10 طرق لتبني مهارات الذكاء الاصطناعي وتصبح موظفاً لا يستغنى عنه

نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقناع ناخبيه بضرورة بناء سور فاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية، وذريعته الأكبر في ذلك كانت أن هؤلاء المهاجرين سيأخذون وظائف الأميركيين. وفي البرنامج الانتخابي لأي حزب يميني متطرف، لا بد وأن يتطرق للأمر ذاته عند تبرير موقفه من المهاجرين والهجرة عموماً.

لكن، وتحديداً مع بدء الحملة الانتخابية لترامب في ولايته الأولى، وبوتيرة متصاعدة مع ولايته الثانية، كان هناك نجم صاعد شكل تهديداً حقيقياً وواقعياً على القوى العاملة. لم تتطرق له البرامج الانتخابية بعد، ولم تطرح طرقاً لمعالجة التسريح من الوظائف الذي سيسببه. ومؤخراً بدأت أخباره تنتشر من مؤسسات إعلامية كبرى، كقناة الجزيرة ومجموعة قنوات بي إن سبورتس القطريتين، اللتين أنهيتا خدمات نحو 200 موظف على أن يستبدلوا بالوسائل الرقمية، كما سرحت تيك توك العام الماضي مئات الموظفين مع تحول تركيزها إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تحرير المحتوى بأنواعه.

وفقاً لغولدمان ساكس، سيستبدل الذكاء الاصطناعي التوليدي 300 مليون وظيفة بين عامي 2025 و2030، كما أن 60% من الوظائف في البلدان ذات الاقتصادات المتقدمة مقابل 26% من الوظائف في البلدان ذات الدخل المنخفض معرضة للأتمتة في النطاق الزمني نفسه، ويعيش عامل من كل 4 عمال في قلق دائم من أن الذكاء الاصطناعي سيحول مهنته إلى مهنة لا تلائم العصر الحالي.

وإلى أن تسير اللوائح التنظيمية والبرامج السياسية بطريق يوازي -ويدرك- التغيرات التكنولوجية، ولتبقى في مأمن من أن يحل الذكاء الاصطناعي مكانك في العمل، إليك 10 طرق تبني فيها مهاراتك باستخدام الذكاء الاصطناعي، بحيث لا يشكل لك تهديداً في العمل.

ابدأ بكورسات مجانية عن الذكاء الاصطناعي

يتجاوز التعامل مع الذكاء الاصطناعي الدردشة مع النماذج اللغوية، فهو ليس مجرد إدخال أمر وانتظار النتيجة، بل يتعلق الأمر بكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، والأهم "متى" يمكنك تفويض مهمة إلى الذكاء الاصطناعي وكيف تقيم مخرجاته ومتى يجب الركون إلى الحكم البشري فقط. فالذين لن يستبدلهم الذكاء الاصطناعي، غالباً سيكونون من أولئك الذين يتقنون هذا.

يمكنك اتباع دورات مجانية على أوبن أيه آي أكاديمي، حيث تقدم الشركة المتخصصة في النماذج اللغوية والمصدرة لتشات جي بي تي الذي بدأ هذه الثورة، عدة ورشات عمل يشرف عليها خبراء في هذا المجال. كما تجد الكثير من المواد التعليمية التي توضح الأساليب العملية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الحياة العملية.

تقدم كذلك أنثروبيك الكورس المجاني: AI Fluency: Framework & Foundations الذي طورته بالاشتراك مع البروفيسور جوزيف فيلر من جامعة كورك، والبروفيسور ريك داكان من كلية رينغلينغ للفنون والتصميم. وهو كورس مخصص لتعلم التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بكفاءة وفاعلية مع مراعاة أخلاقياته والأمان.

ركز على التطبيقات العملية

إذا كنت تعتقد أن عليك البدء من الصفر لتعلم مبادئ الذكاء الاصطناعي والتعلم والآلي والشبكات العصبونية، فأنت مخطئ. ما يهمك حقيقةً هو معرفة كيف تستفيد من هذه التقنيات في عملك على أفضل وجه، وكيف يمكنها أن تحل مشكلاتك. مثلاً:

حدد المهام المتكررة في جدول أعمالك اليومي، ككتابة مسودات البريد الإلكتروني وتحليل البيانات وكتابة المحتوى وتنظيم الأبحاث.
جرب العمل على بعض أدوات الذكاء الاصطناعي لإرسال رسائل جيدة لزملائك في العمل أو موظفيك إن كنت مديراً، أو لتحليل جداول البيانات أو إجراء عصف ذهني لتوليد الأفكار.
تمرن باتساق، وبمعرفة ما يلزمك، لا بشكل عشوائي.
دون ما وجدت أنه مفيد في سجل للتطبيقات الناجحة.

ستصبح هذه البيانات ذات قيمة عالية حين تستعرض مهاراتك في استخدام الذكاء الاصطناعي مع مدرائك أو في أثناء مراجعات الأداء.

قوّي شبكتك بالانضمام إلى مجتمعات الذكاء الاصطناعي

بعد ثورة تكنولوجيا المعلومات، لم تعد مجتمعات المعرفة جزراً معزولة أو مقتصرة على النخب، يمكنك اليوم ببحث لا يستغرق دقائق العثور على مجتمع يضم أفراداً لهم توجهاتك ومتطلباتك نفسها من الذكاء الاصطناعي. أجرِ بحثاً عما ترغب فيه على منصات شهيرة كلينكدإن وديسكورد وريديت، للانضمام إلى مجتمعات يتشارك المشاركون فيها حالات استخدام ومشكلات من العالم الحقيقي، بالإضافة إلى مناقشة الجديد في عالم هذه التقنية. يمكنك العثور على شريك للتعلم إما عبر شبكة الإنترنت وإما في العالم المادي إذا كنت أكثر تخصيصاً. قد تفيدك هذه الطريقة أكثر من الكورسات المعتمدة في المجال. لا تنس أيضاً مناقشة زملائك في العمل بالأمر أو فيما تتعلمه، فهذا من أهم الخطوات نحو تطبيع استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل.

تقدم أوبن أيه آي أكاديمي مجموعات تسهل عملية التعلم من نظير إلى نظير، سواء في العالم الحقيقي أو عبر الشبكة.

طور مهاراتك في هندسة الأوامر

مع بداية إطلاق بوت الدردشة تشات جي بي تي، صعد نجم هندسة الأوامر، وبدا الأمر وكأن مهنة بهذا المسمى ستحقق نجاحاً منقطع النظير. لكن ما لبث وأن خفت نبرة الحديث بهذا الاتجاه، والسبب أن على كل مستخدمي النماذج اللغوية إتقان هندسة الأوامر لا أن تنحصر في فئة دون غيرها.

الأوامر هي نافذة التعامل بين المستخدم والنماذج اللغوية، وتتعلق جودة المخرجات بدقة الأوامر المدخلة إلى النموذج، جرب كتابة أوامر سياقية غنية في النماذج، مثلاً:

بدلاً من أن تكتب: "ساعدني على كتابة بريد إلكتروني مهني".
اكتب: "اكتب بريداً إلكترونياً للمتابعة مع عميل فوت موعد اجتماعنا، اجعل الصياغة ودودة، وأعد جدولة الاجتماع الأسبوع القادم".

فكلما كنت أكثر دقة وتحديداً في أوامرك، حصلت على مخرجات بجودة أعلى.

ادرس الأوامر الناجحة، ويمكنك الحصول عليها من أفراد يشاركونها في مجتمعات الذكاء الاصطناعي.
اعتمد هذه النماذج في عملك.
أنشئ مكتبة شخصية من الأوامر التي حققت أفضل النتائج.

هندسة الأوامر هي مهارة مكتسبة وتتحسن بالممارسة، لذا ركز على تكرار الممارسة وتحسين الأوامر الناجحة مع كل حالة.

ادمج الذكاء الاصطناعي تدريجياً في عملك

التغيير الناجح غالباً لا يحدث بين يوم وليلة، وبدلاً من أن تحدث تغييراً جذرياً في طريقة عملك بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي فيه، اجعل التغيير تدريجياً. استخدم بدايةً أدوات الذكاء الاصطناعي في مهام ذات مخاطر منخفضة، بحيث يمنحك النجاح فيها انتصارات صغيرة تشعرك بالثقة حيال هذه الأدوات. ابدأ بإنشاء جداول زمنية للاجتماعات على مدار الأسبوع أو تلخيص محتوى المستندات أو إنشاء مسودات لاتصالاتك الروتينية. وبعد أن تتقن التعامل معها في هذه المجالات، انتقل إلى أعمال أكثر تعقيداً تستخدم فيها أدوات الذكاء الاصطناعي.

ابق على اطلاع بأدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة

تشهد ساحة أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي تغيرات على مدار الساعة، مع إطلاق تطبيقات وأدوات جديدة:

اضبط تنبيهات جوجل على بريدك الإلكتروني لتنبهك عن أي جديد حول أدوات الذكاء الاصطناعي. استخدم "AI tools" مثلاً كعبارة للتنبيه إلى المستجدات.
تابع شركات الذكاء الاصطناعي واشترك بنشراتها الإخبارية.
خصص 15 دقيقة أسبوعياً مثلاً لاستطلاع أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة، وجرب النسخ التجريبية منها.
اطلع على ما يقوله القادة والمختصون في هذا المجال، ورواد استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالك.

سيبقيك هذا في طليعة القوى العاملة في شركتك، فلا يفوتك أي جديد.

شارك فوائد الذكاء الاصطناعي مع الآخرين

أفضل طريقة لإتقان مهارة تعليمها للآخرين، وهذا ينطبق على الذكاء الاصطناعي. تحدث عن فوائد الذكاء الاصطناعي مع زملائك في العمل ومدرائك وعملائك. طور مهاراتك في تبسيط المفاهيم بحيث تركز شروحاتك عن الذكاء الاصطناعي على التطبيقات العملية له، لا على المفاهيم التقنية الجافة. سيهتم زملاؤك بمعرفة كيف تساعد أداة ذكاء اصطناعي محددة على تخفيض الوقت اللازم لإعداد أحد التقارير، أكثر من اهتمامهم بالطريقة التي تعمل بها النماذج اللغوية. شارك أيضاً آخر تطورات مشهد الذكاء الاصطناعي. لا يعزز هذا فهمك لهذه الأدوات فحسب، بل يضعك في طليعة القوى العاملة في شركتك عند الحديث عن هذا المجال.

جرب الحصول على حلول إبداعية بمشاركة الذكاء الاصطناعي

جرب أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على حلول من خارج سلة الحلول المعتادة. مثلاً، قد تطلب طرح ميزانيات محددة جداً بقيود مختلفة، أو توليد حلول بديلة لأحد العمليات. تبني مثل هذه التمارين الثقة في نماذج الذكاء الاصطناعي وتعزز وجودها كشريك في الحلول لا كبديل. لا تنس تسجيل اللحظات الفارقة في استخدامك للذكاء الاصطناعي، فهذا يساعدك على رصد مسيرة تطورك باستخدامه، بالإضافة إلى رصد أماكن الضعف المحتملة والعمل على تصحيحها.

مثلاً، إذا كنت تعتمد على النماذج اللغوية لتوليد المحتوى، جرب أن تطلع على مقالات أخرى عن الموضوع نفسه لتكتشف مواطن الضعف أو القوة في النتائج المولدة، ولتحدد فيما إذا كان هذا الاستخدام قد حسن المستوى المعهود لك أم لا.

حول مهاراتك في الذكاء الاصطناعي إلى نتائج قابلة للقياس

اللغة التي يفهمها كل سكان الأرض هي لغة الأرقام، إذ يمكن الحديث بشكل كيفي عن أي أمر في الوجود، لكن الإقناع هو ما تتولاه هذه اللغة. الأرقام تنقل لك مدى تقدمك واستفادتك من الذكاء الاصطناعي:

احسب الوقت الذي وفرته والتحسينات على المنتجات وتخفيضات التكاليف أو زيادة المخرجات التي حصلت عليها من الذكاء الاصطناعي.
قارن حالات الاستخدام وسجل الأرقام التي تعكس وضع ما تعمل عليه قبل وبعد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
قدم مثالاً ملموساً، كأن تقول مثلاً "أدى استخدام الذكاء الاصطناعي لتجميع الأبحاث إلى تقليل وقت إعداد المشروع من 4 ساعات إلى 45 دقيقة مع تحسين نطاق البحث".
شارك هذه النتائج.

بالإضافة إلى توضيح ما أنجزته حقاً باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يعكس ذلك أيضاً قدرتك على تكميم النتائج وإعطائها طابعاً عددياً مفهوماً.

تعلم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتفكير النقدي

لا يرتبط أداء أي عمل بسيره بوتيرة سليمة أو بالإنجازات المحرزة فقط، لا بد من وجود أخلاقيات تحكم مكان العمل، ولا بد لك في أثناء استخدامك الذكاء الاصطناعي الالتزام بمثل هذه الأخلاقيات. أبسط مثال الشفافية تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي والتصريح عن استخدامه. بالإضافة إلى فهم تحيزاته والحاجة إلى التحقق البشري من مخرجاته، أو متى تكون الرؤى البشرية هي المطلوبة فقط. بذلك ستتحلى بالمسؤولية اللازمة تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي.

كما أن عليك التحلي بالتفكير النقدي دائماً، تعلم كيفية تقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي بطريقة نقدية بعيداً عن قبولها بشكل أعمى. واطلع على أفضل الممارسات التي تنصح بها شركتك عند استخدام الذكاء الاصطناعي، واللوائح التنظيمية التي تحكم هذا الاستخدام.

عندما تبحث الشركات عن موظفين يتقنون استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، يكون تحليهم بمهارات التفكير النقدي هو أهم ما يميزهم عن غيرهم. فمستخدمو الذكاء الاصطناعي كثر، لكن من يقيمون نتائجه وإمكاناته وحدوده هم من يصنعون فرقاً في الأعمال.

إذا اتبعت هذه الخطوات، مع تحديد موقعك جيداً فيها، فانت في مأمن من أن يستبدلك الذكاء الاصطناعي حالياً.