أصبحت الفنادق على مستوى العالم في الآونة الأخيرة أكثر ميلاً لتبنّي الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة نوم ضيوفها. ولكنْ، لماذا يسافر المرء فقط من أجل الحصول على نوم جيد؟ الجواب يأتي من تقرير لشركة ماكنزي نُشِر عام 2024، أبرز أن النوم يُعدُّ ثاني أعلى أولوية للصحة والعافية بالنسبة للمستهلكين، مُسلّطة الضوء عليه باعتباره مجالاً به احتياجات كبيرة لم تُكتشف بعد.
نتيجة لذلك ظهرت العديد من الابتكارات التي تركّز على تحسين جودة النوم، بما في ذلك التطورات في تكنولوجيا النوم التي أسهمت في ظهور تقنيات مثل الحلقات الذكية والأسِرَّة المحسنة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تتبع عملية النوم وتقدّم توصيات لتحسين جودتها.
كما أدّى الاهتمام المتزايد بتحسين النوم إلى ظهور اتجاهات مثل سياحة النوم، حيث تقدّم الفنادق الفاخرة وسائل راحة عالية التقنية للنوم، بما في ذلك الأسِرَّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي ومختبرات النوم. فما الذي يدفع هذا الاتجاه؟ ولماذا يدفع الناس نحو ألف دولار لليلة الواحدة من أجل الحصول على نوم هادئ؟ والأهم من ذلك هل تستحق هذه التجربة هذه الأموال كلّها؟
الفنادق جاهزة لاستقبالك بأسِرَّة مدعومة بالذكاء الاصطناعي من أجل راحتك
وفقاً لتقرير شركة الضيافة العالمية هيلتون (Hilton)، فإن المسافرين أصبحوا أكثر ميلاً للبحث عن فنادق توفّر لهم قسطاً جيداً من الراحة ليلاً، لدرجة أن واحداً من كل أربعة مسافرين يحجز غرفة فيها أدوات تعزّز جودة النوم، بينما يحجز نحو 70% من الضيوف غرفاً في فنادق بها مرافق لتحسين جودة النوم. بالنسبة لبعض المسافرين، فإن السعي للحصول على نوم جيد أمرٌ يستحق دفع الأموال، ومن ثَمَّ للاستفادة من هذا الاتجاه أصبحت الفنادق أكثر توجهاً لتَعد نزلاءها براحة أفضل من خلال توفير أحدث ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا في غرفها.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لأفضل خدمات مقارنة الأسعار في الدول العربية
حيث أصبحت الأسِرَّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أكثر طلباً من العملاء لتعزيز راحتهم وجودة نومهم بسبب استخدامها التكنولوجيا المتقدمة لتوفير تجارب نوم مخصصة وتعديل عوامل مثل درجة الحرارة والصلابة في الوقت الفعلي بناءً على احتياجات النائم، حيث تتميز هذه الأسِرَّة بالخصائص التالية:
- قابليتها للضبط مثل ضبط درجة الحرارة والصلابة ونقاط الضغط طوال الليل لتحسين جودة النوم.
- استخدامها أجهزة استشعار للكشف عن البيانات الحيوية مثل معدل ضربات القلب وأنماط التنفس.
- القدرة على تخزين تفضيلات النوم الفردية، ما يسمح للضيوف بالوصول إلى إعداداتهم في الزيارات المستقبلية عن طريق تسجيل الدخول ببساطة.
- توفيرها تجربة متعددة الحواس، حيث تعمل على تبريد الجسم لتحفيز النوم العميق وتدفئته ومحاكاة شروق الشمس لتحفيز عملية الاستيقاظ.
- تحليل خوارزميات الذكاء الاصطناعي البيانات المجمّعة لتقديم ملاحظات ثاقبة حول جودة النوم ومدته وأنماطه.
- المساعدة على مكافحة اضطراب الرحلات الجوية الطويلة من خلال تنظيم درجة حرارة الجسم وتعزيز دورات النوم التعويضية.
اقرأ أيضاً: ما هي العوامل التي يمكن أن تسهم في صعود السياحة الدائرية؟
على سبيل المثال، لدى فندق بارك حياة نيويورك (Park Hyatt New York) تجربة رائدة في توفير الأسِرَّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي طوّرتها شركة بريت (Bryte) والتي تعمل في مجال تكنولوجيا النوم. فمن خلال مسح رمز الاستجابة السريعة بجانب السرير، يمكن للضيوف ضبط صلابة السرير أو النوم على النبضات التأملية المتزامنة مع الأصوات المهدئة أو استخدام النبضات للاستيقاظ برفق، بينما تعدّل الوسائد أيضاً وضعها طوال الليل وفقاً لكيفية نوم المستخدم ما يخفف الألم، وكل هذا يأتي بسعر 1200 دولار لليلة الواحدة.
كيف تعمل الفنادق على دمج الذكاء الاصطناعي في غرفها من أجل نوم مثالي؟
بينما يُعدّ استخدام الأسِرَّة المدعومة بالذكاء الاصطناعي حتى الآن مقتصراً على الفنادق الفاخرة، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت بالفعل بالانتشار في الغرف الفندقية لتوفير نوم مثالي للنزلاء من خلال الاستفادة من أجهزة الاستشعار المتقدمة و خوارزميات التعلم الآلي وتحليل البيانات في الوقت الفعلي، حيث أصبحت معظم الغرف الفندقية الآن بمثابة غرف ذكية تحتوي على العديد من التقنيات التي تؤدي أدواراً مختلفة مثل:
التحكم في درجة حرارة الغرفة
- تستخدم أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء المدعومة بالذكاء الاصطناعي خوارزميات تنبؤية وبيانات نوم شخصية لضبط درجة حرارة الغرفة بشكلٍ ديناميكي، حيث تتعلم من تفضيلات العميل وأنماطه، ما يضمن له البيئة الحرارية المثالية طوال الليل.
- تحليل البيانات البيئية وأنماط النوم في الوقت الفعلي لإجراء تعديلات دقيقة على درجة الحرارة، ما يضمن الحد الأدنى من اضطراب النوم ويحافظ على الراحة، والذي بدوره يؤدي إلى الحصول على نوم أفضل.
اقرأ أيضاً: شركة أميركية تستخلص مياه الشرب في دبي بالاعتماد على الهواء والشمس
أنظمة الإضاءة التكيفية
- تعمل أنظمة الإضاءة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على ضبط السطوع ودرجة حرارة اللون والتوقيت بناءً على إيقاع الساعة البيولوجية للعميل.
- القدرة على تحليل ملاحظات المستخدم وبيانات النوم باستمرار لضمان حصوله على التوازن المثالي بين شدة الضوء ودرجة حرارة اللون، ما يعزّز دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية الأكثر راحة.
التحكم في الرطوبة
- من خلال القدرة على مراقبة الظروف الجوية الداخلية والخارجية وضبط درجة الغرفة بناءً عليها، ما يؤدي إلى تشكيل جو متوازن باستمرار يدعم التنفس بشكلٍ أفضل ويقلّل مسببات الحساسية ويعزّز جودة النوم بشكلٍ عام.
- من خلال فحص البيانات الخارجية مثل أنماط الطقس المحلية والتغيرات الموسمية، يمكن للفنادق ضبط مستويات الرطوبة في غرفها بشكلٍ تلقائي لضمان بيئة نوم مريحة لعملائها.
التأثير التحويلي للذكاء الاصطناعي في صناعة الفنادق
لا يُعدّ دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة الفنادق مجرد اتجاه، بل هو نقلة نوعية لقدرة التكنولوجيا على تقديم حلولٍ مبتكرة لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتجربة العملاء. ومع استمرار تطورها، فإن إمكاناتها ستصبح لا حصر لها تقريباً، ما يَعد ليس فقط بتحسين الكفاءة ورضا العملاء، ولكن أيضاً بتقديم تجارب مبتكرة ومخصصة للضيوف.
حيث تُعدّ الفنادق التي تتبنّى الذكاء الاصطناعي في طليعة الفنادق المطلوبة من قِبل السياح والمسافرين، إذ تعمل هذه الفنادق على تقديم خدمة استثنائية ووضع معايير جديدة في مجال الضيافة وتشكيل مستقبل تجارب الضيوف في العصر الرقمي. على سبيل المثال، تستخدم العديد من الفنادق في الإمارات العربية المتحدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإدارة تخطيط رحلة عملائها وفي خدمات الاستقبال وخدمات الغرف، ما يساعد على تبسيط العمليات وتحسين رضا العملاء.
بالإضافة إلى ذلك تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية في الفنادق بشكلٍ كبير مثل إدارة المخزون والتنبؤ بمستويات لعناصر مثل المناشف أو ملايات الأسِرة، ما يضمن أن الفندق يُلبي دائماً احتياجات الضيوف دون الإفراط في التخزين الذي بدوره يؤدي إلى توفير التكاليف.
ومن حيث الخدمة، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي له دور كبير في إدارة جداول التنظيف، فمن خلال تحليل بيانات تسجيل وصول العملاء ومغادرتهم، يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحسين طرق وجداول التنظيف الداخلي والخارجي، ما يضمن أن الغرف معدة بشكلٍ جيد لاستقبال العملاء والذي بدوره يؤدي إلى زيادة رضا العملاء.
اقرأ أيضاً: ما هي السياحة الإلكترونية؟ وكيف تعزّز تجربة السياح؟
وبالنظر إلى المستقبل فإن الذكاء الاصطناعي يمثّل فرصة كبيرة لإحداث ثورة في صناعة الفنادق. على سبيل المثال، بدأ توجه جولات الواقع الافتراضي والمعزز بالارتفاع، الذي يُتيح للعملاء المحتملين الحصول على جولة افتراضية لمرافق الفندق وغرفها قبل الحجز، بالإضافة إلى خدمة الغرف التنبؤية التي تتنبأ بالوقت الذي قد يرغب فيه الضيف في خدمة الغرف بناءً على السلوك السابق، وتسأل بشكلٍ استباقي عما إذا كان يرغب في تقديم طلب.
علاوة على ذلك، يساعد أيضاً على المساهمة في تعزيز التدابير الأمنية من خلال استخدام الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل أنظمة التعرف إلى الوجه، للوصول الآمن إلى الغرف والمرافق. وفي نهاية المطاف من المتوقع أن يؤدي وكلاء الذكاء الاصطناعي ذات الهيئة البشرية المهام الأساسية، مثل تقديم خدمة الغرف أو توفير المعلومات ما يُضيف بُعداً جديداً إلى تجربة العميل مع زيادة الكفاءة.