يتم في الوقت الحالي تعديل جينات الكلاب التي تعاني من الحثل العضلي باستخدام تقنية كريسبر، وتعدُّ النتائج مثيرة جداً.
فقد قام باحثون من تكساس مؤخراً بالكشف عن بيانات تُظهر كيف يمكن لأداة كريسبر الجديدة لتعديل الجينات أن تُبطل العيب الجزيئي المسئول عن الحثل العضلي الدوشيني؛ وهو مرض مدمِّر يصيب واحداً من بين كل 5000 طفل ذكر تقريباً.
ويُعتبر هذا الجهد -الذي يقوده إريك أولسون من مركز ساوث ويسترن الطبي بجامعة تكساس- من بين أوائل التجارب التي حاولت استخدام تقنية كريسبر في علاج الأمراض عند حيوان كبير ومألوف.
ويقول فريق البحث إن العلاج إذا تمكَّن من إيقاف الحثل العضلي عند الكلاب، فمن شأنه أن يمهِّد الطريق لإجراء العلاج التجريبي عند الأطفال.
كما أن شركات التكنولوجيا الحيوية تستعد لاستخدام تقنية كريسبر في علاج اضطرابات الدم عند الإنسان مثل الثلاسيميا، وكذلك أمراض الكبد والأسباب الجينية للعمى.
لكن الحثل العضلي يمكن أن يكون هو الاختبار الأكثر أهمية لتقنية كريسبر حتى الآن، وربما يكون أكبر فوائدها؛ وذلك لأن المرض شائع نسبياً، ودائماً ما يؤدي إلى الموت، وليس هناك علاج لإيقافه، لكن سبق أن وصف أولسون تقنية كريسبر بأنها "علاج" محتمل للمرض.
وقد بدأ فريق تكساس مؤخراً بمعاينة أحدث النتائج، وذكرت الباحثة ليونيلا أموسي -خلال مؤتمر في المعاهد الوطنية للصحة- كيف قام الفريق بنقل كريسبر إلى مجرى الدم عند الجِراء البالغ عمرها شهراً واحداً والتي وُلدت وهي تعاني من هذا المرض، وقالت إنها أدَّت إلى إصلاح خلايا العضلات والقلب على نطاق واسع.
وقالت أموسي وهي تستعرض صوراً للخلايا المعدَّلة: "إننا نشهد تعديلاً واسع النطاق"، ووصفت التحسن الظاهر بوضوح أنه "مدهش"، كما قالت: "إنه علاج لمرة واحدة من حيث المبدأ".
ويتم تمويل هذا البحث من قِبل شركة إكسونيكس (Exonics) -وهي شركة جديدة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بدأتها مجموعة مناصرة المرضى كيوردوشين (CureDuchenne) في عام 2017- وقد جمعت حتى الآن أكثر من 40 مليون دولار.
ويُذكر أن مختبر أولسون قد قام سابقاً بإبطال الحثل العضلي عند الفئران، لكن الانتقال إلى الكلاب أمر مهم؛ لأن العلاج الذي يمكنه شفاء الكلاب يمثِّل فرصة جيدة لمساعدة البشر أيضاً.
لكن التجارب على الكلاب تنطوي على مخاطر في العلاقات العامة؛ إذ بدأت مجموعة حقوق الحيوان بيتا (PETA) في عام 2016 حملةً ضد مختبر آخر في تكساس يعمل على الحثل العضلي عند الكلاب، كما أنها تُلاحق عملية تعديل الجينات أيضاً.
تقول تاسجولا برونر (المتحدثة باسم منظمة بيتا) إن المجموعة تؤيد تقنية كريسبر، ولكنها لا تريد إجراء تجارب تعديل الجينات على الحيوانات.
يحدث الحثل العضلي الدوشيني عن طريق أخطاء في الحمض النووي في إحدى الجينات المسؤولة عن إنتاج بروتين يسمى الديستروفين، ويؤدي هذا البروتين الضخم دور ممتصٍّ للصدمات في الخلايا العضلية، ويفقد الأولاد القدرة على المشي عند عدم وجود ما يكفي منه، ويموتون في النهاية بسبب قصور القلب.
ولطالما بحث العلماء إمكانية استبدال الحمض النووي ذي الأخطاء باستخدام العلاج الجيني، عن طريق استخدام الفيروسات في إضافة نسخة سليمة من الجين إلى خلايا البشر، لكن المشكلة هي الحجم الهائل لجين الديستروفين؛ فهو أحد أطول الجينات في الجينوم البشري، وهو كبير جداً ولا يمكن وضعه داخل الفيروس.
ويتم حالياً إجراء العديد من الدراسات من أجل تحديد ما إذا كان يمكن للنسخة "المصغرة" من الجين أن تكون مفيدة، وتقوم بعض الشركات -بما فيها سوليدبيو (SolidBio) وساريبتا ثيرابيوتكس (Sarepta Therapeutics) وفايزر (Pfizer)- باختبار العلاجات اعتماداً على هذه الجينات المختزلة، وقُدِّمت تلك الاختبارات إلى المتطوعين البشر في أواخر العام الماضي.
وإستراتيجية كريسبر لا تستخدم الفيروس في إضافة جين بديل، بل لإضافة أداة التعديل إلى جسم الشخص حتى يتم إصلاح المشكلة الجينية.
واستعادة وظيفة الجين الخاص بالشخص نفسه قد تكون ميزة، لكن يظل التحدي الذي يقف أمام تعديل الجينات هو أن أكثر من 3000 طفرة مختلفة يمكن أن تُسبِّب الحثل العضلي، ولذلك ستكون هناك حاجة إلى أكثر من علاج بتقنية كريسبر لإصلاحها كلها.
وتستهدف فرق الباحثين في إكسونيكس وتكساس مبدئياً منطقة واحدة من الجين تُدعى إكسون 51، ويمكن لإصلاح هذه المنطقة أن يساعد حوالي 13% من المرضى، كما تدرس الشركة الآثارَ الجانبية المحتملة؛ مثل ردود الأفعال المناعية.
وقالت أموسي إنه تم في البحث الجديد اختبار تقنية كريسبر على الكلاب التي كانت من سلالتي البيجل وكلب فارس الملك شارل، ولم تذكر ما إذا كانت الكلاب قد استعادت قوتها أو قدرتها على الركض واللعب أم لا.