روبوت قاطف الفراولة: ابتكار إماراتي يُسهم في تحسين عمليات قطف الفاكهة

4 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/Andrey_Popov

تواجه الزراعة نقصاً كبيراً في العمالة، خاصة عندما يتعلق الأمر بقطف الفاكهة الموسمية. ومع استمرار ارتفاع الطلب على المنتجات الطازجة، أصبحت الحاجة إلى حلول حصاد فعّالة وموثوقة مُلحّة على نحو متزايد. ومع ثورة الذكاء الاصطناعي أصبح الأمر أكثر سهولة من أي وقتٍ مضى، وهذا ما أثبته فريقٌ من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي الذين تمكّنوا من تطوير روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي قادر على تعزيز الإنتاجية وزيادة الكفاءة، والأهم حل مشكلة نقص العمالة في هذا القطاع الحساس.

علماء إماراتيون يطوّرون روبوتاً لحل مشكلة نقص العمالة في المزارع

يهدف الروبوت المبتكر الذي سُمي قاطف الفراولة (Strawberry Picker)، الذي طوّره أساتذة من قسم الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع أقسام أخرى، بما في ذلك أقسام التعلم الآلي والرؤية الحاسوبية، إلى دعم صناعة الزراعة ومساعدة أصحاب مزارع الفاكهة على تقليل تكاليف العمالة، مع الحفاظ على مستويات عالية من الإنتاجية وجودة الفاكهة.

اقرأ أيضاً: روبوتات بهلوانية قد تحقق ثورة في الزراعة

كيف يعمل روبوت قاطف الفراولة الذي طوّره مبتكرون إماراتيون؟

يستفيد الروبوت من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي وتكنولوجيا الروبوتات، بالإضافة إلى تقنيات الزراعة الدقيقة، وقد زُوِّد بكاميرات وأجهزة استشعار عالية الدقة قادرة على تحليل النباتات في الوقت الفعلي وتحديد ثمار الفراولة الناضجة بناء على معايير مثل اللون والحجم والشكل.

علاوة على ذلك، تضمن خوارزميات التعلم الآلي المضمنة في الروبوت التمييز بين الثمار الناضجة وغير الناضجة أو التالفة، ومن ثَمَّ، بمجرد اكتشاف فاكهة الفراولة الناضجة، تقوم ذراع آلية مزودة بمقابض حساسة بقطفها برفق دون التسبب في أي ضرر.

وترجع دقة القطف إلى قدرة الروبوت على الجمع بين مفهومي الإدراك النشط (Active Perception) الذي يتضمن التحكم الهادف في أجهزة الاستشعار والحركة لجمع المعلومات الأكثر صلة من البيئة، وقدرات التلاعب (Manipulation) التي تُتيح للروبوت التفاعل جسدياً مع الأشياء والتلاعب بها في بيئتها؛ حيث إن الدمج بين هذين المفهومين يمكّن الروبوت من ضبط موضعه أو قبضته بناء على العوامل البيئية مثل الضوء أو العوائق أو حركة النبات التي تسببها الرياح.

بالإضافة إلى ذلك، يسمح التنقل المستقل للروبوت بالتحرك بكفاءة عبر مواضع النباتات وصفوفها، وتحسين مساره، وتجنب العقبات، وذلك من خلال خوارزميات تحديد المسار المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وحسب نائب رئيس قسم الروبوتات وأستاذ الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وأحد أعضاء المشروع البروفيسور ديتشن سونغ (Dezhen Song)، فإن الذي مكّن الفريق من إنجاز هذا المشروع هو خبرة باحثي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مجال التكنولوجيات الحديثة.

وأضاف في تصريح لموقع غُلف نيوز (Gulfnews): "تضمن خبرة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مجال الروبوتات والرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي أن تعمل هذه الروبوتات بدقة وقدرة على التكيُّف كبيرتين، وتحاكي رعاية العمال البشريين واهتمامهم ولكن بصورة أسرع وكفاءة أكبر".

اقرأ أيضاً: ثورة علمية جديدة في الزراعة: أول بذور روبوتية رباعية الأبعاد

أبرز المزايا التي يقدّمها روبوت قاطف الفراولة لمزارع الفاكهة 

وفقاً للبروفيسور ديتشن سونغ، فإن روبوت قاطف الفراولة المدعوم بالذكاء الاصطناعي الذي طوّره فريقه، يوفّر العديد من المزايا لقطاع الزراعة مقارنة بطرق الزراعة التقليدية، بالإضافة إلى قدرته على معالجة أبرز التحديات الرئيسية المتعلقة بالتكلفة، بما في ذلك:

الدقة المحسّنة في عمليات القطف

إن قدرة الروبوت على اكتشاف الفراولة الناضجة فقط وقطفها بدقة من بين عشرات الفواكه غير الناضجة، من شأنها أن تؤدي إلى تقليل عمليات القطف الخاطئة للثمار غير الناضجة، بالإضافة إلى تجنب تلف سيقان النباتات، ما يؤدي إلى زيادة المحصول وتحسين جودة الفاكهة والقيمة السوقية لها.

العمل باستمرار دون توقف

على عكس العمال البشريين، يمكن للروبوت العمل على مدار اليوم تقريباً وفي الظروف الجوية جميعها والأوقات كلّها سواء ليلاً أم نهاراً، ما يوفّر أداءً ثابتاً في عمليات جني الفاكهة، وهذا من شأنه أن يزيد الإنتاجية دون الحاجة إلى العمل الإضافي أو تكاليف الأجور الموسمية.

اقرأ أيضاً: شاهد: كتف روبوتية تدرب أنسجة الأوتار المستزرعة بالفتل والشد

خفض تكاليف العمالة

من خلال أتمتة المهام المتكررة، يمكن لمالكي مزارع الفاكهة خفض تكاليف العمالة إلى حدٍّ كبير مع الحفاظ على إنتاجية عالية، بالإضافة إلى ذلك فإن المُلّاك لن يكونوا بحاجة إلى تدريب عمال جدد كل موسم جديد، علاوة على أن الروبوت يتطلب الحد الأدنى من الرقابة، ما من شأنه أن يقلل التكاليف المالية بصورة كبيرة.

التخفيف من نتائج نقص العمالة

في النصف الأول من عام 2022، أدّى نقص العمالة في مزارع الفاكهة إلى إهدار ما قيمته نحو 22 مليون جنيه إسترليني من الفاكهة والخضروات في المملكة المتحدة وحدها، ومن ثم بالنظر إلى مثل هذه التحديات، فإن روبوت قطف الفاكهة الذي طُوِّر في جامعة محمد بن زياد للذكاء الاصطناعي من شأنه أن يوفر بديلاً عملياً وموثوقاً لمشكلة نقص العمالة.

قابلية التوسع والمرونة في العمل

يسمح التصميم المعياري لروبوت قطف الفاكهة بالتكيف والقدرة على قطف معظم الفواكه الأخرى والعمل في العديد من البيئات الزراعية، ما يجعله مفيداً في قطف فاكهة غير الفراولة، فمن خلال أتمتة المهام المتكررة يمكن لأصحاب المزارع توسيع نطاق عمليات جني الفواكه المختلفة دون زيادة تكاليف العمالة، ما يُسهل تلبية الطلب المتزايد لأسواق الفاكهة.

اقرأ أيضاً: «ألفا غاردن» روبوت يتفوق على الخبراء البشر في العناية بالنباتات

العمل في معظم البيئات والقدرة على قطف معظم الفواكه الأخرى بكفاءة عالية

صُمِّم الروبوت قاطف الفراولة لتحمّل التحديات البيئية المختلفة، بما في ذلك درجات الحرارة والرطوبة والغبار المتفاوت، ما يسمح له بالعمل في معظم الظروف الجوية، بالإضافة إلى ذلك تسمح مستشعراته المتقدمة بالتكيف مع ظروف الإضاءة المختلفة مثل ضوء الشمس الساطع أو الإضاءة الداخلية المنخفضة في البيوت البلاستيكية، ما يعطيه القدرة على العمل في معظم البيئات الزراعية.

علاوة على ذلك، يمكن ضبط الروبوت بدقة للعمل في بيئات محددة، ما يضمن الأداء الأمثل في العمل بالحقول الخارجية أو المزارع العمودية الداخلية لقطف أنواع أخرى من المحاصيل الزراعية، مثل الطماطم أو التفاح أو الفلفل.

وحسب فريق البحث، فإن التكنولوجيا الكامنة وراء الروبوت قابلة للتطوير بطبيعتها بسبب اعتمادها على التعلم الآلي والأجهزة القابلة للتكيف، حيث يمكن تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي المضمنة فيه للتعرف إلى الفواكه أو الخضروات المختلفة، بينما تتضمن عملية التدريب جمع مجموعة بيانات من الصور والمعلمات الخاصة بالمحصول الجديد، كما تضمن قابلية التوسع أن تكنولوجيا الروبوت يمكن أن تكون بمثابة حل متعدد الوظائف للزراعة الدقيقة، ما يعزّز الإنتاجية عبر الأنشطة الزراعية المختلفة.

المحتوى محمي