ابتكار طرق تجعل من ناطحات السحاب بطاريات عملاقة

4 دقيقة
ابتكار طرق تجعل من ناطحات السحاب بطاريات عملاقة
حقوق الصورة: Shutterstock.com/frank_peters

تتمتّع ناطحات السحاب بمزايا بنيوية فريدة، أبرزها الطول الشاهق ومتانة الهياكل، ما دفع الخبراء إلى ابتكار أنظمة تساعد على تخزين الطاقة على طول هذه المباني، وإيجاد وسيلة جديدة لتوفير الطاقة المتجددة والمستدامة في المدن، وتخفيف البصمة الكربونية للأبنية التي تتسبب في إصدار 40% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، والتي تنتج عن بناء ناطحات السحاب، وتشغيل الأجهزة فيها، وتوفير التكييف والتبريد داخل جدرانها.

اقرأ أيضاً: ما هي البطاريات الحرارية؟ ولماذا تمثّل مستقبلاً متفائلاً لتخزين الطاقة؟

كيف يمكن أن تخزن ناطحات السحاب الطاقة؟

حتى اليوم، وضع الخبراء نظامَين لتخزين الطاقة في ناطحات السحاب:

أنظمة تخزين طاقة الجاذبية (GESS)

لتحويل ناطحات السحاب إلى أنظمة تخزين طاقة، أصبح بالإمكان الاستفادة من مبادئ الجاذبية لتخزين الكهرباء وتوليدها، وتسميتها ببطاريات الجاذبية (GESS)، والتي تعمل على تحويل الطاقة الكامنة إلى طاقة كهربائية. تتضمن هذه الأنظمة رفع كتلة إلى ارتفاع معين، وتخزين الطاقة الكامنة في هذه العملية.

عندما يزداد الطلب على الطاقة، يُسمح للكتلة بالنزول، وتحويل الطاقة الكامنة المخزنة مرة أخرى إلى طاقة كهربائية، وبذلك يكون نظام تخزين بطاريات الجاذبية وسيلة موثوقة ومستدامة لتخزين الطاقة، وقادرة على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في شبكات الطاقة. وتشكّل ناطحات السحاب، بارتفاعها الكبير وسلامتها البنيوية، مرشحة مثالية لهذا التطبيق.

تتضمن عملية التنفيذ تركيب سلسلة من أنظمة الأوزان والبكرات داخل ناطحة السحاب. وخلال فترات انخفاض الطلب على الطاقة، يمكن استخدام الكهرباء الزائدة لرفع الأوزان إلى طوابق أعلى، وتخزين الطاقة بشكلٍ فعّال. وعندما يبلغ الطلب على الطاقة ذروته، تُطلَق الأوزان، فتنزل عبر المبنى وتولّد الكهرباء في أثناء سقوطها. ويمكن تكرار هذه العملية إلى ما لا نهاية.

يمكن لهذه الأنظمة تخزين طاقة جاذبية تُقدّر بعدة غيغاواط في الساعة، وهي كمية أكبر من العديد من مرافق تخزين الطاقة المخصصة، وكافية لإمداد ناطحة السحاب بالطاقة، بالإضافة إلى المباني المجاورة.

تُعدّ شركة إنيرجي فولت (Energy Vault) السويسرية الأميركية من أبرز الشركات التي تنفّذ مشاريع بطاريات الجاذبية الكبيرة. فقد تعاونت مع شركة سكيدمور أويغنس وميريل (SOM) التي تتخذ من شيكاغو مقراً لها، والتي صممت برج خليفة، لتحسين نظام تخزين طاقة الجاذبية الخاص بها. وقد أثبتت تقنيتها حتى الآن شعبيتها بشكلٍ خاص في الصين، حيث طبّقت النظام الأول عالمياً في العام الماضي، مع الإعلان أيضاً عن مجموعة من المشاريع الأخرى.

تسعى إنيرجي فولت أيضاً إلى توظيف مفهوم تخزين طاقة الجاذبية في المنحدرات، وبالتالي الوصول إلى الحد الأدنى من التأثير البيئي وتقليل الحاجة إلى الهياكل التي يصنعها الإنسان، ما يمكن أن يقلل التكاليف.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للبطاريات الحديدية الجديدة أن تحل محل بطاريات الليثيوم أيون في تخزين الكهرباء بفعالية؟

تقنية تخزين طاقة المصعد (LEST)

بالاعتماد على الجاذبية أيضاً، وبدلاً من الكتل، يمكن استخدام مصاعد ناطحات السحاب لتخزين الطاقة عندما يوجد فائض منها، وتوليدها عندما تقل مصادرها، وذلك عندما لا تنقل المصاعد الأشخاص. يمكن تحقيق ذلك عبر نظام جديد وضعه فريق من العلماء في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA)، وأطلقوا عليها اسم تقنية تخزين طاقة المصعد (LEST)، وتتضمن تخزين الطاقة عن طريق رفع حاويات الرمل الرطب أو غيرها من المواد عالية الكثافة، ونقلها عن بعد داخل وخارج المصعد باستخدام مقطورة مستقلة. تتولد الطاقة من التغيرات في الارتفاع، على غرار توليد الطاقة الكهرومائية، وتولد كمية صغيرة ولكن ثابتة من الطاقة.

تستفيد هذه التقنية من المباني الموجودة بالفعل. وتتلخص الفكرة في استخدام المصاعد في المباني الشاهقة لنقل الحاويات الثقيلة من الطوابق السفلية إلى الطوابق العلوية لتخزين الطاقة، والعكس لتوليد الكهرباء.

تستهلك المباني نحو 40% من الكهرباء على مستوى العالم. ويشكّل استهلاك الطاقة في المصاعد عادة 2% إلى 10% من إجمالي استهلاك المباني. وخلال ساعات الذروة، يمكن أن تشكّل ما يصل إلى 40% من الطلب على الكهرباء.

تزداد الاستفادة من أنظمة تخزين طاقة المصعد ليلاً عندما لا تُستخدم معظم المصاعد، حيث يمكن للمقطورات الذاتية القيادة الاستمرار في ملء المصاعد بالحاويات لتوفير خدمات مساعدة لشبكة الطاقة.

يمكن عند تطبيق هذه التقنية توليد 30 إلى 300 غيغاواط في الساعة، ولا يمكن الاستفادة منها إلّا في المدن التي لديها مبانٍ شاهقة الارتفاع مثل دبي والدوحة ونيويورك وبكين وهونغ كونغ.

حدود تطبيق تقنيات تخزين الطاقة في ناطحات السحاب

قبل تطبيق تقنيات تخزين الطاقة في ناطحات السحاب، يجب إيجاد مساحة داخل المباني لتخزين الأوزان، ودراسة قدرة سقف هذه الهياكل على تحمل الأوزان والكتل دون أن تنهار، وهذا ما قد يحدث في المباني القديمة، كما يجب أن يحتوي المبنى على عدد مناسب من المصاعد لتطبيق تقنية تخزين طاقة المصعد.

بالإضافة إلى ذلك، يجب إقناع مسؤولي الطاقة بالفوائد المحتملة لمثل هذا النظام التخزيني مقارنة بالبدائل، وإقناع المستثمرين بفوائده، وتوفير التحليلات الاقتصادية لتحديد جدوى هذه المشاريع.

كما قد يواجه عقبات تنظيمية مثل الحصول على الموافقات اللازمة لتثبيت بطاريات الجاذبية في ناطحات السحاب.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للبطاريات البلاستيكية أن تساعد في تخزين الطاقات المتجددة على الشبكات الكهربائية؟

فوائد تخزين الطاقة في ناطحات السحاب

يعود استخدام تقنيات تخزين الطاقة في ناطحات السحاب بفوائد عديدة، منها:

  • الاستفادة من الطاقة الزائدة المنتجة خلال فترات الذروة في توليد الطاقة المتجددة وتخزينها، وبالتالي المساهمة في شبكة طاقة أكثر استدامة.
  • إعادة استخدام الهندسة المعمارية الحضرية لحلول الطاقة.
  • قابلية التطبيق تجارياً، على الرغم من عدم إثبات كفاءتها في توفير تكاليف توليد الطاقة وتخزينها.
  • تشكيل مصدر مستمر لتوليد الطاقة وتخزينها.
  • تقليل الحاجة إلى الأراضي الإضافية أو الموارد المطلوبة عادةً لحلول تخزين الطاقة التقليدية.
  • تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة.
  • إمكانية أن تساعد بطاريات الجاذبية على استقرار شبكات الطاقة من خلال توفير مصدر موثوق للطاقة خلال فترات الذروة، ما يقلل من خطر انقطاع التيار الكهربائي ويحسّن مرونة الشبكة بشكل عام.

اقرأ أيضاً: التحول عن البطاريات التقليدية نحو تخزين الطاقة الهوائية: دراسة حديثة من جامعة الشارقة

يبدو مستقبل أنظمة الطاقة القائمة على الجاذبية في ناطحات السحاب مشرقاً، مع استمرار البحث والتطوير بهدف التغلب على التحديات الحالية. ومع تقدم التكنولوجيا ونمو الطلب على حلول الطاقة المستدامة، من المرجح أن تصبح هذه الطرق نهجاً رئيسياً لتخزين الطاقة.

المحتوى محمي