كيف نجح وكيل الذكاء الاصطناعي مانوس في إحداث طفرة في هذا المجال؟

9 دقيقة

في العام الماضي، شهدت الصين طفرة في نماذج الأساس، وهي النماذج اللغوية الكبيرة التي تنفذ كل شيء والتي تدعم ثورة الذكاء الاصطناعي. أما هذا العام، فقد تحول التركيز إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي، وهي أنظمة لا تتعلق بالرد على استفسارات المستخدمين بقدر ما تتعلق بإنجاز المهام نيابة عنهم بصورة مستقلة.

وتوجد الآن مجموعة من الشركات الصينية الناشئة التي تبني هذه الأدوات الرقمية ذات الأغراض العامة، والتي يمكنها الرد على رسائل البريد الإلكتروني، وتصفح الإنترنت لتخطيط الإجازات، وحتى تصميم موقع إلكتروني تفاعلي. وقد ظهر العديد منها في الشهرين الأخيرين فقط، على خطى "مانوس"، وهو وكيل ذكاء اصطناعي أثار أسابيع من الهيجان على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على رموز الدعوة بعد إطلاقه المحدود في أوائل مارس/آذار الماضي.

منظومات ذكاء اصطناعي صينية جديدة

إن وكلاء الذكاء الاصطناعي الناشئة هذه ليست نماذج لغوية كبيرة بحد ذاتها. وإنما هي مبنية عليها، باستخدام بنية هيكلية قائمة على مفهوم تتابع مراحل العمل ومصممة لإنجاز المهام. يقدم الكثير من هذه الأنظمة أيضاً طريقة مختلفة للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي. فبدلاً من التصميم الموجه لتلبية الدردشة مع المستخدمين فقط، هذه الأنظمة مصممة على أفضل وجه لإدارة المهام المتعددة الخطوات وتنفيذها -كحجز الرحلات الجوية، وإدارة الجداول الزمنية، وإجراء البحوث- باستخدام أدوات خارجية وتذكر التعليمات.

يمكن للصين أن تأخذ زمام المبادرة في بناء هذه الأنواع من وكلاء الذكاء الاصطناعي. فأنظمة التطبيقات المتكاملة بصورة محكمة في البلاد، ودورات المنتجات السريعة، وقاعدة المستخدمين الذين يتقنون استخدام التكنولوجيا الرقمية بطلاقة، تشكل كلها عوامل تهيئ بيئة مواتية لدمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية.

اقرأ أيضاً: مَن سيتربع على مشهد الذكاء الاصطناعي في الصين: علي بابا أمْ تنسنت؟

في الوقت الحالي، تركز شركاتها الناشئة الرائدة في مجال وكلاء الذكاء الاصطناعي اهتمامها على السوق العالمية، لأن أفضل النماذج الغربية لا تعمل داخل جدران الحماية الصينية. ولكن هذا قد يتغير قريباً، إذ تعمل شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل بايت دانس وتينسنت، على إعداد أنواع وكلاء الذكاء الاصطناعي التي تخصها، والقادرة على دمج الأتمتة مباشرة في تطبيقاتها المحلية الفائقة، مستعينة بالبيانات المستمدة من بيئات عملها الواسعة التي تضم البرامج التي تهيمن على العديد من جوانب الحياة اليومية في البلاد.

وبينما يشهد العالم السباق الجاري لتحديد الميزات التي تجعل فوائد وكلاء الذكاء الاصطناعي تظهر للعيان، يختبر الآن مزيج من الشركات الناشئة الطموحة وعمالقة التكنولوجيا الراسخة الطرق المحتملة التي يمكن لهذه الأدوات أن تعمل وفقاً لها في الواقع العملي، والفئات التي يمكنها الاستفادة منها.

وضع المعايير

لقد كانت الأشهر القليلة الماضية بمثابة زوبعة بالنسبة إلى مانوس، الذي طورته شركة باترفلاي إفيكت الناشئة التي تتخذ من مدينة ووهان مقراً لها (وسنشير إلى الشركة الناشئة فيما يأتي على أنها تحمل اسم "مانوس" نفسه). فقد جمعت الشركة 75 مليون دولار في جولة تمويلية بقيادة شركة رأس المال المغامر الأميركية بينشمارك، وأطلقت المنتج في إطار حملة ترويجية عالمية طموحة، ووظفت العشرات من الموظفين الجدد.

وحتى قبل فتح باب التسجيل أمام الجمهور في شهر مايو/أيار، أصبح مانوس مقياساً مرجعياً لما يجب أن يحققه وكيل الذكاء الاصطناعي الواسع النطاق الموجه للمستهلكين. فبدلاً من التعامل مع المهام المحدودة التي تلبي الشركات، صممت الشركة وكيل الذكاء الاصطناعي العام هذا ليكون قادراً على المساعدة في المهام اليومية مثل تخطيط الرحلات، أو مقارنة الأسهم، أو إنجاز مشروع مدرسي لطفلك.

وخلافاً لوكلاء الذكاء الاصطناعي السابقة، يستخدم مانوس بيئة افتراضية تعتمد في تشغيلها على المتصفح وتتيح للمستخدمين الإشراف على الوكيل مثل المتدرب، ومشاهدته في الزمن الحقيقي وهو يتصفح صفحات الويب أو يقرأ المقالات أو يبرمج الإجراءات. إضافة إلى أنه يطرح أسئلة توضيحية استباقية، ويدعم الذاكرة الطويلة المدى التي يمكنها أن تشكل سياقاً يدعم المهام المستقبلية.

يقول المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي لشركة سيميولا، أنغ لي، وهي شركة ناشئة مقرها في مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، والمتخصصة في تطوير أدوات وكلاء الذكاء الاصطناعي التي تستخدم الكمبيوتر، وهي منظومات ذكاء اصطناعي وكيلة تتحكم في كمبيوتر افتراضي: "يمثل مانوس تجربة واعدة لمنتج يعبر عن وكلاء الذكاء الاصطناعي. وأعتقد أن الشركات الناشئة الصينية تتمتع بميزة هائلة في تصميم المنتجات الاستهلاكية، وذلك بفضل المنافسة المحلية الشرسة التي تؤدي إلى سرعة التنفيذ وزيادة الاهتمام بتفاصيل المنتج".

في حالة مانوس، تخطو المنافسة خطوات متسارعة. فعلى سبيل المثال، حقق اثنان من أكثر الإصدارات اللاحقة رواجاً، وهما جينسبارك وفلويذ، نتائج معيارية تماثل ما حققه مانوس أو تضاهيه.

تربط منظومة جينسبارك، التي قاد تطويرها المسؤولان التنفيذيان السابقان في شركة بايدو، إريك جينغ وكاي تشو، في إطار شركة تحمل الاسم نفسه، بين العديد من "وكلاء الذكاء الاصطناعي الفائقون" الصغار من خلال ما تسميه توجيه الأوامر المتعدد المكونات. يمكن لوكيل الذكاء الاصطناعي التبديل بين عدة نماذج لغوية كبيرة، ويقبل الصور والنصوص ضمن الأوامر على حد سواء، وينفذ مهام متنوعة بدءاً من إنشاء عروض الشرائح وصولاً إلى إجراء المكالمات الهاتفية. وفي حين أن مانوس يعتمد إلى حد كبير على مبدأ استخدام المتصفح، وهو منتج شائع مفتوح المصدر يتيح للمنظومات الوكيلة تشغيل متصفح الويب في نافذة افتراضية مثل البشر، فإن منظومة جينسبارك تتكامل مباشرة مع مجموعة واسعة من الأدوات وواجهات برمجة التطبيقات. تقول الشركة التي انطلق عملها في أبريل/نيسان، إن لديها بالفعل أكثر من 5 ملايين مستخدم وتتجاوز إيراداتها السنوية 36 مليون دولار.

أما منظومة فلويذ، وهي عمل نفذه فريق شاب جذب انتباه الجمهور للمرة الأولى في أبريل/نيسان من عام 2025 خلال حدث لمطوري البرمجيات استضافته الشركة المشغلة لتطبيق التواصل الاجتماعي الشهير شياو هونغ شو، فقد اتخذت مساراً مختلفاً؛ فهذه المنظومة التي تسوقها الشركة -التي تحمل الاسم نفسه- على أنها "وكيل ذكاء اصطناعي لا حدود له"، تبدأ عملها بعرض لوحة فارغة يتحول فيها كل سؤال مطروح إلى عقدة على خريطة متفرعة. ويمكن للمستخدمين الرجوع إلى مراحل سابقة ضمن هذه الخريطة وإنشاء تفرعات جديدة وتخزين النتائج فيما يسمى "حدائق المعرفة"، التي قد تكون شخصية أو متاحة للمشاركة، وهو تصميم يبدو أكثر شبهاً ببرنامج إدارة المشاريع (مثل نوشن على سبيل المثال) منه بواجهة دردشة نموذجية. يؤدي كل استفسار أو مهمة إلى إنشاء رسم بياني خاص به يشبه الخريطة الذهنية، ما يشجع على التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بطرق أكثر تعقيداً وإبداعاً. يعمل وكيل الذكاء الاصطناعي الأساسي لمنظومة فلويذ -التي تسمى "نيو"- في السحابة الإلكترونية، ويمكنه تنفيذ المهام المجدولة مثل إرسال رسائل البريد الإلكتروني وتجميع الملفات. ويسعى المؤسسون إلى تحويل التطبيق إلى "سوق معرفية"، ويهدفون إلى الاستفادة من الجانب الاجتماعي للذكاء الاصطناعي، طامحين إلى أن تصبح الشركة بمثابة "مزود الخدمة بنموذج الاشتراك ’أونلي فانز‘ لصانعي المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي".

ما تشترك فيه هاتان الشركتان أيضاً مع مانوس هو الطموح العالمي، فقد ذكرت كل من جينسبارك وفلويذ أن تركيزهما الأساسي ينصب على السوق الدولية.

اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة أم الصين؟ سباق الذكاء الاصطناعي قد يفوز فيه الجميع

وجهة عالمية

يمكن للشركات الناشئة مثل مانوس وجينسبارك وفلويذ -على الرغم من تأسيسها على يد رواد أعمال صينيين- أن تندمج بسلاسة في المشهد التكنولوجي العالمي وتتنافس بفعالية خارج حدود الصين. يعتقد المؤسسون والمستثمرون والمحللون الذين تحدثت إليهم مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو أن الشركات الصينية تتحرك بسرعة وتدير عملياتها التنفيذية بكفاءة وتخرج بمنتجات جديدة بوتيرة سريعة.

ويعزز المال عامل الجذب الذي يشجع على إطلاق المنتجات خارج حدود البلاد. فالعملاء هناك يدفعون أكثر، وهناك الكثير من المنتجات المتاحة للجميع. وعلق المؤسس الشريك لمانوس، شياو هونغ، مازحاً في لقاء عبر مدونة صوتية قائلاً: "يمكنك التسعير بالدولار الأميركي، وبالنظر إلى سعر الصرف اليوم، سيتضاعف الرقم سبع مرات. حتى لو كنا نعمل بنسبة 10% فقط من طاقتنا بسبب الاختلافات الثقافية في الخارج، سنظل نحقق أرباحاً أعلى مما نحققه في الصين".

لكن إنشاء العمليات التنفيذية نفسها في الصين يمثل تحدياً. وقد قررت شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية الكبرى، بما فيها أوبن أيه آي وأنثروبيك، عدم العمل في البر الرئيسي للصين بسبب المخاطر الجيوسياسية والتحديات المتعلقة بالامتثال للوائح التنظيمية. وقد أدى غياب هذه الشركات في البداية إلى خلق سوق سوداء، إذ لجأ المستخدمون إلى الشبكات الافتراضية الخاصة ومواقع الإنترنت النظيرة الخارجية للوصول إلى أدوات مثل تشات جي بي تي وكلاود. وقد ملأ هذا الفراغ منذ ذلك الحين موجة جديدة من بوتات الدردشة الصينية -مثل ديب سيك، ودوباو، وكيمي- ولكن الإقبال على النماذج الأجنبية لم ينته.

يستخدم مانوس، على سبيل المثال، كلاود سونيت من شركة أنثروبيك، والذي يعد على نطاق واسع أفضل نموذج يتيح تنفيذ المهام بالاعتماد على منظومات ذكاء اصطناعي وكيلة. وقد أثنى المؤسس الشريك لمانوس، تشانغ تاو، مراراً وتكراراً على قدرة كلاود على استخدام الأدوات بكفاءة، وتذكر السياقات، وإجراء محادثات متعددة الجولات؛ وهي كلها عوامل حاسمة لتحويل برنامج الدردشة إلى مساعد تنفيذي فعال.

 

لكن استخدام الشركة لسونيت جعل وكيلها غير قابل للاستخدام من الناحية العملية داخل الصين من دون شبكة افتراضية خاصة. إذا دخلت الموقع الإلكتروني لمانوس من عنوان إنترنت ينتمي إلى فضاء عناوين الإنترنت المخصصة للاستخدام داخل البر الرئيسي للصين، سترى إشعاراً يوضح أن الفريق "يعمل على دمج نموذج كوين"، وهو إصدار محلي خاص مبني على نموذج شركة علي بابا المفتوح المصدر.

وقال أحد المهندسين المشرفين على عمل شركة بايت دانس في تطوير منظومة وكيلة، والذي تحدث إلى إم آي تي تكنولوجي ريفيو دون أن يكشف عن هويته لتجنب العقوبات، إن غياب نماذج كلاود سونيت "يحد كل ما نحاول فعله داخل الصين"، وأضاف أن نماذج ديب سيك المفتوحة لا تزال تعاني "الهلوسة" في كثير من الأحيان وتفتقر إلى التدريب على تطبيقات سير العمل في العالم الحقيقي. يصنف المطورون الذين تحدثنا إليهم سلسلة نماذج كوين من شركة علي بابا على أنها أفضل بديل محلي، ومع ذلك يقول معظمهم إن التحول إلى كوين يخفض الأداء بعض الشيء.

ويعتقد الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراة في معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمركز حول الإنسان، جياشين بي، أن هذه الفجوة ستختفي، إذ يقول: "لقد أصبح بناء القدرات الوكيلة في النماذج اللغوية الكبيرة الأساسية محوراً رئيسياً لشركات عديدة تطور هذا النوع من النماذج، وبمجرد أن يدرك الناس قيمة ذلك، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت".

في الوقت الحالي، تضاعف مانوس تركيزها على الجماهير التي يمكنها خدمتها بالفعل. وفي رد مكتوب، قالت الشركة إن "تركيزها الأساسي ينصب على التوسع في الخارج"، مشيرة إلى افتتاح مكاتب جديدة في مدينة سان فرانسيسكو وسنغافورة وطوكيو في شهر مايو/أيار.

نهج التطبيقات الفائقة

على الرغم من أن مفهوم وكلاء الذكاء الاصطناعي لا يزال جديداً نسبياً، فإن سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة للمستهلكين في الصين تعج بالفعل بشركات تكنولوجية كبرى. ولا يزال تطبيق ديب سيك هو الأكثر استخداماً، في حين أن تطبيق دوباو من شركة بايت دانس وتطبيق كيمي من شركة مونشوتس أصبحا أيضاً من الأسماء المألوفة. ومع ذلك، فإن معظم هذه التطبيقات لا يزال مخصصاً للدردشة والترفيه بدلاً من تنفيذ المهام. وقد دفعت هذه الفجوة في السوق المحلية شركات التكنولوجيا الكبرى الصينية إلى طرح تطبيقاتها الخاصة الموجهة إلى المستخدم، على الرغم من أن الإصدارات الأولى لا تزال متفاوتة في الجودة وتعاني بعض العيوب.

تعمل بايت دانس حالياً على اختبار "كوز سبيس"، وهي وكيل ذكاء اصطناعي يعتمد على عائلة نماذج دوباو التي تخصها والتي تتيح للمستخدمين التبديل بين وضعي "التخطيط" و"التنفيذ"، بحيث يمكنهم إما توجيه إجراءات المنظومة الوكيلة مباشرة وإما مراقبتها وهي تعمل بصورة مستقلة. وهي مرتبطة بـ 14 تطبيقاً شائعاً، بما في ذلك غيت هاب ونوشن ومجموعة لارك للأدوات المكتبية الخاصة بالشركة. تشير المراجعات الأولية إلى أن الأداة قد يفتقر أداؤها إلى السلاسة بعض الشيء وذات معدل فشل مرتفع، ولكن من الواضح أنها تهدف إلى مضاهاة ما تقدمه مانوس.

وفي الوقت نفسه، أصدرت شركة جيبو أيه آي منظومة وكيلة مجانية تسمى "أوتو جي إل إم رومينشن"، مبنية على نماذج تشات جي إل إم الخاصة بها. وقد أطلقت شركة مينيماكس، التي يقع مقرها في مدينة شنغهاي، المنظومة الوكيلة مينيماكس. يبدو المنتجان متطابقين تقريباً مع مانوس ويعرضان المهام الأساسية مثل إنشاء مواقع ويب بسيطة، أو التخطيط للرحلات، أو إنشاء ألعاب فلاش صغيرة، أو إجراء تحليلات سريعة للبيانات.

على الرغم من إمكانات الاستخدام المحدودة التي يتصف بها وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين أطلقتهم الشركات داخل الصين، فإن الشركات الكبرى لديها خطط لتغيير ذلك. فخلال مؤتمر لمناقشة الأرباح عن بعد في 15 مايو/أيار الماضي، أشار رئيس شركة تينسينت، ليو جيبينغ، إلى منظومة وكيلة قد تتيح دمج الأتمتة مباشرة في التطبيق الأكثر انتشاراً في الصين، وهو ويتشات.

يعد ويتشات التطبيق الفائق الأول في الصين، وهو يدير بالفعل خدمات المراسلة، والدفع عبر الهاتف المحمول، والأخبار، وملايين البرامج المصغرة التي تعمل بصفتها تطبيقات مدمجة. وتمنح هذه البرامج شركة تينسنت التي طورت هذا التطبيق، إمكانية الوصول إلى البيانات من ملايين الخدمات المستخدمة في الحياة اليومية في الصين، وهي ميزة يتمناها معظم المنافسين بلا شك.

من الناحية التاريخية، انقسمت شبكة الإنترنت الاستهلاكية في الصين إلى حدائق مسورة متنافسة، فإذا حاولت مشاركة رابط تشعبي لمنصة التسوق تاوباو في ويتشات فسيظهر بصيغة نص عادي بدلاً من أن يظهر على أنه بطاقة معاينة. وعلى عكس ما يجري في النطاق الغربي من شبكة الإنترنت الذي يتيح التشغيل البيني بدرجة أكبر. لطالما أظهرت شركات التكنولوجيا العملاقة في الصين مقاومتها للتكامل فيما بينها، حيث فضلت أن تشن حرب المنصات على حساب تقديم تجربة المستخدم بسلاسة.

ولكن استخدام البرامج المصغرة منح ويتشات انتشاراً غير مسبوق عبر الخدمات التي قاومت في السابق قابلية التشغيل البيني، من حجوزات الصالات الرياضية إلى طلبات البقالة. يمكن للوكلاء القادرين على التجول في بيئة العمل المتكاملة هذه أن تتجاوز صعوبات التكامل التي تعوق الشركات الناشئة المستقلة.

لقد كانت شركة علي بابا، عملاق التجارة الإلكترونية التي طورت سلسلة إصدارات النموذج كوين، رائدة في سباق الذكاء الاصطناعي الذي تشهده الصين، ولكنها كانت أبطأ من غيرها في إطلاق المنتجات الموجهة للمستهلكين. على الرغم من أن كوين كان أكثر النماذج المفتوحة المصدر تنزيلاً عبر منصة هاغينغ فيس في عام 2024، فإنه لم يستخدم في تشغيل بوت دردشة مخصص حتى أوائل عام 2025. في مارس/آذار، أعادت علي بابا تسمية تطبيق كوارك المخصص لديها للتخزين السحابي والبحث ليصبح أداة بحث شاملة تعمل بالذكاء الاصطناعي. وبحلول يونيو/حزيران، قدم كوارك ميزة البحث العميق، وهي وضع جديد للعمل يعبر عن جهودها الأكثر شبهاً بتطبيقات المنظومات الوكيلة حتى الآن.

لم ترد شركتا بايت دانس وعلي بابا على طلب إم آي تي تكنولوجي ريفيو للإدلاء بتعليق.

يقول لي من شركة سيميولار، الذي عمل سابقاً في شركة جوجل ديب مايند في مجال أتمتة العمل القائمة على الذكاء الاصطناعي: "تاريخياً، تميل المنتجات التقنية الصينية إلى اتباع نهج التطبيقات الفائقة التي تقدم خدمات شاملة، ويعبر أحدث وكلاء الذكاء الاصطناعي الصينيين عن ذلك تماماً. وعلى النقيض من ذلك، يركز وكلاء الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بدرجة أكبر على خدمة قطاعات محددة".

يقول الباحث في جامعة ستانفورد، بي، إن شركات التكنولوجيا العملاقة الحالية يمكن أن تتمتع بميزة هائلة في تجسيد رؤية وكلاء الذكاء الاصطناعي العامة، خاصة تلك الشركات التي لديها تكامل مدمج بين الخدمات. ويقول: "لا تزال سوق وكلاء الذكاء الاصطناعي الموجهة للعملاء في مرحلة مبكرة للغاية، وهي تواجه العديد من المشاكل مثل المصادقة والمسؤولية القانونية. لكن الشركات التي تعمل بالفعل عبر مجموعة واسعة من الخدمات تتمتع بميزة طبيعية في تشغيل الوكلاء على نطاق واسع".

المحتوى محمي