ما السر وراء حصول الشركات التي تحاول امتصاص ثنائي أكسيد الكربون فجأة على تمويلات كبيرة؟

3 دقائق
نموذج أولي بدائي لفكرة كلاوس لاكنر للالتقاط الهوائي المباشر في مختبر ضمن مركز الانبعاثات الكربونية السلبية في جامعة أريزونا الحكومية.

كانت عصبة صغيرة من العلماء تبذل جهوداً كبيرة على مدى السنوات الماضية لاقتلاع ثنائي أكسيد الكربون من الهواء، على الرغم من الشكوك العميقة التي أبداها أقرانهم. ولكن على ما يبدو، فقد ازدادت شعبية هذا التوجه بشكل مفاجئ.

قامت شركة في دبلن بأيرلندا مؤخراً بالاستحواذ على حقوق تكنولوجيا التقاط الكربون التي طورها أحد رواد هذا المجال، وهو البروفسور كلاوس لاكنر من جامعة أريزونا الحكومية. وتقول سيليكون كينجدوم هولدينجز إنها تخطط لبناء مشروع تجريبي لالتقاط 100 طن من ثنائي أكسيد الكربون يومياً، ومن ثم تقوم في نهاية المطاف بتطوير محطات كاملة قادرة على إزالة ما يقارب 4 مليون طن سنوياً.

حدث هذا على إثر مجموعة من صفقات التمويل لشركات ناشئة أخرى تختص بما يسمى "الالتقاط الهوائي المباشر". حيث أعلنت شركة كربون إنجينيرينج في كالجاري في شهر مارس أنها تلقت تمويلاً إضافياً بقيمة 70 مليون دولار، بما في ذلك استثمارات من شركات كبيرة في مجال النفط والغاز مثل بي إتش بي، شيفرون، وأكسيدينتال بيتروليوم. وفي السنة الماضية، قالت شركة كلايمووركس في زوريخ بسويسرا إنها تمكنت من الحصول على أكثر من 30 مليون دولار، مما زاد تمويلها الكلي إلى أكثر من 50 مليون دولار.

وإضافة إلى ذلك، تخوض شركة جلوبال ثيرموستات جولة تمويل تأمل بأن تجمع فيها 20 مليون دولار، كما أوردت فاينانشال تايمز. وأخيراً، استثمرت واي كومبينيتور في شركة بكاليفورنيا اسمها بروميثيوس (وقد أطلق مؤسس هذه الشركة ادعاء مريباً للغاية بأن الشركة ستقدم بشكل رابح عدة أنواع من الوقود ذي الأسعار التنافسية في السنة المقبلة).

استنتج الكثير من الباحثين أن العالم سيحتاج إلى المزيد من الوسائل الأكثر فعالية لإزالة الكربون من الغلاف الجوي، وذلك لمواجهة الأخطار المتفاقمة للتغير المناخي. ولكن هناك بعض الأسئلة المربكة التي ما زالت تحيط بشركات الالتقاط الهوائي المباشر: إلى أية درجة يمكن تخفيض تكاليف العملية؟ وما أنواع الأعمال التي يمكن أن تبنيها الشركات الناشئة بهذه الاستثمارات؟ وهل سيكون السوق كبيراً بما يكفي لتصريف كامل كميات ثنائي أكسيد الكربون التي يجب أن نلتقطها بحيث نُحدث تأثيراً فعلياً في التغير المناخي؟

إن الأجوبة عن هذه الأسئلة، التي بدأت بالتحسن، هي السبب الذي يجعلنا نشهد تدفق المزيد من الأموال إلى هذا المجال. وعلى وجه الخصوص، بدأ العلماء باكتشاف وسائل تجعل العملية أقل تكلفة بكثير مما كان يُعتقد سابقاً، وقد ظهرت بعض نماذج للأعمال التي يمكن أن تنجح، على الأقل في أسواق معينة تحظى بدعم حكومي كافٍ (انظر مقالة "ربما نستطيع تحمل تكاليف امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي").

وتخطط بعض الشركات الناشئة لاستخدام غازات الدفيئة الملتقطة لإنتاج أنواع من الوقود الاصطناعي للسيارات والطائرات والمباني. ويعتبر هذا الوقود حيادياً من الناحية الكربونية، أي أنه سيعيد إصدار الكربون الملتقط ولكن دون أي جهد لاستخراج المزيد من الوقود الأحفوري.

ولهذا فإن التوجهات المالية الجديدة لدى شركات الطاقة التقليدية قد تأخذ بعين الاعتبار أنه لن يكون من الممكن في المستقبل تحقيق أرباح جيدة من استكشاف واستخراج الوقود الأحفوري.

وقد يكون الدخول في هذا المجال على نطاق صغير في البداية وسيلةً لهذه الاستثمارات وغيرها لتحقيق علامات إزالة الكربون، والاستفادة من المبادرات التي تشجع على التقاط وحجز الكربون مثل العلامات الضريبية "45Q" التي اعتمدتها الولايات المتحدة في العام الماضي، أو -ببساطة- الإعلان عن جهودهم الداعمة للبيئة.

ويلحظ ديفيد كيث، وهو عالم مناخ في هارفارد وأحد مؤسسي كربون إنجينيرينج، أن استثمارات النفط والغاز ليست سوى جزء صغير من الموضوع. ويقول إن تزايد التمويل والاهتمام يعود بشكل رئيسي إلى تزايد الاعتراف بالدور الذي يمكن أن تلعبه تكنولوجيا إزالة الكربون –أو يجب أن تلعبه- في محاربة التغير المناخي.

وقد قام لاكنر وزملاؤه في مركز الانبعاثات الكربونية السلبية في جامعة أريزونا الحكومية بتطوير "شجرة ميكانيكية" بسيطة نسبياً، تعتمد على الريح لإحداث التلامس بين الهواء ومئات الأشرطة البوليميرية التي تحمل مواد صمغية ترتبط بها جزيئات ثنائي أكسيد الكربون. تقوم الآلة بعد ذلك بغمر الأشرطة المشبعة بثنائي أكسيد الكربون في الماء، وإطلاق عملية لتحرير الغاز وشفطه وتنقيته واستخدامه لأغراض أخرى، مثل تسميد النباتات في الدفيئات، وإنتاج المشروبات الغازية، واستخراج كميات إضافية من النفط من آبار النفط، أو إنتاج وقود اصطناعي كما ذكرنا سابقاً.

كما يقول لاكنر -الذي سيكون مستشاراً للشركة الجديدة- إن الاعتماد بشكل أساسي على الرياح والماء بدلاً من الحرارة والكهرباء سيؤدي إلى تخفيض التكاليف. وقد أكد بيان صحفي حديث أن العملية ستكلف أقل من 100 دولار للطن الواحد عند وصولها إلى المستوى الكامل من الاستثمار التجاري، ما يتوافق مع الأهداف الدنيا لكربون إنجينيرينج وكلايمووركس.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، قال المدير التنفيذي لسيليكون كينجدوم بول أو موراين، الذي عمل سابقاً مع صندوق زيروكس الاستثماري، إنه لم يتم تحديد موقع المحطة التجريبية وموعد إطلاقها حتى الآن، ورفض أن يناقش أية تفاصيل مالية حول هذه العملية.

المحتوى محمي