أعلنت جوجل في السابع عشر من أغسطس أنها أوكلت مهمة التحكم في تبريد عدد من مراكز البيانات الضخمة لديها إلى خوارزمية للذكاء الاصطناعي.
وقد قامت جوجل على مدار العامين الفائتين باختبار خوارزمية تتعلم كيف يمكن ضبط أنظمة التبريد على أفضل وجه -كالمراوح وأنظمة التهوية وغيرها من المعدات- بُغية خفض استهلاك الطاقة.
يقدم هذا النظام توصيات إلى مدريري مركز البيانات، الذين يقرِّرون بدورهم ما إذا كانوا سينفِّذونها أم لا؛ مما أدى إلى توفير في الطاقة بنحو 40% في أنظمة التبريد تلك.
وتقول جوجل الآن إنها سلَّمت مهمة التحكم إلى الخوارزمية، وهي الآن تدير بنفسها عملية التبريد في عددٍ من مراكز البيانات التابعة لجوجل.
يقول مصطفى سليمان (رئيس قسم الذكاء الاصطناعي التطبيقي في ديب مايند؛ وهي شركة مختصة في الذكاء الاصطناعي تتخذ من لندن مقراً لها، وكانت جوجل قد استحوذت عليها في العام 2014): "هذه هي المرة الأولى التي سيتم فيها نشر نظام صناعي ذاتي التحكم في أغراض المراقبة والضبط بهذا الحجم".
ويوضح هذا المشروع إمكانيات الذكاء الاصطناعي في إدارة البنية التحتية، كما يُظهر كيف يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة أن تتعاون مع البشر؛ فعلى الرغم من أن الخوارزمية تعمل بشكل مستقل، إلا أن هناك شخصاً يديرها ويمكنه التدخل إذا بدا له أنها تقوم بعملٍ خطير للغاية.
وتستخدم الخوارزمية تقنية تعرف باسم التعلم المعزز (حيث تتعلم من خلال التجربة والخطأ)، وقد أدى اتباع نفس هذا الأسلوب إلى تطوير "ألفاجو"؛ وهو برنامج ديب مايند الذي قهر اللاعبين البشر الذي يمارسون اللعبة اللوحية "جو".
وقامت ديب مايند بتزويد خوارزميتها الجديدة بمعلومات تم جمعها من مراكز بيانات جوجل، وسمحت لها أن تقرِّر ماهية إعدادات التبريد التي يمكنها خفض استهلاك الطاقة، ويقول جو كافا (نائب رئيس مراكز البيانات العاملة لصالح جوجل) إن من الممكن أن يحقق المشروع ملايين الدولارات من خلال توفير الطاقة، وقد يساعد الشركة على خفض انبعاثاتها من الكربون.
ويقول كافا إن المديرين كانوا يثقون في النظام السابق، ولديهم بضع مخاوف حول تفويض قدر أكبر من التحكم إلى الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك فإن للنظام الجديد ضوابط أمان تمنعه من القيام بأي شيء له تأثير سلبي على عملية التبريد؛ حيث يمكن لمدير مركز البيانات أن يراقب النظام في أثناء عمله، ومعرفة مستوى الثقة لدى الخوارزمية بشأن التغيرات التي تريد إجراءها، كما يمكنه التدخل إذا بدا له أنها تقوم بشيء غير ملائم.
وقد أصبح استهلاك الطاقة من قِبل مراكز البيانات قضية ملحَّة بالنسبة لقطاع التكنولوجيا؛ حيث وجد تقريرٌ صدر في 2016 -قام بإعداده عددٌ من الباحثين في مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة الأميركية- أن مراكز البيانات في أميركا استهلكت نحو 70 مليار كيلو واط ساعي في العام 2014؛ أي ما يعادل نحو 1.8% من إجمالي استهلاك الكهرباء على الصعيد الوطني.
إلا أنه كان هناك قدر ملموس من الجهود المبذولة في تحسين كفاءة الطاقة؛ فقد وجد نفس التقرير أن مكاسب الكفاءة تكاد تلغي الزيادات التي يشهدها استهلاك الطاقة من قِبل مراكز البيانات الجديدة، على الرغم من أنه يتوقع لإجمالي الاستهلاك أن يبلغ نحو 73 مليار كيلو واط ساعي بحلول العام 2020.
يقول جوناثان كومي (وهو أحد أبرز الخبراء على مستوى العالم في مجال استخدام الطاقة في مراكز البيانات): "إن استخدام التعلم الآلي يعد تطوراً هاماً"، ولكنه يضيف أن التبريد يمثِّل كمية صغيرة نسبياً من استهلاك الطاقة في المركز الواحد، وهي تبلغ نحو 10%.
ويعتقد كومي أن استخدام التعلم الآلي في تحسين سلوك الشرائح الحاسوبية -التي تستهلك الكهرباء بشكل كبير وإلى أقصى حد داخل مراكز البيانات- قد يكون أكثر أهمية؛ حيث يقول كومي: "أنا أتوق إلى رؤية جوجل وغيرها من كبرى الشركات وهي تطبِّق مثل هذه الأدوات لتحسين أحمالها الحاسوبية إلى أقصى حد"، ويضيف أخيراً: "إن الإمكانيات المتاحة على صعيد الحوسبة تفوق ما هو متاح على صعيد التبريد بعشرة أضعاف".