاستمرار والنجاح وزيادة أرباحها، كما تجعلها قادرة على منافسة الشركات الأخرى.