فكرة طرق جديدة تشحن السيارات الكهربائية لاسلكياً

3 دقائق

تتيح تقنية كوالكوم للشحن اللاسلكي عبر الطريق استمرارَ سير السيارات الكهربائية دون توقف.
مصدر الفيديو: كوالكوم

لا ريب أن الانطلاق بالسيارة في الطريق دون الحاجة إلى إعادة التزوُّد بالوقود فكرة جذابة ومغرية بحق، ومن حسن الحظ أنها ليست فكرة خيالية؛ لأن عدة تجارب ميدانية أثبتت جدواها وواقعيتها وإمكانية تطبيقها بالفعل.

أما التقنية التي تكمن وراء هذه الطرق التي تشحن السيارات -والتي تعرف بمصطلح "الشحن بالتأثير"- فهي بسيطة نظرياً؛ حيث تضم هذه التقنية نظاماً يُنشئ حقلاً كهرومغناطيسياً متناوباً، ومن ثم تقوم "وشيعة تحريض" مضمنة داخل جهاز أصغر بحصد الطاقة من ذلك الحقل الكهرومغناطيسي. أما من الناحية التطبيقية، فمن السهل استخدام هذه التقنية على أجهزة وأغراض صغيرة لا تتحرك؛ حيث تحتوي مثلاً بعض الهواتف الذكية الحديثة على هذه الميزة (الشحن اللاسلكي)، أما نقل كمية كافية من الطاقة إلى أجهزة أو مركبات أكبر وفي أثناء حركتها، فليس أمراً سهلاً أبداً.

لكن كوالكوم (الشركة المصنعة للشرائح الإلكترونية) أعلنت في الآونة الأخيرة عن نجاحها في إنشاء طريق بطول 100 متر قرب العاصمة الفرنسية باريس، من أجل اختبار نسختها الخاصة من الشحن اللاسلكي عبر الطرق، وقد كشفت التجارب حتى الآن عن أن من الممكن شحن المركبات بقدرة 20 كيلو واط في أثناء سيرها على ذلك الطريق بسرعة عالية، كما أثبتت التجارب أيضاً نجاح التقنية حتى عندما يضم الطريق سيارتين تسيران في اتجاهين متعاكسين.

كما أعلنت شركة أخرى -في نفس هذه الفترة- عن إجرائها تجارب مشابهة على هذه التقنية على طريق تجريبي طوله حوالي 24 متراً، وتخطط الشركة الآن -وفق ما ذكرته مجلة "ساينتفك أميركان" مؤخراً- إلى تطبيق هذه التقنية على جزء من طريق يضم خط حافلات نقل عمومي، مع رؤية طويلة الأجل تهدف إلى تطبيق التقنية على خط حافلات كامل بطول حوالي 18 كيلومتراً.

أما عن فوائد هذه الطرق فهي جليَّة وواضحة؛ فمثلاً إذا امتلكنا مركبة يمكن شحنها أثناء سيرها فهذا يعني عدم حاجتنا إلى التوقف على جانب الطريق حتى نعيد شحنها في المحطة، وبالتالي تستطيع المركبات -نظرياً- أن تسير دون توقف. ويعني تطبيق هذه التقنية أيضاً إمكانية سير المركبات ببطاريات أصغر حجماً بكثير من حجمها الحالي (ما زالت المركبات في حاجة إلى البطاريات حتى مع وجود طريق يشحن لاسلكياً، وذلك من أجل التسارع)، وهذا الأمر يقلِّص كثيراً من وزن المركبات، ويخفِّض تكلفة صنعها وصيانتها. كما يعتبر تجهيز الطرق بمعدات "الشحن بالتأثير" عملية آمنة، بل إنها تمنح الطرق لمسةً فنية أكثر جمالاً، كما أنها أقلُّ شغلاً للمساحة، ويمكن استخدامها في العديد من المهام والاستعمالات أكثر مما لو شيَّدنا مثلاً خطوط الشحن في الهواء لشحن المركبات الكهربائية (مثل القطارات الكهربائية).

لكن هناك بعض الجوانب السلبية رغم كل هذه الفوائد؛ أولها هو أن معدات الشحن اللاسلكي تتطلب حفر الطرق، وهي عملية تعطِّل الكثير من الأعمال وتكلِّف مبالغ طائلة، وثانيها هو أن هذه النُّظُم التقنية ذاتها ليست رخيصة الثمن، وتتطلب إدراج خط مستمر ومتواصل من المغانط الكهربائية على طول الطريق. فمن المستبعد إذن -نتيجة لهذه التحديات- أن تُطبَّق هذه البنية التحتية على نطاق واسع، إلا في بضعة خطوط نقل ذات حركة مرورية عالية في المدن التي ستتبنى هذه التقنية.

وهذا ما يزيد الغموض حول جدوى الطرق الكهربائية لأصحاب المركبات الكهربائية، لا سيما مع العقلية الحالية السائدة بين مالكي هذه المركبات، حيث يتخذ الأفراد قرار القيادة باستقلالية حيث ومتى أرادوا. ومن جانب آخر أصبح "قلق المدى" (وهو خوف السائقين من عدم وصول مركباتهم الكهربائية إلى وجهتها بسبب نقص الشحن) يتناقص يوماً بعد آخر؛ وذلك نظراً إلى أن السوق يشهد انخفاضاً مستمراً لأسعار البطاريات، وتقدماً ملموساً في فعالية وجدوى السيارات الكهربائية.

لكن هذه التقنية ما زالت مفيدة لبعض الأنواع الأخرى من الطرق (مثل مسارات وخطوط النقل بالحافلات)، وهو ما تُجريه شركة إلكترود حالياً؛ حيث سيُسهم تخفيض وزن الحافلات في رفع مستوى الكفاءة والفعالية، وسيسهُل تطبيق هذه التقنية نظراً لأن الطرق موحَّدة، كما سنجد لها تطبيقات أكثر جدوى عندما يتعلق الأمر بأساطيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي نسمع عنها كثيراً هذه الأيام، وذلك بشرط أن تلتزم تلك السيارات بطُرُق ومسارات معينة، ولا تتجاوزها إلا لكيلومتر أو اثنين في كل مرة تأخذ فيها راكباً.

المحتوى محمي