كيف تجعل بوتات الدردشة أكثر إنسانية لحماية شركتك من الاحتيال؟

5 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Andrey Suslov

مع تطور المشهد الرقمي أصبحت بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي العاملة في خدمة العملاء أدوات أساسية للعلامات التجارية لتحسين كفاءتها التشغيلية، إذ تتيح الفرصة للعملاء للحصول على المساعدة في أي وقت وتبسط التفاعلات. ومع ذلك تكشف الأبحاث عن اتجاه مثير للقلق، إذ يزداد احتمال انخراط العملاء في سلوكيات احتيالية أو غير أخلاقية بشكلٍ ملحوظ عند التفاعل معها مقارنة بالمساعدين البشريين.

ومع ذلك تُظهر الدراسات الحديثة أن إضفاء الطابع الإنساني على بوتات الدردشة الخاصة بخدمة العملاء لا يُحسّن تجربة العملاء فحسب، بل يقلّل أيضاً بشكلٍ كبير الأنشطة الاحتيالية. فكيف يمكن للعلامات التجارية إضفاء الطابع الإنساني على بوتات الدردشة الخاصة بها للمساعدة على الحد من عمليات الاحتيال؟ وما هي الاستراتيجيات العملية التي يمكن للشركات اتخاذها لتطبيق تفاعلات بوتات دردشة أكثر فاعلية وأماناً وتفاعلاً مع البشر بما يحمي كلاً من العملاء والشركات؟

لماذا يحاول العملاء خداع بوتات الدردشة الخاصة بخدمات العملاء؟

يُعدُّ فهم أسباب اختلاف سلوك البشر مع بوتات الدردشة الخاصة بخدمة العملاء مقارنة بوكلاء الدعم البشريين مهمة معقدة نابعة من نظرة البشر إلى أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة العاطفية والحكم الأخلاقي، ما يُنشئ نوعاً من المسافة النفسية التي تجعل السلوك غير الأخلاقي يبدو أقل أهمية.

على سبيل، المثال عندما لا يشعر المستخدم بوجود أي مؤشر عاطفي تتضاءل موانعه الأخلاقية بشكلٍ كبير، ومن ثَمَّ يُنشئ هذا الإدراك بيئة يصبح فيها ارتكاب الاحتيال أسهل نفسياً، خاصة عندما يشعر بعدم وجود تداعيات محتملة لسلوكه غير الأخلاقي مع بوتات الدردشة مقارنة بالتداعيات الموجودة عند التفاعل مع وكلاء الدعم البشريين.

اقرأ أيضاً: نصائح لتحقيق أقصى استفادة من بوتات الدردشة الذكية

حيث تكشف الأبحاث عن اختلافات سلوكية كبيرة عند تفاعل المستخدمين مع الأنظمة الآلية مقارنة بالممثلين البشريين، ومن ضمنها دراسة نُشِرت في مجلة سبرينغر نيتشر (Springer Nature) وجدت أن البشر أكثر عرضة بنسبة 34.7% للتصرف بشكلٍ غير أخلاقي عند التفاعل مع بوتات الدردشة الذكية مقارنة بوكلاء الدعم البشريين، ويشمل ذلك سلوكيات مثل الادعاء الكاذب بأهلية الحصول على المزايا أو تقديم معلومات احتيالية.

كما وجدت الدراسة نفسها أن المستخدمين أكثر عرضة بنسبة 10.6% للإبلاغ عن أسباب كاذبة لإرجاع المنتجات لضمان انخفاض تكاليف الشحن عند التعامل مع بوتات الدردشة الذكية مقارنة بالبشر، والأهم من ذلك هو أن المستطلعة آراؤهم في الدراسة أفادوا بانخفاض شعورهم بالذنب بنسبة 19.5% عند الانخراط في سلوك غير أخلاقي مع بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي عموماً.

ومن ثَمَّ فإن إضفاء الطابع الإنساني على بوتات الدردشة الخاصة بخدمة العملاء من خلال تضمينها بسِماتٍ شبيهة بالإنسان، مثل تسميتها باسم بشري وتزويدها بصورة ملف تعريف بشري ونغمة صوت بشرية هادئة وودية، من شأنه أن يجعل العملاء يتفاعلون معه باحترافية كما يفعلون مع البشر، بالإضافة إلى ميلهم إلى اتباع المبادئ الأخلاقية ويجعلهم أقل عرضة لمحاولة القيام بعملية احتيال أو خداع.

اقرأ أيضاً: لماذا يتوجب علينا إضفاء الطابع الإنساني على الذكاء الاصطناعي؟

ما هي بوتات الدردشة المتوافقة مع البشر؟

صُمِّمت بوتات الدردشة المُؤنسنة التي تُسمّى أيضاً بوتات الدردشة المتوافقة مع البشر (Humanized Chatbot) للتواصل بطرق طبيعية وشخصية مع العملاء وإعطاء انطباع للعميل بأنه يتفاعل مع إنسان بدلاً من نظام آلي، حيث إن بوتات الدردشة التقليدية تعتمد حصرياً على ردود مبرمجة مسبقاً، فإن بوتات الدردشة المُؤنسنة تتكيف مع أنماط لغة المستخدم وإشاراته العاطفية، معزّزة بذلك روابط ذات طابع شخصي حيث تعمل كواجهات مستخدم محادثة تُعالج اللغة وتستجيب كما لو كان المستخدم يتفاعل مع شخص آخر.

ما هي متطلبات بناء بوتات الدردشة المتوافقة مع البشر؟

يتطلب إضفاء الطابع الإنساني على بوتات الدردشة بنجاح تطبيق تقنيات متعددة لإنشاء تجربة محادثة أكثر إنسانية، تشمل:

تطوير شخصية مميزة

تشكّل الشخصية المحددة جيداً أساساً ضرورياً لإضفاء الطابع الإنساني على بوت الدردشة الشبيه بالبشر، فبدون شخصية مميزة لا يستطيع البوت بناء علاقات هادفة مع العملاء للرد على استفساراتهم بطريقة سلسة وطبيعية.

حيث ينبغي أن تتوافق الشخصية مع صورة العلامة التجارية والجمهور المستهدف، وأن تتجاوز الشخصية الاستجابات البسيطة لتشمل أنماط الكلام المميزة واختيار المفردات، ما يعزّز الانطباع بالتواصل الذي من شأنه أن يقلّل بشكلٍ كبير السلوك غير الأخلاقي للعميل.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد بوتات الدردشة في الحصول على مساعدة في الصحة النفسية؟

دمج الذكاء العاطفي

يمكن تصميم بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتعرّف إلى المشاعر البشرية المعبّر عنها من خلال اللغة واختيار الكلمات والاستجابة لها، ما يسمح له بتكييف ردودها بناءً على الحالة العاطفية للمستخدم، ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاعلات أكثر صدقاً وتعاطفاً تتجاوز نهج توصيل المعلومات، وبناء روابط عاطفية تحسن خدمة العملاء وتعزّز الولاء للعلامة التجارية.

على سبيل المثال، عندما يعبّر العميل عن استيائه أو قلقه من خلال نصوصه، يمكن للبوت أن يعترف بتلك المشاعر قبل محاولة حل المشكلة، حيث تساعد عبارات مثل "أُدرك أن هذا الموقف محبط" على بناء روابط عاطفية، وتظهر أن بوت الدردشة يدرك مشاعر العميل ويقدّرها، ما يزيد ولاءه للعلامة التجارية وحثه على عدم ممارسة السلوك الاحتيالي.

الفهم والذاكرة السياقية

تُعدُّ قدرة بوت الدردشة على تعديل نبرته بناءً على السياق مهمة جداً لإنشاء تفاعلات أكثر صدقاً واهتماماً، حيث ينبغي أن يشمل الوعي السياقي إدراك متى قد يحاول المستخدم استخدام مفردات احتيالية. على سبيل المثال، إذا قدّم مستخدم طلبات غير اعتيادية للحصول على معلومات حساسة، يمكن للبوت التحول إلى أسلوب مخاطبة أكثر رسمية وتركيزاً على الأمن الرقمي مع الحفاظ على سماته الإنسانية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكنك إنشاء بوت دردشة مخصص باستخدام كوبايلوت برو؟

تقنيات أخرى لإضفاء طابع إنساني على بوتات الدردشة:

  • استخدام مؤشرات الكتابة لإنشاء وتيرة محادثة أكثر واقعية، حيث إن الاستجابات الفورية قد تُشعر العميل بأنه يتحدث مع نظام آلي بعكس مؤشر الكتابة الذي يستغرق وقتاً طويلاً في الاستجابة.
  • تضمين الرموز التعبيرية للمساعدة على نقل النبرة والمشاعر البشرية للعميل، الذي من شأنه أن يشجّع على ممارسة السلوك الأخلاقي.
  • مخاطبة العملاء بأسمائهم لإضفاء طابع شخصي على التفاعل لجعل المحادثات أكثر ودية للمساعدة على إبقاء العميل هادئاً حتى لا يتخذ أي سلوك غير أخلاقي عند التفاعل مع بوت الدردشة.
  • استخدام لغة غير رسمية تُحاكي أنماط الكلام البشري الطبيعية، ما يجعل العميل يشعر بأنه يتحدث مع وكيل مساعدة بشري ويجعله حذراً في ممارسة أي سلوك غير أخلاقي.
  • تنويع عبارات الترحيب المبدئية بما يتجاوز عبارة "مرحباً" الاعتيادية لإضفاء طابع شخصي على المحادثة ومنع التفاعلات من أن تبدو مكررة أو مبرمجة مسبقاً.

كيف يمكن لبوتات الدردشة المتوافقة مع البشر الكشف عن عمليات الاحتيال؟

إلى جانب إضفاء الطابع الإنساني، يمكن لبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي دمج آليات متطورة للكشف عن عمليات الاحتيال من خلال تحليل المحادثات آنياً لتحديد الأنماط المشبوهة باستخدام:

معالجة اللغة الطبيعية لإشارات الاحتيال

يمكن لبوت الدردشة المدعوم بقدرات معالجة لغة طبيعية متقدمة التعرّف إلى المؤشرات الدقيقة للنشاط الاحتيالي في أثناء التفاعلات، من خلال تحليله محتوى المحادثات وسياقاته ومشاعره لتحديد الأنماط المشبوهة التي قد تُشير إلى محاولات احتيال. على سبيل المثال، يمكن لبوت الدردشة اكتشاف طلبات غير اعتيادية لمعلومات حساسة أو إجابات غير متسقة أو محاولات للتلاعب بالنظام.

التعرّف إلى الصوت والمصادقة البيومترية

في تفاعلات خدمة العملاء الصوتية يمكن لبوت الدردشة الاستفادة من الخصائص البيومترية لتعزيز الأمان، حيث يمكن تدريبه على التعرّف إلى أنماط صوتية محددة، ما يصعب بشكلٍ كبير على منتحلي الشخصية الوصول غير المصرح به. 

تُضيف هذه الآلية مستوى أمان إضافياً يتجاوز طرق المصادقة التقليدية مثل كلمات المرور أو أرقام التعريف الشخصية.

فمن خلال تأكيد هوية المستخدم باستخدام خصائص صوته الفريدة يمكن للعلامات التجارية ضمان وصول الأفراد المصرّح لهم فقط إلى البيانات الحساسة أو إجراء المعاملات أو تحويلهم إلى مساعد بشري لمساعدتهم، ما يقلّل بشكلٍ كبير مخاطر الأنشطة الاحتيالية مع الحفاظ على تفاعل بشري.

كيفية تنفيذ أنظمة بوتات الدردشة المتوافقة مع البشر في قطاع خدمة العملاء بنجاح

- ينبغي للمؤسسات تطبيق مناهج أمنية متعددة الطبقات تجمع بين الفوائد النفسية للبشرية والتكامل مع الضمانات التقنية يشمل الحفاظ على إجراءات مصادقة مناسبة، وتطبيق تحليلات سلوكية للكشف عن أي خلل ووضع بروتوكولات تصعيد واضحة للتفاعلات المشبوهة للوصول إلى هدف إنشاء نظام يبدو بشرياً بما يكفي لردع محاولات الاحتيال مع الحفاظ على دفاعات تقنية متطورة ضد الذين لا يزالون يحاولون القيام بأعمال احتيالية.

- ينبغي للعلامات التجارية تحذير عملائها بشكلٍ استباقي من محاولات التصيد الاحتيالي المحتملة التي قد تُحاكي بوتات الدردشة الرسمية، ما يساعد على تثقيفهم وجعلهم أكثر مقاومة لهجمات الهندسة الاجتماعية، من خلال التركيز على أهمية الوصول إلى خدمات العملاء فقط من خلال القنوات الرسمية والحذر من الطلبات غير المعتادة للمعلومات الحساسة.

- قبل نشرها ينبغي للعلامات التجارية إجراء اختبارات محكمة لقياس مدى تأثير إضفاء الطابع البشري في بوتات الدردشة الخاصة بها على سلوك المستخدم، وتعديل نهجها بناءً على النتائج التجريبية.

- بعد النشر، يُعدُّ الرصد والتحسين المستمرين أمرين بالغي الأهمية، حيث ينبغي أن تشمل العملية تحليل أنماط التفاعل وتحديد أساليب الاحتيال المحتملة وتحديث استجابات بوت الدردشة وإجراءات الأمان بانتظام.

مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المرجّح أن تتلاشى القدرة على التمييز بين خدمة العملاء البشرية والآلية، ومن ثَمَّ ستكون العلامات التجارية التي ستنشر بوتات الدردشة الشبيهة بالبشر لخدمة عملائها في وضع جيد للتكيُّف مع التغيرات المتسارعة مع الحفاظ على حماية قوية من عمليات الاحتيال والسلوك غير الأخلاقي لبعض العملاء.

المحتوى محمي