3 نصائح لحماية خصوصيتك عند استخدام أدوات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي

5 دقيقة
الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي التوليدي: تقرير من شركة سعودية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي
حقوق الصورة: shutterstock.com/LuckyStep

شهد العالم في الأعوام الأخيرة تحولاً جذرياً في طريقة التعامل مع الصورة بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ أصبح بالإمكان توليد الصور بسهولة عن طريق كتابة أوصاف نصية لها، كما أصبح من الممكن تعديل الصور وإعادة ترتيب عناصرها وتحليل محتواها بل وحتى تحويلها إلى فيديوهات. هذا التطور غيّر بشكلٍ جذري سير العمل في مجالات مثل التصميم والتسويق والإعلام وصناعة الترفيه.

ومع التوسع في قدرات الذكاء الاصطناعي، بدأت تظهر تساؤلات جوهرية حول خصوصية البيانات التي تُدخلها. مَن يمتلك حقوق الصور التي يتم تُولد باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ هل تُخزَّن؟ ماذا عن الصور الأصلية التي تُرفع لأغراض التعديل أو التحليل؟ هذه الأسئلة كلّها تفرض على المستخدم أن يكون واعياً بشأن ما يحدث للبيانات قي أثناء تعامل الذكاء الاصطناعي مع الصور.

اقرأ أيضاً: أهم 5 مخاطر ومسائل أخلاقية مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

أين تكمن خطورة أدوات توليد الصور وتعديلها وتحليلها بالذكاء الاصطناعي؟

في جوهر كل صورة يولّدها الذكاء الاصطناعي، تعمل نماذج لغوية وبصرية ضخمة تعتمد على شبكات عصبونية اصطناعية مدرّبة مسبقاً على مئات ملايين الصور. غالباً ما تُجمع هذه الصور من الإنترنت، دون فرز دقيق أو مراجعة قانونية، لتشكّل أساساً معرفياً لهذه النماذج. هذا يجعل بعض أدوات التوليد قادرة على إنشاء صور واقعية بشكلٍ مذهل، لكنها أيضاً معرّضة لإعادة إنتاج صور تنتهك حقوق الملكية أو فيها ملامح أشخاص حقيقيين لم يوافقوا مطلقاً على استخدام صورهم.

فيما يتعلق بالصور التي يرفعها المستخدم للتحليل أو التعديل، تكمن المشكلة الأساسية في غياب الشفافية. المستخدم لا يعلم ما إذا كانت الصور التي رفعها ستُخزَّن على خوادم الشركة أو ما إذا كانت ستُستخدم لاحقاً لتدريب النموذج نفسه أو نماذج أخرى. وفي بعض الحالات، يمكن أن يُعاد توظيف الوصف النصي المُدخل لتدريب النموذج على فهم صور أوصاف المستخدمين الآخرين. والأسوأ من ذلك، بعض النماذج المدرّبة على بيانات غير مراقبة قد تظهر ميولاً غير مرغوب فيها مثل التحيز. هذه التحديات لا تتعلق فقط بسوء الاستخدام، بل بالبنية التحتية لهذه الأدوات نفسها التي لا تزال حتى الآن في معظمها مغلقة المصدر وتدار ضمن أنظمة سحابية تجارية لا تُتيح للمستخدم أي تحكم حقيقي ببياناته.

وبينما تبدو هذه الأدوات باهرة في نتائجها، فإن استخدامها دون فهم عميق للتكنولوجيا والحقوق القانونية قد يعرّض المستخدم لمخاطر تتجاوز الإبداع، لتمس مسائل الخصوصية والأمن السيبراني بل وحتى المسؤولية الأخلاقية عن المحتوى الذي تنتجه تلك الأدوات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحويل أفكارك إلى صور واقعية؟

3 نصائح لحماية خصوصيتك

إذا كنت تريد حماية بياناتك عند استخدام أدوات توليد أو تعديل أو تحليل الصور بالذكاء الاصطناعي، عليك اتباع هذه النصائح:

1. استخدم النماذج المحلية إذا كان ذلك ممكناً

عند استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور وتعديلها وتحليلها، يُمكن تصنيف هذه النماذج إلى نوعين رئيسيين من حيث البنية التشغيلية: النماذج السحابية والنماذج المحلية. هذا التمييز ليس تقنياً فقط، بل ينعكس بشكلٍ مباشر على خصوصية المستخدم وتحكمه الكامل في البيانات.

النماذج السحابية (Cloud-Based Models)

تعمل هذه النماذج عبر الإنترنت، حيث تجري عملية المعالجة على خوادم تابعة للشركات المطوّرة، مثل أدوبي فاير فلاي (Adobe Firefly) ودال.إي (DALL·E).

عند كتابة وصف نصي أو رفع صورة للتعديل أو التحليل، تُرسل هذه البيانات إلى الخادم، وتُعالَج هناك ثم يُعاد إرسال النتيجة للمستخدم. المشكلة هنا أن المستخدم لا يعرف ما يحدث خلف الكواليس، هل تُخزَّن الصورة؟ هل تُستخدم في تدريب النموذج لاحقاً؟ في معظم الحالات، الإجابة مبهمة أو غير معلنة بوضوح.

النماذج المحلية (Local-Hosted Models)

في المقابل، توفّر بعض الشركات نسخاً مجانية مفتوحة المصدر مثل نماذج ستيبل ديفيوجن (Stable Diffusion)، يستطيع المستخدم تحميلها وتشغيلها على جهازه الشخصي. بمعنى آخر، كل ما يُولَد أو يُعالَج يبقى ضمن جهازه دون إرسال أي بيانات لخوادم خارجية، ما يمنح المستخدم سيطرة كاملة على البيانات.

إيجابيات النماذج المحلية تتمثل في:

  • حماية للخصوصية، إذ لا توجد عملية رفع أو تخزين سحابي.
  • القدرة على تخصيص النموذج وتعديله حسب الحاجة.
  • إمكانية تشغيلها دون اتصال بالإنترنت.

أمّا سلبياتها فتشمل:

  • الحاجة إلى أجهزة بمواصفات قوية، خاصة بطاقة رسومات (GPU) قوية.
  • إعداد تقني قد يكون معقداً نوعاً ما.

بينما توفّر النماذج السحابية سهولة الوصول وتجربة استخدام بسيطة لا تحتاج إلى خبرة، فإنها تأتي على حساب الخصوصية. لذلك، إذا كنت مطوراً أو فناناً أو شخصاً مهتماً بحماية بياناتك وعدم مشاركتها مع جهات خارجية دون علمك، فالحل الأمثل هو الاعتماد على النماذج المحلية، حتى وإن تطلّب ذلك أجهزة بمواصفات عالية وبعض الخبرة في تشغيلها.

اقرأ أيضاً: 11 من أفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي باللغة العربية

2. استخدم أداة لها سياسة خصوصية واضحة وشفافة

إذا كنت مضطراً لاستخدام نموذج سحابي لتوليد أو تعديل أو تحليل الصور، فواحدة من أهم خطوات الحماية التي يمكنك اتخاذها هي مراجعة سياسة الخصوصية الخاصة بالأداة. الكثير من المنصات السحابية تعتمد على جمع وتحليل بيانات المستخدمين، سواء لأغراض تطوير الخدمة أو التدريب المستقبلي للنماذج أو حتى لأغراض تجارية. لذلك، من الضروري أن تتحقق من أن سياسة الخصوصية واضحة ومكتوبة بلغة مفهومة لا تترك مجالاً للتأويل.

سياسة الخصوصية الجيدة يجب أن توضّح بشكلٍ مباشر:

  • هل تُخزَّن الصور أو الأوصاف النصية المدخلة؟ ولماذا؟
  • هل تُستخدم بيانات المستخدم في تدريب النماذج؟
  • مَن يملك الحقوق القانونية للصور المُولدة؟
  • هل يستطيع المستخدم حذف بياناته نهائياً؟
  • ما هو نوع التشفير أو الحماية المستخدمة في أثناء نقل البيانات ومعالجتها؟

بعض المنصات مثل أدوبي فاير فلاي (Adobe Firefly) لديها سياسة خصوصية شفافة نسبياً، حيث تُتيح للمستخدم التحكم في بعض جوانب معالجة البيانات. بالمقابل، أدوات مثل دال.إي (DALL·E) غالباً ما تحتفظ بحق استخدام بياناتك لتحسين النموذج.

3. لا تدخل بيانات حقيقية

أحد أكبر الأخطاء التي يقع فيها المستخدمون هو إدخال بيانات حقيقية في أثناء استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. سواء كانت صورة شخصية، أو اسماً حقيقياً، أو عنواناً، أو حتى وصفاً خاصاً بمشروع، كل هذه البيانات قد تُخزن مؤقتاً أو دائماً على خوادم الأداة السحابية، وقد تُستخدم لاحقاً لأغراض متنوعة.

المشكلة ليست فقط في تخزين البيانات، بل في أن النماذج نفسها قد تتعلم منها. مثلاً، لو رفعت صورة حقيقية لوجهك بهدف تعديل الخلفية، هناك احتمال أن تُستخدم تلك الصورة لاحقاً كمثال في تدريب النموذج، ويمكن أن يُعاد توليد وجهك أو وجه شبيه له لمستخدمين آخرين دون علمك. كذلك، إدخال معلومات سرية في الوصف النصي قد يؤدي لتسريب غير مباشر لتلك المعلومات.

لذلك، من الأفضل دائماً استخدام بيانات وهمية لأغراض توليد أو تعديل أو تحليل الصور، وعدم التعامل مع هذه الأدوات على أنها موثوقة. الخصوصية الحقيقية تبدأ من المستخدم، وأي خطأ في هذه المرحلة قد يكون مكلفاً جداً لاحقاً.

اقرأ أيضاً: أبرز مخاطر الخصوصية الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي

هل الخصوصية ممكنة في مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

رغم التحديات الحالية، فإن الحفاظ على الخصوصية عند استخدام مولدات الصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي ليس مستحيلاً، بل على العكس هناك جهود كبيرة تهدف إلى تعزيز خصوصية البنية التحتية للنماذج، هذه الجهود قد لا تكون منتشرة بعد، لكنها تفتح الباب لمرحلة جديدة من الذكاء الاصطناعي يكون فيها المستخدم طرفاً متحكماً ببياناته، لا مجرد مستهلك.

أحد أبرز الاتجاهات الواعدة هو التعلّم الفيدرالي (Federated Learning)، حيث تُدرَّب النماذج على بيانات موزعة على أجهزة المستخدمين دون الحاجة إلى نقل تلك البيانات إلى الخوادم المركزية، ما يعني أن المعلومات تبقى في مكانها الأصلي. إلى جانب ذلك، تبرز تقنية الخصوصية التفاضلية (Differential Privacy)، التي تسمح باستخدام بيانات حقيقية في التدريب دون إمكانية تتبع أصحابها أو كشف هويتهم، من خلال إدخال ضجيج (noise) إحصائي يحافظ على الخصوصية دون التأثير على دقة النموذج.

أمّا على مستوى التحكم المباشر، فبدأت بعض المنصات تدعم ما يُعرف بآليات الانسحاب (Opt-out mechanisms)، التي تُتيح للمستخدمين طلب عدم استخدام بياناتهم أو محتواهم في تدريب أي نماذج. هذه الخيارات لا تزال محدودة وغير مفعّلة افتراضياً في أغلب الأدوات، إلّا أنها تمثّل خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لجعل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي أكثر خصوصية.

المحتوى محمي