تعرّف آدم باكر على دين عبر تويتر؛ حيث غرد آدم لدين ليقول له إن قطته ظريفة الشكل، وبدءا بتبادل الرسائل الخاصة. اتفقا على الالتقاء في ساحة ترافالجار في لندن للمرة الأولى في 2015، وكانت تلك بداية علاقتهما. عندما تُوفي دين بسبب نوع نادر من السرطان في خريف 2017، وجد آدم ملاذاً مريحاً في تصفح تغريدات دين. يقول آدم: "لقد كانت رؤيته في مقاطع الفيديو وسماع صوته جزءاً هاماً من مرحلة الحزن والحداد عليه".
غير أن آدم شعر بالخوف من احتمال فقدان هذه الذكريات، فقد أرسلت تويتر رسائل بالبريد الإلكتروني إلى المستخدمين لتحذيرهم من أنها ستبدأ بحذف أي حساب لم يتم تسجيل الدخول إليه منذ أكثر من ستة أشهر، وذلك بدءاً من 11 ديسمبر. في البداية، قوبل هذا الخبر بالبهجة، خصوصاً من قبل الأشخاص الذين يريدون أن يستخدموا أسماءهم الحقيقية كاسم مستخدم على تويتر بعد أن تصبح متاحة نتيجة حذف حسابات الأشخاص الذين يحملون نفس الاسم.
ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة، بدأ الكثيرون، بما فيهم باكر، بالإشارة إلى أن تويتر أعلنت عملياً عن خطتها لحذف حسابات المتوفين عن منصتها، دون أية وسيلة للاعتراض على هذا القرار. بل إن تويتر لم تقدم حتى أية طريقة للحفاظ على حسابات المتوفين بعد رحيلهم، وهو ما يعني المخاطرة بفقدان الصلة مع ذكريات هؤلاء الأعزاء. كما أن هذا سيؤدي إلى مشكلة كبيرة من الناحية التاريخية، وعلى سبيل المثال، سيؤدي هذا الإجراء إلى مسح كل تغريدات السيناتور جون ماكين الذي توفي السنة الماضية.
وهكذا، اضطرت تويتر إلى التراجع، ووعدت أنها لن تزيل أية حسابات غير فعالة حتى تجد طريقة تتيح للمشتركين الاحتفاظ بذكريات أحبائهم على الموقع.
ومن المفاجئ -وبعد طرق- أن شركة تويتر التي بلغ عمرها 13 سنة احتاجت إلى كل هذا الوقت حتى تدرك أهمية الآثار الرقمية التي نتركها خلفنا عند الوفاة؛ حيث إن فقدانها قد يشكل ضربة أليمة للمحبين، كما يقول درو أولانوف الذي توفي والده في سبتمبر 2015. كان أولانوف في حالة شديدة من الحزن، عندما صُعق لدى قيام أحد أفراد العائلة بحذف حساب والده على فيسبوك، مما أدى إلى ضياع جميع خصوصياته من صور وفيديوهات ومنشورات ورسائل. ولهذا، شعر بتوتر جديد عندما واجه احتمال حدوث نفس الشيء لحساب والده على تويتر، ويقول: "أشعر كأنني أعيش تلك الفترة العصيبة التي رافقت حذف حسابه على فيسبوك مرة أخرى".
تقوم سياسة تويتر الحالية على تشجيع الناس على تنشيط حساباتهم بالدخول إليها والتغريد لمرة واحدة على الأقل كل ستة أشهر، لكن هذا لا يعالج مسألة الموتى. فقد تكون كلمات المرور غير موجودة لدى أحبائهم، أو قد يعتبرون أنه من غير اللائق العبث بها.
وقد قدمت فيسبوك خياراً للأصدقاء والعائلة بالاحتفاظ بذكرى أمواتهم في 2009، حيث تطلب تاريخ الوفاة وإثباتاً عليها، مثل وثيقة وفاة أو نعوة. وبعد ذلك، يبقى حساب المتوفي كما هو على فيسبوك، وتوضع إشارة عليه بأنه حساب تذكاري، ولا يمكن الدخول إليه. وهذه السنة، حدثت فيسبوك هذه الخدمة، وأتاحت خيار مشاركة منشورات خاصة بمثابة تحية لذكرى المتوفي على حسابه.
والآن، حان دور تويتر لتحديد ما يجب فعله بحسابات المتوفين. ولن يكون هذا بالأمر السهل؛ حيث إن إثبات هويات المستخدمين على هذه المنصة أكثر صعوبة، لأنها تسمح بالأسماء المستعارة، كما أن البعض يمتلكون عدة حسابات، غير أن أولانوف يقول إن هذا ليس مستحيلاً: "إنهم أذكياء، ويستطيعون حل المشكلة. ولا أعتقد أنهم لم يفعلوا هذا من قبل إلا بسبب صعوبة التحقق من هويات المستخدمين".
وعلى الرغم من هذا، ما زال الكثيرون يشعرون بالسخط على تويتر بعد أن تسببت لهم في هذا الإزعاج. يقول باكر: "هذا ما يمكن أن يوضح لنا فعلياً ما أولويات الشركات التكنولوجية الكبيرة عندما يتعلق الأمر ببياناتنا. لقد قدمت تويتر لنا وسيلة لمشاركة جميع نواحي حياتنا مع الآخرين، وأعلم طبعاً أنها شركة تكنولوجية تستمد قيمتها من البيانات التي ننتجها، ولكننا في حاجة إلى وسيلة تتيح لنا الاحتفاظ بذكرى هذا الشخص أو ذلك على الإنترنت".