ما هو الفرق بين كلمات المرور ومفاتيح المرور؟ وأيّهما أفضل لأمانك؟

4 دقيقة
ما الفرق بين كلمات المرور ومفاتيح المرور؟ وأيهما أفضل لأمانك؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Excelworld

لا تزال كلمات المرور تُمثّل نقطة ضعف كبيرة في حماية حساباتنا الرقمية على الإنترنت، حيث رسمت الأشهر الأولى من عام 2025 صورة قاتمة لمدى ضعفها. ورداً على التهديدات المتصاعدة والإحباطات الواسعة النطاق المرتبطة بكلمات المرور التقليدية وإدارتها، فإن التوجه إلى استخدام ميزة مفاتيح المرور أصبح ضرورة مُلحّة لحماية حساباتك.

مشهد مُثير للقلق وإحصائيات صادمة عن ضعف أمان كلمات المرور التقليدية

تشير التقارير التي صدرت منذ بداية هذا العام 2025 إلى مشهد مقلق من خروقات البيانات المستمرة والخطيرة، إذ إن ضعف أمان كلمات المرور كان القاسم المشترك في معظم الخروقات. على سبيل المثال، كشف تقرير صادر عن شركة سبيكوبس سوفت وير (Specops Software) في يناير 2025، أن هجمات البرامج الضارة قد أدّت إلى سرقة ما يقرب من مليار كلمة مرور.

وبالنسبة للمستخدمين، فإن الإحباط المرتبط بإدارة كلمات المرور التقليدية أصبح متزايداً، حيث أدّى الكم الهائل من كلمات المرور المطلوبة لحماية الحسابات الرقمية المتزايدة إلى ظهور مصطلح يُعرف باسم  إرهاق كلمات المرور (Password fatigue). على سبيل المثال، وجد استطلاع حديث أن 87% من الأميركيين ذكروا أنهم يتخلون عن عملية شراء أو تسجيل حساب جديد لمجرد المتاعب المصاحبة لإنشاء كلمة مرور معقدة، كما أفاد تقرير آخر بأن ثُلثي الأميركيين توقفوا عن استخدام مواقع الويب نهائياً بسبب صعوبات في تسجيل الدخول، وأرجعت نسبة كبيرة ذلك إلى نسيان كلمات المرور.

ويتزايد الإحباط إلى مستوى كبير لدرجة أن ما يقرب من نصف الأميركيين أصبحوا يفضّلون تجربة تسجيل دخول دون كلمة مرور، بل إن نسبة كبيرة منهم قد بدؤوا التفكير في الانتقال إلى منافس يقدّم عملية تسجيل دخول أبسط، ما يشير إلى أن سهولة المصادقة أصبحت عاملاً رئيسياً يميز الخدمات الإلكترونية.

5 أسباب تشجّعك على استخدام ميزة مفاتيح المرور بدلاً من كلمات المرور التقليدية

على الرغم من أن معظم مواقع الويب تظهر اهتماماً بالغاً بأمان الحسابات من خلال حث المستخدمين باستمرار على إنشاء كلمات مرور قوية طويلة ومعقدة وفريدة من نوعها، ومع ذلك يمكن أن يكون تذكر العديد منها وإدارتها مهمة شاقة، ما يؤدي غالباً إلى سلوكيات غير جيدة، مثل إعادة استخدام كلمات المرور نفسها أو إنشاء كلمات مرور ضعيفة تجعلها معرضة للعديد من المخاطر، مثل هجمات التصيد الاحتيالي.

ومن ثَمَّ، فإن التوجه إلى استخدام ميزة مفاتيح المرور (Passkeys) يُعدُّ حلاً نموذجياً يجنّبك الكثير من المخاطر، إذ إن المبدأ الأساسي لكيفية عملها هو السماح للمستخدمين بتسجيل الدخول إلى حساباتهم عبر الإنترنت باستخدام الطرق البسيطة والآمنة نفسها التي يستخدمونها بالفعل لفتح أجهزتهم الشخصية الأخرى، مثل استخدام بصمات الإصبع أو التعرّف إلى الوجه أو رقم التعريف الشخصي.

اقرأ أيضاً: بصمة الإصبع ومعرف الوجه: أيهما أكثر أماناً للحفاظ على بياناتنا ومعلوماتنا؟

1- تسجيل دخول أسهل للحسابات الرقمية

تعمل ميزة مفاتيح المرور على تبسيط عملية تسجيل الحساب، وتوفّر تجربة تسجيل دخول سلسة ومتسقة عبر أجهزتك كلّها، من خلال استبدال كلمات المرور التقليدية بزوجين من المفاتيح المشفرة (مفتاح عام ومفتاح خاص)، ما يوفّر أماناً معزّزاً وسهولة استخدام محسّنة، وفي كثيرٍ من الحالات يمكن لمفاتيح المرور أن تُغني عن الحاجة إلى أساليب المصادقة الثنائية أو كلمة مرور مرة واحدة عبر الرسائل النصية القصيرة، ما يوفّر تسجيل دخول أكثر انسيابية وأماناً.

لمزيدٍ من الراحة والمرونة يمكن مزامنة مفاتيح المرور عبر أجهزتك المختلفة من خلال برامج إدارة كلمات المرور، ما يُتيح لك الوصول إلى حساباتك بسلاسة عبر أجهزتك كلّها. علاوة على ذلك، تدعم ميزة مفاتيح المرور المصادقة عبر الأجهزة، ما يعني أنه يمكنك استخدام مفتاح مرور مخزن على هاتفك لتسجيل الدخول إلى حساب على جهاز آخر قريب مثل الكمبيوتر المحمول باستخدام تقنيات مثل البلوتوث أو رموز الاستجابة السريعة.

اقرأ أيضاً: كيف تنشئ كلمة مرور من المستحيل تخمينها أو كسرها؟

2- عدم وجود كلمة مرور فعلية لإدخالها في مواقع الويب

بسبب تصميمها وارتباطها بشكلٍ مشفر بمواقع الويب والتطبيقات، فإنك بالفعل لا تحتاج إلى كلمة مرور لإدخالها في أي موقع ويب أو تطبيق، لأنها ببساطة لن تعمل على المواقع المزيفة المصممة لسرقة معلومات تسجيل الدخول، حيث لا توجد كلمة مرور فعلية لإدخالها، ما يجعل الميزة أكثر أماناً بكثير وتجعل المستخدمين أكثر إدراكاً ووعياً لمعرفة محاولات التصيد الاحتيالي المعقدة.

3- القدرة على منع هجمات سرقة بيانات التسجيل

توفّر مفاتيح المرور حماية قوية ضد الهجمات السيبرانية، مثل هجمات القوة الغاشمة وهجمات حشو بيانات الاعتماد، التي تجعل من المستحيل على مجرمي الإنترنت تخمينها بسبب طول مفاتيح التشفير وتعقيدها، فحتى لو حصل على المهاجم على مفتاح مرور لحساب واحد، لا يمكنه استخدامه للوصول إلى حسابات أخرى، بالإضافة إلى مقاومتها لبرامج تسجيل ضربات المفاتيح بسبب عدم حاجة المستخدم إلى استخدام لوحة المفاتيح لكتابة أي كلمة مرور.

كما أن احتمالية اختراقها من خلال اختراق الخوادم مستحيلة، لأنه عند إنشاء مفتاح مرور يُخزِن الموقع الإلكتروني أو التطبيق مفتاحك العام فقط، أمّا المفتاح الخاص اللازم للمصادقة الفعلية فيبقى آمناً على جهازك، لذا حتى في حال اختراق الخادم لن يتمكن المهاجم من الوصول إلّا إلى المفتاح العام الذي لا فائدة منه دون مفتاحك الخاص.

4- التخلص من الحاجة إلى تذكر كلمات مرور مُعقّدة متعددة

تُعدُّ من أهم الميزات نظراً لتجنب معظم المستخدمين إنشاءها من الأساس، ما يُقلل بشكلٍ كبير العبء المعرفي المرتبط بإدارة كلمات متعددة لحسابات عديدة، بالإضافة إلى ذلك غالباً، ما تُجري عملية تسجيل الدخول باستخدام مفاتيح المرور بطرق المصادقة البيومترية المألوفة، وهي عملية يجريها المستخدم يومياً مع معظم أجهزته، خاصة الأجهزة الحديثة التي تتضمن معظمها إحدى طرق المصادقة البيومترية.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل إذا نسيت رمز قفل هاتفك الأندرويد أو الآي أو إس؟

5- تبني ميزة مفاتيح المرور بدأ يتصاعد عالمياً

بدأت معظم شركات التكنولوجيا الكبرى بعملية الانتقال إلى مستقبلٍ بلا كلمات مرور، ومنها شركات جوجل وآبل ومايكروسوفت وأمازون، التي قامت أدمجت تكنولوجيا مفاتيح المرور بشكلٍ معمّقٍ في أنظمة التشغيل والخدمات الخاصة بها، بالإضافة إلى التطبيقات ومواقع الويب. على سبيل المثال، أفادت شركة أمازون بأن أكثر من 175 مليوناً من عملائها قد أنشؤوا مفاتيح مرور خلال السنة الأولى من توفرها، كما شهدت جوجل انتشاراً أوسع، حيث يستخدم 800 مليون حساب الآن ميزة مفاتيح المرور، ما أدّى إلى أكثر من 2.5 مليار عملية تسجيل دخول باستخدامها.

مستقبل بلا كلمات مرور: ميزة مفاتيح المرور الحل الأمثل لحماية الحسابات

يتصور تحالف إف أي دي أو  (FIDO) الذي وضع معايير تكنولوجيا مفاتيح المرور عالماً رقمياً خالياً تماماً من كلمات المرور، كما يتفق خبراء الأمن السيبراني على نطاقٍ واسعٍ على أن مفاتيح المرور تمثّل خطوة هائلة نحو إنشاء بيئة إلكترونية أكثر أماناً للجميع.

ومع تزايد عدد المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي تدعم مفاتيح المرور، وتزايد وعي المستخدمين بمزايا الأمان والراحة الكبيرة التي تقدمها، فمن المتوقع أن يتسارع معدل التبني بشكلٍ كبير، خاصة مع استثمار شركات التكنولوجيا الكبرى والمنصات الإلكترونية بكثافة في التكنولوجيا والترويج لها كطريقة مفضّلة للمصادقة.

بالإضافة إلى ذلك، نظراً لمزاياها الأمنية وتجربة المستخدم المحسّنة بشكلٍ كبير، فمن المتوقع أن تحل مفاتيح المرور محل كلمات المرور بشكلٍ شبه كامل في نهاية المطاف، لتصبح بديلاً أساسياً لتسجيل الدخول إلى المواقع والتطبيقات، ما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في الحفاظ على أمان حساباتنا الرقمية عبر الإنترنت.

المحتوى محمي