كشفت شركة أدوبي مؤخراً عن الإصدار الأحدث من منصتها فايرفلاي (Firefly) لتوليد المحتوى بمساعدة الذكاء الاصطناعي. تجمع هذه المنصة أدوات متعددة لتوليد المحتوى، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو والصوت والرسومات المتجهية ضمن تطبيق ويب واحد. وأوضحت الشركة أن الإصدار الجديد يقدّم نماذج ذكاء اصطناعي محسّنة وقدرات موسعة، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الأمان التجاري الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية للمحتوى المُنتَج، كما أعلنت اقتراب إطلاق تطبيق "فايرفلاي" للهواتف المحمولة التي تعمل بنظامي التشغيل "آي أو إس" وأندرويد.
وفيما يلي نستعرض أبرز الميزات الجديدة التي أعلنتها أدوبي، وكيف يمكنك أن تستفيد منه سواء كنت هاوياً أو محترفاً في مجال إنتاج المحتوى:
"إيمدج موديل 4" و"إيمدج موديل 4 ألترا": واقعية وتفاصيل غير مسبوقة
في مؤتمر أدوبي ماكس لندن (Adobe MAX London)، الذي انعقد الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة العديد من التحديثات لمنصاتها وأدواتها التحريرية، لكن الأنظار تركزت بشكلٍ أساسي على الجيل الجديد من نماذج توليد الصور، وتحديداً إيمدج موديل 4 (Image Model 4) ونسخته الأقوى إيمدج موديل 4 ألترا (وImage Model 4 Ultra).
تقول الشركة إن النموذجين قادران على إنتاج صور فائقة الجودة، تتميز بالواقعية وبتفاصيل غير مسبوقة، ويقدمان تحسينات جوهرية مقارنة بالنموذج السابق "إيمدج موديل 3"، حيث يمكن الآن لتطبيق "فايرفلاي" على الويب أن ينتج صوراً للأشخاص والحيوانات وغيرها بدقة ووضوح لافتين.
يُعد "إيمدج موديل 4" الخيار الأنسب للأفكار السريعة ومتطلبات التصميم اليومي، إذ يتميز بقدرته على توليد صور عالية الجودة بسرعة وكفاءة. كما أنه مناسب لإنشاء الرسوم التوضيحية البسيطة والأيقونات والكائنات الأساسية داخل الصور، ما يجعله يغطي 90% من المتطلبات الإبداعية بسرعة وبتكلفة منخفضة.
أمّا بالنسبة للمشاريع التي تتطلب مستوى أعلى من الواقعية والجودة وتحتاج إلى إضافة تفاصيل معقدة إلى الصور المُنشأة، فإن "إيمدج موديل 4 ألترا" قد يكون هو الخيار الأمثل. وفقاً لأدوبي، يستطيع هذا النموذج معالجة المشاهد شديدة التعقيد والتفاصيل، مثل الوجوه البشرية في الصور الشخصية أو توليد صور لمجموعات من الأشخاص، مع الحفاظ على مظهر طبيعي ودقة فائقة. بعبارة أخرى، يُعدّ هذا النموذج الأفضل من حيث القدرة على إنتاج صور يصعب تمييزها عن الصور الحقيقية، حتى في الحالات التي تتضمن خلفيات مركبة أو إضاءة طبيعية معقدة.
لا تقتصر تحسينات هذا الجيل الجديد من النماذج على الدقة فقط، بل تشمل أيضاً فهماً أفضل للوصف النصي، أي تحسين فهم الأوامر النصية، ما يسهم في زيادة التطابق بين وصف المستخدم والصورة المُولَّدة.
الذكاء الاصطناعي يحوّل الكلمات إلى مقاطع فيديو عالية الجودة
لم تعد قدرات "فايرفلاي" تقتصر فقط على توليد الصور الثابتة، بل توسعت لتشمل مقاطع الفيديو وأنواعاً أخرى من الوسائط. والإضافة الأبرز التي أعلنتها الشركة في هذا التحديث هي إتاحة نموذج توليد مقاطع الفيديو فايرفلاي فيديو موديل (Firefly Video Model) للمستخدمين كافة بعد انتهاء الفترة التجريبية.
بات بإمكان أي مستخدم الآن إدخال صورة مرجعية أو كتابة وصف نصي قصير، مثل "مشهد لغروب الشمس على الشاطئ مع ظهور اسم علامة تجارية في السماء"، لينتج النموذج مقطع فيديو يمكن أن تصل مدته إلى 5 ثوانٍ وبدقة تصل إلى 1080 بكسل ونسب عرض إلى ارتفاع تشمل 16:9 و9:16 و1:1.
كما يوفّر النموذج أدوات تحكم متقدمة تتيح تخصيص حركة الكاميرا وزاوية التصوير، وتحميل الإطارات الافتتاحية والختامية للمشهد لضبط تسلسل السرد البصري. كما يمكن إضافة مؤثرات بصرية كتغيير حالة الطقس والإضاءة لإضفاء جو معين، وذلك بمجرد وصف هذه التأثيرات نصياً.
اقرأ أيضاً: 3 نصائح لحماية خصوصيتك عند استخدام أدوات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي
استخدام نماذج جوجل و"وأوبن أيه آي" عبر "فايرفلاي"
لم تكتفِ أدوبي بتحديث نماذجها فحسب، بل أعلنت أيضاً دمج مجموعة من النماذج الخارجية التي طورتها الشركات الأخرى، حيث أصبح بإمكان المستخدم الآن الاختيار بين نماذج أدوبي "الآمنة تجارياً والمتوافقة مع حقوق الملكية الفكرية" أو استخدام نماذج خارجية مباشرة عبر تطبيق أدوبي.
من بين النماذج المتاحة حالياً نموذج توليد الصور إيماجن 3 (Imagen 3) ونموذج توليد مقاطع الفيديو فيو 2 (Veo 2) اللذان طوّرتهما شركة جوجل، ونموذج "أوبن أيه آي" لتوليد الصور، إلى جانب نموذج فلوكس (Flux 1.1 Pro) من شركة "بلاك فورست لابز"ـ كما تعمل أدوبي على دمج عدد من النماذج الأخرى خلال الأشهر القادمة، بما فيها نماذج من تطوير شركات "ران أواي" و"بيكا" و"لوما".
تقول الشركة إن لكل نموذج توليدي أسلوباً فنياً خاصاً وطابعاً جمالياً مميزاً، ما يمنح المستخدمين مرونة وخيارات أوسع في التصميم. وتؤكد أدوبي أن الانتقال بين هذه النماذج سلس، حيث ينبّه الشخص إلى اسم النموذج المُستخدم، وتُرفق شهادات المحتوى تلقائياً مع أي صورة مولّدة. وبغض النظر عن النموذج الذي تختاره، يمكنك دائماً معرفة ما إذا كان قد أُنشِئ باستخدام نماذج "فايرفلاي" أم عبر نماذج أخرى خارجية.
هنا فيديو توضيحي لنموذج توليد مقاطع الفيديو فيو 2.
تكامل الذكاء الاصطناعي مع مختلف تطبيقات أدوبي
على صعيد آخر، أعلنت الشركة توسيع تكامل ميزات الذكاء الاصطناعي داخل العديد من تطبيقات أدوبي كريتيف كلاود (Adobe Creative Cloud) بهدف توفير الوقت والجهد على المصممين:
- فوتوشوب (Photoshop): بات بإمكان المستخدمين الآن العمل بشكلٍ أسرع باستخدام ميزات مثل تحديد التفاصيل (Select Details) الجديدة في أداة تحديد الكائنات (Object Selection) لتمييز التفاصيل المعقدة بسرعة ودقة، مثل الشعر والملابس وملامح الوجه. تكتشف هذه الميزة تلقائياً التفاصيل الدقيقة وتعزلها ببضع نقرات فقط. كما تُبسّط ميزة ضبط الألوان (Adjust Colors) عملية تحرير الألوان وتوفر عناصر تحكم إضافية على لوحة الرسم. وتقول الشركة إن وكلاء الذكاء الاصطناعي ستتعلم مستقبلاً أسلوبك في العمل على "فوتوشوب" وستقدّم لك إرشادات مخصصة مع توصيات سياقية تلائم أهدافك.
- أدوبي إليستريتور (Adobe Illustrator): أُضيفت أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل التعبئة التوليدية للأشكال (Generative Shape Fill) وتوليد الأنماط من النص (Text to Pattern)، ما يسمح بابتكار زخارف وأنماط فنية ضمن الرسومات المتجهية (التي أُنشِئت باستخدام معادلات رياضية تعتمد على النقاط والخطوط والمنحنيات لتكوين الأشكال بدلاً من استخدام البكسلات) عبر الأوامر النصية، كما تُساعد ميزة التوسيع التوليدي (Generative Expand) على توسيع أبعاد رسومات المتجهات أو لوحات الرسم بسلاسة تتجاوز حدودها الأصلية.
- بريمير برو (Premiere Pro): أُضيفت ميزات مثل التمديد التوليدي (Generative Extend) لتمديد مقاطع الفيديو بسلاسة، بالإضافة إلى إجراء تحسينات في إدارة الألوان وترجمة التسميات التوضيحية.
- أدوبي إكسبريس (Adobe Express): شهد هذا التطبيق، المخصص للتصميم السريع وإنشاء محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة أدوات جديدة مثل أداة كليب ميكر (Clip Maker) التي تلخص مقاطع الفيديو الطويلة تلقائياً وتحولها إلى قصص قصيرة ملائمة للنشر على منصات التواصل الاجتماعي، كما أُضيفت ميزات مثل (Dynamic Animation) التي تُتيح تحريك الصور الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام "أدوبي إكسبريس" لتحريك تصميمات "فوتوشوب" و"إليستريتور"، مع إمكانية إضافة ترجمات تلقائية وإزالة الضوضاء الخلفية لتحسين جودة الصوت.
تشير أدوبي في النهاية إلى أن أحد أبرز التحديات اليوم هو إساءة استخدام أعمال المبدعين وصعوبة حمايتها عبر الإنترنت. ولهذا، أطلقت الشركة نسخة تجريبية من تطبيق (Adobe Content Authenticity)، وهو تطبيق ويب مجاني يُتيح للمبدعين إرفاق بيانات اعتماد المحتوى بأعمالهم، بما في ذلك الاسم المُوثّق لصاحب العمل وحساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. كما يُمكّن هذا التطبيق المبدعين من استخدام بيانات اعتماد المحتوى للإشارة إلى عدم رغبتهم في استخدام محتواهم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.