من المايكرويف إلى مراكز البيانات: استهلاك الطاقة الخفي للذكاء الاصطناعي

3 دقيقة
من المايكرويف إلى مراكز البيانات: استهلاك الطاقة الخفي للذكاء الاصطناعي
توفر الكبلات الكهربائية طاقة احتياطية لمراكز بيانات جوجل في مقاطعة إليس بولاية تكساس.

أعلنت شركة جوجل مؤخراً أن الاستعلام النموذجي الذي يوجهه المستخدم لتطبيقها الخاص جيميناي يستهلك نحو 0.24 واط/ساعة من الكهرباء. وهذا يماثل تقريباً ما يستهلكه تشغيل فرن المايكرويف مدة ثانية واحدة، وهو أمر يبدو لي أنه غير مهم تقريباً. فأنا أشغل المايكرويف مدة أكثر من ذلك بكثير في معظم الأيام.

لقد كنت متحمسة لصدور هذا التقرير، وأرحب بمزيد من الانفتاح من الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي بشأن تقديراتها لاستهلاك الطاقة لكل استعلام. ولكنني لاحظت أن بعض الأشخاص يعتمدون على هذا الرقم لاستنتاج أنه لا داعي للقلق بشأن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة. هذا الاستنتاج مجانب للصواب، ودعونا نتعمق في تفسير كلامي هذا.

1. هذا الرقم لا يعكس وحده الاستفسارات كلها، ويستبعد الحالات التي من المحتمل أن تستهلك قدراً أكبر بكثير من الطاقة

يتناول تقرير جوجل الجديد الاستعلامات النصية فقط. بينما تشير التحليلات السابقة، بما في ذلك تقارير صادرة عن مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو، إلى أن توليد صورة أو مقطع فيديو عادة ما يستهلك قدراً أكبر من الكهرباء.

عندما تحدثت إلى كبير علماء جوجل، جيف دين، قال إن الشركة ليس لديها خطط حالياً لإجراء هذا النوع من التحليل للصور ومقاطع الفيديو، لكنه لا يستبعد ذلك.

ويقول إن السبب الذي دفع الشركة إلى البدء بالتركيز على الأوامر النصية هو أن هذا النوع من الأوامر يستخدمه الكثير من الناس في حياتهم اليومية، في حين أن نسبة الأشخاص الذين يعتمدون على النماذج اللغوية الكبيرة لتوليد الصور والفيديو أقل بكثير. ولكنني أرى أن نسبة المنشورات التي تتضمن صوراً ومقاطع فيديو مولدة بالذكاء الاصطناعي آخذة في الارتفاع عندما أتصفح حساباتي كلها في منصات التواصل الاجتماعي. لذا فإن هذا التقدير الكمي للاستهلاك يتجاهل عدداً هائلاً من الاستعلامات.

أيضاً، هذا التقدير الكمي يعبر عن متوسط الاستهلاك، أي إنه مجرد رقم يقع في منتصف نطاق الاستعلامات التي تتلقاها جوجل. إذ قد تؤدي الأسئلة والردود الأطول إلى زيادة الطلب على الطاقة، وكذلك استخدام نموذج التفكير. ما يعني أننا نجهل مقدار الطاقة التي تتطلبها هذه الاستعلامات الأكثر تعقيداً أو نجهل توزيع النطاق.

اقرأ أيضاً: ما هو مصدر الطاقة الأمثل لنمو الذكاء الاصطناعي؟

2. نحن نجهل عدد الاستعلامات التي يتلقاها جيميناي، لذا لا نعرف التأثير الإجمالي للمنتج على صعيد الطاقة

أحد أهم أسئلتي التي تحتاج إلى إجابة بشأن استهلاك جيميناي للطاقة هو العدد الإجمالي للاستعلامات التي يتلقاها المنتج كل يوم.

لا يتضمن تقرير جوجل هذا الرقم، ولم تعلمني به الشركة. وكي أكون واضحة: لقد ألححت عليهم بشدة بشأن هذا الأمر، سواء في المكالمة الصحفية التي أجروها لمناقشة الأخبار أو في مقابلتي مع دين. في المؤتمر الصحفي، لفتت الشركة انتباهي إلى تقرير الأرباح الأخير، الذي لا يتضمن سوى أرقام حول عدد المستخدمين النشطين شهرياً (450 مليوناً، لمن يهمه الأمر).

قال لي دين في مكالمتنا: "نحن نتحفظ بشأن الكشف عن ذلك لأسباب مختلفة". ويقول إن الرقم الإجمالي مجرد مقياس نظري يتغير بمرور الوقت، مضيفاً أن الشركة تريد من المستخدمين التفكير في استهلاك الطاقة الذي يتسبب به الأمر النصي الواحد.

لكن ثمة أشخاصاً في أنحاء العالم يتفاعلون مع هذه التكنولوجيا، وليس أنا فحسب، ويبدو أن تراكم الأوامر الذي نتسبب به جميعاً وثيق الصلة بالموضوع.

تصرح شركة أوبن أيه آي عن إجمالي استهلاكها علناً، حيث أعلنت مؤخراً أنها تسجل 2.5 مليار استعلام موجه لنموذجها تشات جي بي تي يومياً. لذا، لمن يرغب بمعرفة التفاصيل، يمكننا تناول هذا الرقم على أنه مثال عملي، والاعتماد على متوسط استهلاك الطاقة الذي أبلغت عنه الشركة ذاتياً لكل استعلام (0.34 واط/ساعة) للحصول على فكرة تقريبية عن إجمالي استهلاك الأشخاص جميعهم الذين يوجهون أوامر نصية إلى تشات جي بي تي.

وفقاً لحساباتي، يمكن أن يصل إجمالي الاستهلاك على مدار عام كامل إلى أكثر من 300 غيغا واط/ساعة، أي ما يعادل تزويد ما يقرب من 30,000 منزل أميركي بالطاقة سنوياً. عند التعبير عن ذلك بهذه الطريقة، يبدو الأمر وكأن هذه المنازل تشغل أفران المايكرويف فترات طويلة يومياً.

3. الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان، ولا يقتصر الأمر على بوتات الدردشة فحسب، وغالباً ما لا نعي ذلك

يؤثر الذكاء الاصطناعي في حياتنا حتى عندما لا نتعمد ذلك. إذ تظهر ملخصات الذكاء الاصطناعي في عمليات البحث التي تجريها عبر الإنترنت، سواء طلبت ذلك أم لا. ثمة ميزات مدمجة لتطبيقات البريد الإلكتروني والرسائل النصية يمكنها صياغة الرسائل أو تلخيصها لك.

تقديرات جوجل تقتصر على تطبيقات جيميناي فقط ولا تشمل العديد من الطرق الأخرى التي تستخدم بها هذه الشركة وحدها الذكاء الاصطناعي. لذا، حتى لو كنت تحاول حساب استهلاكك الشخصي من الطاقة، فإن هذه العملية تزداد صعوبة بمرور الوقت.

وللتوضيح، لا أعتقد أن على الناس أن يشعروا بالذنب لاستخدامهم الأدوات التي يجدونها مفيدة حقاً. وفي نهاية المطاف، لا أعتقد أن النقاش الأهم يدور حول المسؤولية الشخصية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يستهلك الطاقة بشراهة فما تأثير ذلك في التغيّر المناخي؟

ثمة ميل في الوقت الحالي للتركيز على الأرقام الصغيرة، ولكن علينا أن نضع في اعتبارنا تداعيات هذا كله. سيتعين توليد أكثر من 2 غيغا واط بالاعتماد على الغاز الطبيعي في ولاية لويزيانا لتشغيل مركز واحد للبيانات تابع لشركة ميتا خلال هذا العقد. تنفق مؤسسة جوجل كلاود 25 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في شبكة الكهرباء التابعة لمؤسسة "بي جيه إم" لنقل الطاقة الكهربائية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة وحدها. بحلول عام 2028، يمكن أن يمثل الذكاء الاصطناعي 326 تيرا واط/ساعة من حجم الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة سنوياً، ما يولد أكثر من 100 مليون طن متري من ثنائي أوكسيد الكربون.

نحن في حاجة إلى المزيد من التقارير من الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي، وإعلان جوجل الأخير هو أحد أكثر التقارير شفافية حتى الآن. لكن رقماً واحداً صغيراً لا ينفي الطرق التي تؤثر بها هذه التكنولوجيا في المجتمعات وفي تغيير شبكة الطاقة لدينا.

المحتوى محمي