استضافت مدينة هونغ كونغ في الفترة من 5 إلى 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 الدورة الثانية من منتدى هونغ كونغ لحائزي جائزة شو، وهو ملتقى يستمر أربعة أيام ويجمع بين أكثر من 3,800 مشارك من مختلف دول العالم، من بينهم 12 من الحاصلين على جائزة شو، و210 باحثين من الشباب من أكثر من 20 دولة ومنطقة، إلى جانب نحو 900 طالب من المدارس الثانوية.
تحت شعار "ملتقى العقول الملهمة"، صمم المنظمون هذا الحدث بهدف تعزيز التواصل بين الأجيال العلمية المختلفة وإطلاق العنان لأفكار جديدة تجمع بين الأجيال والتخصصات والثقافات، وربط البحث العلمي بالمجتمع والصناعة والتعليم.
منصة استراتيجية للعلوم
تأسس مجلس المنتدى في مايو/أيار 2019، وتتكفل مؤسسة لي شو كي بتمويله بالكامل. وتعد مؤسسة جائزة شو الشريك الرئيسي للمنتدى، حيث تتولى المساهمة في دعوة العلماء الحاصلين على الجائزة وتنظيم الفعاليات المشتركة.
ووفق ما أوضح المنظمون، فإن المنتدى يمثل أحد الجهود المستمرة لهونغ كونغ لترسيخ مكانتها مركزاً دولياً للابتكار والتعليم والبحث، من خلال دعم المواهب الشابة وتوسيع آفاق التعاون العلمي عبر الثقافات.
في افتتاح المنتدى، صرح تشان كوك-كي، الأمين العام للشؤون الإدارية، بأن هونغ كونغ "تؤسس نظاماً متطوراً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قائماً على مبدأ تعزيز التكنولوجيا بالمواهب، وقيادة الصناعات بالتكنولوجيا، واستقطاب المواهب بالصناعات".
وأشار إلى أن تصنيفات المدينة في مجال الابتكار آخذة في التحسن، لا سيما وأن منطقة خليج هونغ كونغ الكبرى (شنتشن-هونغ كونغ-قوانغتشو) تتصدر قائمة تجمعات الابتكار العالمية.
ينظم المنتدى مجلس منتدى هونغ كونغ لحائزي جائزة نوبل وبرعاية مؤسسة لي شاو كي بالشراكة مع مؤسسة جائزة شو.
وتتمثل مهمته الأساسية في مد الجسور بين الأجيال والثقافات والتخصصات العلمية، وتمكين المواهب الناشئة في أنحاء العالم كافة، وتعزيز الاتصالات طويلة الأمد بين قادة الفكر والمبتدئين على حد سواء، وبالتالي إشعال الشغف بالعلم والاكتشافات المبتكرة.
وأكد تيموثي تونغ رئيس اتحاد هونغ كونغ للعمال، أن منتدى هونغ كونغ لحائزي الجوائز لا يهدف إلى الاحتفال بإنجازات الماضي، بل إلى إشعال فتيل رحلات المستقبل.
المتحدثون والمشاركون الرئيسيون
ضم المنتدى قائمة من حائزي الجوائز والأكاديميين أصحاب الشهرة العالمية الذين قدموا إنجازات في مجموعة واسعة من المجالات العلمية، بما فيها الفيزياء والطب والكيمياء وغيرها من التخصصات. وشارك هؤلاء المخضرمون أحدث نتائج أبحاثهم وحكمتهم العملية مع الجيل القادم من العلماء. ومن بين الضيوف البارزين:
- هارفي ألتر الحائز جائزة نوبل في الفيزيولوجيا أو الطب 2020، الذي قدم بحثاً مهماً عن التهاب الكبد.
- ديدييه كيلوز الحائز جائزة نوبل في الفيزياء 2019، مستكشف الظواهر الكونية.
- مايكل ليفيت الحائز جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2013، الذي حلل التفاعل بين الذكاء البيولوجي والبشري والآلي الذي يقود الابتكار.
وضم البرنامج أيضاً أكثر من 90 أكاديمياً عالمياً ومجموعة قوية من العلماء الشباب، ما يؤكد روح الإرشاد والتعاون العالمي الشاملة للمنتدى.
موضوعات التركيز: الابتكار والاستدامة والتعاون العالمي
تمحورت الأجندة الفكرية للمنتدى في المقام الأول حول التقاطعات بين العلوم المتطورة والتحديات العالمية الملحة. وتناولت المحاضرات العامة وحلقات النقاش موضوعات مهمة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة والمواد الجديدة والتنمية المستدامة.
وقد ضمت مناقشة مائدة مستديرة مهمة بعنوان "الابتكار معاً: التعاون العالمي من أجل مستقبل مستدام" قادة من العديد من جامعات هونغ كونغ وحائزي جائزة نوبل، لتعزيز الحوار حول كيف يمكن للجهود متعددة التخصصات أن تعالج تحديات الاستدامة في العالم.
وبرز الذكاء الاصطناعي وتأثيره التحويلي في البحث والصناعة مجالاً رئيسياً للتركيز. وتداول الخبراء حول تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق التقدم مع التأكيد على الحاجة إلى أطر أخلاقية قوية، وتنمية المواهب الاستراتيجية، لتحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والمسؤوليات المجتمعية. ويهدف هذا الخطاب التطلعي إلى ضمان أن اعتماد الذكاء الاصطناعي يفيد البشرية على نطاق واسع دون مخاطر غير مقصودة.
الأنشطة وفرص التواصل
جمع جدول أعمال منتدى هونغ كونغ للعلماء الشباب 2025 بين صيغ مختلفة لتعزيز التفاعل، مثل محاضرات عامة، وجلسات نقاشية، وورش عمل، وعروض ملصقات يقدمها العلماء الشباب، وأنشطة اجتماعية ثقافية مشتركة، وتجمعات غير رسمية أتاحت فرصاً كبيرة للتواصل والتوجيه، ووفرت فرصاً للتبادلات الحيوية بين حائزي الجائزة والعلماء الشباب، وشجعت الفضول والتعاون وتلاقح الأفكار عبر التخصصات والثقافات.
من بين أبرز هذه الفعاليات "برنامج جائزة مستكشف العلوم 2023-2024"، حيث يشترك طلاب المرحلة الثانوية في زيارات المختبرات والتفاعل المباشر مع العلماء. ويعد جهد التوعية هذا بمثابة حافز لإشعال الشغف بالمهن العلمية وتنشئة أجيال المستقبل من الباحثين منذ سن مبكرة.
ربط البحث العلمي بالتطبيق الصناعي
ضمن أنشطة المنتدى، نظمت لجنة المنتدى زيارة ميدانية لوفد من 15 عالماً شاباً إلى إحدى الشركات التقنية الرائدة في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ الكبرى. وقد أتاحت الزيارة للمشاركين التعرف إلى آليات تحويل الاكتشافات العلمية إلى تطبيقات تجارية ومنتجات صناعية، كما شملت جولة في معارض التكنولوجيا المتقدمة وجلسات حوار مع مسؤولي الابتكار في الشركة المضيفة.
وأكدت اللجنة المنظمة أن الهدف من هذه الزيارات هو تعزيز وعي الباحثين الشباب بدور الصناعة في تطوير العلوم، وتشجيعهم على التفكير في سبل ربط أبحاثهم العلمية بحاجات المجتمع والاقتصاد.

