الولايات المتحدة أم الصين؟ سباق الذكاء الاصطناعي قد يفوز فيه الجميع

9 دقيقة
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت / إم آي تي تكنولوجي ريفيو | غيتي

حالياً، تنخرط الولايات المتحدة والصين فيما أطلق عليه الكثيرون اسم "سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي".

في بدايات هذه المواجهة، قاد صناع السياسات الأميركيون أجندة تركز على "الفوز" بالسباق، ومن منظور اقتصادي في الغالب. وفي الأشهر الأخيرة، انخرطت مختبرات الذكاء الاصطناعي الرائدة، مثل أوبن أيه آي وأنثروبيك (Anthropic) في دعم سردية "التغلب على الصين" فيما بدا أنه محاولة من هذه المختبرات للتوافق مع إدارة ترامب المقبلة. كان الاعتقاد بأن الولايات المتحدة قادرة على الفوز في سباق كهذا قائماً في الغالب على التفوق السابق للولايات المتحدة على الصين في مجال موارد الحوسبة المتقدمة لوحدات المعالجة الرسومية (GPU) وفعالية قوانين توسيع نطاق القدرات والموارد الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

أما الآن، فيبدو أن إمكانية الوصول إلى كميات ضخمة من موارد الحوسبة المتقدمة لم تعد الميزة الحاسمة أو المستدامة التي تصورها الكثيرون. وفي الواقع، فإن الفجوة الكامنة في القدرات بين النماذج الرائدة في الولايات المتحدة والصين قد اختفت إلى حد كبير، وربما تتمتع النماذج الصينية الآن بميزة مهمة: فهي قادرة على تحقيق نتائج مكافئة تقريباً لنتائج نظرائها الغربية، في حين تستخدم نسبة ضئيلة فقط من موارد الحوسبة المتاحة للمختبرات الغربية الرائدة.

اقرأ أيضاً: هل سيكون مشروع ستارغيت نقطة فارقة في المنافسة بين أميركا والصين في الذكاء الاصطناعي؟

مساعٍ أميركية عبثية

أصبحت المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي تنحصر على نحو متزايد ضمن إطار ضيق يتعلق بالأمن القومي، بصفتها مواجهة يجب أن يكون فيها طرف رابح، وتتأثر بافتراضات مفادها أن الحرب المستقبلية بين الولايات المتحدة والصين، والتي تتركز حول تايوان، أمر لا مفر منه. لقد استخدمت الولايات المتحدة تكتيكات "تقييد الوصول" حتى تحدّ قدرة الصين على الوصول إلى التكنولوجيات الرئيسية، مثل أنصاف النواقل المتقدمة، وردت الصين عليها بتسريع جهودها نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الابتكار المحلي، ما يتسبب بمفعول عكسي للمساعي الأميركية.

مؤخراً، حتى وزيرة التجارة الأميركية المنتهية ولايتها، جينا رايموندو، وهي من أشد المؤيدين لفرض ضوابط صارمة على الصادرات، اعترفت أخيراً بأن استخدام مثل هذه الضوابط لعرقلة تقدم الصين في مجالي الذكاء الاصطناعي وأنصاف النواقل المتقدمة ليس سوى "مسعى عبثي". ومن عجيب المفارقات أن الحزم غير المسبوقة من القيود المفروضة على الصادرات التي تستهدف قطاعي أنصاف النواقل والذكاء الاصطناعي في الصين قد تكشفت بالتزامن مع لقاءات تمهيدية ثنائية ومتعددة الأطراف لوضع معايير السلامة وأطر الحوكمة للذكاء الاصطناعي، وهو ما يسلط الضوء على التناقض في الرغبات بين التنافس والتعاون لدى كلا الجانبين.

عندما نتأمل هذه العلاقة الديناميكية بعمق أكبر، يصبح من الواضح أن مصدر التهديد الوجودي الحقيقي الذي ينتظرنا في المستقبل ليس الصين، بل لجوء الجهات الخبيثة والجماعات المشبوهة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي المتقدم سلاحاً لإحداث أضرار واسعة النطاق، أو اكتساب الثروة، أو زعزعة استقرار المجتمع. وكما هو الحال مع الأسلحة النووية، يجب على الصين بوصفها دولة قومية أن تتوخى الحذر في استخدام القدرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضد المصالح الأميركية، غير أن الجهات الخبيثة، بما فيها المنظمات المتطرفة، من المرجح أن تسيء استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي دون تردد. ونظراً للطبيعة غير المتوازنة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي تشبه الأسلحة السيبرانية إلى حد كبير، فمن الصعب جداً اتخاذ إجراءات وقائية ودفاعية مضمونة بالكامل في وجه خصم عقد العزم على المضي قدماً وأتقن استخدام هذه التكنولوجيات وينوي استخدامها لتحقيق مآرب شريرة.

نظراً للتداعيات المترتبة على ذلك، يقع على عاتق الولايات المتحدة والصين، بوصفهما دولتين رائدتين على مستوى العالم في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مسؤولية العمل على نحو مشترك لتحديد مثل هذه التهديدات والتخفيف منها، والتعاون في إيجاد الحلول، وفي تطوير إطار عالمي لتنظيم استخدام النماذج الأكثر تطوراً، بدلاً من إقامة أسوار جديدة، صغيرة كانت أم كبيرة، حول تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، واتباع سياسات تصرف الانتباه عن التهديد الحقيقي.

مشروع مانهاتن للذكاء الاصطناعي 

لقد أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أنه على الرغم من العوامل المهمة على المحك كلها والتوتر المتصاعد، فإننا لن نشهد على الإطلاق فوز أي طرف على المدى البعيد إذا استمرت المنافسة المحتدمة على مسارها الحالي. وبدلاً من ذلك، قد تكون العواقب وخيمة، مثل تقويض الاستقرار العالمي، وعرقلة التقدم العلمي، ودفع كلتا الدولتين نحو حافة هاوية تكنولوجية خطيرة. وهذا واضح على وجه الخصوص نظراً لأهمية تايوان وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC) الرائدة عالمياً في سوق الذكاء الاصطناعي، والتوترات المتصاعدة المحيطة بهذه الجزيرة ذات التكنولوجيات المتطورة.

إن الاندفاع الأعمى في هذا المسار من شأنه أن يحمل في طياته خطر العزلة والاستقطاب، ولن يهدد السلام الدولي وحسب، بل أيضاً الفوائد المحتملة الهائلة التي يعد بها الذكاء الاصطناعي على مستوى البشرية كلها.

لقد أسهمت الروايات التاريخية والقوى الجيوسياسية والمنافسة الاقتصادية فيما وصلت إليه المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في الذكاء الاصطناعي حالياً. على سبيل المثال، يؤطر تقرير حديث صادر عن لجنة مراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، التابعة للحكومة الأميركية، القضية برمتها ضمن منظور ثنائي الاتجاه يركز على الهيمنة أو الخضوع. إن منطق "الفائز يحصل على كل شيء" يتجاهل إمكانية التعاون الدولي، وقد يؤدي حتى إلى إثارة نبوءة ذاتية التحقيق (للولايات المتحدة) من خلال تصعيد النزاع.

وفي ظل إدارة ترامب الجديدة، من المرجح أن تزداد هذه العوامل المؤثرة حدة، مع تصاعد النقاشات حول مشروع مانهاتن للذكاء الاصطناعي وإعادة توجيه الموارد العسكرية الأميركية من أوكرانيا إلى الصين.

لحسن الحظ، بدأ يظهر الآن بصيص من الأمل في تبني نهج مسؤول للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث نشر دونالد ترامب مؤخراً في 17 يناير/كانون الثاني أنه أعاد إطلاق الحوار المباشر مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن مجالات مختلفة من التعاون، وبالنظر إلى التعاون السابق، يجب أن يستمرا باتباع نهج "الشركاء والأصدقاء". إن نتيجة أزمة منصة تيك توك (TikTok)، التي وضعت ترامب في مواجهة مباشرة مع أشد منتقدي الصين في إدارته وفي الكونغرس، ستشكل لمحة مسبقة حول نتيجة مساعيه لوضع العلاقات الأميركية الصينية على مسار يتسم بمواجهة أقل حدة.

اقرأ أيضاً: ما هي الموجة الثانية من البرمجة باستخدام الذكاء الاصطناعي التي نعيشها حالياً؟

الوعد باستخدام الذكاء الاصطناعي لصالح الخير

عادة ما تركز وسائل الإعلام الغربية الكبيرة على القضايا التي تجذب الانتباه، والتي توصف بمصطلحات من قبيل "المخاطر الوجودية للذكاء الاصطناعي الشرير". لسوء الحظ، فإن خبراء السلامة في الذكاء الاصطناعي الذين يحصلون على النسبة الأكبر من التغطية الإعلامية غالباً ما يرددون الروايات ذاتها، ما يثير الخوف بين العامة. أما في الواقع، فليس هناك أي بحث موثوق يظهر أن تزايد قدرات الذكاء الاصطناعي ستجعله يزداد شراً. نحن في حاجة إلى الوقوف في وجه مغالطة المأزق المفتعل الحالية التي تضعنا أمام خيارين فقط؛ إما نهج التسارع المحض أو نهج التشاؤم بمستقبل كارثي، حتى نسمح بظهور نموذج أقرب إلى التسارع التعاوني.

من المهم أن نلاحظ الفارق الكبير بين الطريقة التي يُنظر بها إلى الذكاء الاصطناعي في الدول الغربية المتقدمة والطريقة التي يُنظر بها إليه في الدول النامية. ففي الدول المتقدمة، يُظهر الرأي العام إزاء الذكاء الاصطناعي موقفاً سلبياً بنسبة تتراوح من 60% إلى 70%، على حين يُظهر الرأي العام في الأسواق النامية موقفاً إيجابياً بنسبة تتراوح من 60% إلى 80%. لقد شهد الناس في الدول النامية تحولات تكنولوجية في حياتهم نحو الأفضل في العقود الماضية، ويأملون بأن الذكاء الاصطناعي سوف يساعد على حل ما تبقى من المشاكل التي يواجهونها من خلال تحسين التعليم والرعاية الصحية والإنتاجية، ما يعني بالمحصلة رفع مستوى جودة الحياة لديهم، وتحسين مكانتهم على مستوى العالم.

ما يفشل المواطنون في العالم الغربي في إدراكه غالباً هو أن هذه الفوائد يمكن أن تحسن حياتهم على نحو مباشر أيضاً، نظراً لمستويات التفاوت المرتفعة، حتى في الأسواق المتقدمة. ويكفي أن نتخيل مدى التقدم الذي يمكن أن نحققه إذا أعدنا تخصيص تريليونات الدولارات التي تذهب إلى ميزانيات الدفاع كل عام لإنفاقها على مشاريع البنى التحتية والتعليم والرعاية الصحية.

ما إن نصل إلى المرحلة التالية، سوف يساعدنا الذكاء الاصطناعي على تسريع عملية الاكتشاف العلمي، وتطوير أدوية جديدة، وإطالة فترة الحياة الصحية، وتخفيف أعباء العمل، وضمان الوصول إلى التعليم العالي الجودة للجميع. قد يبدو هذا طوباوياً، لكن بالنظر إلى التوجهات الحالية، فقد تتحول معظم هذه الآمال إلى حقيقة واقعة في غضون جيل واحد، وربما قبل ذلك. وللوصول إلى هذه المرحلة، سنحتاج إلى أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً، وهو هدف سيكون تحقيقه أصعب بكثير إذا قسمنا موارد الحوسبة وموارد البيانات ومجموعات الكفاءات البحثية. وفقاً لدراسات خاصة بصناعة الذكاء الاصطناعي، فإن ما يقرب من نصف الباحثين البارزين في مجال الذكاء الاصطناعي جميعاً على مستوى العالم (47%)، هم ممن وُلدوا أو تلقوا تعليماً في الصين. ومن الصعب أن نتخيل كيف يمكن أن نحقق ما وصلنا إليه حالياً لولا جهود الباحثين الصينيين. قد يكون التعاون النشط مع الصين في أبحاث مشتركة حول الذكاء الاصطناعي أمراً محورياً لتعزيز التقدم من خلال ضخ كميات كبيرة من بيانات التدريب عالية الجودة والاستعانة بعدد كبير من الباحثين أصحاب الكفاءات العالية.

اقرأ أيضاً: لماذا ترى شركات الذكاء الاصطناعي في ديب سيك «جرس إنذار»؟

تهديدات للعالم بأسره

تشكل المنافسة المتصاعدة في مجال الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين تهديدات كبيرة لكلا البلدين والعالم بأسره. والمخاطر الكامنة في هذه المنافسة ليست افتراضية، بل قد تؤدي إلى عواقب وخيمة تهدد السلام العالمي، والاستقرار الاقتصادي، والتطور التكنولوجي. إن تأطير تطوير الذكاء الاصطناعي بوصفه سباقاً يجب أن يكون فيه طرف رابح يقوض فرص تحقيق التقدم والأمن بما يخدم الأطراف جميعها. وبدلاً من الاستسلام لخطاب المواجهة، يتعين على الولايات المتحدة والصين، إلى جانب حلفائهما، التحول نحو نهج التعاون والحوكمة المشتركة.

نقدم فيما يلي توصياتنا لصناع السياسات:

  1. الحد من هيمنة الأمن القومي على سياسة الذكاء الاصطناعي. يتعين على الولايات المتحدة والصين تعديل نهجهما تجاه تطوير الذكاء الاصطناعي، والابتعاد عن النظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه إحدى الوسائل العسكرية في المقام الأول. هذا يعني تخفيف التركيز على مخاوف الأمن القومي التي تهيمن حالياً على كل جانب من جوانب سياسة الذكاء الاصطناعي. وبدلاً من ذلك، يجب على صناع السياسات أن يركزوا على التطبيقات المدنية للذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تفيد مواطنيهم وتعالج التحديات العالمية بصورة مباشرة، مثل الرعاية الصحية والتعليم والتغير المناخي. تحتاج الولايات المتحدة أيضاً إلى دراسة كيفية تطبيق برنامج محتمل للدخل الأساسي الشامل مع تحول فقدان الوظائف بسبب تبنّي الذكاء الاصطناعي إلى مشكلة أكبر على الصعيد المحلي.
  1. تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي الثنائية الأطراف والمتعددة الأطراف. إن إقامة حوار فعال بين الولايات المتحدة والصين وغيرهما من أصحاب المصلحة الدوليين أمر بالغ الأهمية لتطوير معايير مشتركة لحوكمة الذكاء الاصطناعي. وذلك يتضمن الاتفاق على المعايير الأخلاقية، وإجراءات السلامة، والمبادئ التوجيهية للشفافية لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وسيساعد الإطار التعاوني على ضمان إجراء تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشاملة، ما يقلل المخاطر إلى أدنى حد مع تعظيم الفوائد للجميع.
  1. توسيع الاستثمار في الكشف عن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي والحد من آثارها. إن مخاطر إساءة استخدام جهات خبيثة للذكاء الاصطناعي التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمع، من خلال حملات التضليل، أو الهجمات على أنظمة الاتصالات أو الطاقة أو الأنظمة المالية، أو هجمات الأمن السيبراني، تمثل أكبر تهديد وجودي للعالم اليوم. من الأهمية البالغة بمكان العمل على زيادة التمويل المخصص للكشف عن هذه المخاطر وتخفيف حدتها إلى مستويات كبيرة إضافة إلى التعاون الدولي. يتعين على الولايات المتحدة والصين الاتفاق على معايير مشتركة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة والتعاون على بناء أدوات يمكنها مراقبة إساءة الاستخدام ومكافحتها على مستوى العالم.
  1. خلق الحوافز لإجراء الأبحاث المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي. ينبغي للحكومات أن توفر الحوافز للتعاون الأكاديمي والصناعي العابر للحدود. ومن خلال إنشاء برامج تمويل مشتركة ومبادرات بحثية، يمكن للولايات المتحدة والصين أن تهيئا بيئة تسهم فيها أفضل العقول من كلا البلدين في تحقيق إنجازات غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية جمعاء. يمكن لهذا التعاون أن يساعد على تجميع الكفاءات والبيانات وموارد الحوسبة، والتغلب على المعوقات التي لا يمكن لأي من البلدين التغلب عليها بمفرده. يمكن لمشروع عالمي مشابه لمركز سيرن (CERN) للذكاء الاصطناعي أن يمنح العالم الكثير من القيمة المضافة، ونهاية سلمية، مقارنة بمشروع مانهاتن للذكاء الاصطناعي، الذي يروج له الكثيرون في واشنطن اليوم.
  1. تأسيس إجراءات لبناء الثقة. يتعين على كلا البلدين منع إساءة تفسير الإجراءات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على أنها عدائية أو تنطوي على مخاطر. ويمكن للبلدين تحقيق هذا من خلال اتفاقيات مشاركة البيانات، والمشاريع المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي للأغراض غير العسكرية، وتبادل الرؤى بين باحثي الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، فإن تخفيف القيود المفروضة على استيراد إصدارات عملية من أنظمة الذكاء الاصطناعي المخصصة للاستخدامات المدنية يمكن أن يساعد البلدين على إعادة بناء الثقة إلى حد ما، وفتح المجال أمامهما للنقاش حول تعميق التعاون في الأبحاث المشتركة. ستساعد هذه الإجراءات على بناء الشفافية، وتخفيف مخاطر سوء التواصل، وتمهيد الطريق أمام علاقة أقل خصومة.
  2. دعم تطوير تحالف عالمي للسلامة في مجال الذكاء الاصطناعي. يمكن لتحالف يضم كبار مطوري الذكاء الاصطناعي من بلدان متعددة أن يؤدي دور منصة محايدة لمعالجة المخاوف الأخلاقية ومخاوف السلامة. سيجمع هذا التحالف بين كبار باحثي الذكاء الاصطناعي ومختصي الأخلاقيات وصناع السياسات، لضمان تحقيق التقدم في الذكاء الاصطناعي بصورة آمنة وعادلة ومفيدة للجميع. يجب على هذا المسعى ألا يستبعد الصين، فهي ما تزال شريكاً أساسياً في تطوير بيئة عمل متكاملة آمنة للذكاء اصطناعي والحفاظ عليها.
  3. تحويل التركيز نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات العالمية. من الأهمية بمكان أن تستخدم القوتان العظميان في مجال الذكاء الاصطناعي قدراتهما لمعالجة المشاكل العالمية، مثل التغير المناخي والأمراض والفقر. ومن خلال إظهار الآثار الاجتماعية الإيجابية للذكاء الاصطناعي عبر مشروعات ملموسة، وتقديمه بوصفه أداة عالية القدرة لتحقيق الخير، لا بوصفه مصدر تهديد؛ يمكن للولايات المتحدة والصين أن تغيرا التصور الذي يشكله عامة الناس عن الذكاء الاصطناعي.

خياراتنا واضحة لكنها بسيطة: إما أن نمضي على طريق المواجهة التي من المؤكد أنها ستؤدي إلى الضرر المتبادل، وإما أن نتجه نحو التعاون، الذي يوفر إمكانية تحقيق مستقبل مزدهر ومستقر للجميع. يحمل الذكاء الاصطناعي وعوداً بحل بعض أعظم التحديات التي تواجه البشرية، لكن تحقيق هذه الوعود المحتملة يعتمد على اختيارنا: هل سنختار التسابق ضد بعضنا بعضاً، أم سنختار العمل معاً؟

إن الفرصة المتاحة أمامنا لتسخير الذكاء الاصطناعي في سبيل الصالح العام هي فرصة ذهبية على العالم ألا يفوّتها.

المحتوى محمي