شركة صينية عملاقة في مجال البحث والذكاء الاصطناعي تعرض على جوجل المساعدة

4 دقائق
مصدر الصورة: موقع sogou.com

لا يُبدي وانج شياشوان (المدير التنفيذي لشركة سوجو، وهي ثاني أكبر شركة صينية في مجال البحث على الإنترنت) أيَّ قلق من احتمال عودة جوجل إلى السوق الصينية، بل إنه يعتبرها فرصة جيدة للأعمال، وهو يقول إن جوجل قد تجد صعوبة في الحصول على الترخيص الحكومي ما لم تعقد شراكة مع إحدى الشركات الصينية مثل شركته، حيث يقول: "إذا رغبت جوجل في العودة إلى الصين، فستجد عدة حوافز للعمل بشكل مشترك مع أطراف أخرى، وقد تكون سوجو هي الطرف الذي يتعامل مع الحكومة الصينية، وتترك جوجل للعمل في الصفوف الخلفية".

وكانت جوجل قد بدأت تعمل على تطبيق لإعادة تقديم محرِّك البحث الخاص بها إلى مستخدمي الإنترنت الصينيين بعد ثماني سنوات من انسحابها من السوق الصينية، فقد قررت في 2010 إيقاف الرقابة عن محرك البحث في الصين اعتراضاً على هجمات تصيُّد المعلومات بالخداع الإلكتروني الموجهة ضد مستخدمي جيميل، وبعد ذلك تم حظر محرك البحث عن طريق "الجدار الناري العظيم" الصيني، غير أن خدمات وتطبيقات جوجل الأخرى ما تزال متوافرة هناك، بما فيها الترجمة وتطبيقات مشاركة الملفات.

وقد أصبحت الصين مؤخراً موضوعاً أكثر حساسية بالنسبة للشركات التقنية، فقد استُدعي ممثلون عن جوجل وأمازون وآبل للمثول أمام لجنة التجارة في مجلس الشيوخ الأميركي، وذلك للإجابة عن تساؤلات حول عملهم في الصين، وقد أكد كيث إنرايت (المسؤول الأساسي عن الخصوصية في جوجل) أن الشركة كانت تعمل على تطبيق بحث مخصَّص للصين، ولكنه قال أيضاً إن الشركة "لم تقترب بعد" من إطلاقه.

ووفقاً لموقع ذا إنترسيبت، فإن التطبيق متوافق مع القوانين الصينية التي تخص الكلمات والمصطلحات المفتاحية الممنوعة في عمليات البحث، كما سيقدم البيانات إلى شركة صينية أخرى. وقد أشعل هذا المشروع -المعروف حالياً باسم: مشروع دراجونفلاي- احتجاجاً داخلياً من موظفي جوجل حرصاً على قِيَم الشركة.

كما يقول وانج إنه حتى لو تمكنت جوجل من التغلب على المعارضة الداخلية لخططها، فقد يكون من الصعب عليها أن تقنع الحكومة الصينية، ولذلك يقترح أن العمل مع شركة مثل سوجو قد يسهِّل من هذا، نظراً لوجود علاقة سابقة بينها وبين السلطات، وإدراكها لمخاوف الحكومة. كما يقترح وانج أن الشراكة يمكن أن تقدم حلاً لمسألة الرقابة الذاتية المثيرة للجدل، حيث يقول: "ستكون سوجو هي الطرف الذي يتعامل مع الحكومة من أجل الامتثال للقوانين والقواعد الناظمة، وبهذا يمكن تقديم خدمات جوجل الأخرى في الصين".

أما فيما يتعلق بالبحث على الإنترنت، يضيف وانج: "يمكن مثلاً أن تقوم سوجو بإدارة العلامة التجارية، في حين تؤمِّن جوجل التكنولوجيا. كما أن جوجل إذا فكرت في أن تعمل مع سوجو، فمن المرجح أن تحقِّق نجاحاً أكبر".

وقد لا يبدو هذا العرض مقنعاً بالنسبة لعاملي جوجل الذين يعتقدون أن الشركة ستعرِّض مبادئها للخطر بالخضوع للحكومة الصينية، كما أن جوجل قد لا تكون راغبة في العمل بهذا الشكل المتقارب مع شركة أخرى، غير أن العمل مع الشركاء الصينيين أمر مطلوب في أغلب الأحيان من الشركات الأميركية، ولا شك في أن جوجل ستضطر في نهاية المطاف إلى الإذعان لقواعد الحكومة إذا رغبت في الوصول إلى القاعدة الضخمة لمستخدمي الإنترنت الصينيين ومشهدها التقني النشط.

وقد أُطلق محرك البحث سوجو بصفته جزءاً من سوهو -بوابة الإنترنت الأكثر شعبية في الصين- وذلك في 2004. وكان وانج يشغل منصب المسؤول التقني الأساسي في سوهو، وبعد ذلك انفصلت سوجو وتحولت إلى شركة مستقلة في 2014، ودخلت إلى بورصة نيويورك في العام الماضي. وما زالت سوهو تمتلك جزءاً من سوجو، كما تمتلك تينسينت جزءاً آخر، وهي الشركة الصينية العملاقة التي أطلقت تطبيق التراسل للهواتف الذكية وي تشات، إضافة إلى العديد من الخدمات والألعاب على الإنترنت.

وتعتبر سوجو ثاني أكبر منصة في الصين -بعد بايدو- للبحث على الإنترنت وفي الهاتف الخلوي، وذلك وفقاً لشركة التحليل آي ريسيرتش. كما أنها تقدم مجموعة أخرى من المنتجات، بما فيها برنامج رائج للوحة مفاتيح مخصَّصة للمحارف الصينية على أنظمة ويندوز وماك أو إس، بالإضافة إلى أنها تقدم أيضاً جهازاً يترجم اللغة الصينية المنطوقة إلى الإنكليزية وبالعكس، إضافة إلى ساعة ذكية ذائعة الصيت مخصصة للأطفال في الصين.

وقد عقدت الشركة عدة شراكات ناجحة، حيث تؤمِّن خدمة البحث ضمن وي تشات مثلاً، كما أن سوجو هو محرك البحث الافتراضي لمتصفح الإنترنت كروم من جوجل في الصين.

وعلى الرغم من أن معظم دخل سوجو (حوالي 90%) ينتج من الإعلانات في البحث، إلا أن وانج يقول إن الشركة بدأت تتخذ لنفسها -وبشكل متصاعد- صفة أنها شركة للذكاء الاصطناعي، ويقول إنها ستركز على الفهم الآلي للغة.

وقبل إجراء المقابلة مع إم آي تي تكنولوجي ريفيو بوقت قصير، تحدث وانج أمام مجموعة من طلاب جامعة تسينجوا في بكين، حيث موَّلت سوجو مؤخراً معهداً جديداً للذكاء الاصطناعي هناك، وقد اشتمل حديثه على مجموعة من المشاريع، بما فيها أحدث تقنيات التعلم الآلي، مثل استخدام أنظمة قراءة الشفاه للمساعدة في عملية نقل الكلام إلى نص مكتوب بشكل مؤتمت. كما أن سوجو تعتبر واحدة من عدة شركات صينية تقدم برمجيات مخصَّصة لترجمة الخطابات والعروض التقديمية بشكل آلي ومباشر.

وقد كشف وانج أيضاً عن مشروع يُستخدم فيه التعلم الآلي لالتقاط صوت شخصٍ ما ومحاكاته، ومشروع آخر يُتيح نقل وجه شخصية مشهورة إلى وجه شخص آخر بشكل واقعي في الزمن الحقيقي. ويقول وانج إن كل هذه المشاريع تنضوي تحت مشروع أكبر لتطوير واجهات حاسوبية طبيعية قادرة على التحاور والتعبير بأساليب ذات طابع بشري أكثر وضوحاً.

وتَعِد الصين بأن تتحول إلى حاضنة أكثر أهمية للإبداع وريادة الأعمال، وإضافة إلى الوصول لقاعدة المستخدمين الصينيين الكبيرة، فمن المحتمل أن إدارة جوجل تدرس مخاطرة البقاء خارج السوق الصينية في حال ظهرت الأفكار والابتكارات الجديدة في بكين أو شينزن. يقول وانج: "ما زالت جوجل من أهم الشركات فيما يتعلق بالقدرات التكنولوجية العامة، ولكن فيما يتعلق بمسائل البحث في الصين تحديداً، فمن المرجح أن جوجل تراجعت من حيث النوعية".

أما جوجل فقد رفضت أن تعلِّق على اقتراح وانج أو خططه فيما يتعلق بالصين.