التلسكوب الفضائي الكبیر القادم قد یرصد مستویات من الأكسجین شبیھة بالأرض على الكواكب الخارجیة

3 دقائق
مصدر الصورة: ناسا/ مركز جودارد لرحلات الفضاء/ فریدلاندر جریسوولد

يتفق العلماء عموماً على أن أفضل إستراتيجية للعثور على حياة خارج كوكب الأرض، هي البحث عن عالم يتميز بظروف مماثلة للأرض، بما في ذلك الأكسجين الجوي الذي يمكن أن تنتجه الكائنات الحية التي تجري عملية التمثيل الضوئي. ولكن الأدوات المستخدمة حالياً لدراسة الكواكب الخارجية التي يُحتمل أنها صالحة للسكن، تعاني من نقص حاد في التجهيزات اللازمة للعثور على مثل هذه العلامات الحيوية.

والآن تشير دراسة جديدة إلى أنه يمكننا خلال عام ونيف أن نكون في طريقنا نحو تضييق نطاق البحث عن حياة على سطح كوكب آخر.

يقول المؤلف المشارك للدراسة إدوارد شويترمان من جامع كاليفورنيا: "هناك بضعة أسئلة تتجاوز التساؤل التالي: هل توجد حياة على كوكب آخر غير الأرض؟" ويضيف: "بسبب ارتباط الأكسجين بالحياة على الأرض، فنحن نعلم أن البحث عن الكواكب الخارجية أمرٌ مهم".

إن الدراسة -التي أجراها علماء ناسا وتم نشرها في مجلة Nature Astronomy- تسلط الضوء على طريقة جديدة مثيرة للاهتمام؛ حيث يمكن استخدام التلسكوب الفضائي القادم جيمس ويب لكشف الأكسجين وقياس مستوياته على الكواكب الخارجية. لطالما كان مقرراً أن يتم تكليف التلسكوب بدراسة الأكسجين على سطح الكواكب الخارجية، حيث من المقرر أن يتم إطلاقه عام 2021 بعد عدد من التأخيرات، ولكن هذه النتائج الجديدة توسِّع نطاقَ هذه القدرات بطرق لم يكن لأحد أن يدرك أنها ممكنة من قبل.

علاوة على ذلك، يمكن لهذه التقنية الجديدة أن تساعدنا على التأكد بصورة أفضل من كمية الأكسجين التي يحتويها عالم آخر. إذا كان لدى أحد الكواكب مستويات من الأكسجين مماثلة لنظيرتها على الأرض، فهذا يعزز احتمال أن تكون هذه المستويات ناجمة عن مصدر بيولوجي. (بالرغم من أن ذلك لا يستبعد بالتأكيد فكرة المصادر غير البيولوجية لهذا الأكسجين)

قبل هذه الدراسة، قام العلماء بتحديد 3 أطوال موجية رئيسية على الطيف الكهرطيسي (أحدها يقع ضمن مجال الطيف المرئي، واثنان يقعان بالقرب من الأشعة تحت الحمراء) يمكن رصدها من أجل تحديد الأكسجين.

إلا أنه عند التراكيز العالية -مثل تلك الموجودة على الأرض- فإن جزيئات الأكسجين تصطدم بالأشياء بتواتر أعلى بكثير. تتسبب هذه التصادمات بانبعاث إشارات لا يمكن رصدها باستخدام هذه الأطوال الموجية الثلاثة، مما يجعلها غير ملائمة لتحديد مستويات الأكسجين الأكثر كثافة ووفرة، والتي من المرجح أن تكون مرتبطة بنشاط بيولوجي.

تحدد الدراسة الجديدة الطولَ الموجي عند مستويات الأشعة تحت الحمراء المتوسطة التي يمكن استخدامها لكشف تصادمات جزيئات الأكسجين مع كل من جزيئات الأكسجين، وغيرها من الجزيئات الغازية الأخرى. يشير مؤلفو الدراسة إلى أن أداة مطياف الكتلة منخفضة الدقة للأشعة تحت الحمراء المتوسطة في جيمس ويب (MIRI LRS) قد تبحث عن الأكسجين عند هذا الطول الموجي حول الكواكب الخارجية التي تعبر من أمام نجومها المضيفة.

يمكن لهذه الطريقة أن تسمح لنا باكتشاف مستويات الأكسجين الشبيهة بالأرض في العديد من الأنظمة النجمية التي تبعد عنا أقل من 16 سنة ضوئية. وفي الأنظمة الأبعد من ذلك، سيكون بمقدور هذه الطريقة اكتشاف مستويات أعلى بعدة مرات من المستويات الموجودة على الأرض.

نظراً لأننا نستطيع اكتشاف جزيئات الأكسجين التي تتصادم مع غيرها من الجزيئات الغازية أيضاً، فينبغي لهذه الطريقة أن تسمح لنا بالتعرف على التركيب الكيميائي للغلاف الجوي برمته بتفصيل أكبر، وما إذا كان صالحاً لنشوء أشكال الحياة، أو أنه قد تكوّن بفعل بيئة أحيائية فضائية سابقة، أو حتى قائمة في الوقت الحاضر. على سبيل المثال، يشير شويترمان إلى أن خصائص الأكسجين التي يتم قياسها إلى جانب الميثان الجوي قد تشير إلى عمليات كيميائية حيوية تجري على سطح الكوكب تشبه تلك الموجودة على سطح الأرض.

يشير شويترمان إلى أن أفضل الكواكب الخارجية التي تتم دراستها باستخدام هذه التقنية، هي تلك التي تدور حول نجوم قزمة ذات تصنيف طيفي من نوع M، والتي تضع الكواكب المتواجدة في النظام النجمي ترابيست-1 في مقدمة القائمة. هذا النظام النجمي الذي يبعد عنا 40 سنة ضوئية، يمتلك عدة كواكب خارجية قد تدعم مقومات الحياة، بما في ذلك 3 كواكب تقع تماماً ضمن المنطقة المحيطة بالنجم والصالحة للسكن. يمكننا على أقل تقدير أن نستخدم المجال المتوسط للأشعة تحت الحمراء لمعرفة ما إذا كان الأكسجين الذي رصدناه على أحد الكواكب الخارجية البعيدة هو شيء يستحق أن نتحمس لأجله.

المحتوى محمي