شارك
الرئيسية
3 دقيقة
في إطار رؤية دولة الإمارات لتعزيز الأمن الغذائي والابتكار الزراعي، طور باحثون من جامعة خليفة وجامعة أبوظبي في أبوظبي جهازاً يمكن ارتداؤه على الإبهام لتقدير صلابة الثمار بدقة دون إتلافها. هذا الابتكار يجمع بين الذكاء الاصطناعي والاستشعار البصري، ويعد خطوة نوعية نحو الزراعة الذكية المستدامة.
طور الجهاز بالتعاون بين جامعتي خليفة وأبوظبي في مركز الأنظمة الروبوتية الذاتية بجامعة خليفة بدعم من مؤسسة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وهو ما يعكس التزام دولة الإمارات بتوظيف التقنيات الحديثة في خدمة الزراعة وتحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الفاقد الغذائي خاصة في ظل التحديات المناخية والطلب المتزايد على المنتجات الطازجة عالية الجودة.
اقرأ أيضاً: أهم استخدامات تكنولوجيا النانو في مجال الزراعة
جهاز لتقدير صلابة الثمار
طور الباحثون هذا الجهاز القابل للارتداء بهدف تقدير صلابة الثمار دون إتلافها، حيث يمكن ارتداء هذا الجهاز الخفيف على الإبهام. ويتألف الفريق البحثي من مشود محسان وعرفان حسين وبسمة حسنين ولاكمال سينيفيراتني (من مركز جامعة خليفة للأنظمة الروبوتية المستقلة وقسم الهندسة الميكانيكية والنووية بجامعة خليفة) بالتعاون مع تيمور حسان (من قسم الهندسة الكهربائية والحاسوبية والطبية الحيوية في جامعة أبوظبي).
يحتوي الجهاز على مستشعر بصري عالي الدقة من نوع DIGIT VBTS. عند ملامسته سطح الثمار، يسجل تشوهات ناتجة عن الضغط الطبيعي من اليد. هذه التشوهات تلتقط بواسطة كاميرا على شكل فيديو، يُحلل الفيديو باستخدام نموذج ذكاء اصطناعي مدمج داخل معالج صغير، هذا النموذج قادر على تقدير صلابة الثمار بدقة عالية بلمسة واحدة فقط.
يتكون الجهاز من وحدتين رئيسيتين:
- وحدة الإبهام: تحتوي على مستشعر DIGIT VBTS في طرف الإبهام. يلتقط التشوهات الناتجة عن اللمس.
- وحدة المعصم: تحتوي على معالج صغير الحجم وذاكرة وصول عشوائي وشاشة من نوع أوليد لعرض النتائج وزر تشغيل للتحكم وغلاف مرن للتثبيت مصنوع من البولي يوريثان الحراري لضمان الراحة في أثناء الارتداء.
صُنع الهيكل باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد داخل مختبر جامعة خليفة باستخدام البولي يوريثان الحراري والبولي لاكتيك لضمان الراحة والخفة. ويبلغ وزن الجهاز 135 غراماً فقط، ويعمل بشكل مستقل دون الحاجة إلى الإنترنت.
اقرأ أيضاً: ثورة علمية جديدة في الزراعة: أول بذور روبوتية رباعية الأبعاد
تقييم أداء الجهاز
أجريت سلسلة من التجارب العلمية لتقييم أداء الجهاز القابل للارتداء، حيث قدرت صلابة عينة عشوائية من ثمار الكيوي دون إتلافها. خضعت كل ثمرة لعملية لمس باستخدام الجهاز في خمس نقاط مختلفة على سطحها، ما نتج عنه تسجيل 530 مقطع فيديو عن طريق مستشعر VBTS. هذه التسجيلات تمثل تشوهات سطحية دقيقة ناتجة عن الضغط الطبيعي من اليد، وبعد تحليلها باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي، قدرت صلابة الثمار.
للتحقق من النتائج، أُجري قياس صلابة الثمار نفسها باستخدام جهاز البنتروميتر Penetrometer التقليدي شائع الاستخدام لتقدير صلابة الفواكه، وذلك وفق بروتوكول دقيق يتضمن إزالة جزء من القشرة واختراق اللب بعمق 7.9 ملم، واعتمد متوسط قراءتين من منطقتين متقابلتين على الثمرة كقيمة مرجعية.
بمقارنة نتائج القياس باستخدام الجهاز القابل للارتداء وباستخدام الجهاز التقليدي، كانت نتائج الجهاز القابل للارتداء دقيقة للغاية.
في تجربة أخرى، استُخدم الجهاز القابل للارتداء مباشرة على ثمار معلقة على الأشجار دون الحاجة إلى قطفها، استغرقت كل عملية قياس أقل من 24 ثانية، بما في ذلك وقت المعالجة وعرض النتائج على الشاشة، ولم تتعرض الثمار لأي تلف أو رضوض، كما أبدى المستخدمون ارتياحاً في ارتداء الجهاز دون الشعور بأي إجهاد في المعصم أو الإبهام.
هذه النتائج تؤكد أن الجهاز يمثل أداة دقيقة وسريعة وآمنة لتقدير صلابة الثمار، ويشكل خطوة عملية نحو استخدامه في مجال الزراعة الذكية وتقييم المحاصيل.
اقرأ أيضاً: روبوتات بهلوانية قد تحقق ثورة في الزراعة
الاستخدامات العملية للجهاز
يمثل هذا الجهاز القابل للارتداء ابتكاراً عملياً يخدم مختلف مراحل سلسلة التوريد الزراعية، ويعزز جهود دولة الإمارات في تطوير الزراعة الذكية وتحقيق الأمن الغذائي المستدام. وبفضل تصميمه المريح وتقنيته غير التدميرية، يمكن استخدامه في سيناريوهات متعددة تشمل:
- المُزارع في الحقل: يستطيع بسهولة تحديد الثمار الناضجة بدقة في أثناء جولته اليومية دون الحاجة إلى التخمين البصري، ما يقلل الفاقد ويزيد كفاءة الحصاد.
- التاجر أو الموزع: يمكنه فحص جودة الفواكه قبل الشراء مباشرة من المصدر، والتأكد من قابليتها للتخزين أو التصدير، ما يعزز قرارات الشراء ويقلل الخسائر التجارية.
- موظفو الجودة في السوبر ماركت: يمكن استخدام الجهاز لفحص الفواكه المعروضة للبيع دون إتلافها، والتأكد من توافقها مع معايير النضج المطلوبة، خاصة في المواسم التي تتنوع فيها درجات النضج بين الشحنات.
هذه الاستخدامات العملية تظهر كيف يمكن لجهاز متطور صغير الحجم وخفيف الوزن وسهل الاستخدام أن يحدث تأثيراً كبيراً في تحسين اختبار جودة الثمار وتقليل الهدر وتعزيز ثقة المستهلكين.