هل يمكننا استخدام أضواء قوية لدفع المركبات الفضائية وإيصالها إلى سرعة الضوء؟

3 دقائق
مصدر الصورة: بيكساباي

في كل أسبوع، يرسل قُراء رسالتنا الإخبارية الأسبوعية ذا إيرلوك أسئلتهم إلى مراسلنا المختص بالفضاء نيل باتيل حتى يجيب عنها. ومحورنا هذا الأسبوع: السفر بسرعة الضوء.

سؤال القارئ
راودني هذا السؤال منذ الطفولة: لم لا نستفيد من قانون نيوتن الثالث في الحركة (يوجد لكل فعل رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه) لمساعدتنا على السفر في الفضاء بسرعة الضوء؟ ألا يمكننا ببساطة استخدام أضواء قوية كنظام دفع لصواريخنا، بما أن الفوتونات تتحرك بسرعة الضوء ويُفترض بها أن تدفعنا في الاتجاه المعاكس بنفس السرعة؟ لماذا لا تنجح هذه الطريقة؟

إجابة نيل
حتى نجيب عن هذا السؤال، يجب أن نتأمل المسألة جيداً. من المعروف أن قانون نيوتن الثالث ينص على أن كل فعل يقابله رد فعل يساويه في الشدة ويعاكسه في الاتجاه. ويمكن أن نعبر عن هذا بطريقة أخرى عن طريق مصونية كمية الحركة. في ميكانيك نيوتن، تُعرف كمية الحركة على أنها جداء الكتلة بالسرعة، حيث يتمتع الجسم الثقيل الذي يتحرك بسرعة قليلة بكمية حركة كبيرة، وكذلك الجسم الخفيف الذي يتحرك بسرعة عالية. غير أن هذا لا يعني أن السرعات ضمن هذه المسألة تلغي بعضها البعض، فعند إطلاق رصاصة من سلاح ناري على سبيل المثال، سيكون هناك ارتداد إلى الخلف، ولكن بما أن السلاح أثقل بكثير من الرصاصة، فإن هذا الارتداد سيكون أبطأ بكثير من سرعة الرصاصة.

ولا تتمتع الفوتونات، وهي الجسيمات التي يتكون منها الضوء، بأية كتلة. غير أن المفارقة تكمن في أنها ما تزال تتمتع بكمية حركة. وتتناسب كمية الحركة للفوتون عكساً مع طوله الموجي. أي أن الفوتونات ذات الطول الموجي الكبير (مثل الأمواج الراديوية) تتمتع بكمية حركة أقل، في حين أن الفوتونات ذات الطول الموجي الصغير (مثل الضوء المرئي أو الأشعة السينية) فتتمتع بكمية حركة أكبر.

إذن، يمكن من الناحية النظرية دفع مركبة فضائية بإطلاق ضوء باستطاعة عالية من الخلف، ولكن كمية الحركة لكل فوتون صغيرة للغاية (وتساوي ناتج قسمة ثابت بلانك، وهو رقم صغير للغاية، على الطول الموجي للفوتون)، ولهذا سيحتاج الأمر إلى الكثير من الفوتونات. غير أن هذه المشكلة لم تردع الفيزيائيين والمهندسين عن محاولة وضع تصميم لهذا "الصاروخ الفوتوني"، ويمثل هذا البحث من عام 1960 أقدم ملخص عن هذه المسألة، ويقدم بول جليستر لمحة جيدة عن تاريخ هذا العمل هنا. حيث تقوم الفكرة على حمل المادة المضادة على متن المركبة، وعندما تتحد المادة والمادة المضادة معاً، ينتج مقدار هائل من الطاقة على شكل فوتونات. وإذا تمكنت من توجيه هذه الفوتونات في نفس الاتجاه، فستحصل على صاروخ فوتوني، وسيكون بالفعل وسيلة رائعة للسفر في الفضاء. لن تتحرك بسرعة الضوء، ولكنك ستصل فورياً إلى سرعات عالية.

غير أن هذه الفكرة تعاني من بعض المشاكل. أولاً، يمثل تشكيل وتخزين المادة المضادة مسألة صعبة للغاية، فقد تم تشكيل كميات صغيرة جداً منها، ولا توجد وسيلة عملية حالياً لتخزينها على متن مركبة فضائية، وحتى لو تمكنت من العثور على كمية منها، فسوف يكون من شبه المستحيل توجيه الفوتونات الناتجة عن التفاعل باتجاه محدد باستخدام التكنولوجيا الحالية، ومن الأرجح أن المسألة ستنتهي بمقتلك في انفجار إشعاعي.

هذا لا يعني أن استخدام الضوء لدفع المركبات الفضائية أمر مستحيل تماماً، غير أن الاستفادة من كمية الحركة الناتجة عن الضوء تتطلب إعادة النظر في تصميم المركبة الفضائية. وبدلاً من أن تطلق الضوء من المركبة نفسها، يمكنك أن تعكس الضوء عليها، سواء من الشمس أو من مصدر اصطناعي، مثل ليزر يتم توجيهه من الأرض.

وهذا هو مبدأ عمل الأشرعة الشمسية، التي تعتمد على ضوء الشمس المعكوس. وتقوم الحيلة هنا على استخدام مادة عاكسة وخفيفة للغاية، وعندما يصطدم الضوء بهذه المادة ويرتد عنها، فإنه يمنحها شيئاً من كمية الحركة. وإذا لم يكن الضوء شديد السطوع، فسوف تكون القوة الناتجة قليلة، ولكن نظراً لعدم الحاجة إلى حمل الوقود، فإن التسارع الناتج عن هذه القوة سيتراكم بمرور الوقت، وهو ما يجعل فكرة الأشرعة الشمسية، وأشرعة الليزر والميزر أيضاً (الميزر مماثل لليزر، ولكنه يعمل في ترددات مغايرة للضوء المرئي) جذابة للغاية.

وقد اختُبرت عدة أشرعة شمسية في الفضاء من قبل عدة مؤسسات، مثل ناسا ووكالة الفضاء اليابانية وبلانيتاري سوسايتي، وهي مجموعة خاصة. وإذا تمكنت من الحصول على مادة عالية العاكسية، فستمكن من أن تعرض أشرعتك إلى طاقات أعلى، سواء بنشرها قرب الشمس أو إطلاق ليزرات عالية الاستطاعة عليها. أما إذا كانت المادة منخفضة العاكسية، فإن الضوء الشديد سيذيبها ببساطة، سواء أكان طبيعياً أو اصطناعياً. وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها مشاريع طموحة مثل مشروع ستارشوت الذي يسعى إلى استخدام ليزر على الأرض لمسارعة مركبة فضائية صغيرة وخفيفة وعاكسة إلى حوالي عُشر سرعة الضوء.

إذن، فإن فكرة استخدام الضوء كمصدر للدفع ليست فكرة خاطئة تماماً، غير أن توليد الضوء قد لا يكون على متن المركبة نفسها.

المحتوى محمي