ما الذي يُنبئ بهيمنة الليثيوم-أيون على تقانة البطاريات لفترة طويلة قادمة؟

4 دقائق
حقوق الصورة: حقوق التأليف والنشر محفوظة لصالح أعضاء مجلس جامعة كاليفورنيا، عبر مختبر لورنس بيركلي الوطني.

تتجه وزارة الطاقة الأميركية نحو إطلاق جهود بحثية كبيرة لتطوير جيل جديد من بطاريات الليثيوم-أيون الخالية إلى حد كبير من الكوبالت؛ وهو معدن نادر وباهظ الثمن يتم توريده عبر سلسلة توريد تثير القلق بشكل متزايد.

وهذا البرنامج الذي يمتد لثلاث سنوات -وهو جزء من جهود أوسع نطاقاً لتسريع وتيرة التوصل إلى تقانات متقدمة في قطاع السيارات- قد يقود في النهاية إلى أدوات استهلاكية أرخص وتدوم وقتاً أطول، وسيارات كهربائية، وقد يقود أيضاً إلى تخزين الطاقة على نطاق واسع (تخزين طاقة الشبكات).

ويُشرف جيرد سيدر (عالم المواد) على أحد المشاريع في إطار البرنامج البحثي في مختبر لورنس بيركلي الوطني الأميركي، الذي يهدف إلى تطوير "أملاح صخرية مضطربة" كمادة بديلة عن المهابط، والمهبط هو القطب الكهربائي الموجب في الخلية القابلة لإعادة الشحن؛ فعادةً ما تتطلب المهابط في بطاريات الليثيوم-أيون من الكوبالت أن يُنشئ بِنيةً متعددة الطبقات في القطب الكهربائي ويحافظ عليها، مما يسمح لأيونات الليثيوم أن تتدفق عبرها بسهولة.

ولكن توصَّل سيدر وزملاؤه قبل عدة سنوات إلى أن هذه الفئة الجديدة من المواد يمكنها أن تختزن كميات إضافية من الليثيوم؛ مما يشير إلى إمكانية زيادة كثافة الطاقة مع الاستغناء عن الحاجة إلى الكوبالت بالكامل.

وقد حصل مشروع لورنس بيركلي -بالإضافة إلى مشروعين آخرين في مختبر أرجون الوطني الأميركي- على 12.5 مليون دولار من مكتب تكنولوجيا السيارات التابع لوزارة الطاقة الأميركية.

وأجرى سيدر مقابلة مع منصة إم آي تي تكنولوجي ريفيو، تناول فيها تلك التحديات التي يثيرها ضمان عمل المواد الجديدة بصفتها بديلاً "جاهزاً" لتصنيع البطاريات، والأسباب التي ترشِّح تقانة الليثيوم-أيون لمواصلة الهيمنة على حلول التخزين لفترة طويلة قادمة، ولماذا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تصل أي من خطوات التطوير في تقانة البطاريات إلى السوق.

تم تحرير هذه المقابلة لأغراض تتعلق بالمساحة والوضوح.

ما الخطوات التالية التي سيشهدها تطوير هذه الفئة الجديدة من المركَّبات؟

لقد مرَّت حوالي 4 سنوات منذ أن اكتُشف المفهوم لأول مرة، وهناك أكثر من 12 من المركَّبات التي أظهرت بالفعل ميزات واعدة ضمن هذه الفئة، فتلك إذن كانت مرحلة الاستكشاف، حيث يهبُّ الجميع إلى تجربة كافة أنواع التراكيب الكيميائية المختلفة؛ مثل عمليات الاستكشاف التي قام بها لويس وكلارك.

والخطوة التالية هي أننا سنختار بعضاً من هذه المواد التي تبدو واعدة، ونعرف ما إذا كان بإمكاننا أن نحل كافة المشاكل الصغيرة التي يتوجب حلُّها قبل أن نتمكن في الواقع من تصنيع منتج تجاري.

وينبغي أن تكون قدرة البطارية جيدة بالنسبة لعدد مرات الشحن والتفريغ، ويجب تحسين دورة حياة المنتج التي تحدِّد عمر البطارية، ومن ثم يتعلم الناس كيفية القيام بكل أنواع الحِيَل المتعلقة بالمعالجة، وأساليب معالجة السطوح، وهكذا تتحسن قدرة البطاريات أكثر فأكثر.

ولكني أود أن أقول إن بعض هذه المواد سوف ينتقل إلى المرحلة التالية؛ فمن المرجَّح أن يكون هذا هو أحد أفضل رهاناتنا هذه الأيام للحصول على مواد كاثودية (مهبطية) ذات كثافة طاقيَّة أعلى من ذي قبل.

لماذا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للغاية حتى تصل أي من خطوات التقدم -التي يشهدها المختبر في تقنية التخزين- إلى السوق؟

إن تحويل أي شيء إلى منتج تجاري يتطلب المرور في مراحل شاقة وطويلة، حتى لو كانت مرحلة الاستكشاف قصيرة الأمد؛ فهناك طريق طويلة جداً حتى تشكِّل المواد بالطريقة المُثلى، وتجري الاختبارات، وتنال رضى العملاء، فأنت إذن في حاجة إلى المرور بكل هذه المراحل، لدرجة أنه حتى لو كان لديَّ شيء يعمل بشكل مثالي في المختبر اليوم، فمن المرجح أنه لا يزال أمامك عمل شاق يستغرق من 6 إلى 10 سنوات.

يتعين أولاً على أحد الباحثين أن يوسع نطاق الحل، ويتعين عليهم اختباره، ثم يتعين عليهم نقله إلى أحد مصنِّعي البطاريات أو أحد مصنِّعي الخلايا، والذي بدوره سيُمضي عامين من الزمن وهو يختبره، وبعد ذلك إذا نال إعجابهم في النهاية، فقد يحوِّلونه إلى منتج صغير؛ أي إلى شيء يتم إرساله إلى سوق متخصصة لأنهم لا يريدون تحمُّل مخاطر السوق بمنتجات جديدة.

لقد قلتَ قبل بضع سنوات إن البطاريات ذات المكونات الصلبة تعدُّ "البطارية المثالية تقريباً"، فما رأيك اليوم؟

ما زلت متفائلاً بأنها تملك فرصة حقيقية لقلب الموازين، وأعتقد أن من الممكن للمنتج النهائي أن يكون رائعاً، وهذا ما يبرر -باعتقادي- الجهودَ المبذولة والاندفاع نحوها؛ إذ يمكنها أن تصبح البطارية المثالية بالنسبة لنا.

وفي ضوء ما سبق -بالطبع- وخلال السنوات التي تلت ذلك، تمكَّنَّا -وكذلك فعل غيرنا- من اكتشاف كافة المشاكل المتعلقة بهذا الحل، والتي يتعين حلُّها، لذلك فما زلت أعتقد أنها واحدة من أكثر الحلول الواعدة لتخزين الطاقة في الوقت الحالي، ولكن هناك الكثير من المشاكل التي يتوجب حلُّها؛ فهذه الكهارل (محاليل الاستقطاب) ذات المكوِّنات الصلبة غالباً ما تكون غير مستقرة، ولم يتوصل أحد حتى الآن إلى طريقة جيدة لتصنيع البطاريات ذات المكونات الصلبة.

ورغم أن من الممكن تصنيعها في المختبر -حتى أن بإمكان الشركات أن تصنع نموذجاً تجريبياً- إلا أن ذلك لا يثبت إلا قدرتك على تنفيذ ذلك تقنياً، لكنه لا يثبت أنك قادرٌ على تنفيذه اقتصادياً.

وتمثّل الكثير من هذه التفاصيل تحدياتٍ هندسية، ولديَّ فلسفة تقول إن التحديات الهندسية يمكن حلُّها باستخدام المال، أما المشاكل العلمية فهي تنتمي إلى فئة مختلفة إلى حد كبير؛ إذ من الصعب أن تضع جدولاً زمنياً للابتكار، ولكني واثق من أنه سيحدث.

من المجالات الأخرى التي شهدنا فيها بعض الاستثمارات البارزة هذا العام هو تخزين الطاقة واسع النطاق، فما المسارات البحثية التي تعتقد أنها واعدةٌ في هذا المجال؟

أرى أن تخزين الطاقة واسع النطاق (تخزين طاقة الشبكات) يمثل ورقةً رابحة، وأتوقع أن من الممكن على المدى القصير أن تكون كافة البطاريات من النوع ليثيوم-أيون؛ والسبب في ذلك يعود إلى أنها موثوقة، ويمكنك شراؤها اليوم من مورِّدين موثوقين.

ويمكنك إجراء نقاش فلسفي حول ما إذا كان ذلك هو الشكل الأفضل لتخزين الطاقة على نطاق الشبكة الكهربائية أم لا، ولكن إذا كنت صاحب شركة "باسيفيك للغاز والكهرباء"، فأي شركة ستختارها كي تشتري منها؟ هل ستختار الشركة الناشئة XYZ التي قد لا يكون لها وجود بعد 3 سنوات، أم ستشتري من شركة "LG Chem"، أم CATL، أم من شركة سامسونج؟

لذلك فأنا لا أستبعد أن تتمكن الحلول التقنية الأخرى من اختراق الشبكة الكهربائية، ولكن لا ينبغي لأصحابها أن يقلِّلوا من أهمية المنافسة التي تفرضها الشركات العاملة الأخرى في هذا القطاع؛ فالشركة العاملة دائماً ما تمتلك نفوذاً تقنياً واقتصادياً.

إن الحجة المضادة المنتشرة هي أن الانخفاض المنتظر في تكاليف الليثيوم-أيون يظل محدوداً، وهو لا يمثل التقانة المثالية التي تلائم التخزين الذي يمكن أن تحتاجه على نطاق الشبكة الكهربائية، والذي قد يمتد لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر (انظر المقالة: "سبب بقيمة 2.5 تريليون دولار يمنع الاعتماد على البطاريات لتخزين الطاقة النظيفة").

إن تقنية بطارية الليثيوم رخيصة جداً في الواقع، ولا يزال على جميع التقانات الأخرى -رغم أنها تمتلك بنية منخفضة التكلفة على الورق- أن تصل إلى مستواها؛ فالشركات الناشئة تحتاج إلى أسواق ذات قيمة مرتفعة، والشبكة الكهربائية ليست سوقاً من هذا النوع على وجه الخصوص.

ولنأخذ مثالاً صارخاً وننظر إلى التخزين الموسمي مثلاً؛ ما مدى استعدادك لدفع ثمن الكيلو واط الساعي الواحد لكي تنتقل من أجواء شهر يونيو إلى أجواء شهر ديسمبر؟ لا بد لمثل هذا الطلب أن يكلف مبلغاً زهيداً جداً.

ولا يبدو واضحاً بالنسبة لي أن من الممكن العثور على حلول لهذه المشاكل في تخزين الطاقة الكيميائية الكهربائية التقليدي؛ إذ لا ينبغي أن نحل كل مشكلة نواجهها باستخدام البطاريات.

المحتوى محمي