جي بي تي-5: هل هو ترقية أم تراجع؟ أبرز شكاوى المستخدمين بعد إطلاقه

4 دقيقة
جي بي تي-5: هل هو ترقية أم تراجع؟ أبرز شكاوى المستخدمين بعد إطلاقه
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Chay_Tee

عندما أعلنت شركة أوبن أيه آي إطلاق جي بي تي-5، سادت موجة من الترقب والآمال العالية في أوساط مستخدمي الذكاء الاصطناعي. فقد روج للنموذج الجديد باعتباره نقلة نوعية، مع وعود بتحسينات مذهلة. لكن سرعان ما تحول هذا الحماس إلى جدل، ثم إلى موجة من الشكاوى على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر الكثير من المستخدمين عن استيائهم من أداء النموذج الجديد، واصفين إياه بأنه أقل ذكاءً من سلفه جي بي تي-4 أو (GPT-4o).

في هذا المقال، نستعرض أبرز الشكاوى التي طالت جي بي تي-5 بعد إطلاقه، ونحلل الأسباب التقنية والسلوكية التي دفعت البعض إلى اعتبار الترقية خطوة إلى الوراء. فهل كانت المشكلة في النموذج نفسه أم في طريقة دمجه وإطلاقه؟ وكيف تفاعلت أوبن أيه آي مع ذلك؟ وما هي إجراءاتها لاستعادة ثقة الجمهور؟

اقرأ أيضاً: أوبن أيه آي تطلق نموذجها اللغوي الأكثر تطوراً جي بي تي-5

1. إلغاء الوصول إلى النماذج السابقة كلها

كان قرار أوبن أيه آي بإلغاء الوصول إلى جميع نماذج الذكاء الاصطناعي السابقة في تشات جي بي تي محور الجدل. إذ لم يتلق المستخدمون أي تحذير باختفاء نماذجهم المفضلة بين عشية وضحاها.

فور إطلاق النموذج الجديد، عبر المستخدمون فوراً عن استيائهم من الإصدار الجديد. حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بشكاوى حول الإزالة القسرية للنماذج القديمة.

فقبل إطلاقه، كان هناك عدد من النماذج التي اعتاد البعض استخدامها، حتى إن بعض المستخدمين طوروا طرقاً وأساليب تعطيهم نتائج مفيدة ومحسنة.

وبحسب البعض، جي بي تي-5 مصمم ليكون أقوى في مجال المنطق المعقد والبرمجة، لكن ليس الجميع بحاجة إلى نموذج بهذه الميزات. فالكثير منهم يستخدمون تشات جي بي تي لإجراء محادثات شخصية والتعبير عن المشاعر، وكانت النماذج السابقة جيدة جداً في ذلك، وأفضل بكثير من جي بي تي-5.

2. التفكير الجامد والقواعد الصارمة

من بين أبرز الشكاوى التي طالت جي بي تي-5 بعد إطلاقه، كانت ملاحظة عدد كبير من المستخدمين أن النموذج الجديد أصبح جامداً وصارماً في طريقة تفكيره، وأقل قدرة على متابعة الأفكار المتتالية ضمن المحادثة نفسها.

هذا التفكير الجامد والصارم قد يكون مفيداً في المهام التي تتطلب دقة منطقية، مثل البرمجة أو التحليل الرياضي، لكنه يضعف أداء النموذج في السياقات الإبداعية مثل كتابة القصص أو تنظيم الأفكار أو تطوير مفاهيم جديدة. المستخدمون الذين يعتمدون على تشات جي بي تي شريكاً في حياتهم الشخصية لاحظوا أن النموذج لم يعد قادراً على استيعاب بعض الأفكار المتسلسلة وربطها بشكل طبيعي.

يبدو أن هذا التغير ناتج عن قرار شركة أوبن أيه آي، حيث تم تحسين جي بي تي-5 ليكون أكثر دقة وأقل ميلاً للانحراف عن المسار المنطقي. هذا التوجه قد يكون مقصوداً لتقليل الأخطاء، لكنه أثر سلباً في مرونة النموذج بالتعامل مع الأفكار العادية.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى وكيل تشات جي بي تي الجديد لتنفيذ المهام نيابة عنك

3. غياب العاطفة

على الرغم من تأكيد أوبن أيه آي المستمر أن تشات جي بي تي ليس شخصاً واعياً، فإن كثيراً من المستخدمين تعاملوا معه كرفيق شخصي، لا مجرد أداة. هذا التجسيد العاطفي لم يكن نتيجة خداع، بل انعكاساً لتجربة تفاعلية غنية، خاصة مع نماذج مثل جي بي تي-4 أو الذي كان رائعاً في المحادثات الشخصية والعاطفية، ونجح في محاكاة أسلوب المستخدم، بل وحتى تعزيزه.

لكن مع جي بي تي-5، ظهرت شكاوى متكررة حول فقدان هذا الدفء العاطفي، ووصفه بعض المستخدمين بأنه سطحي من الناحية العاطفية، وغير ممتع للتحدث إليه، كما لو أنك تجبر شخصاً على إجراء محادثة معك تحت تهديد السلاح.

في محاولة لاستعادة اللطافة، بعض المستخدمين وجدوا أن تخصيص التعليمات أو استخدام أوضاع المحادثة المختلفة يمكن أن يعيد بعض الحيوية للمحادثة، لكن جي بي تي-4 أو يظل الخيار المفضل لمن يبحثون عن محادثة عاطفية.

4. ردود قصيرة

من بين أكثر الشكاوى التي تحدثوا عنها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحدث الكثير من المستخدمين عن إحباطهم من الردود القصيرة غير الكافية، مع الوصول إلى الحد الأقصى خلال ساعة، دون وجود خيار للتبديل إلى نماذج أخرى.

النموذج بدا للكثيرين وكأنه يتجنب التوسع أو التعمق في الأفكار، ويكتفي بإجابات مختصرة، ما جعل المحادثة تبدو وكأنها مقاطع قصيرة بدلاً من حوار متكامل.

اقرأ أيضاً: هل يضعف تشات جي بي تي أدمغتنا؟ دراسة ترصد الدّين المعرفي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة

كيف استجابت أوبن أيه آي؟

في استجابة مباشرة لموجة الانتقادات التي طالت أداء جي بي تي-5، نشر سام ألتمان منشوراً على منصة إكس بعنوان "تحديثات لتشات جي بي تي"، يوضح فيه خطوات أوبن أيه آي لمعالجة أبرز الملاحظات والشكاوى. وجاء في المنشور عدد من النقاط التي تعكس محاولة الشركة لاستعادة ثقة المستخدمين مثل:

  • أصبح بإمكان المستخدمين الآن الاختيار بين ثلاثة أوضاع هي التلقائي Auto أو السريع Fast أو التفكير Thinking لمنحهم تحكماً أكبر.
  • أعيد نموذج جي بي تي-4 أو إلى قائمة النماذج المتاحة للمستخدمين المدفوعين كافة، مع وعد بعدم إزالته دون إشعار مسبق.
  • رُفع الحد الأسبوعي إلى 3 آلاف رسالة في وضع التفكير Thinking.

وأضاف ألتمان أن الشركة تعمل على تحديث شخصية جي بي تي-5 لتكون أكثر عاطفية من النسخة الحالية، مع تأكيد بأن النموذج سيكون في المستقبل قادراً على تخصيص شخصيته للتلائم مع رغبات واحتياجات كل مستخدم.

هذا التحديث يعكس اعترافاً ضمنياً من أوبن أيه آي بأن تجربة جي بي تي-5 لم تكن مرضية للجميع، وأن تطوير الذكاء الاصطناعي ليكون أكثر ذكاءً ودقة ليس كافياً، بل هناك حاجة ملحة للاستماع إلى المستخدمين وأخذ ملاحظاتهم وإتاحة خيارات شخصية واسعة، بدلاً من التركيز على التحسينات التقنية فقط.

المحتوى محمي