هذا التقدم في البطاريات قد يخفض كثيراً من أسعار السيارات الكهربائية

3 دقائق
الخلايا النموذجية لشركة سيلا عززت كثافة الطاقة بحوالي 20 بالمائة الأمر الذي يبشر ببطاريات تدوم طويلاً

على مدى السنوات السبع الماضية، بدأت شركة ناشئة في مقاطعة ألاميدا بولاية كاليفورنيا، تعمل في صمت على مادة أنودية جديدة تبشر بتعزيز أداء بطاريات أيونات الليثيوم.

بزغ نجم شركة سيلا نانوتكنولوجيز (Sila Nanotechnologies ) الشهر الماضي حين عقدت شراكة مع "بي إم دبليو" لاستغلال مواد أنودية سيليكونية تنتجها الشركة على الأقل في بعض المركبات الكهربائية التي تصنعها شركة السيارات الألمانية بحلول عام 2023. وصرّح المتحدث باسم شركة بي إم دبليو لجريدة وول ستريت جورنال أن شركته تتوقع أن تؤدي الصفقة إلى زيادة مقدارها 10 إلى 15 بالمائة في كمية الطاقة التي يمكنك تعبئتها في خلية بطارية بحجم معين، فيما قال المدير العام لشركة سيلا، جين بيرديتشيفسكي، أن هذه المواد قد تحدث تحسناً بنسبة تصل إلى 40 بالمائة (انظر“35 Innovators Under 35: Gene Berdichevsky”).

وفيما يتعلق بالسيارات الكهربائية، فإن الزيادة فيما يسمى بكثافة الطاقة ستفيد إما بتحقيق زيادة كبيرة في عدد الكيلومترات التي يمكن قطعها بشحنة واحدة أو تقليل تكلفة البطاريات اللازمة للوصول إلى النطاقات القياسية. وفيما يتعلق بالأجهزة الاستهلاكية، فإن هذا قد يخفف من إحباط الناتج عن عدم استمرار بطارية الهاتف الجوال ليوم واحد، أو قد يتيح ميزات الجيل التالي المتعطشة للطاقة مثل الكاميرات الأكبر أو شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة.

أمضى الباحثون عقوداً في العمل على تطوير قدرات بطاريات أيونات الليثيوم، لكن هذه التحسينات لم تتحقق إلا في صورة نسب ضئيلة كل مرة، فكيف تمكنت سيلا نانوتكنولوجيز من تحقيق هذه القفزة الكبيرة؟

أجرت أم أي تي تكنولوجي ريفيو مقابلة مع بيرديتشيفسكي الذي كان الموظف السابع بشركة تسلا "Tesla"، وكبير مسؤولي التكنولوجيا جليب يوشين، أستاذ علوم المواد في معهد جورجيا للتكنولوجيا، لتقديم شرح موسع لتكنولوجيا البطارية.

مؤسسو شركة سيلا (من اليمين لليسار)، جليب يوشين و جين بيرديتشيفسكي وأليكس جاكوبس
سيلا نانوتكنولوجيز

الأنود هو القطب السالب للبطارية، وهو المسوؤل في هذه الحالة عن تخزين أيونات الليثيوم عند شحن البطارية، وقد كان المهندسون يعتقدون من قديم أن السليكون ينطوي على إمكانات كبيرة تؤهله لصناعة الأنود منه لسبب بسيط: أنه يمكنه الارتباط بأيونات الليثيوم أكثر من الغرافيت بنسبة 25 مرة، رغم أن الجرافيت هو المادة الرئيسية المستخدمة في بطاريات أيونات الليثيوم حالياً.

وقد صاحب الميزة السابقة عدة سلبيات، فبعد أن يرتبط السليكون بعدد كبير من أيونات الليثيوم، يتمدد حجمه، مما يضغط المادة بطريقة تجعلها تتفتت أثناء الشحن، وهذا الانتفاخ يؤدي أيضاً إلى تفاعلات جانبية كهروكيميائية تقلل من أداء البطارية.

وفي عام 2010، شارك يوشين في إعداد ورقة بحثية حددت طريقة لإنتاج جسيمات نانوية صلبة تعتمد على السيليكون وتكون مليئة بالثغرات من الداخل بدرجة كافية لاستيعاب التغيرات الكبيرة في الحجم، كما تعاون مع بيرديتشيفسكي ومهندس بطاريات آخر يدعى أليكس جاكوبس كان يعمل من قبل في شركة Tesla، على تكوين الشركة في العام التالي.

فعملت الشركة على تسويق هذا المفهوم الأساسي تجارياً منذ ذلك الحين، وطورت وأنتجت واختبرت عشرات الآلاف من أنواع الجسيمات النانوية بالغة التطور، وحددت طرقاً لتغيير البنية الداخلية للحيلولة دون تسرب المحلول الكهربائي من البطارية إلى الجسيمات، وحققت عشرات التحسينات الإضافية في كثافة الطاقة التي أدت في نهاية المطاف إلى إحداث تحسين يزيد بنسبة 20 بالمائة تقريباً عن أفضل التقنيات الموجودة.

وفي النهاية أنتجت الشركة جسيماً كروياً متيناً بحجم الميكرومتر ذي لب كثير الثغرات لاستيعاب الانتفاخ الذي يحدث داخل البنية الداخلية، ولا يغير الجزء الخارجي من الجسيم الشكل أو الحجم أثناء الشحن، بما يضمن تحقيق الأداء الطبيعي وإتمام دورة الحياة الطبيعية.

وفي حالة ظهور أي تقنية جديدة في عالم البطاريات، يلزم مرور خمس سنوات على الأقل لتنفيذها بعد تجاوز إجراءات ضمان الجودة والسلامة المتبعة في صناعة السيارات – ولذلك كان اختيار عام 2023 مع شركة بي إم دبليو، لكن شركة Sila تسير بخطى أسرع مع الإلكترونيات الاستهلاكية، فيتوقع طرح المنتجات التي تحمل موادها في الأسواق في أوائل العام المقبل.

ورغم إقرار فينكات فيسواناثان، المهندس الميكانيكي في جامعة كارنيجي ميلون، بأن شركة Sila "تحقق تقدماً كبيراً"، إلا أنه حذر من أن الإيجابيات في أحد معايير البطارية غالباً ما تأتي على حساب معايير أخرى - مثل السلامة أو وقت الشحن أو دورة الحياة - وأن النجاح في المختبرات لا يترجم عادة بصورة مثالية إلى منتجات نهائية.

وتعمل شركات أخرى مثل  إيفونكس (Enovix ) و إينفيت (Enevate) على تطوير مواد أنودية سيليكونية، وفي الوقت نفسه تتبع شركات أخرى مسارات مختلفة تماماً للتخزين عالي السعة، لا سيما بطاريات الحالة الصلبة، عبر استخدام مواد مثل الزجاج أو السيراميك أو البوليمرات بدلاً من المحلول الكهربائي، التي تساعد على حمل أيونات الليثيوم بين الكاثود والأنود.

وعقدت بي إم دبليو شراكة مع شركة سوليد باور (Solid Power) المنبثقة عن جامعة كولورادو بولدر، والتي تزعم أن تقنية الحالة الصلبة التي تعتمد على أنودات معدن الليثيوم تستطيع تخزين طاقة تزيد مرتين أو ثلاث مرات عن بطاريات أيونات الليثيوم التقليدية. وفي الوقت نفسه طورت شركة أيونك ماتريلز (Ionic Materials) التي جمعت مؤخراً 65 مليون دولار من شركة ديسون (Dyson) وغيرها، بوليمراً كهربائياً صلباً تزعم أنه سيساهم في إنتاج بطاريات أكثر أماناً وأقل تكلفة تستطيع العمل في درجة حرارة الغرفة وتعمل أيضاً مع معدن الليثيوم.

ويرى بعض خبراء البطاريات أن تقنية الحالة الصلبة تبشر بمزايا أكبر فيما يتعلق بكثافة الطاقة، إذا استطاع الباحثون التغلب على بعض العقبات التقنية المتبقية.

وفي المقابل، يؤكد بيرديتشيفسكي أن مواد شركته يمكن أن تدخل في تكوين المنتجات من الآن، وعلى عكس بطاريات الحالة الصلبة القائمة على معدن الليثيوم فإنها لا تحتاج إلى أي تحديث في معدات باهظة الثمن من الشركات المصنعة للبطاريات.

وفي ظل سعي الشركة للوصول إلى طرق إضافية للحد من التغير في حجم الجزيئات التي تعتمد على السيليكون، يرى بيرديتشيفسكي ويوشين أنهما يستطيعان زيادة كثافة الطاقة أكثر من ذلك، مع تحسين أوقات الشحن وإجمالي دورة الحياة.

المحتوى محمي