شئنا أم أبينا، فقد عزمت وول ستريت على ضم البيتكوين إليها؛ حيث قالت إنترناشيونال إكستشينج (وهي مالكة شركة نيويورك ستوك إكستشينج، وإحدى أكبر مزودي البنية التحتية للأسواق المالية في الولايات المتحدة) مؤخراً إنها ستُطلق سوقاً مالية منظمة للممتلكات الرقمية؛ وهو ما قد يُحدث تغييرات كبيرة في البيتكوين، ويرى البعض أن هذا التغيير قد لا يكون نحو الأفضل.
ويعد هذا التطور هاماً للغاية لمن يرغبون في رؤية قدرة البيتكوين على تحقيق انتشار أكبر، وتمتلك إنترناشيونال إكستشينج -بالإضافة إلى نيويورك ستوك إكستشينج- أكثر من 20 شركة من شركات التداول وخدمات السوق ودُور المقاصَّة، ومع انتقالها إلى البيتكوين فإن المؤسسات الاستثمارية -مثل الصناديق الوقائية والشركات العائلية وصناديق الثروات العامة، وغيرها من الكيانات التي تحاول استثمار كميات كبيرة من الأموال- ستحذو حذوها على الأرجح؛ فقد كانت الكثير من الشركات مهتمة بالاستثمار في البيتكوين، ولكنها كانت متردِّدة بسبب عدم وجود بنية تحتية مناسبة للسوق.
ولكن قد يكون هناك ما يدعو أنصار البيتكوين للقلق؛ حيث ترى كايتلين لونج -وهي من المخضرمين في وول ستريت ومن هواة البيتكوين- أن دخول البيتكوين إلى وول ستريت سيؤدي إلى نتائج سلبية، خصوصاً إذا قررت شركات وول ستريت معاملة البيتكوين كما تعامل معظم الممتلكات التقليدية؛ إذ تنشأ هذه المشاكل المحتملة من كون وول ستريت والبيتكوين "مختلفين تماماً من حيث النظام" المستخدم للتعامل مع الممتلكات، وذلك كما تقول لونج التي أمضت 22 سنة في العمل لدى شركات مختلفة في وول ستريت، وكانت مؤخراً رئيسة شركة سيمبيونت ورئيسة مجلس إدارتها، وهي شركة متخصصة في البلوك تشين.
ويمكن تلخيص الفرق في عاملين أساسيين؛ العامل الأول هو أن ممتلكات البيتكوين (أي العملات نفسها) مملوكة بشكل مباشر، وتخضع للتحكم المباشر أيضاً من قبل الأفراد الحاملين لمفاتيحها المشفرة الموافقة، أما من يشترون الأسهم أو غيرها من الممتلكات العادية فهي لا تعود إليهم بشكل مباشر، بل تعود إلى مؤسسة مركزية (مثل سوق أوراق مالية أو بنك مؤتمن أو دار مقاصة)، أما الذي يمتلكه الأفراد فعلاً فهو وصل أمانة من شركة المضاربة المالية أو أي مؤسسة مالية أخرى.
أما العامل الثاني فهو أن نظام البلوك تشين للبيتكوين مصمم لمنع امتلاك أكثر من شخص واحد لنفس الملكية، في حين أن شركات وول ستريت عادة ما تستخدم ممتلكات زبائنها في دعم تعاملاتها وتجارتها؛ مثل استخدامها ضماناً عند اقتراضها من شركة أخرى، ويعد هذا التعامل -كما تقول لونج- "إجراء عمل عادي" في وول ستريت، وتضيف أن هذا يجعل الأسواق المالية تؤدي -وبشكل ممنهج- إلى "إيجاد ادعاءات ملكية أكثر من الملكيات نفسها"، ويمكن أن تظهر أخطاء فادحة في السجلات المستخدمة لتسجيل هذه الادعاءات؛ فمثلاً قام بعض حملة الأسهم بالمطالبة بالأسهم التي فازوا بها إثر دعوى قضائية رفعوها على الشركة، ووجدوا أنهم يمتلكون من الأسهم نسبة 33% أكثر مما كان موجوداً فعلاً.
تقول لونج إن وضعاً مثل هذا يعد "لا أخلاقياً" بالنسبة للبيتكوين، لأنه يتسبب في تشويش الندرة التي تتحكم بها خوارزميات النظام (حيث يتم تشكيل بيتكوين جديدة بمعدل متحكم به عبر عمليات التنقيب التي تتطلب مصادر كبيرة، كما أن الإجمالي لن يتخطى 21 مليوناً تقريباً)، وقد يؤدي هذا إلى تخفيض الأسعار، ولهذا فإن لونج مقتنعة تماماً بأن وول ستريت سترتكب خطأ فادحاً إذا قررت اعتبار البيتكوين "مجرد ملكية أخرى يمكن المتاجرة بها" عن طريق استخدام نماذج الأعمال الحالية.