التعاون بين الإنسان والآلة: رؤية استراتيجية لمستقبل الذكاء الاصطناعي في السعودية

4 دقيقة
هل من المجدي أن تحل الآلات محل البشر؟ دراسة جديدة تخفف من شبح البطالة بسبب الذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: shutterstock.com/Stokkete

يطرح التحليل المقارن إطار عمل (بعنوان "إطار عمل الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان") بصفته نموذجاً متوائماً على نحو أشمل، ويوفر أساساً قابلاً للتطوير ومتوافقاً ثقافياً لنشر الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في المملكة.

مقارنة أطر العمل

تناولت الدراسة ستة نماذج شائعة على نطاق واسع لتكامل الذكاء الاصطناعي وقيادته. وهذه النماذج هي:

  1. نموذج نضج الذكاء الاصطناعي من شركة مايكروسوفت.
  2. إطار عمل الذكاء التلقائي من شركة ديلويت.
  3. إطار عمل الأنظمة المستقلة من شركة غارتنر.
  4. وضع الذكاء الاصطناعي بوجود التدخل البشري من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
  5. نموذج العمل الجماعي بين الإنسان والذكاء الاصطناعي من مجلة هارفارد بزنس ريفيو.
  6. طيف الإمكانات المعززة بالذكاء الاصطناعي من شركة بي دبليو سي.

جرى تقييم كل إطار عمل من حيث توافقه مع القيم والنتائج الاستراتيجية الموضحة في رؤية 2030، والتي تشكل معايير التقييم لهذا المقال. ويرد أدناه بيان وصفي واحد لهذه المعايير، مع الإشارة على وجه التحديد إلى الاعتبارات الرئيسية لكل هدف من الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030 المذكورة أعلاه.

الهدف الاستراتيجي الرؤية 20230الاعتبارات الرئيسية
مجتمع نابض بالحياةالهوية الثقافية، والأخلاقيات، والتعاطف، والتعليم
اقتصاد مزدهرالابتكار، وإحداث التحول في القوى العاملة، والإنتاجية
أمة طموحةالمساءلة والحوكمة والثقة المؤسسية

الجدول 1: معايير التقييم: مواءمة الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030

تقدم الفقرات التالية تقييماً إجمالياً لكل إطار عمل، حيث يجري تقييمه وفقاً للمعايير المذكورة أعلاه، وينتهي التقييم بخلاصة تبرر النظر في إطار عمل الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان في المملكة العربية السعودية.

اقرأ أيضاً: هل سنصل إلى الذكاء الاصطناعي العام الذي سيتجاوز قدرات البشر خلال 5 سنوات؟

 1- نموذج التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي

يشير المحور الذي يركز عليه هذا النموذج إلى الإنتاجية التعاونية بين البشر والذكاء الاصطناعي في مكان العمل. وعلى الرغم من نبل هذا النموذج في بنائه، إلا أنه يركز بصورة محدودة على الأبعاد الثقافية أو الأخلاقية عند تقييمه مقارنة بالهدف الاستراتيجي لرؤية 2030 الذي يخص الحيوية المجتمعية. أما عند مقارنة هذا النموذج بالهدف الاستراتيجي المتمثل بالاقتصاد المزدهر، فهو يتمتع بمنهجية فعالة فيما يتعلق بكفاءة القوى العاملة وتحسين القدرات التشغيلية، لكنه يعاني ضعفاً في الجوانب المتعلقة بتصميم الحوكمة والبنى الهيكلية للمساءلة عند الحديث عن أمة طموحة، باعتبارها الهدف الاستراتيجي الثالث. عموماً، يعتبر النموذج مفيداً من الناحية التشغيلية ولكنه يفتقر إلى العمق في تطبيقات القطاع العام والجوانب الدقيقة للاعتبارات الأخلاقية.

 2- نموذج الذكاء المعزز

ينصب تركيز هذا النموذج على تعزيز عملية اتخاذ القرارات البشرية من خلال الرؤى التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. مقارنة بالهدف الاستراتيجي المتمثل بالمجتمع النابض بالحياة، يولي هذا النموذج الفاعلية البشرية اهتماماً خاصاً، ويدعم الأداء الفردي والجماعي عندما يتعلق الأمر بالهدف الاستراتيجي المتمثل بالاقتصاد المزدهر. ومع ذلك، فيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي المتمثل بالأمة الطموحة، فإن تكامل الحوكمة غير محدد بوضوح، ما يعوق وجود آليات مباشرة للقيادة التكيفية أو النزاهة المؤسسية.

3- نموذج نضج الذكاء الاصطناعي

يركز هذا النموذج على التطور التقني والعملي نحو تعزيز جاهزية الذكاء الاصطناعي. وهو يولي القيم الثقافية أو الإنسانية اهتماماً ضئيلاً مقارنة بالهدف الاستراتيجي الأول، ولكنه يوفر خطة توجيهية واضحة لمواءمة التكنولوجيا مع الهدف الاستراتيجي الثاني. ومع ذلك، فهو محدود في تدابيره المتعلقة بالرقابة الأخلاقية مقارنة بالهدف الاستراتيجي الأول، ويتمحور في الغالب حول التكنولوجيا بطبيعته، مع حضور محدود للمكونات القيادية البشرية.

4- إطار عمل الأنظمة المستقلة

يركز هذا الإطار بدرجة أكبر بكثير على الأتمتة الكاملة واستقلالية الذكاء الاصطناعي، لكنه لا يتوافق مع القيم التي تتمحور حول الإنسان، وهي جانب مهم في الهدف الاستراتيجي الأول. ومع ذلك، فإنه يتوافق بقوة مع الهدف الاستراتيجي الثاني المتمثل بالاقتصاد المزدهر، من خلال تركيزه على الأتمتة الصناعية واللوجستية، ولكنه يفتقر إلى المساءلة التي يجب أن تشكل جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات البشرية، ما يجعل المواءمة ضعيفة مقارنة بالهدف الاستراتيجي الثالث. لذا فإنه يشكل خطراً كبيراً يهدد بتآكل النزاهة في غياب الرقابة البشرية.

5- التدخل البشري

نظراً لأن نموذج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يركز على ضمان المراجعة البشرية لقرارات الذكاء الاصطناعي ومراقبتها، ارتكزت الدراسة على مواءمة هذا الإطار من منظور ذي مستوى أعلى مع الأهداف الاستراتيجية الثلاث لرؤية 2030. ومع ذلك، إذا استثنينا مسألة التدقيق الأخلاقي المشدد، اللازمة للمواءمة مع الهدف الاستراتيجي الأول، فإن أبعاد هذا الإطار لا تفي بالغرض إلا في الصناعات الحساسة على صعيد الامتثال للقواعد والمعايير، مقارنة بالهدف الاستراتيجي الثاني، إضافة إلى أنه لا يتضمن إطاراً قيادياً لتكييف الذكاء الاصطناعي، ويفتقر إلى قابلية التوسع والتكامل الاستراتيجي.

اقرأ أيضاً: نحو مستقبل واعد: تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي وبناء آفاق جديدة للحكومات الرقمية في الخليج

6- طيف القدرات المعززة بالذكاء الاصطناعي

يركز هذا الطيف على تحديد التوازن بين الذكاء الاصطناعي والمهام البشرية في مختلف الأدوار. وهو يستوفي بصورة طبيعية متطلبات الهدف الاستراتيجي المتمثل بالمجتمع النابض بالحياة ويثبت أنه مفيد لتخطيط المواهب والمهام، وهو ما ينطبق على الهدف الاستراتيجي الثاني. أما بالنسبة إلى الهدف الاستراتيجي الثالث، فهو غير مصمم لأطر الحوكمة أو السياسات، وهو يقتصر على أنه أداة لتصميم العمليات التشغيلية، وليس إطار عمل للحوكمة.

يقدم الجدول 2 ملخصاً للنتائج:

إطار العململخص التوافق مع رؤية 2030
التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعيفعال على صعيد العمليات، ومحدود على صعيد أخلاقيات القطاع العام
الذكاء المعززمفيد للتعزيز، وضعيف في القيادة الثقافية أو المنهجية
نموذج نضج الذكاء الاصطناعييتمحور حول التكنولوجيا، ويفتقر للتركيز على القيم أو الأخلاقيات الإنسانية
الأنظمة المستقلةغير متوافق مع احتياجات الحوكمة؛ ويتضمن مخاطر التشغيل الآلي العالية
التدخل البشريفعال على صعيد الأخلاقيات، وضعيف على صعيد قابلية التوسع والقيادة
طيف القدرات المعززة بالذكاء الاصطناعيملائم للتصميم التنظيمي فقط

الجدول 2: ملخص النتائج

إطار العمل الموصى به (الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان - الذكاء الاصطناعي والنزاهة)

تستند مفاهيم إطار عمل الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان على المواءمة الكاملة مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030، مع التركيز على القيم والقيادة والحوكمة وقابلية التوسع. ويقترح خمسة أدوار بشرية (الحس، والتفسير، واتخاذ القرار، والتصرف، والتطور) تتطابق بدورها مع خمسة أدوار للذكاء الاصطناعي بطريقة مترابطة (الجمع، والكشف، والتلخيص، والاقتراح، والنمذجة). فيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي الأول من الأهداف الاستراتيجية الثلاثة، المجتمع النابض بالحياة، يشدد إطار العمل على التعاطف والتفكير والتمييز الأخلاقي. وفيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي الثاني، الاقتصاد المزدهر، فإنه يتيح اتخاذ القرارات المدعومة بالبيانات والتعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، أما فيما يتعلق بالهدف الاستراتيجي الثالث، الأمة الطموحة، فإنه يضع النزاهة والمساءلة الأخلاقية في صميم حوكمة الذكاء الاصطناعي. ويوفر التصميم والمواءمة المترابطان إطار عمل يتسم بتكامل قوي وشامل بين الإنسان والآلة، ويظل وثيق الصلة ثقافياً بالقيم المجتمعية السعودية مع التركيز القوي على القيادة الأخلاقية.

يقدم الجدول 3 تصوراً بيانياً لإطار العمل.

الجدول 3: إطار عمل الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان

الخلاصة: لماذا يجب أن تكون النزاهة هي المرشد الذي يوجه استراتيجية الذكاء الاصطناعي؟

إذا كان الذكاء الاصطناعي منفصلاً عن القيم الإنسانية، فقد يقوض المؤسسات ذاتها التي يسعى إلى إحداث تحول جذري فيها. لا تشدد رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على التحول الرقمي فحسب، بل تشدد أيضاً على تحقيق ذلك بنزاهة.

بعد تقييم الأطر الستة في هذا المقال، نقترح إطار عمل الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الإنسان بصفته إطار عمل قوياً وقابلاً للتطوير ومتوافقاً مع القيم. فهو يوازن بين الابتكار والمساءلة، والكفاءة والأخلاق، والذكاء والضمير الإنساني.

المحتوى محمي