في خطوة جريئة نحو مستقبل الذكاء الاصطناعي الشخصي، كشف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي (OpenAI)، عن مشروع طموح لتطوير جهاز ذكاء اصطناعي مبتكر، وذلك بالتعاون مع جوني إيف، المصمم السابق في شركة آبل الذي أشرف على تصميم أجهزة شهيرة مثل آيفون وساعة آبل.
وفي مكالمة جماعية مع الموظفين في الشركة حصلت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال"، استعرض ألتمان وإيف رؤيتهما لإنتاج أكثر من 100 مليون جهاز ذكاء اصطناعي شخصي وتوزيعها، مصمم ليكون جزءاً لا يتجزأ من حياة المستخدمين اليومية ومنازلهم الذكية. يتميز هذا الجهاز الصغير، الذي لا يحتوي على شاشة، بتقديم تجربة تواصل صوتي متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهي تشبه أجهزة إيكو (Echo) من أمازون، لكنه أكثر تطوراً.
وبحسب ما قاله ألتمان خلال المكالمة، فإن الجهاز يمهّد الطريق لمرحلة جديدة في التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا.
اقرأ أيضاً: ما هو كمبيوتر الذكاء الاصطناعي؟ وهل ينبغي لك شراؤه؟
رفيق ذكاء اصطناعي
لم يذكر ألتمان خلال المكالمة أي شيء عن اسم الجهاز أو مواصفاته، لكن وصفه بـ "رفيق ذكاء اصطناعي"، هذا مفهوم جديد في عالم التكنولوجيا، يشير إلى جهاز ذكي يتفاعل مع المستخدم بطريقة طبيعية، بحيث يصبح جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية. وفقاً لرؤية سام ألتمان، فإن هذا الجهاز لن يكون مجرد مساعد صوتي تقليدي، بل سيصبح رفيقاً حقيقياً يعتمد على الذكاء الاصطناعي لفهم احتياجات المستخدم والتكيّف معها بمرور الوقت.
هذا الرفيق الذكي مصمم ليعمل دون شاشة ليعزّز تجربة التواصل الصوتي العفوي والمباشر.
وبفضل نماذج فهم اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي التوليدي، سيتمكن الجهاز من فهم مطالبات المستخدم وعاداته وتقديم إجابات وحتى استباق احتياجاته، ما يخلق تجربة طبيعية أشبه بالتفاعل مع شخص حقيقي.
وفقاً لألتمان، سيكون رفيق الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من المنزل الذكي، حيث يسهم في تنظيم المهام اليومية والتحكم في أجهزة المنزل الذكي وفهم نمط حياة المستخدم بطريقة.
اقرأ أيضاً: 7 أدوات ذكاء اصطناعي تمنح كبار السن حياة أسهل وأكثر استقلالية
كيف يعمل هذا الجهاز؟
على الرغم من عدم توفر تفاصيل دقيقة حول طريقة عمل الجهاز، فإنه وفقاً لوصف سام ألتمان، يمكننا أن نتوقع أنه سيكون جهازاً صغير الحجم، ربما بحجم هاتف ذكي أو ساعة ذكية أو جهاز للارتداء دون شاشة، مزوداً بميكروفونات لالتقاط الأصوات ومكبرات صوت للتفاعل الصوتي.
سيعمل الجهاز بالاعتماد على مجموعة من نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تساعده على فهم المستخدم والتفاعل معه:
- نموذج فهم اللغة الطبيعية (NLU): هذا النموذج متخصص في تحليل كلام المستخدم وفهمه، يسمح للجهاز بتفسير الطلبات بشكلٍ دقيق واستيعاب السياق العام للحوار.
- نموذج لغوي كبير (LLM): لتوليد ردود ذكية ومنطقية، حيث يولد إجابات طبيعية وفقاً لما فهمه من كلام المستخدم، يتيح تجربة تفاعل سلسة وقريبة من المحادثات البشرية.
- نموذج تحويل النص إلى كلام (TTS): يعمل على تحويل الردود المولدة إلى كلام بصوت بشري طبيعي، ليقدّم الجهاز إجابات بصوت واضح ومفهوم يشبه طريقة كلام الإنسان.
- نماذج أخرى: من المحتمل أن يستخدم الجهاز تقنيات ذكاء اصطناعي إضافية تمكّنه من التحكم بأجهزة المنزل الذكي، مثل تشغيل الأضواء وضبط درجة الحرارة، ليكون امتداداً رقمياً لحياة المستخدم اليومية.
بهذه الميزات، يمكن لهذا الجهاز أن يصبح رفيقاً يعتمد عليه المستخدم في مختلف جوانب حياته، مقدّماً تجربة تواصل طبيعية وفعالة ترتقي بمفهوم المساعدات الذكية إلى مستوى جديد.
اقرأ أيضاً: ما هي هواتف الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ وما الذي يُميّزها؟
متى سيُطلق الجهاز؟
بحسب المعلومات المتاحة، تخطط شركة أوبن أيه آي لإطلاق الجهاز عام 2026، ضمن رؤية مستقبلية تهدف إلى تقديم تجربة تفاعل خالية من الشاشات. هذه الخطوة ليست مجرد إطلاق منتج واحد، بل هي جزء من استراتيجية أوسع، خصوصاً بعد استحواذ أوبن أيه آي على شركة آي أو (io) الناشئة المتخصصة في تطوير أجهزة الذكاء الاصطناعي التي أسسها جوني إيف مقابل 6.5 مليارات دولار.
يهدف هذا المشروع الطموح إلى دمج الذكاء الاصطناعي العام في الأجهزة الشخصية بطريقة تجعلها قادرة على الفهم والتكيّف مع احتياجات المستخدم، ويمنحها مستوى غير مسبوق من الذكاء والمرونة. ومع ذلك، فإن تفاصيل المشروع لا تزال طي الكتمان، حيث يتبع فريق العمل نهجاً حذراً يشبه الأسلوب الذي اعتمدته شركة آبل عند تطوير أول هاتف آيفون، لضمان حماية الابتكار في ظل المنافسة المتزايدة.
اقرأ أيضاً: من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً: دليل شامل لوكلاء الذكاء الاصطناعي
على مدار العقد الماضي، ظهرت العديد من الأجهزة الذكية، مثل الساعات والنظارات الذكية، لكنها لم تستطع استغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي كثيراً. وقد يمثّل هذا الجهاز خطوة كبيرة نحو مستقبل تصبح فيه التكنولوجيا أكثر انسجاماً مع احتياجات الإنسان اليومية، ما يجعل عام 2026 محطة مهمة في التحول الرقمي.