تمكَّن بوت الدردشة تشات جي بي تي من الوصول إلى أعلى مستوى من النشاط على الإطلاق خلال الأسبوع الماضي بعد التحديث الأخير الذي أجرته شركة أوبن أيه آي على مولد الصور المدمج فيه، الذي يُتيح للمستخدمين تحويل صورهم إلى أسلوب استوديو غيبلي (Studio Ghibli) الياباني الشهير، حيث أدّى التحديث الجديد إلى تحسين قدرات إنشاء الصور في تشات جي بي تي بشكلٍ كبير، ما سمح للمستخدمين بإنشاء صور مقنعة على غرار أسلوب استوديو غيبلي في ثوانٍ معدودة.
جذبت الميزة أكثر من مليون مستخدم جديد خلال ساعة واحدة فقط، لدرجة أن النظام تعطل بسبب الإقبال الكبير من المستخدمين، الذين لم يتوانوا عن نشر الصور المولّدة بالأسلوب الشهير الذي حظي بشعبية كبيرة، ومعظمها صور شخصية نُشِرت على نطاقٍ واسع عبر حسابات في مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
كيف يُنشئ التحديث الجديد لمولد الصور في تشات جي بي تي الصور بأسلوب غيبلي؟
بينما تستخدم مولدات الصور في بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي الأخرى نماذج الانتشار (Diffusion Models) التي تعمل تدريجياً على تحويل البيانات العشوائية والصاخبة إلى صورة متماسكة، فإن التحديث الأخير لمولد الصور في تشات جي بي تي يستخدم ما يعرف باسم نموذج الانحدار الذاتي (Autoregressive Model) الذي يتعامل مع الصور مثل اللغة ويقسّمها إلى رموز مميزة.
على سبيل المثال، مثلما يتنبأ منشئ النص في تشات جي بي تي بالكلمات الأكثر احتمالاً في الجملة لإنشاء النص، يمكن لمنشئ الصور في التحديث الأخير التنبؤ بالعناصر المرئية المختلفة في الصورة بشكلٍ منفصل، بطريقة مختلفة كُلياً عن نموذج دال إي-3 (Dall E-3). وهذا يعني أن المستخدمين لا يحتاجون إلى وصف كل جانب من جوانب الصورة بتفاصيل دقيقة، بدلاً من ذلك يمكنهم ببساطة الرجوع إلى أساليب مثل أسلوب استوديو غيبلي، وستفهم الأداة المرجع وتنشئ الصورة بناءً عليه.
اقرأ أيضاً: هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على مهنة التصوير الفوتوغرافي؟
ما هي المخاطر المترتبة على رفع صور شخصية إلى تشات جي بي تي لتحويلها إلى صورة بأسلوب غيبلي؟
في حين أن الآراء قد تختلف فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الطبع والنشر المحتملة التي تنطوي على استنساخ أعمال الاستوديو الياباني، فإن الخطورة تكمن في أن معظم المستخدمين قد لا يدركون الآثار المترتبة المتعلقة بمشاركة صورهم الشخصية مع تشات جي بي تي، حيث يحذّر الخبراء من أن شركة أوبن أيه آي قد تستخدم هذه الصور لتدريب نماذجها الحالية، وفي الوقت نفسه للتحرر من القيود واللوائح المنظمة للخصوصية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات في دول الاتحاد الأوروبي.
على سبيل المثال، بينما يُسارع المستخدمون إلى تحميل صورهم بغرض تحويلها إلى أسلوب استوديو غيبلي، فإنهم في الوقت نفسه يشاركون طواعية في اكتساب شركة أوبن أيه آي وصولاً مجانياً سهلاً إلى الصور. لكن الأهم هو مساعدتها على تجاوز القيود القانونية من خلال إعطائها موافقة صريحة على معالجتها، ما يُعدّ أساساً قانونياً يمنحها مزيداً من الحرية في استخدام الصور الشخصية التي تمت مشاركتها معها في أي غرض آخر مستقبلي مثل تدريب نماذجها.
شركة أوبن أيه آي وغيرها من شركات الذكاء الاصطناعي ملزمة بموجب لوائح اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي بتقديم سبب يُتيح لها جمع الصور عبر الإنترنت على أنها مصلحة مشروعة، أي ضرورية، مع ضمان حماية خصوصية المستخدم وضمان الشفافية. ولكن عندما تحمل الصور إلى تشات جي بي تي، فإنك توافق طواعية على الشروط التي قد تتجاوز هذه المتطلبات.
اقرأ أيضاً: جوجل ديب مايند تطلق أداة لإضافة العلامات المائية إلى الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي
فكّر قبل مشاركة صورك مع تشات جي بي تي لتحويلها إلى أسلوب غيبلي
مع أن رؤية صورك الشخصية مرسومة بأسلوب استوديو غيبلي الشهير هي أمر ممتع ويُشجّع على مشاركتها عبر حساباتك الشخصية، فإنه من الضروري أن تُدرك أنه بمجرد رفع صورتك الأصلية فإنك ستكون معرضاً بشكلٍ كبير لانتهاك الخصوصية، الذي ليس بالضرورة أن يكون اليوم أو غداً، ولكن الخطورة ستظل قائمة للعديد من الاعتبارات من ضمنها:
- على عكس كلمات المرور، فإن بصمة الوجه لا يمكن تغييرها بشكلٍ كامل، ومن ثَمَّ في حال تعرضت قاعدة بيانات تشات جي بي تي إلى خرق أدّى إلى تسريب بيانات، فقد يستغل مجرمو الإنترنت صورتك بطرق قد تعرضك أو تُعرض المحيطين بك لمخاطر سرقة الهوية.
- من خلال تحميل صورك الشخصية فأنت فعلياً تُزود شركة أوبن أيه آي عن غير قصد ببيانات بيومترية مهمة للغاية، مثل الموقع الجغرافي، التي يمكن الحصول عليها من البيانات الوصفية للصورة، ويمكن استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي أو بيعها لشركات الإعلان لاستهدافك بالإعلانات.
- بما أن الصور ستكون ملكاً لشركة أوبن أيه آي، في هذه الحالة ستفقد السيطرة على كيفية تخزينها واستخدامها، فقد تحتفظ بها الشركة وتستخدمها لتدريب نماذجها للذكاء الاصطناعي، أو لأغراض أخرى دون موافقة صريحة منك.
- قد تُستغل الصور المحملة لإنشاء محتوى مضلل أو تشهيري، بالإضافة إلى ذلك قد يتم التلاعب بها أو استخدامها لإنشاء ملفات تعريف مزيفة خاصة إذا شاركت أصل الصور مع الصور المعدّلة عبر حساباتك في منصات التواصل الاجتماعي.
- مع تحميل صورك الشخصية، هذا يعني بطريقة أو أخرى أنك قد ساعدت شركة أوبن أيه آي وغيرها من شركات الذكاء الاصطناعي على إيجاد ثغرة استراتيجية تُتيح لها جمع كميات كبيرة من الصور الشخصية تحت مبدأ الإبداع، وهو ما يمكن أن يُثير تساؤلات أخلاقية حول الشفافية واستغلال حقوق المبدعين.
Ghibli-style AI art is everywhere, but some concerns:
1️⃣Privacy: Uploading pics/thoughts to AI tools risks exposing metadata, location, even sensitive data—esp for kids.
⚖️If it’s free, you (& your data) are the price. If you're fine with that, great but it's good to be aware شاهد على إكس
— Elle Farrell-Kingsley (@ellefkingsley) March 28, 2025
اقرأ أيضاً: 7 طرق للكشف عن الصور المولّدة بالذكاء الاصطناعي
نقاط عليك مراعاتها قبل تحميل الصور إلى تشات جي بي تي لتحويلها إلى أسلوب غيبلي
قبل تحميل صورة إلى تشات جي بي تي لتحويلها إلى أسلوب استوديو غيبلي، من الضروري مراعاة اعتبارات الخصوصية التالية لحماية بياناتك وحماية صورتك من الاستخدام غير المصرح به:
- تأكد من أن الصورة لا تحتوي على معلومات حساسة أو قابلة للتعريف مثل الوجوه أو العناوين أو أي تفاصيل شخصية أخرى قد تعرّض خصوصيتك للخطر.
- تجنّب تحميل صور عالية الدقة لأنها أكثر عرضة لسوء الاستخدام، بدلاً من ذلك اضغط الصورة لتقليل قابليتها للاستخدام لأغراض غير مصرح بها.
- أضف علامة مائية خفية إلى الصورة لمنع الاستخدام غير المصرح به أو استخراج بياناتها، ما يُصعب على أدوات الذكاء الاصطناعي إعادة استخدام صورتك دون ذكر المصدر.
- استخدم أدوات مثل Glaze أو Nightshade لإضافة تعديلات دقيقة على وحدات البيكسل لإرباك خوارزميات الذكاء الاصطناعي في التعرف إلها مع الحفاظ على سلامتها.
- احذف البيانات الوصفية من ملف الصورة قبل تحميلها، فقد تحتوي على معلومات حول أصل الصورة وتفاصيل إنشائها والتي قد تحللها أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- تأكد من امتلاكك الكامل لحقوق ملكية الصورة التي تُحملها، ولا تستخدم صوراً لأفراد آخرين، خاصة الصور الشخصية دون موافقتهم الصريحة.
اقرأ أيضاً: هل تزيد الصور الشخصية المولّدة بالذكاء الاصطناعي من فرصك في الحصول على وظيفة؟
هل انتهكت شركة أوبن أيه آي قوانين حقوق الطبع والنشر في تدريب أداتها لتوليد الصور؟
على الرغم من أن تحويل الصور إلى أسلوب استوديو غيبلي ربما أعطى مستخدمي الإنترنت فرصاً لتجربة مهاراتهم في إنشاء المطالبات والأوامر لبوت الدردشة تشات جي بي تي لإخراج أفضل صورة ممكنة لهم، فإنه في الوقت نفسه أثار الكثير من المخاوف بشأن ممارسات شركة أوبن أيه آي فيما يتعلق بتدريب نماذجها اللغوية الكبيرة.
حيث لم تكشف الشركة عن مجموعات البيانات المحددة المستخدمة لتدريب أداة إنشاء الصور لإخراج الصور بدقة استوديو غيبلي بالتحديد، خاصة مع معارضة مبتكر أسلوب الرسم بشكلٍ ضمني تغول أدوات الذكاء الاصطناعي في الفن، حيث يعتقد العديد من الخبراء أن أوبن أيه آي ربما دربت نموذجها على المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر دون إذن.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحويل أفكارك إلى صور واقعية؟
يُثير ذلك عاصفة من الانتقادات المتعلقة في أن توجه شركة أوبن أيه آي الجديد قد يُتيح لها الفرصة في استغلال العمل الإبداعي لرسامي فن الرسوم المتحركة دون إذن أو تعويض مناسب، علاوة على تسليط الضوء على المخاوف الأخلاقية بشأن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تُدرب على الأعمال الإبداعية المحمية بحقوق الطبع والنشر، وما يعنيه ذلك لسبل عيش الفنانين في المستقبل.
وعلى الرغم من أن قوانين الطبع والنشر لا تحمي أساليب الرسم الشائعة بشكلٍ كامل، بسبب الخشية من أن احتكار أسلوب معين بشكل كامل قد يؤدي إلى خنق التعبير الإبداعي لرسامين آخرين، فإن أسلوب استوديو غيبلي بالتحديد يتميز بعناصر بصرية مميزة قد تكون محمية، وهو ما ينُشئ جدلاً قانونياً قد يستمر طويلاً، خاصة مع استمرار شركات الذكاء الاصطناعي في تدريب نماذجها على كل ما تجده أمامها من بيانات، وقدرتها في الوقت نفسه على تبرير تصرفاتها. بعكس الفنانين البشر الذين قد يصطدمون بإجراءات طويلة تجعل الحصول على تعويض مناسب رحلة شاقة قد لا يتمكنوا من الوصول إلى نهايتها.