في ظل الاقتصاد الرقمي الحديث أصبحت توقعات المستهلكين من التطبيقات والخدمات الرقمية التي يستخدمونها بشكل يومي عالية، حيث إنهم يتوقعون أن تكون عالية الأداء على مدار اليوم ومحسنة بشكل دوري، وبالنسبة للشركات هذا يعني أن مراقبة صحة تطبيقاتها وتحسين جودتها بما يخدمهم بشكل ممتاز أصبحت ضرورة استراتيجية لا غنى عنها.
إذ إن توقف الخدمة الرقمية، التي لا تعتبر مجرد تطبيق أو موقع ويب بل هوية الشركة وجزءاً لا يتجزأ من عملياتها التجارية، له تكاليف باهظة على الشركات المدرجة ضمن قائمة غلوبال 2000 تصل إلى 400 مليار دولار سنوياً، بحسب تقرير التكاليف الخفية للتوقف عن العمل الصادر عن شركة البرمجيات العالمية سبلونك، بالإضافة إلى الإضرار بسمعة العلامة التجارية وثقة المستخدمين.
في هذا السياق يعد الجمع بين أدوات مراقبة صحة التطبيقات وتجربة المستخدم المدعومة بالذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية، إذ يساعد الشركات على اكتشاف المشكلات في خدماتها الرقمية مبكراً وحلها بشكل أسرع، ما يؤدي إلى حصول العملاء على تجربة سلسة ومرضية.
العلاقة التكافلية: أدوات مراقبة صحة التطبيقات وتجربة المستخدم علاقة لا تنفصل لدفع نجاح الأعمال
لا تقتصر العلاقة بين مراقبة صحة التطبيقات وتجربة المستخدم على التبعية التقنية فحسب، بل هي علاقة سببية استراتيجية في اقتصاد حديث يركز على الرقمية، حيث تعد صحة التطبيق وراحة المستخدم ضرورة قصوى للشركات للاحتفاظ بعملائها، ويشير مفهوم مراقبة صحة التطبيقات إلى البرامج والعمليات التي تتتبع صحة التطبيقات في الوقت الفعلي والتي تؤدي إلى اكتشاف أي مشكلة بسرعة.
على سبيل المثال، إذا تباطأ التطبيق فجأة فقد تشير أداة مراقبة صحة التطبيقات إلى الارتفاع المفاجئ في عدد الزوار، ما يتيح استكشاف الأخطاء وإصلاحها قبل أن يلاحظها المستخدمون ويمكن الشركات من منع الانقطاعات وتحسين تجربة المستخدم.
في المقابل تعد تجربة المستخدم مفهوماً أوسع وأكثر شمولية، إذ يشير إلى التجربة الشاملة التي يخوضها العميل أو المستخدم عند التفاعل مع منتج أو نظام أو خدمة، أي التجربة الكاملة التي يمر بها المستخدم بما في ذلك سهولة الاستخدام والتصميم والوصول والتفاعل.
على سبيل المثال، قد يكون لتطبيق ما تصميم جميل، ولكن إذا كان يتعطل باستمرار أو كان سير عمله مربكاً، مثل وجود تعقيد في عملية الدفع، فإن تجربة المستخدم بشكل عام تكون سيئة، لذلك تركز تجربة المستخدم على مدى سهولة ورضا المستخدمين عن تحقيق أهدافهم عند استخدام التطبيق أو الموقع دون إحباط.
8 أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمراقبة صحة التطبيقات وتجربة المستخدم
أولاً: أدوات مراقبة صحة التطبيقات وأدائها
1. منصة دايناتريس Dynatrace
منصة متكاملة لمراقبة الصحة مصممة خصيصاً للشركات الكبيرة والمتوسطة، توفر مراقبة تلقائية وشاملة للتطبيقات والبنية التحتية وتحليل البيانات المجمعة للكشف عن الأخطاء وتقديم تحليل فوري للسبب الجذري دون الحاجة إلى تدخل يدوي.
الميزات الرئيسية:
- استخدام الذكاء الاصطناعي التنبؤي للتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية والذكاء الاصطناعي التوليدي لتنفيذ إجراءات تلقائية، ما يمنحها قدرة عالية على الأتمتة.
- وكيل ذكاء اصطناعي مدمج للكشف عن مكونات النظام بشكل تلقائي، مثل الخوادم وقواعد البيانات، وترابطها ببعضها دون الحاجة إلى إعداد يدوي.
- توفير رؤية شاملة عبر جمع البيانات من البنية التحتية والتطبيقات والسجلات وتجربة المستخدم والأمان في مكان واحد.
القيود: تعد التكلفة المرتفعة للمنصة عائقاً رئيسياً أمام الشركات الصغيرة والناشئة، كما يمكن أن يكون إعدادها معقداً ويتطلب وقتاً وجهداً للتعلم. بالإضافة إلى ذلك، قد تستهلك المنصة كمية كبيرة من موارد النظام، ما قد يؤثر في أداء الأنظمة الأقل قوة.
2. منصة داتا دوغ Datadog
توفر رؤية موحدة للبنية التحتية والتطبيقات والسجلات والأمان وتجربة المستخدم، وتستخدم التعلم الآلي للكشف التلقائي عن أي خلل والتنبؤ بالمشكلات وإجراء تحليل للسبب الجذري، بالإضافة إلى تقييم تأثير المشكلة على سير العمل. تعد مناسبة للشركات من الأحجام كلها، خاصة التي تعتمد على بيئات سحابية أو هجينة.
الميزات الرئيسية:
- استخدام محرك ذكي لتحديد الأنماط غير الطبيعية والقيم الشاذة في المقاييس تلقائياً دون الحاجة إلى ضبط يدوي، مع التكيف مع التغيرات والاتجاهات.
- تقنيات المنصة لا تكشف عن الخلل فحسب، بل تتتبع أيضاً الأسباب المحتملة عبر الخدمات والبنية التحتية وحساب تأثيرها المقدر على المستخدم.
- دمج أدوات مراقبة صحة التطبيقات والسجلات ومراقبة المستخدم الحقيقي، بالإضافة إلى مراقبة البنية التحتية والأمان في مكان واحد، ما يسمح للفرق بربط البيانات بسلاسة.
القيود: يشكل نموذج التسعير مصدر قلق، حيث إنه قائم على الاستخدام، وقد يؤدي إلى تضخم كبير في التكاليف مع زيادة الاستهلاك، بالإضافة إلى تحدي إرهاق التنبيهات، إذ يمكن أن تؤدي أجهزة المراقبة إلى توليد عدد كبير من الإشعارات ما لم يتم تكوينها وضبطها بعناية.
3. منصة نيو ريليك New Relic
توفر تشخيصات مفصلة على مستوى الكود وتتبعاً موزعاً، بالإضافة إلى دمج التعلم الآلي التطبيقي لاكتشاف المشكلات تلقائياً واقتراح الأسباب الجذرية المحتملة، ما يجعلها خياراً مثالياً للفرق التي تحتاج إلى رؤى موحدة حول صحة تطبيقها وكيفية تجربة مستخدميها.
الميزات الرئيسية:
- التنبؤ بالحوادث والكشف عن أي خلل في المقاييس والبيانات تلقائياً، ما يقلل الوقت اللازم لاكتشاف المشكلات.
- تحديد الأسباب الجذرية المحتملة للمشكلات وتقديم توصيات لمساعدتك على حلها.
- استخدام التعلم الآلي لتوقع اتجاهات المقاييس المستقبلية لإنشاء تنبيهات تنبؤية للوقاية من المشكلات قبل حدوثها.
القيود: يعتبر نموذج التسعير القائم على الاستخدام معقداً ومكلفاً للشركات الناشئة، كما قد يواجه المستخدمون تحديات في تعلم كيفية ضبط التنبيهات والاستعلامات بدقة.
4. منصة آب ديناميكس AppDynamics
تركز على ربط صحة التطبيق بالتأثيرات التجارية وتوفر رؤية واضحة لمراقبة معاملات الأعمال، بالإضافة إلى جمع المقاييس الفنية الرئيسية والمؤشرات التجارية الأساسية، ما يسمح بفهم كيفية تأثيره في الإيرادات وتجربة العملاء. لذلك، تعد خياراً مثالياً للشركات التي يكون فيها تأثير صحة التطبيق على الأرباح والعملاء أمراً بالغ الأهمية.
الميزات الرئيسية:
- مراقبة صحة التطبيقات ورؤية الكود بدقة، ما يمكن المطورين من تحديد الأكواد البطيئة لتحسينها.
- مراقبة معاملات الأعمال من خلال وضع علامة على معاملات محددة. على سبيل المثال، يمكن وضع علامة على معاملة "الدفع" وتتبع أدائها من البداية إلى النهاية لضمان سلامة العمليات.
- ربط المقاييس التقنية بمقاييس الأعمال، ما يساعد على فهم التأثير المباشر لأداء التطبيق على الأرباح وتجربة العملاء.
القيود: غير مناسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة لكونها مصممة خصيصاً للشركات الكبيرة في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والتمويل التي تتطلب رؤية متعمقة ومركزة على الأعمال لتطبيقاتها، كما أنها لا تعتمد على معيار ابديكس المفتوح المصدر لقياس تجربة المستخدم الذي تتبناه العديد من المنصات المنافسة.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم أداء الموظفين؟
ثانياً: أدوات مراقبة تجربة المستخدم وتحسينها
5. أداة فول ستوري FullStory
أداة تحليل مصممة خصيصاً لفرق المنتجات وتجربة المستخدم في الشركات الناشئة والمتوسطة والكبيرة، تعمل على تسجيل تفاعلات المستخدمين بدقة عبر تطبيقات الويب والهواتف المحمولة وتستخدم التعلم الآلي لتحديد الإشارات، ما يساعد فرق العمل على فهم سلوك المستخدمين بشكل أعمق وتحديد نقاط الضعف في رحلتهم مع التطبيق، ويمكنهم من إعطاء الأولوية للتحسينات اللازمة لتحسين تجربة المستخدم.
الميزات الرئيسية:
- الخرائط الحرارية وخرائط النقر لتقديم تمثيل مرئي لمناطق التفاعل الأكثر شيوعاً على الصفحات، ما يظهر بوضوح الأجزاء التي تجذب اهتمام المستخدمين وتلك التي تتجاهل.
- الكشف التلقائي عن المشكلات من خلال استخدام المنطق الاستدلالي والتعلم الآلي لتحديد مكامن الخلل تلقائياً، مثل "النقرات الميتة" -عندما ينقر المستخدم ولا يحدث شيء- بالإضافة إلى صعوبة ملء النماذج الطويلة.
- تقديم رؤى عميقة عن المستخدمين عبر تقسيمهم إلى شرائح بناءً على خصائص مختلفة مثل نوع المتصفح، والجهاز المستخدم، أو الموقع الجغرافي، ما يساعد على فهم كيفية تفاعل مجموعات مختلفة من المستخدمين مع الموقع أو التطبيق.
القيود: تركيزها على تحليل مواقع الويب والهاتف فقط، كما قد تواجه تحديات متعلقة بحجم البيانات والخصوصية بسبب تسجيل الجلسات. علاوة على ذلك، يمكن أن تكون التكلفة عالية للمواقع ذات حركة المرور الكثيفة بسبب باقات المؤسسات وتكاليف تخزين البيانات.
6. أداة هات جار Hotjar
أداة شاملة لتحليل تجربة المستخدم تمكن الفرق من فهم سلوك الزوار على مواقعهم الإلكترونية. تجمع الأداة بين التحليلات الكمية مثل الخرائط الحرارية وتسجيلات الجلسات والبيانات النوعية، ما يجعلها مثالية للمسوقين ومدراء المنتجات ومصممي تجربة المستخدم لتحسين صحة مواقعهم وتطبيقاتهم.
الميزات الرئيسية:
- الخرائط الحرارية التي تظهر الأجزاء الأكثر والأقل تفاعلاً في الصفحة، ما يوضح الأماكن التي يضغط عليها المستخدم ويتصفحها.
- تسجيلات الجلسات بشكل مجهول لفهم سلوك المستخدم، ما يسمح بفهم كيفية تنقله وتفاعله مع الموقع أو التطبيق.
- مسارات التحويل التي تحدد بدقة المراحل التي يتوقف فيها المستخدم، ما يساعد على كشف وحل المشكلات التي تواجهه.
القيود: تكمن في أن تكاليفها قد تكون مرتفعة للشركات الصغيرة والناشئة، حيث ترتبط الميزات المتقدمة بالخطط ذات الأسعار العالية. بالإضافة إلى ذلك، قد لا توفر عمق البيانات والأتمتة نفسها التي تقدمها الأدوات المتخصصة للمؤسسات.
7. أداة كونتينت سكوير Contentsquare
أداة مصممة للمؤسسات الكبيرة خاصة العاملة في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية. تستخدم تقنيات التقاط البيانات والتعلم الآلي لفهم سلوك المستخدمين بشكل عميق وتحويل إشاراتهم السلوكية إلى توصيات عملية، بالإضافة إلى تقديم رؤى تساعد الشركات على تحسين تجربة المستخدم وزيادة معدلات التحويل.
الميزات الرئيسية:
- تقديم تحليلات آلية لمسارات التحويل دون الحاجة إلى إضافة وسوم يدوية في معظم الحالات.
- توفير رؤى عميقة مثل الكشف عن المشاكل غير المتوقعة وتكوين شخصيات المستخدمين وتقديم توصيات قابلة للتنفيذ.
- الجمع بين البيانات السلوكية وملاحظات المستخدمين لتقديم فهم شامل يساعد في تحديد أولويات التحسينات اللازمة لتجربة العملاء.
القيود: مصممة للمؤسسات الكبيرة، ما يجعلها معقدة ومكلفة بالنسبة للشركات الصغيرة والناشئة. علاوة على ذلك، ينبغي للشركات التي تستخدمها الالتزام التام بقوانين خصوصية البيانات والحصول على موافقة المستخدمين قبل تسجيل جلساتهم وتحليلها.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم تطبيقات بث الموسيقى الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة المستخدم؟
8. أداة بيندو Pendo
تعد منصة متكاملة لتجربة المنتج ومساعدة فرق العمل على فهم سلوك المستخدمين، حيث تجمع البيانات تلقائياً ومن ثم تستخلص رؤى أساسية حول كيفية استخدام الميزات. تعتبر مثالية للشركات التي تسعى لتحقيق النمو القائم على المنتج، إذ تساعدها على تحسين عملية دمج المستخدمين الجدد وجمع الملاحظات بشكل مستمر.
الميزات الرئيسية:
- توفير تحليلات عميقة لسلوك المستخدمين لتحديد علامات ضعف تبني المنتج أو احتمالية فقدان العملاء.
- المساعدة على تحسين عملية دمج المستخدمين وتبني الميزات الجديدة من خلال تقديم أدلة إرشادية وعروض توضيحية وتجارب مخصصة بناءً على سياق استخدامهم.
- إتاحة تجزئة العملاء المحتملين الحاليين، ما يمكن الفرق من تحديد أولويات الإجراءات الهادفة إلى توسيع نطاق التعامل معهم أو الاحتفاظ بهم.
القيود: لكي تعمل بكفاءة ينبغي تزويدها ببيانات سلوكية دقيقة وتحديد مقاييس نجاح واضحة، ما قد لا يكون مناسباً للمنتجات الصغيرة.
اقرأ أيضاً: كوبايلوت فيجن: كيف ستُغيّر هذه الميزة تجربة تصفحك الويب؟
كيفية اختيار أداة مراقبة التطبيقات وتجربة المستخدم المناسبة
يعتمد اختيار أداة مراقبة صحة التطبيقات وتجربة المستخدم الأنسب على احتياجاتك وقيودك الخاصة، ومع ذلك تشمل الاعتبارات الرئيسية ما يلي:
- نطاق المراقبة: هل تحتاج إلى إمكانية مراقبة شاملة أم مقاييس محددة فقط؟
- عمق التحليل: بينما توفر بعض الأدوات مقاييس وسجلات بسيطة، تقدم أخرى تحليلات متقدمة مثل تتبع المعاملات وكشف الخلل، وهو أمر ضروري لتحديد الأسباب الجذرية للمشكلات.
- قابلية التوسع والأداء: ضع في اعتبارك حجم بياناتك وتحقق مما إذا كان نموذج الترخيص مرناً ولن يصبح باهظ التكلفة مع نمو أعمالك.
- التكامل: تحقق من مدى ملاءمة الأداة لسير عملك الحالي وهل تتكامل مع أنظمتك الحالية؟ وهل يمكنك استيعاب السجلات والمقاييس من بنيتك التحتية الحالية بسهولة؟
- الميزانية والترخيص: قيم نماذج التكلفة بدقة، إذ تفرض بعض المنصات رسوماً بناءً على حجم البيانات، بينما تفرض أخرى رسوماً بناءً على عدد المضيفين أو المستخدمين.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في مراقبة التطبيقات وتجربة المستخدم
يتزايد دور الذكاء الاصطناعي في مراقبة التطبيقات، حيث من المتوقع أن نشهد بزوغ أنظمة وأدوات أكثر استقلالية وذاتية الإصلاح بطريقة لا يقتصر فيها دور الذكاء الاصطناعي على تشخيص المشكلات فحسب، بل يفعل أيضاً حلولاً آلية مثل التخفيف التلقائي من المخاطر وإصلاح الانقطاعات الطفيفة ذاتياً بناءً على الحلول المكتسبة.
فيما يتعلق بتجربة المستخدم، من المتوقع أن يمكن الذكاء الاصطناعي من تخصيص وتحسين أعمق، من خلال تحليل تفاعلات المستخدم في الوقت الفعلي وتعديل الواجهات أو المحتوى بشكل ديناميكي للأفراد، مثل التوصية بالميزات، ما يجعل التجارب الرقمية أكثر تخصيصاً وكفاءة.