دليل عملي لاختيار أفضل أدوات التسويق باستخدام الذكاء الاصطناعي

5 دقيقة
هل أصبح التسويق عبر البريد الإلكتروني أسلوباً قديماً؟ الأرقام تخبرك بالحقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/ olesia_g

من إنشاء محتوى مخصص إلى أتمتة المهام وتحليل البيانات والتنبؤ بتصرفات العملاء، يبدو أن للذكاء الاصطناعي تطبيقات لا حصر لها في مجال التسويق. تزخر الساحة اليوم بالعديد من الأدوات الذكية المخصصة لمجالات تسويقية متنوعة، ما يزيد رغبة المسوقين في اقتناء أحدث هذه الأدوات كونها وسيلة لتوفير تجارب تسويقية أكثر تخصيصاً، وبالتالي دفع أعمالهم قدماً. لكن هذه الأفكار تصطدم في الكثير من الأحيان بحقيقة أن الأداة الصحيحة ليست الأحدث دائماً وإنما تلك التي تتوافق مع احتياجات وأهداف عملك. 

يمكن أن تتجلى نتيجة هذا التعارض بين التوقعات والواقع في نتائج استطلاع أجرته شركة "سيلزفورس" على 5000 مسوق حول العالم، حيث يظهر الاستطلاع أنه على الرغم من أن 96% من المسوقين استخدموا الذكاء الاصطناعي التوليدي أو يخططون لاستخدامه، فإن 32% فقط منهم تمكنوا من تطبيقه بشكل كامل في عمليات التسويق.

تعرض هذه المقالة عدداً من الخطوات العملية التي يمكن اتباعها في أثناء اختيار المؤسسات أدوات الذكاء الاصطناعي التسويقية المناسبة لاحتياجاتها، والمعايير الأساسية لعملية التقييم والاختيار، وأمثلة على استخدام هذه الأدوات في عمليات التسويق.

اقرأ أيضاً: وعود شركات الذكاء الاصطناعي: هل هي حقيقة أمْ مبالغات تسويقية؟

منصات الذكاء الاصطناعي التسويقية: تنوع الاستخدامات وتباين الاحتياجات

أدوات التسويق المدعومة بالذكاء الاصطناعي هي برمجيات أو منصات تستخدم تقنيات التعلم الآلي ومعالجة اللغات الطبيعية لأتمتة جوانب مختلفة من مهام التسويق. على سبيل المثال، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي إنشاء رسائل البريد الإلكتروني وتلخيصها وجدولة المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء محتوى تسويقي نصي أو مرئي بتكلفة زهيدة، كما تتمتع العديد من هذه الأدوات بالقدرة على تحليل البيانات الضخمة بسرعة لاكتشاف الأنماط والاتجاهات الخفية في سلوك العملاء، والتنبؤ بما سيفعله العملاء بعد ذلك، ما يساعد المسوقين على اتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات.

على الرغم من وفرة أدوات التسويق المعززة بالذكاء الاصطناعي، ليست كل أداة مناسبة لأي نشاط تجاري، إذ تختلف الشركات في أحجامها وقطاعاتها وأولوياتها التسويقية. لذلك فمن الضروري مواءمة اختيارك للأداة مع طبيعة نشاطك التجاري وجمهورك وأهدافك الخاصة. على سبيل المثال، إذا كان هدف شركتك هو زيادة تفاعل العملاء، فقد تكون الأداة التي تتمتع بقدرات تخصيص المحتوى وتقديم توصيات شخصية هي الأنسب، أما إذا كنت تدير متجراً إلكترونياً وترغب في تحسين تجربة التسوق للعملاء، فقد تفيدك أدوات محركات التوصية التي تقترح على العملاء منتجات بناء على اهتماماتهم وسلوكهم الشرائي السابق.

وبالمثل، قد تحتاج الشركات الصغيرة التي تستهدف جمهوراً محلياً إلى أدوات بسيطة ومنخفضة التكلفة لإدارة حملات التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني. في حين تحتاج شركة كبيرة تدير عمليات تسويق متعددة القنوات إلى منصة ذكاء اصطناعي أكثر شمولاً يمكنها التكامل بسهولة مع نظام إدارة علاقات العملاء وقواعد البيانات الضخمة لديها.

خطوات عملية لاختيار أداة التسويق المناسبة

لضمان اختيار أفضل أداة ذكاء اصطناعي للتسويق تتناسب مع احتياجات نشاطك التجاري، يجب اتباع مجموعة من الخطوات التي تتجاوز مجرد الميزات التقنية لتشمل عوامل استراتيجية وتشغيلية:

- تحديد الأهداف التسويقية بدقة: يجب البدء بتحديد ما ترغب في تحقيقه باستخدام أداة الذكاء الاصطناعي. هل تسعى إلى تحسين محتوى الحملات الإعلانية أم إلى تحليل بيانات العملاء للحصول على رؤى أعمق؟ وجود هدف واضح يساعدك على تضييق نطاق الخيارات والتركيز على الأدوات التي تلبي هذا الهدف بشكل أفضل، كما يفضل التركيز على أهم حاجة تسويقية والبدء بها بدلاً من محاولة الحصول على كل المزايا مرة واحدة.

- تقدير الميزانية المتاحة وتقييم إمكانات فريق العمل: الخطوة التالية هي تحديد حجم الميزانية التي يمكن تخصيصها للأداة، ومدى توفر المهارات اللازمة لدى فريق العمل لاستخدامها بكفاءة. 

تعدد أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة حالياً من حيث السعر والقدرات، إذ تبدأ من خطط مجانية أو منخفضة التكلفة وصولاً إلى تلك المخصصة للمؤسسات الكبيرة، كما أن بعض الأدوات المتقدمة قد تتطلب معرفة تقنية أو تدريباً مكثفاً لاستخدامها بشكل صحيح. على سبيل المثال، قد تفضل الشركات الصغيرة التي ليس لديها خبراء في الذكاء الاصطناعي أداة سهلة الاستخدام بواجهة بسيطة لا تتطلب خبرة تقنية عميقة، في حين قد تمتلك الشركات الأكبر فرقاً تقنية قادرة على التعامل مع منصات أكثر تعقيداً.

- تحليل قدرة الأدوات على التكامل مع الأنظمة الحالية: تعد قابلية تكامل أدوات الذكاء الاصطناعي التسويقية مع الأنظمة والبرمجيات المستخدمة في المؤسسة، بما في ذلك أنظمة إدارة علاقات العملاء وأنظمة إدارة المحتوى، عاملاً حاسماً في عملية الاختيار. يعمل الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل عندما يكون جزءاً من آلية تسويقية محكمة، وليس إضافة منفصلة ومنعزلة. وتتطلب الفاعلية التسويقية المثلى تدفقاً سلساً للبيانات بين مختلف الأنظمة، وربط نماذج الذكاء الاصطناعي بأدوات سير العمل دون الحاجة إلى عمليات تطوير برمجي معقدة. ومن المهم دائماً أن يجمع سير العمل بين الأتمتة والإشراف البشري.

- تحديد مجال التطبيق (نوع الحملات والمهام): يرتبط اختيار مجال التسويق أو نوع الحملات الذي سيتم توظيف الذكاء الاصطناعي ارتباطاً وثيقاً بتحديد الهدف الذي ذُكر في النقطة الأولى. من المهم تحديد المجال الذي يمكن أن يحقق فيه الذكاء الاصطناعي أكبر أثر في الخطة التسويقية الحالية؟ هل في إنشاء المحتوى (نصوص الإعلانات أو المقالات أو المنشورات) أم إدارة الحملات الإعلانات المدفوعة وتحسين عملية استهداف الجمهور أم تحليل تفاعل العملاء عبر منصات متعددة أم أتمتة التسويق عبر البريد الإلكتروني؟ الهدف هو تحديد المهمة التسويقية المحددة التي في حال أتمتتها، ستحدث فارقاً ملموساً في كفاءة العمل أو نتائجه.

- مقارنة الخيارات المتاحة: تتمثل الخطوة التالية في البحث الموسع عن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تلبي المعايير التي حددتها في الخطوات السابقة. يمكن قراءة المراجعات والمقالات المتخصصة والقوائم التي تقارن بين الأدوات، للتأكد من الميزات الأساسية لكل أداة، مثل دعم اللغة العربية وسهولة الاستخدام وخطط الأسعار المتاحة. ويمكن وضع قائمة قصيرة من 3-5 أدوات محتملة، لتيسير المفاضلة بين الخيارات. وفي بعض الأحيان يكون توفر ميزات أكثر مما يحتاج إليه العمل عاملاً سلبياً، لأنه قد يجعل الأداة معقدة أو باهظة الثمن.

- لا تشترِ قبل أن تجرب: هذه قاعدة مهمة عند التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي لأن إمكانات بعض الأدوات لا تزال أقل من توقعات العملاء أو لا تزال في مرحلة التطوير. توفر معظم شركات التكنولوجيا فترات تجريبية أو نسخاً مجانية لفترة محدودة. وتعد الفترة التجريبية فرصة لاختبار الأداة في مشروع حقيقي أو مهمة يومية، ومقارنة الوقت والمجهود المبذول ومستوى الجودة بما لو نفذ يدوياً.

- تقييم النتائج قبل الشراء الكامل: بعد تجربة أداة أو أكثر، يوصى بتقييم التجربة بعناية. يمكن جمع ملاحظات فريق العمل فيما يتعلق بمدى صعوبة استخدامها وما إذا كانت وفرت الوقت أو حسنت جودة العمل، ثم مقارنة النتائج التي تحققت بالأهداف الأساسية. وفي النهاية، إذا اجتازت الأداة هذه المرحلة بنجاح، يمكن المضي قدماً بشراء النسخة الكاملة أو إحدى خطط الاشتراك التي تناسب احتياجات الشركة.

اقرأ أيضاً: كيف تستفيد المؤسسات من الذكاء الاصطناعي التوليدي لإحداث تحول جذري في التسويق؟

أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي لتطوير الأداء التسويقي

هناك العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقدم حلولاً مبتكرة تسهم في رفع كفاءة الفرق التسويقية وتسريع نمو العلامات التجارية. وفيما يلي نستعرض بعضاً من أبرز هذه الأدوات وما تقدمه من إمكانات متقدمة:

- وكيل ريتشي Reachy: أداة مخصصة لأتمتة التواصل عبر منصة لينكدإن، حيث ترسل طلبات الاتصال والرسائل المخصصة وتجري المتابعات تلقائياً. وتستخدم الأداة التخصيص الفائق المدعوم بالذكاء الاصطناعي لصياغة رسائل ذات صلة عالية، ما يحسن معدلات التفاعل.

- أداة إلسا أيه آي Elsa AI: مساعد تسويق ذكي يساعد على إنشاء ملفات العملاء المثالية وبناء استراتيجيات تسويقية وإنشاء محتوى وإعلانات فعالة. وتساعد الأداة على إنشاء محتوى لا يتضمن الهلوسات التي قد تنتج عن النماذج اللغوية الكبيرة.

- أداة رومورا Rumora: أداة تسويق تستغل التعليقات على مقاطع الفيديو المنشورة على منصة يوتيوب للترويج للعلامات التجارية، حيث تضع تعليقات مخصصة في أعلى الفيديوهات الشائعة لزيادة الوعي بالعلامة التجارية وتحسين ظهورها في نتائج البحث، كما تحلل سلوك الجمهور المستهدف لاختيار مقاطع الفيديو الأنسب، وتساعد على صياغة تعليقات ذكية تثير فضول المشاهدين للبحث عن العلامة التجارية.

- منصة أيتير آي أو Aiter.io: تساعد هذه المنصة العملاء على توليد الإعلانات والمحتوى والأفكار الاستراتيجية التسويقية. وتقول المنصة إنها تقوم بأتمتة أكثر من 50 مهمة تسويقية، ما يجعلها مثالية لرواد الأعمال والمسوقين وكتاب المحتوى الذين يبحثون عن توفير الوقت والحصول على أفكار جديدة.

- أداة ثيو THEO: تعالج هذه الأداة مشكلة المخرجات العامة وغير الدقيقة التي تقدمها أدوات الذكاء الاصطناعي التقليدية عبر تنظيم مواد الشركة المتفرقة مثل الموقع الإلكتروني والعروض التقديمية والعلامة التجارية وتحسينها، وتحويلها إلى قاعدة معرفة منظمة وشاملة تفهمها المساعدات الذكية كلها مثل "تشات جي بي تي" وجيميناي، كما أنها تتيح إدارة محتوى تسويقي متعدد دون تداخل بين المنتجات أو الشرائح المستهدفة، وتكشف الفجوات المعرفية في المواد المتاحة، وتساعد على سدها وتحديثها باستمرار، ما يجعلها مناسبة أكثر لفرق التسويق الصغيرة.

- أداة ماركيتينغ أوديتور Marketing Auditor: مصممة لتسهيل عمليات تدقيق الحملات التسويقية على منصات مثل "إعلانات جوجل" و"إعلانات فيسبوك". يشير الموقع الرسمي للأداة إلى قدرتها على أتمتة أكثر من 200 عملية تدقيق، ما يلغي الحاجة للتدقيق اليدوي أو استخدام القوائم التقليدية وجداول البيانات، كما أنها تقدم تقارير مخصصة وقابلة للتعديل بصيغ متعددة مثل "بي دي إف" و"باور بوينت".

المحتوى محمي